يتقصى الواقع
بكوميديا (الشيطنة .. و الولدنة)
يتحايل الفنان سامر المصري على الرقابات الاجتماعية و الرسمية
ليفوت عليها فرصة التشفير و القص و اللزق الذي استخدم في أعمال كثيرة .
قدم لوحات لا مجال فيها للنقد الصادم ولا للنقد اللاذع المستفز ؟
و مع ذلك فالمزاج الجماهيري جاهز لاستقبال أبو جانتي منذ الحلقات
الأولى .. سائق تكسي طيب بسيط .. طيبة ابن البلد .. ذكي لمّاح جوابه على
رأس لسانه .. يتندّر لكنه لا يسخر , بارٌ بوالدته عطوف على أخته مخلص
لأصدقائه صاحب نخوة .. أمين، محب بلا أمل يتدخل على عجل لإنقاذ امرأة تورطت
و اتصلت به بطريق الخطأ، وعلم الزوج الغيور و راح يغلي و يفور ليأتي أبو
جانتي و يصلح الأمور .
أبو جانتي يكشف المستور لصاحب السلطان و النفوذ كاشفاً له أصدقاء
(مصلحة) تخلوا عنه بمجرد مزحة أطلقها من موبايل رجل هذا الزمان .. يقول
لصاحبه إن صديقه طار و حل هو مكانه ليتخلى الصاحب عن صاحبه لتنطلق في نهاية
الحلقة الإشارة (أخيركم .. أخيركم لأهله) لا تخف و لا تكبر لأن الله اكبر
حكايا .. حكواتي مودرن و بطل شعبي لا يمر الباطل من بين يديه .
هل أراد سامر المصري بطل العمل و مؤلفه تقديم شخصية أبو جانتي على
انه (كليّ القدرة) كما وصفه أحدهم . و هل ستحمل هذه الشخصية عبء الكشف
الاجتماعي و تبقى على مزاجها الرائق و مواقفها الطريفة و قفشاتها الموفقة
غالباً .
شخصيات عابرة تستقل اللانسر و تتركها مخلفة وراءها حكاية إنسانية
بعضها مر و الآخر طريف , حكايا يغيب عنها (الشغب) أو يختبئ مكرهاً (مكرهاً
أخاك لا بطل) !
أبو جانتي بخفة دمه و سهولة معشره اصطاد زبائنه و أطلقهم في نصه
التلفزيوني ليدغدغ من خلال دراما اجتماعية خفيفة مشاعر الجمهور و ينتزع
البسمة من أفواهنا .. أليس العلاج بالضحك وسيلة ناجحة من وسائل مقاومة
الخوف !!
لماذا تقبل الناس أبو جانتي بسرعة ..
ربما لأنه يفكر بروح ايجابية وروح تتحلى بالنشاط، تتحرش بالآخر
بدافع فضول إنساني بعضه مشروع , أو لتحقيق تواصل مفتقد . أغلبنا وضع
ألواحاً زجاجية مسننة خوفاً و توجساً مع و من الآخرين , انكفأنا كثيراً و
غلب علينا الحذر و الشك فتحولنا إلى زجاجات محكمة الإغلاق , و لم نفطن بعد
أننا قريبا ستنتهي صلاحيتنا متناسين قاعدة ذهبية أبو جانتي يذكرنا بها ..
قاعدة تدعو للتعايش و التآلف (الجنة بلا ناس ما بتنداس) .
تستمر أيضاً الخطوط الرئيسية للعمل التي يبدو تفاعلها و تطورها
للآن بطيئاً بحكم قاعدة ال 30 حلقة , و هذا يترتب عليه بطء تطور الشخصيات
الملحقة بأبو جانتي .
العمل بمجمله يطرح مشكلات حياتية و مواقف كوميدية تهدف أولاً إلى
الترفيه , لكنها أيضاً تكرّس جلّ افكاره لتقديم كوميديا هادفة , فبالإضافة
الى الشخص الأساس (ابو جانتي) المتفائل المقبل على الحياة بحلوها و مرها و
الغيور على وطنه المحب لناسه تقابلها شخصيات تطرح قضايا و هموم, فها هو
أندريه سكاف الدهان يكشف تقاعس و تكاسل بعض اصحاب المهن, إنها ثقافة
الاهمال و اللامبالاة المنتشرة .
و كما صرح فريق العمل فهم سيظهرون واقع الرياضة في سورية من خلال
شخصية حارس المرمى فادي صبيح. يبقى ابو ليلى ايمن رضا هدية تقدم للجمهور..
فرمضان يكون ناقصاً بلا طبق الحلوى هذا .
و تبقى الكوميديا مطلباً شعبياً لكنها أيضاً مزاج شخصي و فن مخاطبة
قد لا يروق للبعض, لكن المخرج محمد زهير قنوع المتهم بأنه يبحر في التجريب
و يبتعد عن الأسس الفنية في الإخراج يربكنا أحياناً بانتقاله من مشهد الى
مشهد بسرعة لنضيع معه قليلاً, لكن بالمقابل يضع ثقله لإخراج كوميديا الصورة
المغايرة قليلاً. العمل يجنبنا مصادر النكد و دفع الملل عنا و تقديم
كوميديا عساها تكون راقية و نحن بالانتظار ..
هند بوظو
جريدة الثورة
بكوميديا (الشيطنة .. و الولدنة)
يتحايل الفنان سامر المصري على الرقابات الاجتماعية و الرسمية
ليفوت عليها فرصة التشفير و القص و اللزق الذي استخدم في أعمال كثيرة .
قدم لوحات لا مجال فيها للنقد الصادم ولا للنقد اللاذع المستفز ؟
و مع ذلك فالمزاج الجماهيري جاهز لاستقبال أبو جانتي منذ الحلقات
الأولى .. سائق تكسي طيب بسيط .. طيبة ابن البلد .. ذكي لمّاح جوابه على
رأس لسانه .. يتندّر لكنه لا يسخر , بارٌ بوالدته عطوف على أخته مخلص
لأصدقائه صاحب نخوة .. أمين، محب بلا أمل يتدخل على عجل لإنقاذ امرأة تورطت
و اتصلت به بطريق الخطأ، وعلم الزوج الغيور و راح يغلي و يفور ليأتي أبو
جانتي و يصلح الأمور .
أبو جانتي يكشف المستور لصاحب السلطان و النفوذ كاشفاً له أصدقاء
(مصلحة) تخلوا عنه بمجرد مزحة أطلقها من موبايل رجل هذا الزمان .. يقول
لصاحبه إن صديقه طار و حل هو مكانه ليتخلى الصاحب عن صاحبه لتنطلق في نهاية
الحلقة الإشارة (أخيركم .. أخيركم لأهله) لا تخف و لا تكبر لأن الله اكبر
حكايا .. حكواتي مودرن و بطل شعبي لا يمر الباطل من بين يديه .
هل أراد سامر المصري بطل العمل و مؤلفه تقديم شخصية أبو جانتي على
انه (كليّ القدرة) كما وصفه أحدهم . و هل ستحمل هذه الشخصية عبء الكشف
الاجتماعي و تبقى على مزاجها الرائق و مواقفها الطريفة و قفشاتها الموفقة
غالباً .
شخصيات عابرة تستقل اللانسر و تتركها مخلفة وراءها حكاية إنسانية
بعضها مر و الآخر طريف , حكايا يغيب عنها (الشغب) أو يختبئ مكرهاً (مكرهاً
أخاك لا بطل) !
أبو جانتي بخفة دمه و سهولة معشره اصطاد زبائنه و أطلقهم في نصه
التلفزيوني ليدغدغ من خلال دراما اجتماعية خفيفة مشاعر الجمهور و ينتزع
البسمة من أفواهنا .. أليس العلاج بالضحك وسيلة ناجحة من وسائل مقاومة
الخوف !!
لماذا تقبل الناس أبو جانتي بسرعة ..
ربما لأنه يفكر بروح ايجابية وروح تتحلى بالنشاط، تتحرش بالآخر
بدافع فضول إنساني بعضه مشروع , أو لتحقيق تواصل مفتقد . أغلبنا وضع
ألواحاً زجاجية مسننة خوفاً و توجساً مع و من الآخرين , انكفأنا كثيراً و
غلب علينا الحذر و الشك فتحولنا إلى زجاجات محكمة الإغلاق , و لم نفطن بعد
أننا قريبا ستنتهي صلاحيتنا متناسين قاعدة ذهبية أبو جانتي يذكرنا بها ..
قاعدة تدعو للتعايش و التآلف (الجنة بلا ناس ما بتنداس) .
تستمر أيضاً الخطوط الرئيسية للعمل التي يبدو تفاعلها و تطورها
للآن بطيئاً بحكم قاعدة ال 30 حلقة , و هذا يترتب عليه بطء تطور الشخصيات
الملحقة بأبو جانتي .
العمل بمجمله يطرح مشكلات حياتية و مواقف كوميدية تهدف أولاً إلى
الترفيه , لكنها أيضاً تكرّس جلّ افكاره لتقديم كوميديا هادفة , فبالإضافة
الى الشخص الأساس (ابو جانتي) المتفائل المقبل على الحياة بحلوها و مرها و
الغيور على وطنه المحب لناسه تقابلها شخصيات تطرح قضايا و هموم, فها هو
أندريه سكاف الدهان يكشف تقاعس و تكاسل بعض اصحاب المهن, إنها ثقافة
الاهمال و اللامبالاة المنتشرة .
و كما صرح فريق العمل فهم سيظهرون واقع الرياضة في سورية من خلال
شخصية حارس المرمى فادي صبيح. يبقى ابو ليلى ايمن رضا هدية تقدم للجمهور..
فرمضان يكون ناقصاً بلا طبق الحلوى هذا .
و تبقى الكوميديا مطلباً شعبياً لكنها أيضاً مزاج شخصي و فن مخاطبة
قد لا يروق للبعض, لكن المخرج محمد زهير قنوع المتهم بأنه يبحر في التجريب
و يبتعد عن الأسس الفنية في الإخراج يربكنا أحياناً بانتقاله من مشهد الى
مشهد بسرعة لنضيع معه قليلاً, لكن بالمقابل يضع ثقله لإخراج كوميديا الصورة
المغايرة قليلاً. العمل يجنبنا مصادر النكد و دفع الملل عنا و تقديم
كوميديا عساها تكون راقية و نحن بالانتظار ..
هند بوظو
جريدة الثورة