بينما يدعو التربويون إلى التواصل الفعال بين البيت والمدرسة تبدو العلاقة فيما بينهما أحياناً سلبية بعض الشيء يشوبها الفتور خاصة عند استقبال الأهل لدى زيارتهم للاستفسار عن أوضاع أبنائهم.
وهذا ما رواه لي أحد أولياء الأمور الذي يدأب وبشكل دوري على التردد إلى المدرسة ودافعه السؤال والاطمئنان على المستوى الدراسي لابنتيه، وفي بعض الأحيان يعرض خدماته وخبرته في مجال التعامل مع الطلاب لكونه متخصصاً تربوياً، ولكن ما إن تطأ قدماه غرفة الإدارة حتى تسارع المديرة إلى استدعاء ابنتيه ظناً منها أنه يريد أخذهما قبل انتهاء الدوام وفي حركة لإفهامه أنه غير مرغوب بوجوده.
وبالمقابل لا يمكن إلقاء اللوم على المدرسة فقد يكون سبب فتور العلاقة وانعدام التعاون قلة وعي الأهل لأهمية التواصل في سبيل حل مشكلات الأبناء الدراسية والسلوكية، والتي يكون بعضها متداخل الأسباب بين البيت والمدرسة ،ففي إحدى المدارس التي زرتها حدثتني المديرة وقد ضاقت ذرعاً هي والمدرسون من أحد الطلاب الذي يعاني على ما يبدو من مشكلة نفسية واستدعت ولي أمره عدة مرات في سبيل إيجاد حل لهذا الوضع، ولكنها لم تلق استجابة حتى في حال حضور أهله يلقون باللوم على المدرسة ولا يبدون تعاوناً تاركين ابنهم يصول ويجول في المدرسة مؤذياً رفاقه ومسبباً التلف لأثاث المدرسة.
/\/\/\/\/\/\
توفير فرص للحوار
ما سبق يدعونا للتساؤل عن سبب فتور العلاقة بين الطرفين أو وجود فجوة من عدم التفاهم وبحسب رأي الدكتور طلال عبد المعطي مصطفى أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق له عدة أسباب ينبغي الوقوف عندها لمعالجتها لأن العملية التربوية بكل أبعادها معادلة متفاعلة العناصر بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، وفي حال تم التعاون بين هذه العناصر يتم تأدية الرسالة التربوية على خير وجه، فالتواصل بينهم يساهم في توفير الكثير من الفرص للحوار الموضوعي والبناء بخصوص المشكلات التي تلامس الأبناء وعلى إدارة المدرسة أن تتفهم أهمية مشاركة الأهل وهذا يستدعي أن تتوافر بالإداريين والموجهين مهارات التواصل مع أولياء الأمور المنتمين إلى بيئات ثقافية متباينة، وهذا الاتصال يفترض أن يكون بشكل مستمر خاصة فيما يتعلق بأداء الأبناء السلوكي والتعليمي.
إظهار الجانب الإيجابي
وعن دور المدرسة في تفعيل التواصل الايجابي مع الأهل يقترح د. عبد المعطي على الإدارة المدرسية إظهار الجانب الإيجابي للأبناء الطلبة واطلاع الأولياء عليها، وليس كما تجري العادة غالباً عندما ينتظر حدوث مشكلة لاستدعاء الأهل للشكوى وعرض الجوانب السلبية سواء في السلوك أو الأداء التعليمي كما ينبغي اتباع نظام اتصال يعتمد على توجيه رسائل متعددة تبرز قدرة المعلم والإدارة في معالجة المشكلات السلوكية وتفعيل مجالس الأولياء بشكل جدي وحقيقي.
ويتحمل الأهل مسؤولية كبيرة في متابعة واجبات الأبناء ووظائفهم البيئية وتسجيل الملاحظات في حال وجود مشكلة ما ،وكذلك القيام بزيارات دورية إلى المدرسة وللمشاركة في مجالس أولياء الأمور وفي حال تعذر الحضور الاتصال بين الحين والآخر للاطمئنان وإبداء الملاحظات إن وجدت حول تطوير الأداء المدرسي.
/\/\/\/\/\/\
للعزوف أسباب
ويرجع د. عبد المعطي أسباب عزوف الأهل عن التعاون مع المدرسة إلى كثرة الارتباطات العملية لبعض الآباء خلال فترة الدوام المدرسي وضعف الرسالة المدرسية في توعية الأهل لأهمية زيارة المدرسة ،إضافة إلى الثقة المطلقة لبعض الأسر بالمدرسة والكادر التعليمي وتحميل العبء كله لهم والتسليم بشكل مطلق، وقد يتصف بعض الأهل أحياناً بقلة الوعي نتيجة انخفاض الوعي وعدم الإيمان بأهمية التعليم، وهناك بعض المشكلات الأسرية التي تؤثر بهذه العلاقة كالانفصال وعدم التفاهم بين الأبوين والتشتت فيما بينهما حيث يلقي كل طرف بالمسؤولية على الآخر والمتضرر الوحيد هم الأبناء وتراجع أدائهم المدرسي.
فهل يجب على الأبناء أن يدفعوا ضريبة التطور ومشاغل الحياة ؟؟