(دي برس - تحقيق: بشار دريب )
وثيقة
خطّها بيده مدير الشركة المصنعة لجهاز ROCHE حذر من خلالها استخدام أجهزة
شركته التي تعمل بنظام GDH-PQQ، كون استخدامها في بعض الحالات يؤدي إلى
الوفاة، وهو ما أكده تعميم منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، حيث أن تلك
الأجهزة- يمكن أن تعطي نتائج أعلى من الحد الطبيعي من 3 إلى 15 ضعفاً وفقا
للخبراء.
أما الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية فقد أوصت مقدمي الرعاية الصحية
والمرضى الذي يستخدمون أجهزة قياس السكر في الدم بأنفسهم "بتجنب" استخدام
أشرطة اختبار السكر المستخدمة لتقنية GDH-PQQ.
أما وزارة الصحة السورية فما زالت تستخدم تلك الاجهزة "رغم بيانات التحذير
الصادرة عن أمريكا والمملكة العربية السعودية وإيران، غير إن "الجمعية
السورية لداء السكري" أصدرت بياناً بضرورة عدم استخدام الجهاز لخطورته على
الصحة، لكن البيان عمم فقط عن طريق الإيميل وعلى الأطباء الأعضاء في
الجمعية فقط كما تؤكد رئيستها الدكتورة "نجاة صنيج".
قنبلة موقوتة
جهاز أودى بحياة ستّة أشخاص خلال العامين الماضيين في أمريكا أجبر منظمة
الغذاء والدواء الأمريكية FDA في
بيان الجمعية السورية لداء السكري |
موقعها على شبكة الإنترنت يحذر من استخدام أي جهاز يعمل بنظام GDH-PQQ كونه
لا يستطيع التمييز بين سكر الغلوكوز وسكر اللاغلوكوز وهو الموجود في بعض
الأدوية التي يتناولها المرضى، وحسب بيان الجمعية السورية لداء السكري فإنه
لا يستخدم مع أي منتج يحتوي أو يستقلب إلى مالتوز أو غالاكتوز أو دكستروز،
وهذه المواد حسب خبراء موجودة في أغلب المنتجات التي يستخدمها الإنسان في
حياته اليومية.
الوفيات الست التي حدثت، نسبتها الـ FDA إلى التداخل الحاصل في هذه
الأجهزة، في حين تقول الدكتورة "هالة خاير" مديرة الأمراض المزمنة بوزارة
الصحة أنّ حالات الوفيات هذه حدثت عند المرضى الذين يقومون بغسيل كلية، حيث
أنّ الجهاز يستخدم على حد قولها كاختبار منزلي للاطمئنان وللمراقبة
والمتابعة فقط، غير أنّ خبراء يشيرون إلى أنّ أجهزة قياس نسبة السكر في
الدم تساعد المرضى على متابعة نسب السكر لديهم في أي مكان يتواجدون فيه،
أما القياسات الأخرى فإنها أكثر تعقيدا ولا تتم عادة إلا في المختبرات.
ويبقى خروج تعميم من وزارة الصحة السورية مرهوناً باللجنة التي شكلت لهذا
الغرض منذ حوالي الشهرين تقول الدكتورة هالة: "شكلنا لجنة استشارية مكونة
من 10 أعضاء ومن مختلف الفعاليات التي لها علاقة بهذا المرض برئاسة وزير
الصحة، وقد اجتمعت هذه اللجنة منذ حوالي أسبوع ومهمتها الخروج بتوصيات، كما
أنّ البيان الذي سيخرج سيكون قريبا أو شبيهاً بتعميم الـ FDA .
كما أنّ البيان الذي سيخرج وحسب مصادر من الوزارة سيوجه إلى الأطباء
والمراكز الصحيّة المتخصصة وغرف العناية المركزة، ولأسباب غير معروفة تمّ
تجاهل توجيه البيان للمريض وهو المعني الأول بهذه المشكلة.
كلٌ يغني على ليلاه
بعض الجهات الصحية التابعة لوزارة التعليم العالي في سورية تنبهت إلى خطورة
الموقف وقبل خروج بيان وزارة الصحة وقامت باتخاذ خطوات من شأنها تخفيف
أثره على مريض السكري السوري، حيث ذهب المسئولين في مشفى الأطفال التابع
لوزارة التعليم العالي، وبعد مناقصة أجراها المستشفى بتاريخ 11/2/ 2010 إلى
مطالبة كل عارض بتقدم تفسيراً علمياً عن كيفيّة عمل جهازه وهل يعمل بنظام
الـ GDH-PQQ، يقول الدكتور مطيع كرم مدير المستشفى : "اللجنة الفنية لها
الحق في السؤال عن أي جهاز يدخل في المناقصة، والمصلحة العامة تفرض علينا
طرح أي استفسار لأننا لا نريد أن يقوم التجار بالتلاعب بنا".
وعن رفض المستشفى للأجهزة التي تعمل بنظام GDH-PQQ قالت رئيسة اللجنة
الفنية ورئيسة المخبر بالمستشفى: "سيتم تقرير هذا الأمر- قبول أو رفض هذه
الأجهزة- بعد الدراسة التي ستعدها اللجنة الفنية على ضوء رد الشركات
العارضة حول عمل أجهزتها، وبعد طرح الموضوع على الأطباء المختصين
والإدارة".
أخبار الجهاز السيّئة وصلت إلى الدكتورة فاتن عقاد مديرة مركز أبحاث
لدراسات داء السكري في سورية، لذلك تنتظر تعميم من اللجنة المختصة المكلفة
بإصداره للمرضى والمستشفيات يوصيهم بعدم استخدام هذا الجهاز تجنباً لوقوع
قراءات خاطئة، تقول فاتن : "أنا لا أستخدم الجهاز في مركزي.. البلد ممتلئة
بالأجهزة".
هذه المبادرات لم تحرك ساكناً لدى البرنامج الوطني لمرض السكري الذي يرأسه
الدكتور "بلال حماد" الذي أكد لإحدى الصحف السورية أنّ المراكز التخصصية
لعلاج السكري في دمشق وريفها، تفتقد للعديد من وسائل التشخيص والتقييم
والمتابعة كجهاز تحليل خضاب الغلوكوز، المعطل منذ أكثر من سنتين، على الرغم
من أهميته.
أطفالنا فئران تجارب
وتنقل الدكتورة هالة عن بلال حماد أنّ شركة ROCHE وفي شهر كانون الأول من
عام 2009 عرضت وبمكتب
تحذير مدير شركة روش ROCHE من الجهاز الذي تنتجه شركته |
والأشرطة، وبعد اختبار لمدّة 6 أشهر إذا أثبتت هذه الأجهزة فعاليتها سيتم
تعميمها على الأطفال السوريين المنضمين للبرنامج الوطني لداء السكري وسيتم
شرائها من شركة ROCHE، غير أنّ الوزارة من جانبها لم تتخذ أي إجراء خصوصاً
وأنّ هذا العرض السخي من الشركة تزامن مع التعميم الأمريكي الذي حذر من هذه
الأجهزة، وهو ما أوقف هذا المشروع.
عرض شركة ROCHE كان سيقابله وحسب مصادر في الوزارة الاتفاق لشراء أعداد
هائلة من علب الشرائط لكل مريض سوري تفوق حاجته لها، مع العلم أنّ غالبية
مرضى السكري في سورية يقومون بإجراء هذا الفحص مرتان إلى ثلاث مرات
أسبوعياً فقط، وتوزع هذه الشرائط على هذا الأساس، الأمر الذي يفتح باباً
واسعاً من الشكوك حول مصير باقي الشرائط والتي تقدر قيمتها بالملايين؟؟.
وفي سبيل التعاون بين برنامجي السكري في سورية والسعودية وصل منذ فترة
قصيرة مدير برنامج السكري بالمملكة العربية السعودية وأبلغ الأطباء في
البرنامج الوطني لمرض السكري بأن البرنامج الذي يرأسه والعيادات التابعة له
في السعودية أوقفت التعامل بالأجهزة التي تعتمد نظام الـ GDH PQQ، لتبقى
المراكز في سورية مصرة على التعامل بهذه الأجهزة على الرغم من كافة
التعاميم المحذرة منها.
آخر من يعلم
وتبقى المشكلة الأكبر تواجد هذه الأجهزة داخل الأسواق السورية وبكميات
كبيرة وأسعار مخفّضة، حيث يؤكد أحد أصحاب المحلات التي تبيع هذه الأجهزة
أنّ سعر جهاز ROCHE قد انخفض من 2500 ليرة قبل عامين إلى مادون الـ 1100
ليرة حالياً، وقد يصل في العروض إلى 800 أو 900 ليرة سورية.
سعر الجهاز الذي انخفض فجأة لم يعط الدكتورة هالة أي مؤشر على انخفاض جودته
حيث تقول: "انخفاض سعر الأجهزة التي تعمل بنظام الـGDH PQQ ليس مؤشر لسوء
هذه الأجهزة".
وتتساءل الدكتورة هالة هل تحل المشكلة بخروج بيان يحذر المرضى من استخدامه
في حالات معينة تقول الدكتورة هالة: "ربما بخروج هذا البيان إلى العلن
سنشكل رعب وبلبلة بين المرضى، أعتقد أنّ معظم الشركات تستخدم هذا النظام
GDH PQQ"، غير أنّ الواقع يؤكد عكس ما تقوله الدكتورة هالة حيث أنّ أغلب
الشركات أوقفت إنتاج أجهزة تعمل بهذا النظام واستعاضت عنه بأنظمة أخرى أكثر
أماناً.