تبنت الحركة الصهيونية رمزاً لها النجمة ذات الرؤوس الستة، وجعلت منها إشارة جامعة تختزل اليهودية، أسوة بالصليب المسيحي والهلال الإسلامي. إلا أن دراسة أصول نشأة هذه الإشارة، تُثبت بشكل قاطع أن ما يسمّى "نجمة داوود" منذ القرن التاسع عشر، ما هو إلا "خاتم سليمان" الذي عُرف في العالم الإسلامي كعلامة يختم بها الإنسان نفسه ويحميها من السوء. وفقا للروايات المتوارثة في الأدب الإسلامي، أنعم الله على سليمان بن داوود بخاتم عجيب استطاع بواسطته إخضاع الجن والعفاريت، وقد تحولت النجمة السداسية إلى رمز لهذا الخاتم، كما يستدل من خلال عدد كبير من الأحجبة والتمائم والكتب المصورة التي وصلتنا من ديار العالم الإسلامي الواسع.
قبل استخدام الطباعة بقرون في أوروبا، ابتدع العرب تقنية خاصة مشابهة لإنتاج تمائم منمنمة تبعد عن حامليها شر العفاريت والأرواح الشريرة، وقد حفظ لنا التاريخ بعضاً من هذه التمائم القديمة، منها حجاب مطبوع على الورق يعود إلى القرن الحادي عشر، مصدره مصر الفاطمية، وهو من محفوظات متحف متروبوليتان في نيويورك. تكسو هذا الحجاب الفاطمي كتابات عربية تحوي مزيجاً من الأدعية والتعاويذ، ويعلوه ختم مربّع يضم نجمة سداسية تتألف من مثلثين متداخلين. تحوط هذه النجمة كتابة بالخط الكوفي المزهر النقش، تعتمد عبارة "الملك لله" وتكرّرها بأسلوب يماثل النقش. من جهة أخرى، يحوي وسط النجمة كتابة من كلمتين تصعب قراءتها.
تحتفظ المكتبة الوطنية بنسخة من كتاب فارسي خاص بالتنجيم تعود إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر مصدرها تركيا السلجوقية وتحوي مئة وسبعة وعشرين رسماً إيضاحياً. على ظهر الورقة الثالثة من المخطوط، نرى ثلاث نجوم سداسية تعلو صورة لأسد وأخرى لعقرب. بحسب ما جاء في الكتاب، أطلق العرب لقب "سيف الله" على الأسد والعقرب وخاتم سليمان، مما يشير الى أن النجمة السداسية هي صورة خاتم سليمان ورمزه. تحضر النجمة إياها مرة أخرى على ظهر الورقة الثانية والثلاثين من نسخة من "كتاب البلهان" تعود إلى القرن الرابع عشر وتملكها مكتبة بولداين في أوكسفورد. يُنسب هذا الكتاب إلى أبي معشر جعفر بن محمد البلخي، أشهر المنجمين في الحقبة العباسية، وهو فلكي و"رياضياتي" فارسي ولد في بلخ الأفغانية وتوفي في واسط عام 886. نالت أعماله شهرة كبيرة، وتُرجمت إلى اللاتينية في أوروبا حيث عُرف باسم ألبوماسر. تحضر النجمة السداسية كذلك في نسخة من كتاب "مطالع السعادة ومنابع السيادة" من محفوظات المكتبة الوطنية الفرنسية، وهو ترجمة تركية لفصل من "كتاب البلهان"، وضعها محمد السعودي بطلب من السلطان مراد الثالث عام 1582. نراها على ظهر الورقة الثامنة والسبعين التي خصها الرسام لتصوير شيطان يدعى المدهّب، وهو واحد من الشياطين السبعة التي تظهر مرفقة بأسمائها في هذا المخطوط.
ينجلي معنى هذه النجمة في منمنمة استثنائية مما يعرف بـ"مجلّد السرايا" في متحف توبكابي، وهو المجلد الذي يضم أربع مخطوطات تحفل بصور كائنات عالم الغيب التي سحرت المسلمين على اختلاف أعراقهم ومللهم. على وجه الورقة السابعة والتسعين من المخطوط رقم 2152، يظهر الملك سليمان متربعاً على عرشه وفقاً لنموذج إيقونوغرافي اعتُمد في الفن الإسلامي لتصوير كبار الملوك والحكام. عوضا عن الكأس التي يرفعها الحاكم عادة في هذا النوع من الصور، يمسك النبي بيمناه نجمة سداسية تستقر فوق صدره، ويثبت فوق عرشه بسمو، وسط وزيره الشهير آصف بن برخيا وشيطان أسود يقف بإجلال من أمامه. بحسب ما جاء في النص القرآني، جعل الله لنبيّه من الشياطين بنائين وغواصين، كما سلّطه على آخرين منهم بتقييدهم بالأصفاد (ص37- 38). وفقاً للرواية التي نقلها الثعلبي في "عرائس المجالس"، خصّ الله نبيّه بخاتم لبسه في أصبعه، "فعكفت عليه الطير والريح ووقع عليه بهاء الملك". أُنجز مخطوط سرايا توبكابي في نهاية القرن الثالث عشر، مما يدل على أن هذه المنمنمة واحدة من أقدم الصور التي تمثل سليمان، ذلك أن أقدم ما وصلنا من منمنمات دينية يعود مطلع القرن الرابع عشر. يرفع النبي عاليا رمز قوته، وهو الخاتم الذي يأخذ صورة نجمة بستة رؤوس تتكون من مثلثين متداخلين.
يظهر الرابط الوثيق بين خاتم سليمان والنجمة السداسية في مخطوط عثماني عنوانه "إنعام شريف"، يضم مجموعة من الأدعية والصلوات. يعود هذا المخطوط إلى عام 1761، وهو من محفوظات مكتبة القدس. على وجه الورقة التاسعة والسبعين، تحل النجمة في تأليف زخرفي محبوك حيث تنصهر وسط دائرة تستقر في مربع يحمل أربع عبارات خطّت في زواياه الأربع، هي: "يا حنّان"، "يا منّان"، "يا سبحان"، "يا سلطان". يؤلّف مثلثا النجمة المتداخلان مساحة هندسية من ستة أضلاع تكسوها كتابة عربية جاء فيها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فتبارك الله أحسن الخالقين، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، له الملاك وله الحمد". تحمل هذه الصفحة المزوقة عنوانا يستقر في وسط مساحة مستطيلة تعلو المربّع الذي يشكل إطاراً للنجمة: "هذا مهر سليمان عليه السلام".
تبدو النجمة المرفقة بهذا العنوان كأنها ترجمة تشكيلية لحديث متداول يقول: "كان نقش خاتم سليمان بن داود لا إله إلا الله محمد رسول الله". وقد ذكر الكثير من المؤلفين هذا الحديث، ومنهم الطبري في تفسيره. ونجد في الأدب الإسلامي بفروعه المتعددة شهادات كثيرة في ما يحمله هذا الخاتم من كلمات إلهية، منها ما جاء في حكاية روتها شهرزاد في الليلة الثالثة والتسعين بعد الستمئة "ألف ليلة وليلة"، وفيها يقول خال الأمير بدر للملك الذي ظن أن ابنه لن يسلم من البحر: "يا ملك البر، إنا كحّلناه بكحل نعرفه، وقرأنا عليه الأسماء المكتوبة على خاتم سليمان بن داود عليه السلام، فإن المولود إذا ولد عندنا، صنعنا به ما ذكرت لك، فلا تخف عليه من الغرق ولا الخنق ولا من سائر البحار إذا نزل فيها".
جسّد سليمان بن داوود في الذاكرة الإسلامية الجامعة الحاكم المطلق الذي أنعم عليه الله بالنعم الكاملة وخصّه بما لم يكن لأحد من قبله ومن بعده. في حديث ذكره الثعلبي يتردد في مراجع كثيرة باختلاف في الألفاظ، "ملَك الأرض كلها أربعة: مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان فسليمان النبي عليه السلام وذو القرنين، وأما الكافران، فالنمرود وبختنصر". النمرود هو الحاكم الذي اضطهد النبي إبراهيم وألقاه في النار، أما بختنصر فهو نبوخذنصر، القائد البابلي الذي سبى بيت المقدس وقضى على بني إسرائيل في زمن تخلى فيه هؤلاء عن التوراة وأدمنوا ارتكاب المعاصي، بحسب ما جاء في روايات أهل القصص. وقد اتخذ السلطان سليمان القانوني من الملك سليمان الحكيم مثالاً له، فجدّد الحرم الشريف عام 1563، وبنى حول القدس سورا نُقشت عليه زخارف على شكل نجوم سداسية تتألف من مثلثين متداخلين، ممّا يعيد إلى الذهن صورة خاتم سليمان الذي يُبعد الشياطين والعفاريت وما شابهها من أرواح شريرة.
تظهر النجمة ذات الرؤوس الستة في حضارات عديدة، وهي على الأرجح عنصر زخرفي مجرّد في أغلب الأحيان. وقد سعى بعض المؤرخين إلى تحديد الرموز المختلفة لهذه الإشارة التي ظهرت في أمكنة عدة من العالم، قبل أن تصبح في العالم الإسلامي مرادفة لخاتم سليمان. ويرى الباحثون في التاريخ اليهودي أن هذه النجمة لم تشكل رمزاً من الرموز التوراتية إلا في الأزمنة الحديثة، بينما برز الشمعدان ذو الفروع السبعة كرمز يهودي يوازي الصليب المسيحي، وذلك منذ بدايات العصر الروماني. ولا نجد في أسفار العهد القديم ما يشير إلى نجمة سليمان أو نجمة داوود. على العكس، يرتبط ذكر النجم في سفر عاموس (5، 26) بالآلهة الكاذبة التي كرّمها اليهود على مثال الوثنيين في الحقبة الأخيرة من تاريخ إسرائيل. أقدم ما وصلنا من النجوم اليهودية السداسية يعود الى القرن الحادي عشر، ومصدره مصر. على صفحة تعود إلى كتاب مدرسي لتعليم الأبجدية العبرية، من محفوظات مكتبة كامبريدج، نرى نجمتين صغيرتين تحيطان بالشمعدان الكبير الذي يثبت تحت قنطرة يتدلى من وسطها قنديل، وهي الصورة المختزلة للهيكل المقدس في اليهودية. تعود هذه النجوم وتظهر في الإنتاج الفني اليهودي في القرون الأولى التي تلت الألفية الميلادية الأولى، إلا أن دراسة هذه الشواهد تثبت أن هذا العنصر لا يبرز كتعبير أساسي يختزل اليهودية كما تعتقد العامة اليوم، في الشرق كما في الغرب.
كان يهود اسبانيا يطلقون اسم خاتم سليمان على النجمة السداسية الرأس أسوة بالمسلمين، وتحول هذا الاسم إلى نجمة داوود في أوساط اليهود الأوروبيين في الأزمنة الحديثة. وقد اتخذ أجداد عائلة روتشيلد في ألمانيا من هذه النجمة شعاراً لمؤسسة تجارية في القرن السابع عشر، ولم يكن يحمل الشعار في ذلك الزمن الدلالة الدينية التي يحملها اليوم. ومن المتعارف عليه أن النجمة السداسية لم تصبح مرادفة لليهودية إلا في القرن التاسع عشر. وساهمت الحركة النازية بشكل أساسي في تأكيد هذا الرمز وترسيخه. في ظل حكم بيتان، أصدرت الحكومة الفرنسية في أيار من عام 1942 قرارا يلزم اليهود عدم الظهور في الأماكن عامة بدون "النجمة اليهودية"، وهي بحسب تعبير هذا القرار "نجمة ذات ستة رؤوس حجمها بحجم كف اليد، خطوط حدودها سوداء، وهي من القماش الأصفر".
اتخذ الصهاينة من هذه النجمة شعاراً لهم، ومهروا بها علم دولة إسرائيل، بينما استبدل المغرب "نجمة سليمان" السداسية التي تتوسّط رايته بنجمة خماسية خضراء. انقلبت الرموز والمعاني، وبعدما كانت رمزاً للنبي الذي أقام الدين والعدل والأمان، أضحت إشارة "خاتم سليمان" القديمة علامة تختصر حركة عنصرية بغيضة قامت على الظلم والحرب والقتل والدمار.
قبل استخدام الطباعة بقرون في أوروبا، ابتدع العرب تقنية خاصة مشابهة لإنتاج تمائم منمنمة تبعد عن حامليها شر العفاريت والأرواح الشريرة، وقد حفظ لنا التاريخ بعضاً من هذه التمائم القديمة، منها حجاب مطبوع على الورق يعود إلى القرن الحادي عشر، مصدره مصر الفاطمية، وهو من محفوظات متحف متروبوليتان في نيويورك. تكسو هذا الحجاب الفاطمي كتابات عربية تحوي مزيجاً من الأدعية والتعاويذ، ويعلوه ختم مربّع يضم نجمة سداسية تتألف من مثلثين متداخلين. تحوط هذه النجمة كتابة بالخط الكوفي المزهر النقش، تعتمد عبارة "الملك لله" وتكرّرها بأسلوب يماثل النقش. من جهة أخرى، يحوي وسط النجمة كتابة من كلمتين تصعب قراءتها.
تحتفظ المكتبة الوطنية بنسخة من كتاب فارسي خاص بالتنجيم تعود إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر مصدرها تركيا السلجوقية وتحوي مئة وسبعة وعشرين رسماً إيضاحياً. على ظهر الورقة الثالثة من المخطوط، نرى ثلاث نجوم سداسية تعلو صورة لأسد وأخرى لعقرب. بحسب ما جاء في الكتاب، أطلق العرب لقب "سيف الله" على الأسد والعقرب وخاتم سليمان، مما يشير الى أن النجمة السداسية هي صورة خاتم سليمان ورمزه. تحضر النجمة إياها مرة أخرى على ظهر الورقة الثانية والثلاثين من نسخة من "كتاب البلهان" تعود إلى القرن الرابع عشر وتملكها مكتبة بولداين في أوكسفورد. يُنسب هذا الكتاب إلى أبي معشر جعفر بن محمد البلخي، أشهر المنجمين في الحقبة العباسية، وهو فلكي و"رياضياتي" فارسي ولد في بلخ الأفغانية وتوفي في واسط عام 886. نالت أعماله شهرة كبيرة، وتُرجمت إلى اللاتينية في أوروبا حيث عُرف باسم ألبوماسر. تحضر النجمة السداسية كذلك في نسخة من كتاب "مطالع السعادة ومنابع السيادة" من محفوظات المكتبة الوطنية الفرنسية، وهو ترجمة تركية لفصل من "كتاب البلهان"، وضعها محمد السعودي بطلب من السلطان مراد الثالث عام 1582. نراها على ظهر الورقة الثامنة والسبعين التي خصها الرسام لتصوير شيطان يدعى المدهّب، وهو واحد من الشياطين السبعة التي تظهر مرفقة بأسمائها في هذا المخطوط.
ينجلي معنى هذه النجمة في منمنمة استثنائية مما يعرف بـ"مجلّد السرايا" في متحف توبكابي، وهو المجلد الذي يضم أربع مخطوطات تحفل بصور كائنات عالم الغيب التي سحرت المسلمين على اختلاف أعراقهم ومللهم. على وجه الورقة السابعة والتسعين من المخطوط رقم 2152، يظهر الملك سليمان متربعاً على عرشه وفقاً لنموذج إيقونوغرافي اعتُمد في الفن الإسلامي لتصوير كبار الملوك والحكام. عوضا عن الكأس التي يرفعها الحاكم عادة في هذا النوع من الصور، يمسك النبي بيمناه نجمة سداسية تستقر فوق صدره، ويثبت فوق عرشه بسمو، وسط وزيره الشهير آصف بن برخيا وشيطان أسود يقف بإجلال من أمامه. بحسب ما جاء في النص القرآني، جعل الله لنبيّه من الشياطين بنائين وغواصين، كما سلّطه على آخرين منهم بتقييدهم بالأصفاد (ص37- 38). وفقاً للرواية التي نقلها الثعلبي في "عرائس المجالس"، خصّ الله نبيّه بخاتم لبسه في أصبعه، "فعكفت عليه الطير والريح ووقع عليه بهاء الملك". أُنجز مخطوط سرايا توبكابي في نهاية القرن الثالث عشر، مما يدل على أن هذه المنمنمة واحدة من أقدم الصور التي تمثل سليمان، ذلك أن أقدم ما وصلنا من منمنمات دينية يعود مطلع القرن الرابع عشر. يرفع النبي عاليا رمز قوته، وهو الخاتم الذي يأخذ صورة نجمة بستة رؤوس تتكون من مثلثين متداخلين.
يظهر الرابط الوثيق بين خاتم سليمان والنجمة السداسية في مخطوط عثماني عنوانه "إنعام شريف"، يضم مجموعة من الأدعية والصلوات. يعود هذا المخطوط إلى عام 1761، وهو من محفوظات مكتبة القدس. على وجه الورقة التاسعة والسبعين، تحل النجمة في تأليف زخرفي محبوك حيث تنصهر وسط دائرة تستقر في مربع يحمل أربع عبارات خطّت في زواياه الأربع، هي: "يا حنّان"، "يا منّان"، "يا سبحان"، "يا سلطان". يؤلّف مثلثا النجمة المتداخلان مساحة هندسية من ستة أضلاع تكسوها كتابة عربية جاء فيها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فتبارك الله أحسن الخالقين، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، له الملاك وله الحمد". تحمل هذه الصفحة المزوقة عنوانا يستقر في وسط مساحة مستطيلة تعلو المربّع الذي يشكل إطاراً للنجمة: "هذا مهر سليمان عليه السلام".
تبدو النجمة المرفقة بهذا العنوان كأنها ترجمة تشكيلية لحديث متداول يقول: "كان نقش خاتم سليمان بن داود لا إله إلا الله محمد رسول الله". وقد ذكر الكثير من المؤلفين هذا الحديث، ومنهم الطبري في تفسيره. ونجد في الأدب الإسلامي بفروعه المتعددة شهادات كثيرة في ما يحمله هذا الخاتم من كلمات إلهية، منها ما جاء في حكاية روتها شهرزاد في الليلة الثالثة والتسعين بعد الستمئة "ألف ليلة وليلة"، وفيها يقول خال الأمير بدر للملك الذي ظن أن ابنه لن يسلم من البحر: "يا ملك البر، إنا كحّلناه بكحل نعرفه، وقرأنا عليه الأسماء المكتوبة على خاتم سليمان بن داود عليه السلام، فإن المولود إذا ولد عندنا، صنعنا به ما ذكرت لك، فلا تخف عليه من الغرق ولا الخنق ولا من سائر البحار إذا نزل فيها".
جسّد سليمان بن داوود في الذاكرة الإسلامية الجامعة الحاكم المطلق الذي أنعم عليه الله بالنعم الكاملة وخصّه بما لم يكن لأحد من قبله ومن بعده. في حديث ذكره الثعلبي يتردد في مراجع كثيرة باختلاف في الألفاظ، "ملَك الأرض كلها أربعة: مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان فسليمان النبي عليه السلام وذو القرنين، وأما الكافران، فالنمرود وبختنصر". النمرود هو الحاكم الذي اضطهد النبي إبراهيم وألقاه في النار، أما بختنصر فهو نبوخذنصر، القائد البابلي الذي سبى بيت المقدس وقضى على بني إسرائيل في زمن تخلى فيه هؤلاء عن التوراة وأدمنوا ارتكاب المعاصي، بحسب ما جاء في روايات أهل القصص. وقد اتخذ السلطان سليمان القانوني من الملك سليمان الحكيم مثالاً له، فجدّد الحرم الشريف عام 1563، وبنى حول القدس سورا نُقشت عليه زخارف على شكل نجوم سداسية تتألف من مثلثين متداخلين، ممّا يعيد إلى الذهن صورة خاتم سليمان الذي يُبعد الشياطين والعفاريت وما شابهها من أرواح شريرة.
تظهر النجمة ذات الرؤوس الستة في حضارات عديدة، وهي على الأرجح عنصر زخرفي مجرّد في أغلب الأحيان. وقد سعى بعض المؤرخين إلى تحديد الرموز المختلفة لهذه الإشارة التي ظهرت في أمكنة عدة من العالم، قبل أن تصبح في العالم الإسلامي مرادفة لخاتم سليمان. ويرى الباحثون في التاريخ اليهودي أن هذه النجمة لم تشكل رمزاً من الرموز التوراتية إلا في الأزمنة الحديثة، بينما برز الشمعدان ذو الفروع السبعة كرمز يهودي يوازي الصليب المسيحي، وذلك منذ بدايات العصر الروماني. ولا نجد في أسفار العهد القديم ما يشير إلى نجمة سليمان أو نجمة داوود. على العكس، يرتبط ذكر النجم في سفر عاموس (5، 26) بالآلهة الكاذبة التي كرّمها اليهود على مثال الوثنيين في الحقبة الأخيرة من تاريخ إسرائيل. أقدم ما وصلنا من النجوم اليهودية السداسية يعود الى القرن الحادي عشر، ومصدره مصر. على صفحة تعود إلى كتاب مدرسي لتعليم الأبجدية العبرية، من محفوظات مكتبة كامبريدج، نرى نجمتين صغيرتين تحيطان بالشمعدان الكبير الذي يثبت تحت قنطرة يتدلى من وسطها قنديل، وهي الصورة المختزلة للهيكل المقدس في اليهودية. تعود هذه النجوم وتظهر في الإنتاج الفني اليهودي في القرون الأولى التي تلت الألفية الميلادية الأولى، إلا أن دراسة هذه الشواهد تثبت أن هذا العنصر لا يبرز كتعبير أساسي يختزل اليهودية كما تعتقد العامة اليوم، في الشرق كما في الغرب.
كان يهود اسبانيا يطلقون اسم خاتم سليمان على النجمة السداسية الرأس أسوة بالمسلمين، وتحول هذا الاسم إلى نجمة داوود في أوساط اليهود الأوروبيين في الأزمنة الحديثة. وقد اتخذ أجداد عائلة روتشيلد في ألمانيا من هذه النجمة شعاراً لمؤسسة تجارية في القرن السابع عشر، ولم يكن يحمل الشعار في ذلك الزمن الدلالة الدينية التي يحملها اليوم. ومن المتعارف عليه أن النجمة السداسية لم تصبح مرادفة لليهودية إلا في القرن التاسع عشر. وساهمت الحركة النازية بشكل أساسي في تأكيد هذا الرمز وترسيخه. في ظل حكم بيتان، أصدرت الحكومة الفرنسية في أيار من عام 1942 قرارا يلزم اليهود عدم الظهور في الأماكن عامة بدون "النجمة اليهودية"، وهي بحسب تعبير هذا القرار "نجمة ذات ستة رؤوس حجمها بحجم كف اليد، خطوط حدودها سوداء، وهي من القماش الأصفر".
اتخذ الصهاينة من هذه النجمة شعاراً لهم، ومهروا بها علم دولة إسرائيل، بينما استبدل المغرب "نجمة سليمان" السداسية التي تتوسّط رايته بنجمة خماسية خضراء. انقلبت الرموز والمعاني، وبعدما كانت رمزاً للنبي الذي أقام الدين والعدل والأمان، أضحت إشارة "خاتم سليمان" القديمة علامة تختصر حركة عنصرية بغيضة قامت على الظلم والحرب والقتل والدمار.