الأمل كلمة جامعة فى معناها، شاملة حينما نتأملها، رحيمة عندما نستخدمها فى أفعالنا، كل هذه المعانى وكل هذه التفسيرات لابد لها من أشخاص ورجال يستخدمونها ويعملون بها حق الكلمة، وحينما نقف مع أنفسنا وقفة حق ووقفة صدق ونحيد جانباً بعقولنا وأفكارنا النيرة عن ذوى النفوس الضعيفة, الذين يجدون اللذة فى التفتيش عن أخطاء العظماء، نرى أن ما تقوم به ما هو إلى مولود عظيم لمعنى كلمة أمل، ليس وليد الصدفة وليس بمولود جديد، إنما هو جنين طالما انتظرناه طويلاً بين جنبات قلوبنا وعقولنا ننتظر أن يخرج من الأعماق، ما شهدته بلادنا العظيمة فى هذه الأيام الكريمة والعظيمة بكل ما تحمله من معنى يجعل قلوبنا تتدفق شجناً وعيوناً تمتلئ بالدموع فرحاً وعزاً وكرامة، حينما نرى بأعيننا جنودنا البواسل يقفون وقفة رجل واحد وقلب واحد ويد واحدة أمام الأعداء بكل قوة وحزم، ولو تخيلنا ما تردده قلوبهم نجد قول الشاعر "يـا بـائـع الأوطـان بيعـك خـاســـر ** بيع السفيه لمثلــه لا يشــرع" وفى نفس اللحظة نجد فى نفس الشهر جنودنا البواسل يقفون وقفة رجل واحد وقلب واحد ويد واحدة لمساعدة حجاج بيت الله الحرام فى كل منفذ وفى كل مكان ولكن فى هذه المرة بكل رحمة ووفاء وإخلاص .. ويا لها من مفارقة عظيمة هم نفس الجنود ونفس الرؤية والرسالة ونفس الأهداف، ولكن الموقف مختلف، فهناك رجال يستخدمون القوة والحزم للنيل من أعداء الوطن غير مبالين بأرواحهم لأنهم يعلمون جيداً أن الحرية تستحق الثمن الذى يدفع من أجلها، ويدركون تماماً أن من لم يحب صعود الجبال عاش أبد الدهر بين الحفر، والآخرون من جنود الوطن يستخدمون الرحمة والوفاء، لأنهم أيضاً يعلمون أنه قد يولد الحب بكلمة أو بفعل عظيم مثل خدمة حجاج بيت الله ولكنه لا يمكن أبداً أن يموت بكلمة حاقد على أمننا وعزتنا وقوتنا، وهذا إن دل فإنما يدل على أن هناك قلب ملى بالمحبة وبالرحمة سواء استخدمت من أجل الحفاظ على حقوقنا أو من أجل الحفاظ على حقوق ضيوفنا.
إن للعظمة رجالاً خلقوا لكى يفنوا أعمارهم فى سبيل الوفاء بعهودهم مع ربهم ومع أنفسهم، فلنكن كل واحد منا هو هذا الرجل، وليكن كل طفل من هو رجل المستقبل لهذا الوطن، ولتكن كل امرأة هى أم لكل طفل، وزوجة لكل شاب، وجدة لكل رجل أفنى عمره فى البحث عن الأمل مهما اختلفت معانيه، ولنعلم جميعا أنه من العظماء من يُشعر المرء فى وجوده أنه صغير ولكن العظيم بحق هو من يُشعر الجميع فى وجوده بأنهم عظماء، ولأننا كالقمر كل منا له جانب مضىء وآخر مظلم، فلنملأ قلوبنا بالأمل ونبيد ظلام القلوب ونحيى قلوبنا بالإخلاص والوفاء ولنحارب النسيان بكل معانيه ونحارب كل من يحاول أن ينسينا عظمتنا وننصح كل من يتناساه لنصل حقا فى وقت قريب أن يولد جنين الأمل من رحم النسيان.