(دي برس - خاص)
مرّ شهر كامل على القضية التي شغلت الرأي العام في سورية، وتناقلتها كل وسائل الإعلام المحلية المطبوعة والإلكترونية، وهي وفاة الطفلين خديجة كسار "25 يوم" ومحمد كسار "3 سنوات" من سكان مدينة الباب في حلب، القضية لم تنته بعد فالتحقيق فُتح مرة أخرى والبحث مازال جارياً حتى اللحظة لمعرفة السبب الحقيقي للوفاة وهو السبب نفسه الذي أدى إلى التشهير وإلحاق خسائر كبيرة بواحدة من أهم منشآت صناعة المرتديلا في سورية.
لا يمكن التدخل في مجرى التحقيق الذي تقوم به الجهات المختصة لكن من خلال الوثائق التي بين أيدينا ومحاضر الضبوط التي حررها مركز شرطة مدينة الباب يمكننا استنتاج العديد من الملاحظات والمفارقات في تسلسل الوقائع أقلها عدم وجود مخابر للتشريح في محافظة حلب "الشهباء" تساعد التحقيق في الوصول إلى نتيجة أكيدة حول سبب وفاة الطفلين، بالإضافة إلى تسمم عائلة الكسار مرتين خلال 20 يوم، في المرة الأولى ادّعت على صاحب معمل مرتديلا "هنا" وفي الثانية ادّعت على الحدث عبد الله أمين لطيفو الذي وضع مواد تعقيم سامة في مخزن حبوب ملاصق لجدار منزل العائلة المنكوبة.
القصة باختصار
تناولت عائلة الكسار الغداء يوم الجمعة 2 – 10 – 2009 وبعد ثلاث ساعات شعرت الأم وأطفالها بحالة اقياء وإسهال «فظن الأب عماد الكسار أنها أعراض البرد» وأعطاهم الأدوية الموجودة وسقاهم كمون، إلا أن الأعراض تضاعفت مساءاً وازدادت حالات الإسهال وأعراض المرض على الأسرة وخاصة خديجة الرضيعة، فأسعفت إلى المستشفى الوطني بمدينة الباب، إلا أنها فارقت الحياة قبل وصولها إلى العناية المشددة وذلك في الساعة الواحدة من صباح يوم السبت 3 تشرين الأول، دفنت الطفلة خديجة يوم السبت دون أي إدعاء أو إعلام للسلطات كونها حديثة الولادة إلا أن الأعراض عادت إلى أخوتها محمد وقصي وأمهما مما استدعى نقلهم إلى المستشفى مرة أخرى، حيث ساءت صحة الطفل محمد وتوفي بعد ساعتين من وصله إلى المستشفى، وهكذا لم يبق لعماد كسارمن أولاده الثلاثة سوى قصي على قيد الحياة فقرر نقله وأمه إلى مستشفى الحميات ومن هناك تحولا إلى مستشفى الأطفال الحكومي، حيث شخص الأطباء حالتهما بالتسمم الغذائي وقيل له: "ابنك مصاب بجرثومة خطيرة" إلا أن القدر أبقى قصي وأمه على قيد الحياة وتخرجا بعد ثلاثة أيام بصحة جيدة، ومن المفيد هنا المرور على إفادة محمد كسار خزمة جد الطفلين المتوفين ويقول في محضر الشرطة رقم 1901: "لا أعلم ما هو سبب حالة التسمم بالضبط أهو تسمم غذائي أم مبيد حشري".
سبب الوفاة
سبب وفاة خديجة ومحمد هو الذي أشعل فتيل الأزمة وأحدث جدلاً واسعاً في الوسط الإعلامي، حيث أفاد الأب والأم في ضبط الشرطة رقم 1901 أن الأسرة تناولت الباذنجان باللبن يوم الإصابة بالمرض أي الجمعة 2 – 10 – 2009 وقبل يوم من الإصابة أي الخميس 1 – 10 – 2009 تناولت الأسرة باستثناء الأب علبة مرتديلا هنا ابتاعها الطفل محمد من محل عمه السمان خالد كسار، وجاء في تقرير الطبيب الشرعي أن الوفاة ناتجة عن تسمم جرثومي غذائي إلا أن التقرير اعتمد على شهادة الأهل وأطباء الإسعاف فقط ولم يصار إلى تشريح جثتي الطفلين
ويقول الطبيب الشرعي محمد علي عابو لـ"دي برس": "ليس لدينا مخابر عالية المستوى للتشريح في حالات التسمم الغذائي بل نعتمد على المرافقين والشهود وتشخيص الأطباء".
يوم الأربعاء 7 – 10 – 2009 صادرت الجهات المختصة 5 علب مرتديلا من نفس الطرد الموجود في محل السمان عماد كسار والذي باع علبة المرتديلا لابن أخية محمد وأرسلت إلى مخابر مديرية التجارة والتموين بحلب لتحليلها والتأكد من صحة الإدعاء، لكن قبل صدور نتائج التحليل نشرت جريدة الجماهير المحلية بتاريخ 17 – 10 – 2009 خبراً مفاده أن وفاة الطفلين خديجة ومحمد كسار ناتج عن تسمم غذائي بعد تناول علبة مرتديلا "ه"، وهذا ما دحضه تحليل مخبر مديرية التجارة والاقتصاد بحلب، حيث بينت نتائج التحليل الذي صدر في اليوم التالي من نشر الخبر أي 18 – 10 - 2009 أن علبة مرتديلا "هنا" المصادرة من نفس السمان الذي باع الطفل المتوفى مطابقة للمواصفات القياسية السورية وخالية من أية سموم.
ويقول السمان خالد خزمة كسار في ضبط الشرطة رقم 1901 أنه باع 4 علب مرتديلا أخرى لعدة أشخاص مجهولين من نفس الطرد ولم تسجل أي إصابة بحالة تسمم حتى الآن ويبين ضبط الشرطة المحول إلى القضاء أنه لم ترد أي حالة تسمم مشابهة.
مديرية الشؤون الصحية في محافظة حلب أرسلت 4 علب مرتديلا أخرى انتقيت بشكل عشوائي من أصل 5 آلاف علبة مرتديلا سحبت من الأسواق وتبين أن العينة الأولى مطابقة للمواصفات القياسية السورية 2179/2007 وصالحة للاستهلاك البشري وعلى العكس العينات الثلاثة الأخرى غير مطابقة وغير صالحة وإحداها منفجرة، وهنا يستخف المهندس الكيميائي في الشركة التقنية للصناعات الغذائية بنتيجة هذا التحليل ذلك أن مديرية الشؤون الصحية انتقت عينات مرتجعة وغير المعدة للبيع أو التداول أصلاً، بسبب ما تعرضت له من سوء للتخزين أو التحميل، وهي علب موجودة بقصد الإتلاف ولا يمكن لعاقل أن يتناول علبة مرتديلا منفجرة فرائحتها كريهه ومحتواها فاسد، حيث قامت مديرية الشؤون الصحية بتحليل تلك العينات لتصل إلى ما وصلت إليه من نتائج أعلنتها بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام دون أن تدع أي مجال للشركة في إعادة تحليل عينات جديدة تحمل ذات تاريخ الإنتاج والصلاحية والدفعة لذات العبوات المرتجعة التي جرى ضبطها.
المفاجأة
جاءت المفاجأة بعد 15 يوم من حادثتي الوفاة أي 21 – 10 - 2009 وبعد يومين من براءة مرتديلا هنا (حسب تحليل مخبر مديرية التجارة والاقتصاد بحلب رقم الشهادة 4450)، حيث تعرضت الأسرة ذاتها إلى حالة تسمم أخرى ترافقت مع نفس الأعراض في حالة التسمم الأولى من إقياء وإسهال (وهذه المرة لم يتناولوا مرتديلا هنا) وادعيا بموجب ضبط الشرطة رقم 2017 على عبد الله أمين لطيفو صاحب الحبوب التي عولجت بـ "حبة الغاز" في مخزن بجوار منزلهما، حيث أقدم على تعقيم الحبوب بمبيد حشري يدعى "كويك فوس" يحتوي مادة فوسفيد الألمنيوم ويطلق عليه شعبياً "حبة الغاز" وجاء في تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية أن الغاز الذي يطلقه فوسفيد الألمنيوم عند تماسه مع الرطوبة الجوية له قدرة عالية على اختراق الجدران البيتونية غير المدهونة وتأثيره خطر على الإنسان، ومن أعراض استنشاق هذا الغاز حدوث إعياء وغثيان وألم في المعدة والرغبة بالتقيؤ وإسهال وعطش، وإذا كانت الإصابة شديدة قد تؤدي إلى الوفاة، وتعتبر هذه الأعراض مطابقة تماماً لأعراض التسمم الغذائي.
ويقول الطبيب الشرعي محمد علي عابو أن ليس هنالك فرقاً بين التسمم بالمبيد الحشري "فوسفيد الألمنيوم" وبين التسمم الغذائي فالأعراض متشابهة وهي إقياء وإسهال وغثيان وألم بالمعدة وعطش ويضيف عابو: "سبب التسمم في المرة الثانية هو غالبا نفسه سبب وفاة الطفلين".
ويقول محامي العائلة طلال العابو: "إن حالة تسمم العائلة للمرة الثانية أي بعد وفاة الطفلين بـ15 يوماً أدت إلى فتح التحقيق من جديد والعودة إلى الضبط الأول للتأكد من سبب الوفاة في الحالة الأولى"، لاسيما أن صاحب المخزن يقوم برش الحبوب بالسموم بهدف التعقيم منذ أكثر من شهرين.
وفي إحصائية غير رسمية ظهر أن سموم حبة الغاز «فوسفيد الألمنيوم» التي تستخدم في مخازن الحبوب المنتشرة في الأقبية والمحلات ضمن المباني السكنية وحتى داخل البيوت المخصصة للسكن قتلت خلال السنوات الخمس الماضية في محافظة حلب وحدها أكثر من 65 شخصاً.
سامر ديروان مدير الشركة التقنية للصناعات الغذائية يقول: "نحن نطالب بإيضاح كل ملابسات الأمور وكيفية حدوث حالتي الوفاة اللتين اختزلتا بالتسمم الغذائي بعلبة مرتديلا ذلك أن الخبر نشر في جريدة الجماهير المحلية في حلب دون التأكد من نتائج التحليل بل اعتمد فقط على تقرير الطبيب الشرعي الذي وصف الحالة بأنها تسمم غذائي دون تشريح الجثة، ما أدى إلى خسائر تقدر بـ150 مليون ليرة سورية بالإضافة إلى إلغاء عقدي تصدير إلى ليبيا والسعودية وهذا اختراق لقانون المطبوعات وينطوي تحت بند التشهير دون دلائل حقيقية وقبل صدور النتائج النهائية للتحقيق.
طلال العابو محامي العائلة: "قال نحن لا نتهم أحد حتى ظهور نتائج التحقيقات وسندّعي على المسبب بغض النظر أكان المرتديلا أم المبيد الحشري، لكن المشكلة أن الأعراض متشابهه ولم يكشف حتى الآن السبب الحقيقي للوفاة فالتحليل المخبري لعينة المرتديلا جاء سليم بينما شخّص الأطباء في المستشفى الوطني في مدينة الباب حالة الوفاة بأنها ناتجة عن تسمم غذائي، أما في حالة التسمم الثانية فقد بين الأطباء أنها ناتجة عن مادة فوسفيد الألمنيوم المستخدمة في تعقيم الحبوب إلى جوار منزل العائلة.
وكانت وزارة الاقتصاد قد قامت بإجراء ثلاثة عشر تحليلاً لعينات المرتديلا المضبوطة من قبل النيابة العامة في مدينة حلب كان منها خمسة تحليلات في المخبر المركزي بدمشق وثمانية أخرى في مخبر الوزارة بحلب، وبحسب مازن ديروان عضو مجلس الإدارة في الشركة التقنية للصناعات الغذائية فإن جميع التحليلات التي أجرتها الوزارة أثبتت توافقها للمواصفات والمقاييس، ويدعو ديروان إلى ضرورة تنبه المعنيين في الشأن الاقتصادي من تجربة شركته وما تعرضت له من سوء فهم كي لا تقع شركات أخرى تختص بالصناعة الغذائية لأزمة مماثلة، كما عبر ديروان عن أسفه لإدانة شركته قبل إثبات صحة الإدعاءات.
قامت العديد من وسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية بإطلاق الأحكام وتوزيع الاتهامات جزافاً منذ إعلان الوفاة الأولى وإعلان التقرير الشرعي الأول، إلا أنه لا يمكن الحكم على القضية قبل ظهور نتائج التحقيقات النهائية، وفي نظرة سريعة إلى مجريات الأحداث الدراماتيكية يمكن القول أن الحلقة المفقودة حسب إفادات المدعين والشهود والأطباء، وبالنظر إلى حالتي التسمم خلال أقل من شهر، والأعراض المتطابقة للتسمم الثاني المؤكد بالمبيد الحشري والتسمم الأول المستند إلى تشخيص أطباء الإسعاف دون تشريح جثتي الطفلين، يمكن القول بعد كل ذلك "لو امتلكنا مختبر حقيقي لكشف أسباب الوفاة في ثاني أكبر مدينة سورية ولو تعامل الأطباء بشكل علمي ومسؤول أكثر وكشفوا سبب التسمم (الذي لم يكشف حتى الآن) لما وصلنا إلى هنا منذ اليوم الأول للقضية.
لا يمكن التدخل في مجرى التحقيق الذي تقوم به الجهات المختصة لكن من خلال الوثائق التي بين أيدينا ومحاضر الضبوط التي حررها مركز شرطة مدينة الباب يمكننا استنتاج العديد من الملاحظات والمفارقات في تسلسل الوقائع أقلها عدم وجود مخابر للتشريح في محافظة حلب "الشهباء" تساعد التحقيق في الوصول إلى نتيجة أكيدة حول سبب وفاة الطفلين، بالإضافة إلى تسمم عائلة الكسار مرتين خلال 20 يوم، في المرة الأولى ادّعت على صاحب معمل مرتديلا "هنا" وفي الثانية ادّعت على الحدث عبد الله أمين لطيفو الذي وضع مواد تعقيم سامة في مخزن حبوب ملاصق لجدار منزل العائلة المنكوبة.
القصة باختصار
تناولت عائلة الكسار الغداء يوم الجمعة 2 – 10 – 2009 وبعد ثلاث ساعات شعرت الأم وأطفالها بحالة اقياء وإسهال «فظن الأب عماد الكسار أنها أعراض البرد» وأعطاهم الأدوية الموجودة وسقاهم كمون، إلا أن الأعراض تضاعفت مساءاً وازدادت حالات الإسهال وأعراض المرض على الأسرة وخاصة خديجة الرضيعة، فأسعفت إلى المستشفى الوطني بمدينة الباب، إلا أنها فارقت الحياة قبل وصولها إلى العناية المشددة وذلك في الساعة الواحدة من صباح يوم السبت 3 تشرين الأول، دفنت الطفلة خديجة يوم السبت دون أي إدعاء أو إعلام للسلطات كونها حديثة الولادة إلا أن الأعراض عادت إلى أخوتها محمد وقصي وأمهما مما استدعى نقلهم إلى المستشفى مرة أخرى، حيث ساءت صحة الطفل محمد وتوفي بعد ساعتين من وصله إلى المستشفى، وهكذا لم يبق لعماد كسارمن أولاده الثلاثة سوى قصي على قيد الحياة فقرر نقله وأمه إلى مستشفى الحميات ومن هناك تحولا إلى مستشفى الأطفال الحكومي، حيث شخص الأطباء حالتهما بالتسمم الغذائي وقيل له: "ابنك مصاب بجرثومة خطيرة" إلا أن القدر أبقى قصي وأمه على قيد الحياة وتخرجا بعد ثلاثة أيام بصحة جيدة، ومن المفيد هنا المرور على إفادة محمد كسار خزمة جد الطفلين المتوفين ويقول في محضر الشرطة رقم 1901: "لا أعلم ما هو سبب حالة التسمم بالضبط أهو تسمم غذائي أم مبيد حشري".
سبب الوفاة
سبب وفاة خديجة ومحمد هو الذي أشعل فتيل الأزمة وأحدث جدلاً واسعاً في الوسط الإعلامي، حيث أفاد الأب والأم في ضبط الشرطة رقم 1901 أن الأسرة تناولت الباذنجان باللبن يوم الإصابة بالمرض أي الجمعة 2 – 10 – 2009 وقبل يوم من الإصابة أي الخميس 1 – 10 – 2009 تناولت الأسرة باستثناء الأب علبة مرتديلا هنا ابتاعها الطفل محمد من محل عمه السمان خالد كسار، وجاء في تقرير الطبيب الشرعي أن الوفاة ناتجة عن تسمم جرثومي غذائي إلا أن التقرير اعتمد على شهادة الأهل وأطباء الإسعاف فقط ولم يصار إلى تشريح جثتي الطفلين
ويقول الطبيب الشرعي محمد علي عابو لـ"دي برس": "ليس لدينا مخابر عالية المستوى للتشريح في حالات التسمم الغذائي بل نعتمد على المرافقين والشهود وتشخيص الأطباء".
يوم الأربعاء 7 – 10 – 2009 صادرت الجهات المختصة 5 علب مرتديلا من نفس الطرد الموجود في محل السمان عماد كسار والذي باع علبة المرتديلا لابن أخية محمد وأرسلت إلى مخابر مديرية التجارة والتموين بحلب لتحليلها والتأكد من صحة الإدعاء، لكن قبل صدور نتائج التحليل نشرت جريدة الجماهير المحلية بتاريخ 17 – 10 – 2009 خبراً مفاده أن وفاة الطفلين خديجة ومحمد كسار ناتج عن تسمم غذائي بعد تناول علبة مرتديلا "ه"، وهذا ما دحضه تحليل مخبر مديرية التجارة والاقتصاد بحلب، حيث بينت نتائج التحليل الذي صدر في اليوم التالي من نشر الخبر أي 18 – 10 - 2009 أن علبة مرتديلا "هنا" المصادرة من نفس السمان الذي باع الطفل المتوفى مطابقة للمواصفات القياسية السورية وخالية من أية سموم.
ويقول السمان خالد خزمة كسار في ضبط الشرطة رقم 1901 أنه باع 4 علب مرتديلا أخرى لعدة أشخاص مجهولين من نفس الطرد ولم تسجل أي إصابة بحالة تسمم حتى الآن ويبين ضبط الشرطة المحول إلى القضاء أنه لم ترد أي حالة تسمم مشابهة.
مديرية الشؤون الصحية في محافظة حلب أرسلت 4 علب مرتديلا أخرى انتقيت بشكل عشوائي من أصل 5 آلاف علبة مرتديلا سحبت من الأسواق وتبين أن العينة الأولى مطابقة للمواصفات القياسية السورية 2179/2007 وصالحة للاستهلاك البشري وعلى العكس العينات الثلاثة الأخرى غير مطابقة وغير صالحة وإحداها منفجرة، وهنا يستخف المهندس الكيميائي في الشركة التقنية للصناعات الغذائية بنتيجة هذا التحليل ذلك أن مديرية الشؤون الصحية انتقت عينات مرتجعة وغير المعدة للبيع أو التداول أصلاً، بسبب ما تعرضت له من سوء للتخزين أو التحميل، وهي علب موجودة بقصد الإتلاف ولا يمكن لعاقل أن يتناول علبة مرتديلا منفجرة فرائحتها كريهه ومحتواها فاسد، حيث قامت مديرية الشؤون الصحية بتحليل تلك العينات لتصل إلى ما وصلت إليه من نتائج أعلنتها بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام دون أن تدع أي مجال للشركة في إعادة تحليل عينات جديدة تحمل ذات تاريخ الإنتاج والصلاحية والدفعة لذات العبوات المرتجعة التي جرى ضبطها.
المفاجأة
جاءت المفاجأة بعد 15 يوم من حادثتي الوفاة أي 21 – 10 - 2009 وبعد يومين من براءة مرتديلا هنا (حسب تحليل مخبر مديرية التجارة والاقتصاد بحلب رقم الشهادة 4450)، حيث تعرضت الأسرة ذاتها إلى حالة تسمم أخرى ترافقت مع نفس الأعراض في حالة التسمم الأولى من إقياء وإسهال (وهذه المرة لم يتناولوا مرتديلا هنا) وادعيا بموجب ضبط الشرطة رقم 2017 على عبد الله أمين لطيفو صاحب الحبوب التي عولجت بـ "حبة الغاز" في مخزن بجوار منزلهما، حيث أقدم على تعقيم الحبوب بمبيد حشري يدعى "كويك فوس" يحتوي مادة فوسفيد الألمنيوم ويطلق عليه شعبياً "حبة الغاز" وجاء في تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية أن الغاز الذي يطلقه فوسفيد الألمنيوم عند تماسه مع الرطوبة الجوية له قدرة عالية على اختراق الجدران البيتونية غير المدهونة وتأثيره خطر على الإنسان، ومن أعراض استنشاق هذا الغاز حدوث إعياء وغثيان وألم في المعدة والرغبة بالتقيؤ وإسهال وعطش، وإذا كانت الإصابة شديدة قد تؤدي إلى الوفاة، وتعتبر هذه الأعراض مطابقة تماماً لأعراض التسمم الغذائي.
ويقول الطبيب الشرعي محمد علي عابو أن ليس هنالك فرقاً بين التسمم بالمبيد الحشري "فوسفيد الألمنيوم" وبين التسمم الغذائي فالأعراض متشابهة وهي إقياء وإسهال وغثيان وألم بالمعدة وعطش ويضيف عابو: "سبب التسمم في المرة الثانية هو غالبا نفسه سبب وفاة الطفلين".
ويقول محامي العائلة طلال العابو: "إن حالة تسمم العائلة للمرة الثانية أي بعد وفاة الطفلين بـ15 يوماً أدت إلى فتح التحقيق من جديد والعودة إلى الضبط الأول للتأكد من سبب الوفاة في الحالة الأولى"، لاسيما أن صاحب المخزن يقوم برش الحبوب بالسموم بهدف التعقيم منذ أكثر من شهرين.
وفي إحصائية غير رسمية ظهر أن سموم حبة الغاز «فوسفيد الألمنيوم» التي تستخدم في مخازن الحبوب المنتشرة في الأقبية والمحلات ضمن المباني السكنية وحتى داخل البيوت المخصصة للسكن قتلت خلال السنوات الخمس الماضية في محافظة حلب وحدها أكثر من 65 شخصاً.
سامر ديروان مدير الشركة التقنية للصناعات الغذائية يقول: "نحن نطالب بإيضاح كل ملابسات الأمور وكيفية حدوث حالتي الوفاة اللتين اختزلتا بالتسمم الغذائي بعلبة مرتديلا ذلك أن الخبر نشر في جريدة الجماهير المحلية في حلب دون التأكد من نتائج التحليل بل اعتمد فقط على تقرير الطبيب الشرعي الذي وصف الحالة بأنها تسمم غذائي دون تشريح الجثة، ما أدى إلى خسائر تقدر بـ150 مليون ليرة سورية بالإضافة إلى إلغاء عقدي تصدير إلى ليبيا والسعودية وهذا اختراق لقانون المطبوعات وينطوي تحت بند التشهير دون دلائل حقيقية وقبل صدور النتائج النهائية للتحقيق.
طلال العابو محامي العائلة: "قال نحن لا نتهم أحد حتى ظهور نتائج التحقيقات وسندّعي على المسبب بغض النظر أكان المرتديلا أم المبيد الحشري، لكن المشكلة أن الأعراض متشابهه ولم يكشف حتى الآن السبب الحقيقي للوفاة فالتحليل المخبري لعينة المرتديلا جاء سليم بينما شخّص الأطباء في المستشفى الوطني في مدينة الباب حالة الوفاة بأنها ناتجة عن تسمم غذائي، أما في حالة التسمم الثانية فقد بين الأطباء أنها ناتجة عن مادة فوسفيد الألمنيوم المستخدمة في تعقيم الحبوب إلى جوار منزل العائلة.
وكانت وزارة الاقتصاد قد قامت بإجراء ثلاثة عشر تحليلاً لعينات المرتديلا المضبوطة من قبل النيابة العامة في مدينة حلب كان منها خمسة تحليلات في المخبر المركزي بدمشق وثمانية أخرى في مخبر الوزارة بحلب، وبحسب مازن ديروان عضو مجلس الإدارة في الشركة التقنية للصناعات الغذائية فإن جميع التحليلات التي أجرتها الوزارة أثبتت توافقها للمواصفات والمقاييس، ويدعو ديروان إلى ضرورة تنبه المعنيين في الشأن الاقتصادي من تجربة شركته وما تعرضت له من سوء فهم كي لا تقع شركات أخرى تختص بالصناعة الغذائية لأزمة مماثلة، كما عبر ديروان عن أسفه لإدانة شركته قبل إثبات صحة الإدعاءات.
قامت العديد من وسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية بإطلاق الأحكام وتوزيع الاتهامات جزافاً منذ إعلان الوفاة الأولى وإعلان التقرير الشرعي الأول، إلا أنه لا يمكن الحكم على القضية قبل ظهور نتائج التحقيقات النهائية، وفي نظرة سريعة إلى مجريات الأحداث الدراماتيكية يمكن القول أن الحلقة المفقودة حسب إفادات المدعين والشهود والأطباء، وبالنظر إلى حالتي التسمم خلال أقل من شهر، والأعراض المتطابقة للتسمم الثاني المؤكد بالمبيد الحشري والتسمم الأول المستند إلى تشخيص أطباء الإسعاف دون تشريح جثتي الطفلين، يمكن القول بعد كل ذلك "لو امتلكنا مختبر حقيقي لكشف أسباب الوفاة في ثاني أكبر مدينة سورية ولو تعامل الأطباء بشكل علمي ومسؤول أكثر وكشفوا سبب التسمم (الذي لم يكشف حتى الآن) لما وصلنا إلى هنا منذ اليوم الأول للقضية.