مقولة الراحل سعد الله ونوس دائما تحفر في ذاكرتي مجرى نهر وسيلاً من الافكار الشاردة ..
فحبيت شارككن هالمقال للدكتور دراجي ..
وكمان مين بيعرف اللي شتم سعد الله ونوس رئيس اتحاد الكتاب في سوريا ..؟؟
مقال: إننا محكومون بالأمل - بقلم: د. إبراهيم دراجي
في عام 1996 كلف المعهد الدولي للمسرح التابع لليونسكو الكاتب والمبدع
المسرحي السوري سعد الله ونوس، كتابة رسالة يوم المسرح العالمي لتُقرأ في
تاريخ واحد على مسارح العالم المختلفة وهو أعلى تقدير يناله كاتب مسرحي
كما أن الراحل ونوس كان العربي الأوّل الذي يحظى بهذا الشرف ووقتها صاغ
سعد الله ونوس عبارات مبدعة ألقاها بنفسه على مسرح الحمراء بدمشق يوم 27
آذار 1996 وختمها بعبارة صارت مثلاً من بعده قال فيها: إننا محكومون
بالأمل.. وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ.
ولكن هل ما زالت وصية سعد الله ونوس صالحةً للتطبيق على أمتنا العربية رغم كل
ما أصاب هذه الأمة من آلام ومصاعب وويلات خلال العام 2009؟ وهل من الممكن
فعلاً أن نتمسك ببعض الأمل ونحن نستقبل العام 2010؟
لا يمكن إنكار
أن حال أمتنا العربية في العام 2009 كان شديد السوء حيث انطبق عليها ما
تنبأ به نزار قباني منذ أكثر من ربع قرن عندما كتب: إن خريطة الوطن الكبير
فضيحــــة.. فحواجز.. ومخــــافر.. وكلاب.. والعالم العربي.. إما نعجــة..
مذبوحــــة أو حاكــــــــم قصاب.. ومن يقلب صفحات العام الذي انتهى لا بد
أن يفجع بأخبار الخلافات والانقسامات التي عمّت عالمنا العربي من خليجه
إلى محيطه. فمن الخلافات الداخلية والصراعات الدموية بين أبناء البيت
الواحد في العراق وفلسطين ولبنان واليمن والسودان والصومال.. إلى الخلافات
المستعرة، دون سبب واضح ولا مبرر مقنع، بين أكثر من دولة عربية في المغرب
والمشرق على حد سواء! و حتى إن انتفت أسباب الخلاف ومبررات التوتر والصراع
فإن العرب ينفردون بابتكار الجديد والسخيف منها كما حدث بين مصر والجزائر
بمناسبة مباراة لكرة القدم لا تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن !.
والأسوأ
من هذا كله أن العام 2009 شهد استمرار إشغال المقاومات العربية في أكثر من
دولة ومكان بصراعات وخلافات وصلت لحد التجريم والملاحقة والعقاب! وهي حالة
انفردت بها الأمة العربية أيضاً خلافاً لكل دول وشعوب الأرض التي تكرّم
مقاوميها حتى درجة التقديس في حين أنه حتى قدّيسو هذه الأمة من الشهداء لم
ينجوا من التشكيك بأسبابهم ودوافعهم ومبرراتهم حتى بعد رحيلهم.
وكانت
كارثة العرب وفضيحتهم الكبرى في العام 2009 هي غزة التي استمر الحصار
المفروض عليها من كل المعابر والجهات وهي المأساة التي حركت مشاعر الغرب
لا العرب ودفعتهم، في أكثر من مناسبة، لمحاولة خرق الحصار على أمل الوصول
إلى غزة التي هيمنت على أجوائها أسراب الغربان بعد أن تخلى عنها الكثير من
العربان، لتستمر ملحمة لم يكشف النقاب بعد عن كل فصولها وعن كل أبطالها
وجزاريها.
وعلى الرغم من كل ما سبق فإن نبوءة سعد الله ونوس لا
تزال صالحة للتطبيق فما حدث في العام 2009 لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ
ولا يجوز أن يكون هو خاتمة حال العرب. ولذلك تتعين الإشارة إلى أن أوراق
العام 2009 قد شهدت أيضاً بعض نبوءات الأمل التي أخبرنا سعد الله ونوس
أننا محكومون بها ومنها بعض مبادرات المصالحات العربية التي بدأت بقمة
الكويت وتُوجت بقمة الدوحة واستمرت مفاعيلها بقمم متعددة شهدتها الرياض
ودمشق وكانت صور قادة سورية والسعودية ولبنان المجتمعين في أكثر من مكان
ومناسبة تعيد إحياء الأمل باستعادة الأمة العربية بعض عافيتها بعد عودة
لغة الحوار والتواصل بين أركانها وقادتها. ولا يجوز أن نغفل أيضاً أن
المقاومات العربية في أكثر من مكان ورغم كل ما تعرضت له من تضييق ومصاعب
قد نجحت في تحقيق أكثر من إنجاز وانتصار بعد أن أفلحت في ردع العدو
الإسرائيلي في لبنان وأفشلت حربه على غزة وأجبرت المحتل الأميركي في
العراق على الانكفاء داخل المعسكرات استعداداً للرحيل.
وعلى الصعيد
الوطني السوري فإن سنة 2009 قد شهدت تحقيق العديد من الانجازات على صعيد
السياسة الخارجية التي جنت في هذا العام نتاج صبرها وصمودها طوال السنوات
الأربع الماضية، حيث نجحت سورية هذا العام في تتويج الإعلان عن فشل جميع
المشاريع التي استهدفتها وسعت إلى توريطها بما لا علاقة لها به وكرست عدم
واقعية سياسة العزل التي سعى البعض إلى تطبيقها على دمشق وأثبتت مصداقية
القناعة التي يسمعها كل زائري الشام أن من يفكر بعزل سورية فإنما يعزل
نفسه في حقيقة الأمر عن قضايا هذه المنطقة فسورية جزء أساسي ومكانتها
ودورها في هذا الجزء من العالم لم تكتسبه بمنحة غربية ولا بتفويض أجنبي
حتى يتم سحبه متى يشاؤون ورده عندما يريدون.
وُيحسب للسياسة
الخارجية السورية أنها تعاملت بواقعية ومبدئية مع كل القضايا والملفات
التي واجهتها وأحسنت تجميع واستغلال كل مصادر القوّة التي تمتلكها ولم
تستسلم لمشاعر اليأس والإحباط التي حاول الكثيرون إشاعتها طوال الفترة
الماضية، ولم تنسَق أيضاً للعروض التي لم تنقطع يوماً عن دمشق ولم تنظر
للمغريات التي كانت تتدفق على أمل إغواء الشام بالحصول على الكثير من
المصالح مقابل التخلي عن القليل من المبادئ وبعض الحلفاء والمقاومين أيضاً
وهي المصيدة التي طالما نبهت دمشق الآخرين من الوقوع بها وأفلحت براعة في
تجنبها. كما امتازت السياسة الخارجية السورية باستثمار سلاح الوقت بصورة
ايجابية وحولته من عنصر ضغط عليها إلى مصدر قوّة لها. ولا يجوز إغفال
دورها الإيجابي والفعّال في إعادة إحياء التضامن العربي وفي توسيع إطار
علاقاتها وصداقاتها التي تتجاوز العالم العربي ولكن بشكل يعود بالخير
والفائدة على مجمل القضايا العربية.
وهكذا فإن العام 2009 كان
حافلاً بالإيجابيات والسلبيات على حد سواء وينبغي إخضاعه للتقييم الموضوعي
بكل ما فيه بعيداً عن الإغراق في التشاؤم غير المبرر ولا الإفراط في
التفاؤل غير المنطقي. ولكني أختم بنصيحة عملية ذكرها لنا المفكر القومي
عزمي بشارة أثناء لقاء قريب استمع فيه للكثير من الهموم والمنغصات ثم قال
بهدف البحث عن الأمل والتمسك به: إنه كلما أصابنا اليأس والإحباط يتعين
علينا أن نحاول الإجابة عن ثلاثة تساؤلات:
ماذا كان سيحصل لو كان
الرئيس بشار الأسد قد قبل الشروط الأميركية ـ الإسرائيلية التي نقلها كولن
باول لدمشق عشية احتلال العراق حول طرد المقاومة وتسهيل احتلال العراق
والقبول بشروط الاستسلام الإسرائيلية تحت مسمى السلام؟ وماذا كان سيحدث لو
كانت إسرائيل قد انتصرت على المقاومة في لبنان أثناء عدوان 2006؟ وماذا
كان سيحدث لو لم توجد مقاومة عراقية للاحتلال الأميركي بشكل حد من
الاندفاعة الأميركية وعطل الكثير والمزيد من مشاريعها العدوانية والتوسعية
؟
إن التفكير بكل هذه الأمور والسيناريوهات التي رفضناها وأفشلناها
فلم تحدث.. يكشف لنا بوضوح أننا رغم كل شيء تجنبنا الأسوأ وهو ما يعزز
نبوءة المبدع سعد الله ونوس بأننا سنظل محكومين بالأمل.. لأن ما يحدث
اليوم لا يمكن أن يكون هو نهاية التاريخ ولا يجوز أن يكون خاتمة العرب
الذين ما زالوا يملكون الكثير من مصادر القوّة إن أحسنوا استغلالها.
تشرين
فحبيت شارككن هالمقال للدكتور دراجي ..
وكمان مين بيعرف اللي شتم سعد الله ونوس رئيس اتحاد الكتاب في سوريا ..؟؟
مقال: إننا محكومون بالأمل - بقلم: د. إبراهيم دراجي
في عام 1996 كلف المعهد الدولي للمسرح التابع لليونسكو الكاتب والمبدع
المسرحي السوري سعد الله ونوس، كتابة رسالة يوم المسرح العالمي لتُقرأ في
تاريخ واحد على مسارح العالم المختلفة وهو أعلى تقدير يناله كاتب مسرحي
كما أن الراحل ونوس كان العربي الأوّل الذي يحظى بهذا الشرف ووقتها صاغ
سعد الله ونوس عبارات مبدعة ألقاها بنفسه على مسرح الحمراء بدمشق يوم 27
آذار 1996 وختمها بعبارة صارت مثلاً من بعده قال فيها: إننا محكومون
بالأمل.. وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ.
ولكن هل ما زالت وصية سعد الله ونوس صالحةً للتطبيق على أمتنا العربية رغم كل
ما أصاب هذه الأمة من آلام ومصاعب وويلات خلال العام 2009؟ وهل من الممكن
فعلاً أن نتمسك ببعض الأمل ونحن نستقبل العام 2010؟
لا يمكن إنكار
أن حال أمتنا العربية في العام 2009 كان شديد السوء حيث انطبق عليها ما
تنبأ به نزار قباني منذ أكثر من ربع قرن عندما كتب: إن خريطة الوطن الكبير
فضيحــــة.. فحواجز.. ومخــــافر.. وكلاب.. والعالم العربي.. إما نعجــة..
مذبوحــــة أو حاكــــــــم قصاب.. ومن يقلب صفحات العام الذي انتهى لا بد
أن يفجع بأخبار الخلافات والانقسامات التي عمّت عالمنا العربي من خليجه
إلى محيطه. فمن الخلافات الداخلية والصراعات الدموية بين أبناء البيت
الواحد في العراق وفلسطين ولبنان واليمن والسودان والصومال.. إلى الخلافات
المستعرة، دون سبب واضح ولا مبرر مقنع، بين أكثر من دولة عربية في المغرب
والمشرق على حد سواء! و حتى إن انتفت أسباب الخلاف ومبررات التوتر والصراع
فإن العرب ينفردون بابتكار الجديد والسخيف منها كما حدث بين مصر والجزائر
بمناسبة مباراة لكرة القدم لا تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن !.
والأسوأ
من هذا كله أن العام 2009 شهد استمرار إشغال المقاومات العربية في أكثر من
دولة ومكان بصراعات وخلافات وصلت لحد التجريم والملاحقة والعقاب! وهي حالة
انفردت بها الأمة العربية أيضاً خلافاً لكل دول وشعوب الأرض التي تكرّم
مقاوميها حتى درجة التقديس في حين أنه حتى قدّيسو هذه الأمة من الشهداء لم
ينجوا من التشكيك بأسبابهم ودوافعهم ومبرراتهم حتى بعد رحيلهم.
وكانت
كارثة العرب وفضيحتهم الكبرى في العام 2009 هي غزة التي استمر الحصار
المفروض عليها من كل المعابر والجهات وهي المأساة التي حركت مشاعر الغرب
لا العرب ودفعتهم، في أكثر من مناسبة، لمحاولة خرق الحصار على أمل الوصول
إلى غزة التي هيمنت على أجوائها أسراب الغربان بعد أن تخلى عنها الكثير من
العربان، لتستمر ملحمة لم يكشف النقاب بعد عن كل فصولها وعن كل أبطالها
وجزاريها.
وعلى الرغم من كل ما سبق فإن نبوءة سعد الله ونوس لا
تزال صالحة للتطبيق فما حدث في العام 2009 لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ
ولا يجوز أن يكون هو خاتمة حال العرب. ولذلك تتعين الإشارة إلى أن أوراق
العام 2009 قد شهدت أيضاً بعض نبوءات الأمل التي أخبرنا سعد الله ونوس
أننا محكومون بها ومنها بعض مبادرات المصالحات العربية التي بدأت بقمة
الكويت وتُوجت بقمة الدوحة واستمرت مفاعيلها بقمم متعددة شهدتها الرياض
ودمشق وكانت صور قادة سورية والسعودية ولبنان المجتمعين في أكثر من مكان
ومناسبة تعيد إحياء الأمل باستعادة الأمة العربية بعض عافيتها بعد عودة
لغة الحوار والتواصل بين أركانها وقادتها. ولا يجوز أن نغفل أيضاً أن
المقاومات العربية في أكثر من مكان ورغم كل ما تعرضت له من تضييق ومصاعب
قد نجحت في تحقيق أكثر من إنجاز وانتصار بعد أن أفلحت في ردع العدو
الإسرائيلي في لبنان وأفشلت حربه على غزة وأجبرت المحتل الأميركي في
العراق على الانكفاء داخل المعسكرات استعداداً للرحيل.
وعلى الصعيد
الوطني السوري فإن سنة 2009 قد شهدت تحقيق العديد من الانجازات على صعيد
السياسة الخارجية التي جنت في هذا العام نتاج صبرها وصمودها طوال السنوات
الأربع الماضية، حيث نجحت سورية هذا العام في تتويج الإعلان عن فشل جميع
المشاريع التي استهدفتها وسعت إلى توريطها بما لا علاقة لها به وكرست عدم
واقعية سياسة العزل التي سعى البعض إلى تطبيقها على دمشق وأثبتت مصداقية
القناعة التي يسمعها كل زائري الشام أن من يفكر بعزل سورية فإنما يعزل
نفسه في حقيقة الأمر عن قضايا هذه المنطقة فسورية جزء أساسي ومكانتها
ودورها في هذا الجزء من العالم لم تكتسبه بمنحة غربية ولا بتفويض أجنبي
حتى يتم سحبه متى يشاؤون ورده عندما يريدون.
وُيحسب للسياسة
الخارجية السورية أنها تعاملت بواقعية ومبدئية مع كل القضايا والملفات
التي واجهتها وأحسنت تجميع واستغلال كل مصادر القوّة التي تمتلكها ولم
تستسلم لمشاعر اليأس والإحباط التي حاول الكثيرون إشاعتها طوال الفترة
الماضية، ولم تنسَق أيضاً للعروض التي لم تنقطع يوماً عن دمشق ولم تنظر
للمغريات التي كانت تتدفق على أمل إغواء الشام بالحصول على الكثير من
المصالح مقابل التخلي عن القليل من المبادئ وبعض الحلفاء والمقاومين أيضاً
وهي المصيدة التي طالما نبهت دمشق الآخرين من الوقوع بها وأفلحت براعة في
تجنبها. كما امتازت السياسة الخارجية السورية باستثمار سلاح الوقت بصورة
ايجابية وحولته من عنصر ضغط عليها إلى مصدر قوّة لها. ولا يجوز إغفال
دورها الإيجابي والفعّال في إعادة إحياء التضامن العربي وفي توسيع إطار
علاقاتها وصداقاتها التي تتجاوز العالم العربي ولكن بشكل يعود بالخير
والفائدة على مجمل القضايا العربية.
وهكذا فإن العام 2009 كان
حافلاً بالإيجابيات والسلبيات على حد سواء وينبغي إخضاعه للتقييم الموضوعي
بكل ما فيه بعيداً عن الإغراق في التشاؤم غير المبرر ولا الإفراط في
التفاؤل غير المنطقي. ولكني أختم بنصيحة عملية ذكرها لنا المفكر القومي
عزمي بشارة أثناء لقاء قريب استمع فيه للكثير من الهموم والمنغصات ثم قال
بهدف البحث عن الأمل والتمسك به: إنه كلما أصابنا اليأس والإحباط يتعين
علينا أن نحاول الإجابة عن ثلاثة تساؤلات:
ماذا كان سيحصل لو كان
الرئيس بشار الأسد قد قبل الشروط الأميركية ـ الإسرائيلية التي نقلها كولن
باول لدمشق عشية احتلال العراق حول طرد المقاومة وتسهيل احتلال العراق
والقبول بشروط الاستسلام الإسرائيلية تحت مسمى السلام؟ وماذا كان سيحدث لو
كانت إسرائيل قد انتصرت على المقاومة في لبنان أثناء عدوان 2006؟ وماذا
كان سيحدث لو لم توجد مقاومة عراقية للاحتلال الأميركي بشكل حد من
الاندفاعة الأميركية وعطل الكثير والمزيد من مشاريعها العدوانية والتوسعية
؟
إن التفكير بكل هذه الأمور والسيناريوهات التي رفضناها وأفشلناها
فلم تحدث.. يكشف لنا بوضوح أننا رغم كل شيء تجنبنا الأسوأ وهو ما يعزز
نبوءة المبدع سعد الله ونوس بأننا سنظل محكومين بالأمل.. لأن ما يحدث
اليوم لا يمكن أن يكون هو نهاية التاريخ ولا يجوز أن يكون خاتمة العرب
الذين ما زالوا يملكون الكثير من مصادر القوّة إن أحسنوا استغلالها.
تشرين