اشترت
المكتبة الوطنية الفرنسية مخطوطة بخط اليد لمذكرات العاشق الشهير الذي عاش
في البندقية والتي كان يعتقد في البداية أنها تبددت في نهاية الحرب
العالمية الثانية، ربما تكون بداية عملية التصحيح لسمعة كازانوفا.
ودفعت
فرنسا نحو 7,2 مليون يورو مليون دولار- للمخطوطة التي تقع في 3700 صفحة
وتعتزم وزارة الثقافة نشر طبعة نقدية لهذه المخطوطة واقامة معرض لها.
واكتشفت
مذكرات كازانوفا التي تضم 3700 صفحة من الأوراق الصفراء الشاحبة وتحمل اسم
"قصة حياتي" معبأة في 12 صندوقا نقلت إلى خزينة قبل أيام فقط من قصف قوات
الحلفاء لألمانيا في عام 1945.
وقالت
امينة المكتبة الوطنية الفرنسية ماري لور بريفوست "خلال الحرب العالمية
الثانية قصفت ليبزيج، لكن هذه الصناديق اكتشفت في الطابق الأسفل للبنك
الذي كانت تحفظ به، وهي في حالة طيبة".
وأضافت بريفوست "كل فرد في ذلك الوقت تأثر عند العثور على هذه المخطوطات اليدوية، حتى تشرشل سأل عما إذا كانت قد نجيت من القصف".
من
جهته قال برونو راسين رئيس المكتبة "مخطوطات كازانوفا هي أكثر مشتريات
المكتبة أهمية حتى الآن.. وبالطبع هذا حدث عظيم من وجهة النظر المتعلقة
بالثقافة والتراث".
ويصف كازانوفا مغامراته العاطفية في هذه المخطوطات التي نقحها باستمرار حتى وفاته في 1798.
وأضاف
راسين "أنها واحدة من أكثر النصوص المنشورة في العالم حيث هناك مئات ومئات
من الإصدارات وهي دائما تصحح وتبسط ويجري التحقق منها وتفنيدها، ولذا
فالمهم لنا هو التوصل للحقيقة الموثوق بها".
ومول شراء هذه المذكرات متبرع خاص وتأمل المكتبة في أن تعرض هذه المخطوطات في خريف عام 2011.
ويقام
المعرض الاول لهذه المخطوطة في باريس عام 2011 ثم قد يتنقل الي فينسيا
وربما بعدها الي برلين، فاذا ما سارت الامور بشكل جيد فانها ستكشف عن رجل
اكثر حكمة وفلسفة مما كانت تكشف سمعته. وأن قصة حياته اكثر من مجرد مذكرات
شخصية كاشفة.
كتب
كازانوفا في سيرته الذاتية التي نشرت بالانجليزية تحت عنوان " قصة حياتي"
" أود دائما ان اعترف أنني المسؤول الاساسي عن كل خير أو شر ارتكبته".
يذكر
أن جياكامو كازانوفا ولد في فينسيا في الثاني من نيسان عام 1725 وهو الابن
الاكبر بين ستة من الاطفال ولدا لاب وام يعملان بالتمثيل، توفي والده
عندما كان صبيا وكرست امه نفسها لمستقبلها كممثلة اكثر من رعاية اطفالها.
ومن المفارقات الغريبة ان العمل الاول له كان قسيسا لكنه تخلى عن هذه الفكرة في نهاية الامر ويعود الفضل في هذا بصورة واسعة الي قسيس.
اكتشف
كازانوفا ولعه بالنساء وهو يعيش مع معلمه الاول آبي جوزي، وكما يروي فقد
شغفت به بيتينا الابنة الصغري لآبي عندما كان في الحادية عشرة من عمره.
كتب يقول " الفتاة اسعدتني على الفور رغم انه لم يكن لدي أدني فكرة عن السبب في هذا، لقد كانت هي التي اشعلت شيئا فشيئا جذوة هذا الشعور في قلبي ذاك الذي صار فيما بعد الحاكم في حياتي".
بعد
فضائح متكررة قضت على اي امكانية في ان يكون له مستقبل داخل الكنيسة كمحام
صار كازانوفا بسرعة جنديا ومقامرا وعازفا على آلة الكمان، انتهي اسلوب
الحياة المدمر هذا عندما أنقذ حياة سيناتور ودخل من ثم الي حياته الاسرية.
كتب
كازانوفا يقول " أخذت لاول مرة مسارا هو الاكرم والانبل والطبيعي في
حياتي، قررت الا أضع نفسي في موضع اجد فيه نفسي أسيرا، وقد سلبت مني
ضرورات الحياة".
لكنه لم يستطع التخلي عن اطلاق النكات والمقامرة والحب واضطر فى النهاية لترك فينيسيا.
ثم
سافر الي المدن الكبرى في أوروبا - باريس ودرسدن وبراغ وفيينا- وعاد الي
فينسيا عام 1753 حيث اعتقل لمدة عامين فيما بعد " بسبب موجات الغضب العام
ضد الدين المقدس"، وخطط عملية هرب جريئة مع قس متمرد وعاد إلي باريس.
عن هربه من السجن كتب بعد 30 عاما " وهكذا وفر لي الرب في هربي شيئا ليس اقل من معجزة".
وفي باريس صار روزيكروشي عضو
جمعية سرية اشتهرت في القرنين الـ17 والـ 18 وزعمت انها تملك معرفة سرية
للطبيعة والدين كما صار عالما في الكيمياء القديمة وغايتها تحويل المعادن
الخسيسة الي ذهب، واكتشاف علاج كلي للمرض ووسيلة لاطالة الحياة الى ما لا
نهاية ثم انتقل الي دوائر النفوذ حيث صار جاسوسا وعمل في بيع السندات
ومقاول.
وظل بقية حياته يتنقل هنا وهناك ويتطلع لكسب قوت يومه بمختلف السبل، وفي انجلترا حاول بيع فكرة يانصيب حكومي.
وعن الانجليز كتب يقول " الشعب له شخصيته الخاصة... التي تجعله يعتقد انه أعلى من الاخرين، انه اعتقاد تشارك فيه جميع الامم وكلها تعتقد انها الافضل، وانها علي حق ".
قضي كازانوفا الـ 12 عاما الاخيرة من حياته في المنفي معزولا في قلعة ضجرة فيما يعرف الان بجمهورية التشيك، وهناك كتب سيرته الذاتية