الأموال الساخنة) من المصطلحات
المستخدمة كثيراً في أسواق المال، وتعني الأموال الأجنبية المتدفقة لغرض
تحقيق الربح السريع (اقتناص الفرص)، وهي أموال عادة ما تترك السوق بعد
تحقيقها أهدافها السريعة، أو عند شعورها بالخطر محدثة خللاً في التوازن
العام للاقتصاد، ومخلفة أضراراً كبيرة للأسواق غير المحصنة، ومحدودة
السيولة.
المصطلح، وإن بدا حديثاً لدى رواد السوق السعودية، إلا أن
مضمونه كان متداولاً في عهد الأجداد الذين كانوا يطلقون على التجار
القادمين من خارج بلداتهم مصطلح (طيور خضرة) وهو مصطلح اشتقوه من بيئتهم
المحلية، حيت تكثر الطيور على الأشجار الخضراء حتى يظن الناس استحالة
هجرتها، ثم تختفي فجأة بعد اصفرار الأشجار واحتراق الأرض باحثة عن بيئة
أخرى أكثر اخضراراً.
الأجداد ركزوا في مصطلحهم (طيور خضرة) على الإنسان
الذي تحركه المصلحة بين البلدات والقرى المزدهرة، في حين أن الإقتصاديين
ركزوا في مصطلح (الأموال الساخنة) على الأموال وليس الإنسان، وربما كان
للعولمة، وسهولة تدفق الأموال بين الأسواق العالمية بمعزل عن أصحابها، سبب
في التركيز على المال المتحرك لا الإنسان الثابت في منزله، وهذا خلاف ما
كان عليه الأجداد حيث تتحرك الأموال، في الغالب، مع أصحابها.
هناك مغزى
أخلاقي في إطلاق مصطلح (طيور خضرة) على التجار الرحالة المغادرين لانقطاع
الربح، على أساس أن تجار القرية وأهلها، في الغالب، لا يتنكرون لها أو
يهجروها وإن عُدم الربح، وخلت أسواقها، وشحت مواردها؛ فأهلها عادة ما
يلتزمون بمواثيق اجتماعية وأخلاقية تُجبرهم على البقاء، حماية لها وخدمة
لمن فيها، وتلك كانت القاعدة.
نعود لمصطلح (الأموال الساخنة) الذي
تُشنَف به آذان رواد السوق المالية صباح مساء، حتى خشينا عليهم كوابيسه
المزعجة في ليالي الشتاء الباردة!. سخونة الأموال، التي يرفضها المُشَرّع
وإن استمرت السوق في مواصلة الانحدار، يمكن فلترتها، وخفض درجة سخونتها
لتتلاءم مع (حرارة) الأنظمة والقوانين، وللتوافق مع قدرة السوق على
استيعابها؛ تلك الأموال، بعد (فلترتها)، قد يحتاجها من أوقفت ثلوج الانهيار
المتراكمة قلوبهم عن الحركة، فأصبحوا في عداد الأموات وهم أحياء يرزقون.
أموات السوق لن يهتموا كثيراً لدرجة حرارة الأموال المحركة لبقايا السوق،
والمتحفزة لإنقاذها بعد أن أغرقتها أموال أبنائها (الباردة)!.
تُرى هل
هناك فرق بين الأموال الساخنة، والأموال (الباردة) التي يديرها كبار
المضاربين من الناحية الواقعية لا اللفظية؟. هل نتحدث عن مصدر الأموال، أم
ما تُحدثه تلك الأموال من أثر في سوق الأسهم السعودية؟. الحقيقة أن بعض
أموال المضاربين السعوديين (الباردة) تجاوزت في حرارتها معدل حرارة
(الأموال الساخنة) التي يخشى المسؤولون آثارها المدمرة. وبذلك لا نجد فرقا
يذكر، من الناحية التدميرية، بين النوعين؛ بل إن أموال بعض المواطنين
(الباردة) كانت وستظل أشد فتكاً بالسوق من (أموال الغرباء الساخنة).
نُذَكِر
بأن (الأموال الباردة) ذات المنشأ الوطني كانت المتسببة في رفع السوق من
مستويات 5000 نقطة حتى أوصلته إلى مشارف 21000 عن طريق بيوع النجش، تحت
أنظار الجهات الرقابية، ثم انسلت بهدوء مطلع العام 2006، مطبقة إستراتيجية
(الأموال الساخنة) ومحدثة دماراً شاملاً قذف بالمؤشر إلى مستويات 4000
نقطة. أعتقد أن (الأموال الساخنة) التي تحدث عنها البعض ربما كانت أرحم
بالسوق والمتداولين من أموال مضاربيه (الباردة) التي دمرت أركانه، وشلت
حركته لثلاث سنوات عجاف.
هناك تشابه آخر بين النوعين على علاقة
بسرعة حركة (الأموال الساخنة) واعتمادها المعلومات الداخلية المؤكدة
لحمايتها من تداعيات السوق المنهارة، أو لإعطائها الضوء الأخضر لدخول الأمن
في دورات الصعود. الحقيقة أن أموال بعض المضاربين (الباردة) تحركت وفق
معلومات داخلية أنقذتها من الانهيار المدمر بعد انسحابها السريع ما جعلها
تتطابق في مواصفاتها مع (الأموال الساخنة) التي تسبق حركتها متغيرات السوق
الدراماتيكية.
أنصح كل من يتوجس من الأموال الساخنة أن يعيد النظر في
بعض أموال التداول ذات المنشأ الوطني على أساس أنها تستنسخ دور الأموال
الساخنة المدمر وإن كانت أموالاً وطنية (باردة). كما أنصح أيضاً بتصنيف
نشطاء التداول بالوكالة إلى (مديرين ساخنين)، و(مديرين باردين) اعتماداً
على استراتيجياتهم الاستثمارية وتوجهاتهم الفكرية؛ أما سوق الأسهم فلا حاجة
لتصنيفها على أساس أنها باتت تابعة لتصنيف محركيها الفاعلين متقلبة بين
البرودة والدفء والحرارة المحرقة لمدخرات صغار المستثمرين.
كل ما
أتمناه وسط أجواء الممانعة الحازمة لتدفق الاستثمارات الأجنبية، وإلباسها
ثوب (الأموال الساخنة) وإن كانت عذبة باردة، أن تحصل السوق السعودية على
(خبراء ساخنين) قادرين على جذب الاستثمارات المالية، وتصنيفها بدقة، وإعادة
تشغيل محركات السوق الجامدة لإنعاش قلوب الخاسرين.جريدة الجزيرة
المستخدمة كثيراً في أسواق المال، وتعني الأموال الأجنبية المتدفقة لغرض
تحقيق الربح السريع (اقتناص الفرص)، وهي أموال عادة ما تترك السوق بعد
تحقيقها أهدافها السريعة، أو عند شعورها بالخطر محدثة خللاً في التوازن
العام للاقتصاد، ومخلفة أضراراً كبيرة للأسواق غير المحصنة، ومحدودة
السيولة.
المصطلح، وإن بدا حديثاً لدى رواد السوق السعودية، إلا أن
مضمونه كان متداولاً في عهد الأجداد الذين كانوا يطلقون على التجار
القادمين من خارج بلداتهم مصطلح (طيور خضرة) وهو مصطلح اشتقوه من بيئتهم
المحلية، حيت تكثر الطيور على الأشجار الخضراء حتى يظن الناس استحالة
هجرتها، ثم تختفي فجأة بعد اصفرار الأشجار واحتراق الأرض باحثة عن بيئة
أخرى أكثر اخضراراً.
الأجداد ركزوا في مصطلحهم (طيور خضرة) على الإنسان
الذي تحركه المصلحة بين البلدات والقرى المزدهرة، في حين أن الإقتصاديين
ركزوا في مصطلح (الأموال الساخنة) على الأموال وليس الإنسان، وربما كان
للعولمة، وسهولة تدفق الأموال بين الأسواق العالمية بمعزل عن أصحابها، سبب
في التركيز على المال المتحرك لا الإنسان الثابت في منزله، وهذا خلاف ما
كان عليه الأجداد حيث تتحرك الأموال، في الغالب، مع أصحابها.
هناك مغزى
أخلاقي في إطلاق مصطلح (طيور خضرة) على التجار الرحالة المغادرين لانقطاع
الربح، على أساس أن تجار القرية وأهلها، في الغالب، لا يتنكرون لها أو
يهجروها وإن عُدم الربح، وخلت أسواقها، وشحت مواردها؛ فأهلها عادة ما
يلتزمون بمواثيق اجتماعية وأخلاقية تُجبرهم على البقاء، حماية لها وخدمة
لمن فيها، وتلك كانت القاعدة.
نعود لمصطلح (الأموال الساخنة) الذي
تُشنَف به آذان رواد السوق المالية صباح مساء، حتى خشينا عليهم كوابيسه
المزعجة في ليالي الشتاء الباردة!. سخونة الأموال، التي يرفضها المُشَرّع
وإن استمرت السوق في مواصلة الانحدار، يمكن فلترتها، وخفض درجة سخونتها
لتتلاءم مع (حرارة) الأنظمة والقوانين، وللتوافق مع قدرة السوق على
استيعابها؛ تلك الأموال، بعد (فلترتها)، قد يحتاجها من أوقفت ثلوج الانهيار
المتراكمة قلوبهم عن الحركة، فأصبحوا في عداد الأموات وهم أحياء يرزقون.
أموات السوق لن يهتموا كثيراً لدرجة حرارة الأموال المحركة لبقايا السوق،
والمتحفزة لإنقاذها بعد أن أغرقتها أموال أبنائها (الباردة)!.
تُرى هل
هناك فرق بين الأموال الساخنة، والأموال (الباردة) التي يديرها كبار
المضاربين من الناحية الواقعية لا اللفظية؟. هل نتحدث عن مصدر الأموال، أم
ما تُحدثه تلك الأموال من أثر في سوق الأسهم السعودية؟. الحقيقة أن بعض
أموال المضاربين السعوديين (الباردة) تجاوزت في حرارتها معدل حرارة
(الأموال الساخنة) التي يخشى المسؤولون آثارها المدمرة. وبذلك لا نجد فرقا
يذكر، من الناحية التدميرية، بين النوعين؛ بل إن أموال بعض المواطنين
(الباردة) كانت وستظل أشد فتكاً بالسوق من (أموال الغرباء الساخنة).
نُذَكِر
بأن (الأموال الباردة) ذات المنشأ الوطني كانت المتسببة في رفع السوق من
مستويات 5000 نقطة حتى أوصلته إلى مشارف 21000 عن طريق بيوع النجش، تحت
أنظار الجهات الرقابية، ثم انسلت بهدوء مطلع العام 2006، مطبقة إستراتيجية
(الأموال الساخنة) ومحدثة دماراً شاملاً قذف بالمؤشر إلى مستويات 4000
نقطة. أعتقد أن (الأموال الساخنة) التي تحدث عنها البعض ربما كانت أرحم
بالسوق والمتداولين من أموال مضاربيه (الباردة) التي دمرت أركانه، وشلت
حركته لثلاث سنوات عجاف.
هناك تشابه آخر بين النوعين على علاقة
بسرعة حركة (الأموال الساخنة) واعتمادها المعلومات الداخلية المؤكدة
لحمايتها من تداعيات السوق المنهارة، أو لإعطائها الضوء الأخضر لدخول الأمن
في دورات الصعود. الحقيقة أن أموال بعض المضاربين (الباردة) تحركت وفق
معلومات داخلية أنقذتها من الانهيار المدمر بعد انسحابها السريع ما جعلها
تتطابق في مواصفاتها مع (الأموال الساخنة) التي تسبق حركتها متغيرات السوق
الدراماتيكية.
أنصح كل من يتوجس من الأموال الساخنة أن يعيد النظر في
بعض أموال التداول ذات المنشأ الوطني على أساس أنها تستنسخ دور الأموال
الساخنة المدمر وإن كانت أموالاً وطنية (باردة). كما أنصح أيضاً بتصنيف
نشطاء التداول بالوكالة إلى (مديرين ساخنين)، و(مديرين باردين) اعتماداً
على استراتيجياتهم الاستثمارية وتوجهاتهم الفكرية؛ أما سوق الأسهم فلا حاجة
لتصنيفها على أساس أنها باتت تابعة لتصنيف محركيها الفاعلين متقلبة بين
البرودة والدفء والحرارة المحرقة لمدخرات صغار المستثمرين.
كل ما
أتمناه وسط أجواء الممانعة الحازمة لتدفق الاستثمارات الأجنبية، وإلباسها
ثوب (الأموال الساخنة) وإن كانت عذبة باردة، أن تحصل السوق السعودية على
(خبراء ساخنين) قادرين على جذب الاستثمارات المالية، وتصنيفها بدقة، وإعادة
تشغيل محركات السوق الجامدة لإنعاش قلوب الخاسرين.جريدة الجزيرة