عشق الكاتب الروسي العظيم انطون تشيخوف المسرح والأدب منذ صغره، وحضر أول
عرض مسرحي في حياته (أوبرا هيلين الجميلة من تلحين باخ) عندما كان في
الثالثة عشرمن عمره. وكان ينفق كل مدخراته اليومية لحضور المسرحيات، إذ
كان مقعده المفضل في نهاية صالة العرض لانخفاض سعر التذكرة هناك .
وكان تشيخوف - الابن الثالث من ستة أبناء لأب يعمل في التجارة- دخل مدرسة
ابتدائية للصبيان، وفي عامه الثامن أرسل إلى مدرسة خاصة. واشتهر أنطون
هناك بتعليقاته ومزاحه وبراعته في إطلاق الألقاب الساخرة على الأساتذة.
عمل تشيخوف ، المولود عام 1860 في مدينة تاغانروغ، جنوب روسيا، بالتمثيل
في مسرح الهواة، وأحيانا كان يؤدي أدوارا في عروض المسرح المحلي. وقد حاول
آنذاك كتابة قصص فكاهية، كما إنه ألف في تلك السن أيضا مسرحية طويلة
أسماها "بلا أب" لكنه تخلص منها فيما بعد.
أنهى تشيخوف معهد الطب وعمل طبيبا ممارساً. ولذلك نجد الكثير من الأطباء
من بين أبطال قصصه مثل آستروف وديموف وإيونيتش، وأبطال قصصه المسلسلة تحت
عنوان "جراحة" وقصة "الردهة رقم 6" وغيرها من القصص.
ومن اجل إعالة جميع أفراد عائلته.، جهد تشيخوف وأصيب بمرض السل في شبابه،
وكان مرضه معروفاً بالنسبة له، غير انه لم يعالج نفسه نهائياً. فنصحه
الأصدقاء بالسفر للعلاج في مصح بادن فيير بألمانيا. لكنه توفي هناك في 15
يوليو عام 1904 بعيداً عن الوطن والأصدقاء.
وتم نقل جثمانه إلى روسيا. حيث دفن تشيخوف في مقبرة نوفوديفيتشي بموسكو التي تضم رفات مشاهير روسيا.
عاش تشيخوف كإنسان متواضع و نزيه مثلما كتب هو قائلاً "في الإنسان كل شيء يجب أن يكون رائعاً: وجهه، وهندامه، وروحه، وأفكاره".
ويعد أنطون تشيخوف من عمالقة الأدب الروسي، كما أنه من أفضل كتاب القصة
القصيرة على مستوى العالم. ويقول عنه الأديب الروسي ليف تولستوي: "لقد أسس
تشيخوف أشكالا جديدة لفن الكتابة في العالم أجمع، لم أر مثلها في أي مكان
آخر. وبعيدا عن كل تواضع مزيف أؤكد أن تشيخوف أرفع مني بكثير".
كتب مئات القصص القصيرة، ويعد الكثير من أعماله إبداعات فنية كلاسيكية
خالدة مثل "وفاة موظف" و"مزحة"، و"جهاز العروس" و"حكاية مملة". كما كتب
تشيخوف عام 1890 وهو في قمة نضجه وصعوده إلى ذروة الأدب الروسي القصة
الوثائقية "جزيرة سخالين" التي تتحدث عن رحلته إلى تلك الجزيرة النائية
الواقعة عند الشواطئ الشرقية لروسيا.
تركت مسرحيات تشيخوف أثرا عظيما على فن الدراما في القرن العشرين مثل:
"طائر النورس"، و"الخال فانيا"، و"الأخوات الثلاث"، و"بستان الكرز" وغيرها.