حكاية البغل العاشق
عزيز نيسين
ترجمة
جمال دورمش
-
-
قال صديقي الكولونيل نهاد أتيك "صديق دراسة" رحمه الله:
عندما أنهيت المدرسة العسكرية، قبل التحاقي بالكلية الحربية، انضممت إلى دورة خاصة للضباط في الوحدات العسكرية لمدة ستة أشهر.
في مجموعة الأسلحة الأتوماتيكية التي أرسل إليها نهاد كان بغل شرس ومزاجي يعض من يمر أمامه ويرفس من يقف خلفه، عجزوا عن لجمه بحبل أو سلسلة، يأبى تحميله، أي ثقل، ولو أجبر على ذلك، فإنه يقوم برميه، وإن عجز فإنه يركض صوب الروابي حتى يتخلص من حمله.
وفجأة أصبح هذا الحيوان هادئاً أليفاً، فاستغرب الجميع هذا التحول، وبحثوا عن السبب.
قام أحد المربين بربط بغلة أمام هذا البغل، ومنذ تلك اللحظة تحولت طباع هذا البغل وأصبح هادئاً وأليفاً، حتى إنه إنقطع عن الأكل والشرب، فلا يأكل التبن الذي يوضع أمامه، إلا عندما تنهي البغلة طعامها فيبدأ هو بتناول طعامه.
عندما ساقوا الحيوانات للشرب، وقف البغل بجانب أنثاه ليراقبها، وعندما أنهت شربها قام هو بشرب الماء.
هذا البغل الذي كان يأبى تحميله أي شيء راح يقف بجانب أنثاه، عندما كانوا يحملونها كي يضعوا الحمل على ظهره، حسب حديث المراقبين، أن البغل بذلك يحاول مشاركتها الحمل، كي يساعدها ويخفف عنها، وأنك لو قتلته فلن يسمح لك بتحميله قبل أن يطمئن على حملها.
وهكذا خرجوا بنتيجة مفادها أن تغير سلوك هذا البغل هو عشقه وولهه بأنثاه. وبما أن البغل عقيم، فهذا يعني أن هيامه هو عشق عذري.
وبعد أيام، وأيام، ولا أحد يعرف هل نقلوا تلك المعشوقة إلى وحدة أخرى أم باعوها، أم ماتت، ومهما كان السبب فالبغل بقي وحيداً، بعد هذا الفراق عاد البغل إلى سابق عهده وأكثر. لا يمكن ضبطه ولا ربطه ولا... بعد فترة ليست طويلة صعد البغل إلى مكان عال جداً وألقى بنفسه ليسقط ويتقطع ويموت.
من كان يظن هيام البغل بالبغلة أدى إلى نتيجة أنه انتحر بسبب قصة حب فاشلة؟!!.
لذلك أن يعشق البغل ويقدم على الانتحار، هذا تفسير غير معقول لأنه كما يقول البعض "مجنون يحكي وعاقل يسمع" أيعقل أن يصعد البغل إلى أعلى الجبل وأن يرمي بنفسه لأي سبب من الأسباب.
عزيز نيسين
ترجمة
جمال دورمش
-
-
قال صديقي الكولونيل نهاد أتيك "صديق دراسة" رحمه الله:
عندما أنهيت المدرسة العسكرية، قبل التحاقي بالكلية الحربية، انضممت إلى دورة خاصة للضباط في الوحدات العسكرية لمدة ستة أشهر.
في مجموعة الأسلحة الأتوماتيكية التي أرسل إليها نهاد كان بغل شرس ومزاجي يعض من يمر أمامه ويرفس من يقف خلفه، عجزوا عن لجمه بحبل أو سلسلة، يأبى تحميله، أي ثقل، ولو أجبر على ذلك، فإنه يقوم برميه، وإن عجز فإنه يركض صوب الروابي حتى يتخلص من حمله.
وفجأة أصبح هذا الحيوان هادئاً أليفاً، فاستغرب الجميع هذا التحول، وبحثوا عن السبب.
قام أحد المربين بربط بغلة أمام هذا البغل، ومنذ تلك اللحظة تحولت طباع هذا البغل وأصبح هادئاً وأليفاً، حتى إنه إنقطع عن الأكل والشرب، فلا يأكل التبن الذي يوضع أمامه، إلا عندما تنهي البغلة طعامها فيبدأ هو بتناول طعامه.
عندما ساقوا الحيوانات للشرب، وقف البغل بجانب أنثاه ليراقبها، وعندما أنهت شربها قام هو بشرب الماء.
هذا البغل الذي كان يأبى تحميله أي شيء راح يقف بجانب أنثاه، عندما كانوا يحملونها كي يضعوا الحمل على ظهره، حسب حديث المراقبين، أن البغل بذلك يحاول مشاركتها الحمل، كي يساعدها ويخفف عنها، وأنك لو قتلته فلن يسمح لك بتحميله قبل أن يطمئن على حملها.
وهكذا خرجوا بنتيجة مفادها أن تغير سلوك هذا البغل هو عشقه وولهه بأنثاه. وبما أن البغل عقيم، فهذا يعني أن هيامه هو عشق عذري.
وبعد أيام، وأيام، ولا أحد يعرف هل نقلوا تلك المعشوقة إلى وحدة أخرى أم باعوها، أم ماتت، ومهما كان السبب فالبغل بقي وحيداً، بعد هذا الفراق عاد البغل إلى سابق عهده وأكثر. لا يمكن ضبطه ولا ربطه ولا... بعد فترة ليست طويلة صعد البغل إلى مكان عال جداً وألقى بنفسه ليسقط ويتقطع ويموت.
من كان يظن هيام البغل بالبغلة أدى إلى نتيجة أنه انتحر بسبب قصة حب فاشلة؟!!.
لذلك أن يعشق البغل ويقدم على الانتحار، هذا تفسير غير معقول لأنه كما يقول البعض "مجنون يحكي وعاقل يسمع" أيعقل أن يصعد البغل إلى أعلى الجبل وأن يرمي بنفسه لأي سبب من الأسباب.