أوصلت السورية غادة شعاع شعاعها إلي أرجاء العالم فاجمع مواطنوها علي أن حاملة ذهبية المسابقة السباعية في بطولة العالم 95 واولمبياد أتلانتا 96 وبرونزية بطولة العالم 99 هي "النجمة المطلقة للرياضة السورية وأفضل الرياضيين السوريين علي الإطلاق.
غادة شعاع (37 عاما و187 سم) ولدت في 10 سبتمبر 1972 في قرية محردة (وسط سوريا) التي تبلغ مساحتها نحو 12 كلم مربعا ويربو عدد سكانها علي 18 ألف نسمة، وتشتهر بجمال طبيعتها الجبلية الخضراء.
وترعرعت غادة في كنف أسرة متواضعة كادحة ومنذ صغرها أظهرت موهبة فطرية خلال ممارستها لكرة السلة في مدرستها وفي النادي الذي يحمل اسم قريتها، ونظرا لموهبتها وقوتها البدنية دفعها مدرس الرياضة للمشاركة في بطولة سوريا لسباق الضاحية للمدارس الابتدائية فانتزعت المركز الأول بسهولة وكانت في الثانية عشرة من عمرها.
واستمرت غادة في ممارسة العاب القوي وتحديدا سباقات الضاحية حتى عام 1989 قبل أن تتحول إلي ممارسة كرة السلة جنبا إلي جنب مع العاب القوي وأضحت خلال فترة وجيزة ابرز لاعبات المنتخب السوري لكرة السلة.
أدركت غادة لو أن كرة السلة "تطعم خبزا" لكانت استسلمت لهذه الرياضة الشعبية التي يهواها الجميع في سوريا، لكن حتى تتألق فيها، كان واجبا أن تتأمن لها لاعبات من طينتها، ومثل هذا الأمر يصعب حصوله، فهجرت كرة السلة نهائيا بعد مشاركتها مع منتخب بلادها في دورة الألعاب العربية السابعة في دمشق 1992.
ولجأت غادة إلي رياضة فردية استلهمت مقوماتها من البيئة القروية حيث السهل والصخر وتسلق الشجر وحفر الأرض وقطع الخشب وأجمل ذكريات طفولتها حكايتها مع الأرنب التي لا تستطيع نسيانها، وتضحك من الأعماق عندما تسأل عن هذه الحكاية التي لا تخلو من لمسة إنسانية لها مدلولاتها...
وبالتفاصيل تقول غادة "كنت في الثانية عشرة من عمري وأنا في طريقي ذات يوم إلي المدرسة، وكان يفصلني نحو عشر دقائق عن قرع جرس بداية الدرس الأول عندما صادفت رجلا طاعنا في السن يحمل أرنبا، وفجأة سقط الأرنب منه وفر هاربا وحاول الرجل يائسا الإمساك به دون جدوى فجلس حزينا يضرب كفا بكف، فما كان مني إلا أن جريت وراءه وسبقته وأمسكت به.
ووجدت نفسي بعيدة جدا عن المدرسة فضاعفت السرعة وأودعت الأرنب في منزلي وتابعت ركضي إلي المدرسة التي وصلتها مع رنين جرس الدخول إلي الصف، وبعد انصرافي أكملت مهمتي وسلمت الأرنب إلي صاحبه الذي لم يصدق ما حدث".
وإذا كان قطع مسافة الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة فان غادة ترجمت هذه المقولة في المسابقة السباعية قولا وفعلا منذ خطوتها الأولي في بطولة سوريا عام 1991 مسجلة رقما سوريا جديدا قدره 4493 نقطة.
وفي أول تجربة دولية لها احتلت المركز ال24 في بطولة العالم في طوكيو عام 1991 مسجلة 5066 نقطة، وفي العام ذاته حسنت رقمها في بطولة آسيا في ماليزيا وحلت في المركز الثاني مسجلة 5425 نقطة.
وحملت دورة الألعاب الاولمبية في برشلونة 1992 أول إخفاق لها في رحلتها التصاعدية بسبب الإصابة وسجلت 5278 نقطة فقط.
وكانت دورة العاب البحر المتوسط الثانية عشرة في كاب داغد عام 1993 بداية دخولها العالمية عندما تخلت عن المشي خطوة خطوة وقفزت برقمها 890 نقطة فسجلت 6168 نقطة ونالت الميدالية الفضية.
وسطرت غادة اسمها في سجل العالمية في دورة النوايا الحسنة في مدينة بطرسبرغ الروسية عام 1994 بميدالية برونزية مسجلة 6361 نقطة، وفي العام ذاته أحرزت ذهبية الألعاب الآسيوية في هيروشيما مسجلة 6260 نقطة.
وتوجهت الأنظار نحو غادة في بطولة العالم لألعاب القوي في مدينة غوتبورغ السويدية عام 1995، وهناك انتزعت اللقب العالمي الأول لها ولسوريا مسجلة 6651 نقطة بعد أن قهرت عملاقات العالم أبرزهن الأميركية جاكي جوينر كيرسي والألمانيتين سابين بروان وهايكه دريشلر.
ولم تخيب غادة آمال بلادها في دورة الألعاب الاولمبية في أتلانتا 96، وصرخت بأعلى صوتها "إنا هنا" متفوقة علي كل المشاركات لتنال الميدالية الذهبية الأولي لسوريا في تاريخ الألعاب الاولمبية بعدما سجلت 6780 نقطة.
وكانت ذهبية غادة الميدالية الاولمبية الثانية لسوريا بعد فضية المصارع جوزيف عطية في اولمبياد لوس انجليوس 1984.
ونجحت غادة في إحراز برونزية بطولة العالم لألعاب القوي في اشبيلية (اسبانيا) عام 1999 قبل أن تتواري عن الأنظار نهائيا.