لم يكن يوم الخميس، الواقع في 12/07/1962، يوماً عادياً في بلدة طيردبا الجنوبية. استقبلت البلدة في ذلك اليوم مولوداً جديداً لعائلة فايز مغنيَّة، اسمته عماد، وهو أوَّل إخوته وأكبرهم. وعماد هو الطفل الذي كَبُر سريعاً نسبةً لأقرانه، ولم يسمح للشيخوخة بأن تصيبه، فقضى شهيداً مغدوراً عن عُمر يُناهِز الـ45 عاماً، على أيدي قَتَلَة أنبياء الله وأوليائه، في مدينة دمشق، بتاريخ 12/02/2008، فكانت شهادته منارةً للمجاهدين، كما كانت حياته وسيرته وأعماله.
شَبَّ عماد في كَنَفِ أُسرةٍ جنوبيةٍ متواضعةٍ ومتدينة، إذ عَرِف أبُوه وأُمَه التديُّن، وأورثوه الالتزام الديني ومحبَّة آل البيت منذ صِغَره، وكان أهلاً للإرث، الذي أورثه بدوره للآلاف من المجاهدين، وللآلاف من المجاهدين القادمين من بعده.
كان عماد مُميَّزاً في طفولته، كما كان مُميَّزاً في شبابه حتى استشهاده، عُرِفَ عنه تَديُّنه ووَرَعُه وكثرة مزاحه، ومَحَبَّةً الآخرين، وتسامحٍ وتواضعٍ كبيرين، في مقابل شِدَّةٍ وغِلظةٍ وتكبُّرٍ واستِعلاءٍ أمام أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
لضيق العيش، انتقلت عائلة فايز مغنية بصحبة عماد وأخوته إلى ضاحية بيروت الجنوبية، واستقرَّت في بلدة الشَيَّاح، إحدى بلدات الضاحية التي خَرَّجَت الكثير من شهداء وكوادر المقاومة. التحق عماد بمدارس الشياح، حتى بداية الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، فسارع إلى الالتحاق بصفوف حركة فتح ذوداً عن المقاومة الفلسطينية وطَلَبَاً لحماية أهله وناسه في أعقاب الهجمات وعمليَّات القتل للقوى الموالية لإسرائيل في تلك الفترة. التحق عماد في إحدى وحدات النُخبة لدى حركة فتح، وما لبث أن ترقَّى سريعاً في صفوفها، رغم أنه كان صغير السِنِ قياساً بأقرانه في تلك الفترة. تلقى الكثير من التدريبات والمهارات القتالية في صفوف هذه الوحدة، إلى أن أصبح مسؤولاً عن أحد مراكزها، فاستقطب عدداً كبيراً من الشُبَّان، الذين تحلَّقوا حوله، وأتمروا بإمرته، رغم أنه كان أصغرهم سِناً.
ورغم مسؤولياته في حركة فتح، ورغم الحرب وجولات المعارك شبه اليومية، تَشَبَّث عماد بالتزامه الديني، فكان من رُوَّاد مسجد الشَيَّاح والمستمعين إلى مواعظ خطبائه ومدرسي الحلقات التي كانت تُعقد فيه، ومن بين الخطباء كان آية الله السيد محمَّد حسين فضل الله، الذي وَفَدَ إلى المنطقة من محلَّة النبعة في المنطقة الشرقية من بيروت، في أعقاب هُجوم حزب الكتائب على أهلها.
عَمِل عماد على رأس خَليَِّة من المؤمنين على تأمين الحماية والمواكبة لآية الله فضل الله، بعد محاولة اغتياله، عام 1980. إلى حين اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، حيث كان من أوائل المجاهدين الذين عملوا على التصدي للجيش الإسرائيلي في منطقة خلدة، إضافةً إلى عددٍ من إخوانه، وبقي في بيروت خلال حصارها، وبعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى عددٍ من أحيائها، وفي تلك الفترة كان من المجاهدين الذين عملوا بِصَمتٍ ضِدَّ الإسرائيليين، وكبَّدهم خسائر حملوها معهم بعد تقهقرهم عن بيروت.
لم يَكتَفِ عماد بخروج الإسرائيليين من بيروت، فلاحقهم جنوباً، وكان من أوَّل المؤسِّسين للعمل المقاوم ضد إسرائيل، إذ انتقل ورفاقه للانخراط في صفوف المقاومة منذ بدايات تأسيسها عام 1982، فكان الحاج رضوان الذي عُرِفَ عنه قائداً ومخططاً ومهندساً عسكرياً وأمنياً، وَقَفَ وراء العديد من العمليات الجهادية ضِدَّ الإسرائيليين، تخطيطاً وتنفيذاً.
يُتَّهم الحاج رضوان من قِبَل الأميركيين بأنَّه الرأس المدبِّر لخروجهم المذل من لبنان، إضافة إلى القوات الفرنسية، التي غَزَت لبنان في إطار القوَّات المتعددة الجنسيات، التي حلَّت مكان القوات الإسرائيلية في بيروت. وبحسب الاستخبارات الأميركية، فإنَّ الحاج رضوان وراء عمليات التفجير التي طالت الأميركيين في لبنان، من بينها تفجير مقر المارينز عام 1983، الذي سقط فيه 241 قتيلاً أميركياً، وتفجير معسكر المظلييِّن الفرنسيين في الوقت نفسه، وسقط جراءه 63 قتيلاً فرنسياً، الأمر الذي أدى إلى سقوط المخطط الأميركي للبنان، وتقهقر الأميركيين عن الساحة اللبنانية.
كان الشهيد الحاج رضوان في مقدمة الإخوة والشهداء الذين حققوا انتصارات المقاومة في جنوب لبنان، طِوال سنوات الاحتلال، وكانت بينه وبين الإسرائيلي جولات وجولات، خرج فيها منتصراً، وخرج الإسرائيلي مهزوماً، لقد أسَّس للمقاومين مدرسةً قتاليةً خاصةً يُحتذى بها، إن لجهة التخطيط أو التنفيذ أو تأمين الإمكانات، أو معرفة العدو وحدود قدراته وثغراته والعمل عليها، فكان بناء القوة مُؤاتياً لهدف الانتصار، الأمر الذي قاده في نهاية المطاف إلى الانتصار عام 2000، فكان القائد الميداني لتقهقر الجيش الإسرائيلي عن لبنان، وهو أوَّل تقهقرٍ إسرائيليٍ عن أرضٍ عربيةٍ مُنذ قيام إسرائيل دون قيد أو شرط. وأيضاً كان قائداً للانتصار في حرب تموز 2006، في مَلحَمَةٍ بطوليةٍ قَلَبَت مذهب الحروب الحديثة، وما زال العدو والصديق يعكف على فهمها وتحديد معالمها، إن لجهة الاقتداء بها، أو لجهة محاولة مواجهتها.
استحق الحاج رضوان لقباً استثنائياً بعد استشهاده، إذ لقَّبَه الأمين العام لحزب الله السيِّد حسن نصر الله بقائد الانتصارين، انتصار أيار عام 2000، وانتصار تموز عام 2006.
اغتالت إسرائيل الحاج عماد مغنية وهو في الخامسة والأربعين من العمر، بعد سنوات مليئة بالجهاد والانجازات والانتصارات، أذاق خلالها العدو الإسرائيلي ومن معه طعم الذُّل والإهانة والانكسار ومعنى الهزيمة. استشهد الحاج رضوان بعد أكثر من 25 عاماً من الملاحقة والمتابعة والتعاون الاستخباري الأميركي – الإسرائيلي، والغربي، لخطفه أو قتله. للشهيد الحاج رضوان شقيقين سبقاه إلى الآخرة مُضَرَّجَيْن بدماء الشهادة، الأوَّل جهاد استشهد عام 1984 والثاني فؤاد استشهد عام 1995 في الضاحية الجنوبية.
شَبَّ عماد في كَنَفِ أُسرةٍ جنوبيةٍ متواضعةٍ ومتدينة، إذ عَرِف أبُوه وأُمَه التديُّن، وأورثوه الالتزام الديني ومحبَّة آل البيت منذ صِغَره، وكان أهلاً للإرث، الذي أورثه بدوره للآلاف من المجاهدين، وللآلاف من المجاهدين القادمين من بعده.
كان عماد مُميَّزاً في طفولته، كما كان مُميَّزاً في شبابه حتى استشهاده، عُرِفَ عنه تَديُّنه ووَرَعُه وكثرة مزاحه، ومَحَبَّةً الآخرين، وتسامحٍ وتواضعٍ كبيرين، في مقابل شِدَّةٍ وغِلظةٍ وتكبُّرٍ واستِعلاءٍ أمام أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
لضيق العيش، انتقلت عائلة فايز مغنية بصحبة عماد وأخوته إلى ضاحية بيروت الجنوبية، واستقرَّت في بلدة الشَيَّاح، إحدى بلدات الضاحية التي خَرَّجَت الكثير من شهداء وكوادر المقاومة. التحق عماد بمدارس الشياح، حتى بداية الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، فسارع إلى الالتحاق بصفوف حركة فتح ذوداً عن المقاومة الفلسطينية وطَلَبَاً لحماية أهله وناسه في أعقاب الهجمات وعمليَّات القتل للقوى الموالية لإسرائيل في تلك الفترة. التحق عماد في إحدى وحدات النُخبة لدى حركة فتح، وما لبث أن ترقَّى سريعاً في صفوفها، رغم أنه كان صغير السِنِ قياساً بأقرانه في تلك الفترة. تلقى الكثير من التدريبات والمهارات القتالية في صفوف هذه الوحدة، إلى أن أصبح مسؤولاً عن أحد مراكزها، فاستقطب عدداً كبيراً من الشُبَّان، الذين تحلَّقوا حوله، وأتمروا بإمرته، رغم أنه كان أصغرهم سِناً.
ورغم مسؤولياته في حركة فتح، ورغم الحرب وجولات المعارك شبه اليومية، تَشَبَّث عماد بالتزامه الديني، فكان من رُوَّاد مسجد الشَيَّاح والمستمعين إلى مواعظ خطبائه ومدرسي الحلقات التي كانت تُعقد فيه، ومن بين الخطباء كان آية الله السيد محمَّد حسين فضل الله، الذي وَفَدَ إلى المنطقة من محلَّة النبعة في المنطقة الشرقية من بيروت، في أعقاب هُجوم حزب الكتائب على أهلها.
عَمِل عماد على رأس خَليَِّة من المؤمنين على تأمين الحماية والمواكبة لآية الله فضل الله، بعد محاولة اغتياله، عام 1980. إلى حين اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، حيث كان من أوائل المجاهدين الذين عملوا على التصدي للجيش الإسرائيلي في منطقة خلدة، إضافةً إلى عددٍ من إخوانه، وبقي في بيروت خلال حصارها، وبعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى عددٍ من أحيائها، وفي تلك الفترة كان من المجاهدين الذين عملوا بِصَمتٍ ضِدَّ الإسرائيليين، وكبَّدهم خسائر حملوها معهم بعد تقهقرهم عن بيروت.
لم يَكتَفِ عماد بخروج الإسرائيليين من بيروت، فلاحقهم جنوباً، وكان من أوَّل المؤسِّسين للعمل المقاوم ضد إسرائيل، إذ انتقل ورفاقه للانخراط في صفوف المقاومة منذ بدايات تأسيسها عام 1982، فكان الحاج رضوان الذي عُرِفَ عنه قائداً ومخططاً ومهندساً عسكرياً وأمنياً، وَقَفَ وراء العديد من العمليات الجهادية ضِدَّ الإسرائيليين، تخطيطاً وتنفيذاً.
يُتَّهم الحاج رضوان من قِبَل الأميركيين بأنَّه الرأس المدبِّر لخروجهم المذل من لبنان، إضافة إلى القوات الفرنسية، التي غَزَت لبنان في إطار القوَّات المتعددة الجنسيات، التي حلَّت مكان القوات الإسرائيلية في بيروت. وبحسب الاستخبارات الأميركية، فإنَّ الحاج رضوان وراء عمليات التفجير التي طالت الأميركيين في لبنان، من بينها تفجير مقر المارينز عام 1983، الذي سقط فيه 241 قتيلاً أميركياً، وتفجير معسكر المظلييِّن الفرنسيين في الوقت نفسه، وسقط جراءه 63 قتيلاً فرنسياً، الأمر الذي أدى إلى سقوط المخطط الأميركي للبنان، وتقهقر الأميركيين عن الساحة اللبنانية.
كان الشهيد الحاج رضوان في مقدمة الإخوة والشهداء الذين حققوا انتصارات المقاومة في جنوب لبنان، طِوال سنوات الاحتلال، وكانت بينه وبين الإسرائيلي جولات وجولات، خرج فيها منتصراً، وخرج الإسرائيلي مهزوماً، لقد أسَّس للمقاومين مدرسةً قتاليةً خاصةً يُحتذى بها، إن لجهة التخطيط أو التنفيذ أو تأمين الإمكانات، أو معرفة العدو وحدود قدراته وثغراته والعمل عليها، فكان بناء القوة مُؤاتياً لهدف الانتصار، الأمر الذي قاده في نهاية المطاف إلى الانتصار عام 2000، فكان القائد الميداني لتقهقر الجيش الإسرائيلي عن لبنان، وهو أوَّل تقهقرٍ إسرائيليٍ عن أرضٍ عربيةٍ مُنذ قيام إسرائيل دون قيد أو شرط. وأيضاً كان قائداً للانتصار في حرب تموز 2006، في مَلحَمَةٍ بطوليةٍ قَلَبَت مذهب الحروب الحديثة، وما زال العدو والصديق يعكف على فهمها وتحديد معالمها، إن لجهة الاقتداء بها، أو لجهة محاولة مواجهتها.
استحق الحاج رضوان لقباً استثنائياً بعد استشهاده، إذ لقَّبَه الأمين العام لحزب الله السيِّد حسن نصر الله بقائد الانتصارين، انتصار أيار عام 2000، وانتصار تموز عام 2006.
اغتالت إسرائيل الحاج عماد مغنية وهو في الخامسة والأربعين من العمر، بعد سنوات مليئة بالجهاد والانجازات والانتصارات، أذاق خلالها العدو الإسرائيلي ومن معه طعم الذُّل والإهانة والانكسار ومعنى الهزيمة. استشهد الحاج رضوان بعد أكثر من 25 عاماً من الملاحقة والمتابعة والتعاون الاستخباري الأميركي – الإسرائيلي، والغربي، لخطفه أو قتله. للشهيد الحاج رضوان شقيقين سبقاه إلى الآخرة مُضَرَّجَيْن بدماء الشهادة، الأوَّل جهاد استشهد عام 1984 والثاني فؤاد استشهد عام 1995 في الضاحية الجنوبية.