كما وصف لنا الدكتور مدين الضابط ادامه الله ذخرا لهذه الكلية زملائي الكرام هذه بعض المقتطفات عن وضع النظام الضريبي في بلدنا الحبيبة سورية يشهد العقد الحالي إصلاحاً اقتصادياً واسع النطاق في معظم البلدان النامية بما في ذلك الدول العربية وذلك بهدف زيادة معدلات النمو الاقتصادي وإحداث توازن في الموازنة العامة للدولة وفي ميزان المدفوعات من خلال ترشيد الإنفاق العام وزيادة الموارد الضريبية وتنشيط الصادرات وزيادة الاستثمارات والادخار وإعطاء دور حيوي وهام للقطاع الخاص في المساهمة في عملية التنمية وإصلاح القطاع العام، وكذلك كبح جماح الاستهلاك من خلال إلغاء الدعم وفرض الضرائب على الاستهلاك ومعالجة المشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة وتدني مستويات الدخل بالإضافة إلى سوء توزيعه، وقد نجحت بعض الدول في تنفيذ برامجها الإصلاحية. وما زال البعض الآخر بتعثر في ذلك لوجود صعوبة بالغة في التوفيق بين الأهداف المتناقضة كترشيد الاستهلاك وضغط الإنفاق العام لمكافحة التضخم وزيادة معدلات النمو الاقتصادي ومعالجة مشكلتي البطالة والفقر بنفس الوقت.
ويعد الإصلاح المالي نقطة الانطلاق في عملية الإصلاح الاقتصادي سواء على صعيد الإنفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري أو على صعيد الموارد وفي مقدمتها الموارد الضريبية بشقيها المباشرة وغير المباشرة.
بالإضافة إلى ذلك فإن اقتصاديات الدول في ظل العولمة ووجود التكتلات الاقتصادية الدولية والإقليمية ومنظمة التجارة العالمية وضرورة التعامل مع المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أصبحت أكثر اندماجاً مع دول العالم وبالتالي فإن أنظمتها الضريبية لا يمكن أن ينظر إليها بصورة منعزلة حيث تتسابق معظم الدول إلى تطوير أنظمتها الضريبية بحيث تكون الضريبة أداة مشجعة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنشيط الصادرات من خلال مساعدة المنتجات المحلية في الصمود أمام السلع الأجنبية عن طريق إعفاء الصادرات من كافة الضرائب والرسوم.
وقد كانت الأنظمة الضريبية في بداية الثمانينيات في معظم البلدان النامية معقدة ومرهقة ومثقلة بمئات الضرائب دون أن يحقق أي منها عائداً كبيراً، كما كانت لضرائب الإنتاج والاستهلاك أسعاراً متعددة بالإضافة إلى صعوبة إدارتها، وكانت ضرائب الدخل مرتفعة تعيق عملية الاستثمار.
لذلك قامت معظم البلدان النامية وخلال تنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بإعادة النظر بأنظمتها الضريبة بهدف تبسيطها وتطويرها بما يتماشى مع الفكر الحديث في مجال الضرائب الذي يستهدف تخفيض الضرائب عن مصادر توليد الدخل (الضرائب على الدخل: دخل الأرباح- دخل الرواتب والأجور) بهدف تشجيع الإنتاج والاستثمار والتصدير والتركيز على الضرائب على أوجه استخدامات الدخل (الضرائب على الإنفاق "الضريبة على القيمة المضافة- الضريبة على المبيعات") شريطة أن لا يؤثر ذلك على العدالة الضريبية وذلك من خلال زيادة الإعفاءات الشخصية والاجتماعية لذوي الدخل المحدود، ومن بين الدول العربية التي سارت في هذا الاتجاه مصر والأردن وتونس والمغرب.
لذلك سوف نتطرق في هذه المحاضرة إلى موضوع الإصلاح الضريبي المطلوب في سورية بهدف تحقيق العدالة وتشجيع الاستثمار وتنشيط الصادرات وذلك من خلال الفقرات التالية:
أولاً- الإطار العام للنظام الضريبي ويشمل ما يلي:
· مفهوم الضريبة وأهدافها.
· القواعد الأساسية للضريبة.
· أنواع الضرائب:
ضرائب على رأس المال- ضرائب على الدخل- ضرائب على الإنفاق.
ضرائب مباشرة وغير مباشرة.
ضرائب نوعية أو ضريبة موحدة للدخل.
الضريبة على القيمة المضافة.
· مقومات النظام الضريبي.
· التهرب الضريبي وآثاره.
· الإعفاءات الضريبية لتشجيع الاستثمار.
· المقدرة التكليفية للدخل القومي على المستوى الكلي وعلى مستوى الفرد.
ثانياً- واقع النظام الضريبي في سورية
· الضرائب والرسوم المباشرة.
· الضرائب والرسوم غير المباشرة.
· ضريبة الدخل على الأرباح.
· ضريبة الرواتب والأجور.
· الإعفاءات الشخصية والاجتماعية.
· رسم الانتقال على التركات.
· بدلات الفروغ.
· رسم الطابع المالي.
· ضريبة ريع الآلات.
· فروقات الأسعار.
· الضرائب الجمركية.
· رسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي.
ثالثاً- تطور الإيرادات الضريبية في سورية
· تطور الإيرادات الضريبية وعلاقته بتطور الناتج المحلي الإجمالي.
· أثر تعديل أسعار صرف الليرة السورية بالنسبة للعملة الأجنبية على حجم الموازنة.
· بنية الموارد الضريبية في سورية الضرائب والرسوم المباشرة.
· ضريبة الدخل على الأرباح التجارية والصناعية وغير التجارية.
· ضريبة الرواتب والأجور.
رابعاً- اتجاهات الإصلاح الضريبي في سورية
· متطلبات كفاءة النظام الضريبي.
· توجهات عامة للإصلاح الضريبي في سورية.
أولاً: الإطار العام للنظام الضريبي
1- مفهوم الضريبة وأهدافها:
الضريبة هي فريضة مالية تستوفيها الدولة وفقاً لقواعد تشريعية مقررة بصورة إلزامية ونهائية، وتفرض على المكلفين تبعاً لمقدراتهم على الدفع ولغاية توفير الأموال اللازمة لتغطية نفقات الدولة ولتحقيق أهداف مالية واقتصادية واجتماعية.
أ- الهدف المالي: وهو تحقيق مورد مالي لتغطية نفقاتها العامة (الجارية والاستثمارية).
ب- أهداف اقتصادية:
1- بتشجيع الاستثمار وتوجيهه نحو مشاريع إنتاجية وذلك:
- بإعفاء هذه المشاريع كلياً أو جزئياً من الضريبة.
- وتوفير الحماية للصناعة المحلية بفرض ضرائب مرتفعة على السلع والبضائع المماثلة من الخارج
- وتوفير الصادرات إلى الخارج من الضريبة بشكل كلي أو جزئي ونذكر هنا أيضاً استخدام حصيلة الضريبة في دعم القطاع الخاص لمواجهة الأزمات ولقيامه بمشاريع ذات فوائد اقتصادية واجتماعية.
2- وسيلة لضبط استهلاك السلع والخدمات، تقوم الدولة بتشجيع أو تقليل استهلاك سلعة أو خدمة معينة عن طريق تخفيض أو زيادة الضريبة المفروضة عليها.
3- وسيلة لتنظيم الإنتاج القومي، إن تنظيم الإنتاج القومي من خلال الضرائب يكون عبر استخدام الضرائب في التحكم في الطلب على السلع والخدمات لمواجهة العرض في طرفي الرخاء أو الكساد الاقتصادي للوصول إلى أوضاع طبيعية للاقتصاد وأيضاً لكبح جماح التضخم.
ج- أهداف اجتماعية: تتمثل بإعادة توزيع الدخول بين فئات المجتمع عن طريق زيادة الضرائب على ذوي الدخل المرتفع بتطبيق مبدأ التصاعد الضريبي على دخولهم وبالتالي تقليل حدة التفاوت بين مستويات الدخول وتمويل الخدمات العامة من الضريبة لمصلحة الدخول المنخفضة.
1-2- قواعد الضريبة:
لتنفيذ أهداف الضريبة فقد وضع لها ومنذ أكثر من مائتي عام قواعد محددة يجب أن يأخذها المشرع الضريبي بعين الاعتبار حين وضعه للنظام الضريبي، حيث تشكل هذه القواعد الأساس التقليدي للضريبة، وقد وضع هذه القواعد الاقتصادي الإنكليزي آدم سميث في كتابه الشهير "ثروة الأمم" وجوهر هذه القواعد ما يلي:
1-2-1 قاعدة العدالة أو المساواة في المقدرة:
وتتطلب العدالة توزيع أعباء تمويل الإنفاق العام على المواطنين بحسب مقدرتهم التكليفية على تحمل الأعباء. وهناك مفهومان يرتبط ذكرهما بهذا المبدأ وهما:
العدالة الأفقية: وتعني معاملة ذوي الدخول المتماثلة معاملة متساوية حيث يفترض ألا يؤدي فرض ضريبة ما إلى تحميل فئة مهنية أو اجتماعية تتمتع بنفس مستوى الدخل بتحمل عبء أكبر من فئات أخرى (أي معاملة ذوي الدخول المتساوية معاملة متساوية).
العدالة الرأسية: وتتطلب الحد الأدنى من الفوارق في مستويات الدخول عن طريق تحميل الأغنياء حصة أكبر في تمويل النفقات العامة (أي معاملة ذوي الدخول المختلفة معاملة مختلفة).
ولتحقيق مبدأ عدالة الضريبة لا بد من توافر الشروط التالية:
1- عمومية الضريبة، أي فرض الضريبة على جميع أنواع الدخول بدون استثناء لأن تغطية النفقات العامة يجب أن يساهم فيها جميع أفراد المجتمع.
2- تصاعد سعر الضريبة.
3- الاعتدال في سعر الضريبة.
4- إعفاء الحد الأدنى اللازم للمعيشة لحماية الأسر ذات الدخل المحدود من الضريبة.
5- وجود الإعفاءات الأعباء العائلية والظروف الاجتماعية.
1-2-2 مبدأ الوضوح: بحيث تكون الأحكام القانونية المتعلقة بتحديد مطرح (وعاء) أو مطارح الضريبية واضحة لدى المكلفين لكي يسهل تعاملهم مه\ع أحكام القانون وتنفيذه بطريقة سليمة.
1-2-3 مبدأ الملائمة: بحيث يتم مراعاة الظروف المادية والنفسية لدافعي الضرائب لكي لا تصبح الضريبة معوقاً للإنتاج ومحبطاً لنشاط الأشخاص.
1-2-4 مبدأ الاقتصاد في النفقات: بحيث تكون نفقات الإدارة الضريبية في تحقق الضريبة وفرضها وجبايتها في حدود المعقول مقارنة بالمردود الضريبي.
1-2-5 مبدأ المرونة: بحيث يتمكن النظام الضريبي من مراعاة التغير في الحصيلة الضريبية بما يتناسب والتغير في الدخل القومي وبنفس الاتجاه.
1-3 أنواع الضرائب:
تصنف الضرائب وفق أسس مختلفة من أهمها:
1-3-1 حسب الطبيعة الاقتصادية لمطرح الضريبة:
تميز هنا بين الضريبة على رأس المال (الضريبة العقارية ريع رؤوس الأموال المتداولة)، والضريبة على الدخل (ضريبة دخل الأرباح وضريبة الرواتب والأجور)، والضريبة على الاستهلاك (الضريبة على المبيعات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الإنفاق الكمالي).
1-3-2 ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة:
فالضريبة المباشرة تستقر على المكلف ولا يستطيع نقل عبئها، ويتم تحققها بشكل اسمي بموجب جداول تحقق بالمكلفين وتفرض حين حصول المكلف على الدخل أو رأس المال ومنها: الضريبة على دخل الأرباح- الضريبة على المبيعات العقارية- ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة.
أما الضرائب غير المباشرة فهي الضريبة التي يدفعها مكلف ثم ينقل عبئها إلى شخص آخر، وتفرض على واقعة معينة دون إمكان تحديد المكلف، كما أنها تفرض عند استعمال الثروة ومنها: (ضريبة الإنتاج- الضرائب الجمركية- ضرائب الاستهلاك).
وتعدّ الضريبة على القيمة المضافة من أهم الضرائب غير المباشرة وتم تطبيقها بأكثر من مائة دولة وبأشكال مختلفة، وتشكل هذه الضريبة في فرنسا ما يزيد عن 50% من إجمالي الموارد الضريبية، كما إنها طبقت في العديد من الدول النامية ضمن سياسة الإصلاح الاقتصادي ومن بين هذه الدول: مصر- الأردن- المغرب- تونس. وبالتالي يمكننا القول بأن التوجه الحديث في مجال الضرائب هو: "تخفيض الضرائب على مصادر تمويل الدخل والتركيز على اوجه استخدامات الدخل من خلال الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على المبيعات" مع مراعاة مبدأ العدالة الضريبية ما أمكن من خلال زيادة الإعفاءات الشخصية والاجتماعية لذوي الدخل المحدود عند فرض ضريبة الدخل، وكذلك عن طريق إعفاء السلع الضرورية أو إخضاعها لسعر منخفض خلال تطبيق الضريبة على الاستهلاك.
هذا وقد طبقت المغرب ضريبة القيمة المضافة منذ عام 1986 بموجب القانون رقم /85/ لعام 1985، كما طبقت مصر الضريبة على المبيعات باعتبارها أحد أشكال الضريبة على القيمة المضافة بموجب القانون رقم /11/ لعام 1991 كما طبقت في الأردن بموجب القانون رقم /6/ لعام 1994 والمعدل بموجب القانون رقم /15/ لعام 1995.
المغرب ضريبة القيمة المضافة منذ عام 1986 بموجب القانون رقم /85/ لعام 1985، كما طبقت مصر الضريبة على المبيعات باعتبارها أحد أشكال الضريبة على القيمة المضافة بموجب القانون رقم /11/ لعام 1991 كما طبقت في الأردن بموجب القانون رقم /6/ لعام 1994 والمعدل بموجب القانون رقم /15/ لعام 1995.
1-3-3 الضرائب النوعية والضريبة الموحدة على الدخل:
يعتمد نظام الضرائب النوعية على أساس التمييز بين الدخول وفقاً لمصادرها، ثم إخضاع كل مصدر من مصادر الدخل إلى ضريبة نوعية مستقلة لها وعاء وسعر خاص بها، وقد اعتمد النظام الضريبي السوري على الضرائب النوعية على الدخل حيث يضم الضرائب التالية: (ضريبة دخل الأرباح الحقيقية- ضريبة دخل غير المقيمين- ضريبة الدخل المقطوع- ضريبة الرواتب والأجور- ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة- ضريبة ريع العقارات- ضريبة رسم العرصات).
أما نظام الضريبة الموحد فيعتمد على تجميع الدخول الصافية للمكلف من كافة مصادرها في وعاء واحد ثم فرض ضريبة تصاعدية على مجموع هذه الدخول دون تمييز بين طبيعة أو مصدر هذه الدخول واتباع إجراءات موحدة في التحقق والتحصيل، وذلك بعد استبعاد مبالغ معينة لمراعاة الظروف الشخصية للمكلف، وتتميز الضريبة الموحدة بمراعاتها للمقدرة التكليفية للمكلف بشكل أفضل من الضرائب النوعية، وتطبق الضريبة الموحدة على الدخل في العديد من دول العالم المتقدم وبعض الدول النامية ومنها مصر حيث طبقتها بدءاً من عام 1944 وذلك بموجب القانون رقم /187/ لسنة 1993 وكذلك الأردن التي طبقتها لأول مرة في عام 1964 وكان آخر تعديل عليها بموجب القانون رقم /14/ لعام 1995 الذي وضع في التنفيذ اعتباراً من 1/1/1996.
1-4 مقومات النظام الضريبي:
يمثل النظام الضريبي مجموعة من العناصر التي تعمل بشكل مترابط لتحقيق أهداف معينة حسب قواعد ومقومات وإجراءات محددة، وتتكون مقوماته من الإدارة التشريعية التي تختص بإصدار القانون الضريبي والإدارة التنفيذية وهي التي تتولى تنفيذ القانون الضريبي الصادر من الإدارة التشريعية وإصدار التعليمات التنفيذية له، والجهاز القضائي الذي يتولى الفصل في المنازعات التي قد تنشأ بين المكلفين والإدارة الضريبية فيما يتعلق بتقدير الضرائب المتوجبة الدفع على المكلفين.
1-5 التهرب الضريبي:
هو محاولة المكلف الخاضع للضريبة عدم دفع الضريبة كلياً أو جزئياً متبعاً في ذلك طرقاً وأساليب مخالفة للقانون وتحمل في طياتها طابع الغش، ويجب التمييز في هذا المجال بين التهرب الضريبي التجنب الضريبي والذي يقصد به تجنب الواقعة الضريبية عن طريق امتناع الشخص عن النشاط الذي يؤدي إلى خضوعه للضريبة عن طريق الاستفادة من الثغرات القانونية وعدم إحكام صياغة التشريعات الضريبية للتخلص من دفع الضريبة حيث يستطيع المكلف أن ينفذ من إحداها ويجد لنفسه مخرجاً قانونياً يتجنب الضريبة أو يخفف من وعائها.
والتجنب الضريبي يعد أمراً مشروعاً لا يؤاخذ عليها القانون، أما التهرب الضريبي فهو من الجرائم الاقتصادية التي فرضت كافة قوانين الضرائب في العالم عقوبات جنائية ومدنية تجاهها.
التهرب الضريبي من الظواهر الشائعة في معظم دول العالم وفي مختلف العصور وإن كانت نسبته في الدول النامية أعلى بكثير من الدول المتقدمة. ومن خلال إحصائية صادرة عن الاتحاد الأوربي تبين أن نسبة التهرب الضريبي محسوبة كنسبة الناتج القومي بلغت على مستوى الاتحاد الأوربي بـ16% وتراوحت بين دول الاتحاد بين 4% في فنلندا و35% في اليونان، أما في البلدان النامية فلا يوجد إحصائيات خاصة بها، وقد قدر أحد خبراء الضرائب في مصر أن الفاقد الضريبي بسبب التهرب الضريبي في مصر يقدر بـ20 مليار جنيه مصري.
أسباب التهرب الضريبي:
يرى رئيس لجنة التوظيف التابعة الاتحاد الأوربي أن السبب الحقيقي لتفشي ظاهرة التهرب الضريبي في دول الاتحاد الأوربي هو كم يبقى للعامل الأوربي من النقود التي يتقاضاها من عمل قام به بعد أن يسدد كل الضرائب المدفوعة عليه، فالعامل الأمريكي يبقى له من دخله 80% بعد اقتطاع كافة الضرائب وبالتالي فإنه ليس من المدهش أن تكون نسبة التهرب الضريبي (نسبة من الناتج القومي) أقل من 10% من إجمالي الناتج القومي وهي النسبة الأقل من النسبة الأوربية والتي بلغت في دول الاتحاد الأوربي بالمتوسط بحدود 16% وبالتالي فنه يرى أن ارتفاع العبء الضريبي هو أهم عامل في التهرب الضريبي.
إلا أن عدم اعتدال العبء الضريبي ليس السبب الوحيد وراء التهرب الضريبي وهناك أسباب أخرى نوجزها فيما يلي:
- الغموض في النظام الضريبي. - ضعف الوعي الضريبي.
- عدم عدالة النظام الضريبي. - سوء استخدام حصيلة الضرائب.
- عدم كفاءة الإدارة الضريبية. - ضعف الجزاء على المتهربين.
- فقدان المرونة في تطبيق النظام الضريبي. - فقدان الثقة بين الدوائر المالية والمكلف.
آثار التهرب الضريبي:
للتهرب الضريبي كما هو معروف آثار سلبية على الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع، من أهمها ما يلي:
1- تخفيض حصيلة الموارد العامة وبالتالي اللجوء إلى اتباع سياسة مالية من شأنها تقليص حجم النفقات العامة، وهذا يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات من جهة وتدني مستوى الخدمات التي تقدمها الدول مكن جهة أخرى.
2- رفع سعر الضرائب الموجودة أو فرض ضرائب جديدة لتعويض الحكومة عن نقص الحصيلة الناتج عن التهرب.
3- اضطرار الحكومة لتغطية العجز المالي عن طريق الإصدارات النقدية أو الحصول على قروض داخلية أو خارجية وهذا يؤدي بدوره إلى خلق مشكلة تتعلق بسداد القروض وفوائدها.
4- الإخلال بقاعدة العدالة الضريبية بحيث يتحمل عبء الضريبة المكلفون الذين لا يستطيعون التهرب منها وينجو منها آخرون حسب مراكز قواهم.
5- الضرر الأخلاقي لانتشار الفساد وانعدام الأمانة.
1-6 الإعفاءات الضريبية الهادفة إلى تشجيع الاستثمار وتوجيهه:
يستطيع المشرع الضريبي من خلال التحكم بالضريبة على الدخل واستخدامها بصورة مدروسة جيداً أن يؤثر في عملية الاستثمار بما ينسجم مع خطة التنمية الاقتصادية في البلد، ويلاحظ حالياً وجود توجه كبير في الدول النامية نحو استخدام الضريبة لتقديم المزايا والمحفزات الضريبية التي من شأنها أن تحفز الاستثمار وتوجهه وذلك في إطار قوانين خاصة لتشجيع الاستثمار وتعود أسباب هذا التوجه إلى العوامل التالية:
1- الجات، والشروط الحالية للانتساب عليها.
2- برامج الإصلاح الهيكلي وسياساته في الدول النامية.
3- الاستثمارات الدولية والشركات متعددة الجنسية.
4- التكتلات الاقتصادية العالمية.
وقد أصدرت بعض الدول العربية قوانين تشجيع الاستثمار كالسعودية ومصر والأردن، منها ما اعتمد على الإعفاء الجزئي، أي نسبة من الإيراد، ومنها ما اعتمد على الإعفاء الكلي لمدة محدودة، وقد راعت هذه القوانين المناطق التنموية في هذه الإعفاءات، وأدخلت عدة تعديلات على هذه القوانين لمعالجة الثغرات التي ظهرت خلال التطبيق، فالأردن أصدرت القانون رقم /11/ لعام 1987 ثم طورته بموجب القانون قم /16/ لعام 1995، وكذلك صدر في مصر القانون رقم /8/ لعام 1997 تحت عنوان قانون ضمانات الاستثمار وحوافزه. ومما يستحق التوقف عنده هنا هو الإعفاءات الإضافية التي خصصها قانون ضمانات الاستثمار في مصر لشركات الأموال، وكذلك قانون ضريبة الدخل رقم /157/ لعام1981.
- إعفاء مبلغ يعادل نسبة من رأس المال المدفوع بما لا يزيد على معدل الفائدة التي يقررها البنك المركزي المصري على الودائع لدى البنوك الأخرى بشرط أن تكون أسهم الشركة مقيدة في سوق الأوراق المالية.
- إعفاء أرباح الشركات الصناعية المساهمة التي تستخدم 50 عاملاً فأكثر من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات.
ويطالب الاقتصاديون حالياً في مصر بتعميم هذا الإعفاء على الشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات الأشخاص لمعالجة مشكلة البطالة وتنشيط الاستثمار.
ونحن في سورية ما زلنا بانتظار تعديل قانون الاستثمار ليحقق الأهداف المرجوة منه بشكل أفضل.
1-7- المقدرة التكليفية للدخل القومي:
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على المقدرة التكليفية للدخل القومي سواء على مستوى الدولة أم على مستوى الفرد من أهمها ما يلي:
- هيكل الدخل القومي حسب القطاعات (زراعة- صناعة- بناء- تجارة- خدمات…الخ) فالمقدرة التكليفة في حال غلبة قطاع الصناعة أكبر من المقدرة التكليفية في حال غلبة قطاع الزراعة.
- نمط توزيع الدخل القومي بين الفئات الاجتماعية فكلما كان التوزيع أكثر عدالة كلما ازدادت المقدرة للدخل القومي، إلا أنه يلاحظ وفي معظم الدول النامية لاسيما في السنوات الأولى من الإصلاح الاقتصادي (مرحلة التثبيت) تكون حصة ذوي الدخل المحدود في الدخل القومي متدنية جداً بالمقارنة مع أصحاب عوائد حقوق التملك حيث انخفضت حصة ذوي الدخل المحدود من الناتج المحلي الإجمالي في مصر من 42.7% خلال السنوات 1986-1990 إلى 27.1% خلال السنوات 1990-1995[1].
- نصيب الفرد الواحد من الدخل القومي، كلما كان هذا النصيب مرتفعاً كلما كانت المقدرة التكليفية للدخل أعلى، لذلك نجد أن معدل الاستقطاع الضريبي من الدخل القومي مرتفع نسبياً في الدول المتقدمة بالمقارنة مع الدول النامية (جدول رقم1) وتشير إحصاءات صندوق النقد الدولي إلى أن مجموع الضرائب المباشرة وغير المباشرة في بلد متقدم كالسويد والدانمارك تتراوح بين (25%-40%) من الدخل القومي، بينما تتراوح في الدول النامية بين (10%-25%). كما تبلغ نسبة الضرائب المباشرة التي تتناول الدخل والأرباح إلى مجموع الضرائب في الدول المتقدمة بين (50%-60%)[2].
وقد تطور معدل الاستقطاع الضريبي (العبء الضريبي) في سورية والمتمثل في حصيلة الضرائب والرسوم منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من واقع نتائج قطع حسابات الموازنة العامة للدولة من 12.60% عام 1990 إلى 16.21% عام 1998. مع الإشارة إلى أن هذا العبء هو "عبئاً ظاهرياً" ولا يمثل العبء الضريبي الحقيقي في سورية لأنه لم ينزل من الناتج المحلي حجم القطاعات المهمة المعفاة أصلاً من التكليف الضريبي كدخل الاستثمارات الزراعية والدخول السياحية وسائر المداخيل العامة الأخرى المعفاة من التكليف بنصوص خاصة مما يؤدي إلى خروج ما لا يقل عن نسبة تتراوح بين (45%-50%) من الناتج المحلي الإجمالي من دائرة التكليف الضريبي[3]. وكذلك لم يدرج ضمن الضرائب والرسوم فروقات الأسعار التي تورد مباشرة للخزينة والتي في حال احتسابها سوف يصل العبء الضريبي إلى ما يزيد عن 20% من الناتج المحلي الإجمالي.
لذلك نجد مما تقدم بأن المقدرة التكليفية للدخل القومي في سورية والتي بلغت عام 1998 16.21% من الناتج المحلي الإجمالي تعد طبيعية وأن أي محاولة لزيادتها في ظل معدلات نمو الناتج القومي الحالي وانخفاض نصيب الفرد من هذا الناتج وسوء توزيع الدخل القومي لصالح فئات أصحاب عوائد حقوق التملك على حساب 1وي الدخل المحدود سوف يؤدي إلى المساس بحد الكفاف لذوي الدخل المحدود وسوف تمس بالاعتبارات الاجتماعية لهذه الفئات وتترك آثاراً سيئة على الاقتصاد القومي حيث تدفع إلى زيادة الركود الاقتصادي، وتدني الاستثمارات وبالتالي الإنتاج وتفاقم مشكلة البطالة وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
ثانياً: واقع النظام الضريبي في سورية
من البديهي أنه لا بد للنظام الضريبي في أي بلد من أن يتوافق مع العلاقات القانونية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في البلد، إلا أن تغير تطور العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتغير الظروف الاقتصادية مع التغيرات في النظام الاقتصادي العالمي يتطلب إصلاحاً جذرياً للنظام الضريبي القائم بما يتناسب والتغيرات الداخلية والخارجية بحيث تصبح الضريبة أداة هامة في معالجة العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية كالتضخم والبطالة وسوء توزيع الدخل القومي، وكذلك تصبح عاملاً مساعداً على تنشيط الاستثمارات المحلية والخارجية بهدف زيادة معدل النمو في الدخل القومي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
يعتمد النظام الضريبي السوري النافذ حالياً في سورية على نظام الضرائب النوعية وعلى المطارح المتعددة، وهو في هيكله العام وليد تشريعات عديدة وضعت موضع التنفيذ خلال ظروف مختلفة خلقت في بنياته في كثير من الحالات، تبايناً واضحاً سواء من الوجهة الفقهية البحتة أو من جهة أساليب التطبيق في الطرح وإجراءاته وجباية الضريبة.
ويتكون النظام الضريبي الحالي من مجموعة من الضرائب النوعية (ضرائب ورسوم مباشرة وغير مباشرة) تتناول مطارح متعددة صدرت بصكوك تشريعية قديمة متلاحقة ومتعددة، ويعود بعضها إلى ما يزيد على (40-5-) عاماً، ولم تواكب التطورات والتغيرات التي حدثت في بنية الاقتصاد السوري.
يفتقد النظام الضريبي في سورية إلى مقومات النظام الضريبي العادل وأهمها: العدالة- الملاءمة- الوضوح- الاقتصاد في نفقات الجباية ولم يحقق سوى الهدف الأول من أهداف الضريبة ألا وهو الهدف المالي على حساب الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، إذ تم تغليب الاعتبارات الخاصة بمصلحة الخزينة على غيرها من اعتبارات العدالة والكفاءة، وذلك على الرغم من الإعفاءات الكبيرة التي أعطيت للاستثمارات في كافة المجالات الاقتصادية (زراعة- صناعة- نقل- سياحة) بموجب قوانين الاستثمار المختلفة، إلا أن آثار تطبيق هذه القوانين السلبية كانت أكثر من إيجابياتها وبخاصة ما تعلق منها بقطاع النقل، وسوف نتوقف عند مشكلات النظام الضريبي السوري عند مناقشة كل ضريبة بشكل موجز.
- الضرائب والرسوم المباشرة:
وتضم: ضريبة الدخل على الأرباح الصادرة بموجب المرسوم رقم /85/ لعام 1949 وتعديلاته والتي كان آخرها القانون رقم /20/ لعام 1991، وضريبة ريع العقارات ورسم العرصات والصادرة بموجب القانون رقم /178/ لعام 1974 ورسم الانتقال على التركات والهبات والوصايا والصادرة بموجب المرسوم /101/ لعام 1952 والمعدلة بموجب المرسوم /4/ لعام 1998، وذلك بالإضافة إلى الضرائب والرسوم التالية وذلك وفقاً لتبويب بنود الموازنة العامة للدولة ضريبة المواشي- رسوم أجهزة التلفزيون- رسوم رخص حيازة الأسلحة- رسم الخروج- رسم الفراغ والانتقال والتسجيل العقاري- رسوم السيارات- رسم الري- رسوم الأمن العام- رسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي- رسم المغتربين، وكلها تدرج تحت الرقم /6/ الضرائب والرسوم المباشرة علماً بأن قسماً كبيراً منها هو غير مباشر بطبيعته كرسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي الذي صنف ضمن الضرائب والرسوم المباشرة بدون أي مبرر علمي (الجدول رقم 2).
- الضرائب والرسوم غير المباشرة:
وتضم عدداً كبيراً من الضرائب والرسوم يبلغ عددها /26/ ضريبة أو رسم، يأتي ي مقدمتها الرسوم الجمركية وتوابعها (إحصاء- تجارة خارجية)- رسم الطابع (الجدول رقم 3)
ويعد الإصلاح المالي نقطة الانطلاق في عملية الإصلاح الاقتصادي سواء على صعيد الإنفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري أو على صعيد الموارد وفي مقدمتها الموارد الضريبية بشقيها المباشرة وغير المباشرة.
بالإضافة إلى ذلك فإن اقتصاديات الدول في ظل العولمة ووجود التكتلات الاقتصادية الدولية والإقليمية ومنظمة التجارة العالمية وضرورة التعامل مع المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أصبحت أكثر اندماجاً مع دول العالم وبالتالي فإن أنظمتها الضريبية لا يمكن أن ينظر إليها بصورة منعزلة حيث تتسابق معظم الدول إلى تطوير أنظمتها الضريبية بحيث تكون الضريبة أداة مشجعة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنشيط الصادرات من خلال مساعدة المنتجات المحلية في الصمود أمام السلع الأجنبية عن طريق إعفاء الصادرات من كافة الضرائب والرسوم.
وقد كانت الأنظمة الضريبية في بداية الثمانينيات في معظم البلدان النامية معقدة ومرهقة ومثقلة بمئات الضرائب دون أن يحقق أي منها عائداً كبيراً، كما كانت لضرائب الإنتاج والاستهلاك أسعاراً متعددة بالإضافة إلى صعوبة إدارتها، وكانت ضرائب الدخل مرتفعة تعيق عملية الاستثمار.
لذلك قامت معظم البلدان النامية وخلال تنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بإعادة النظر بأنظمتها الضريبة بهدف تبسيطها وتطويرها بما يتماشى مع الفكر الحديث في مجال الضرائب الذي يستهدف تخفيض الضرائب عن مصادر توليد الدخل (الضرائب على الدخل: دخل الأرباح- دخل الرواتب والأجور) بهدف تشجيع الإنتاج والاستثمار والتصدير والتركيز على الضرائب على أوجه استخدامات الدخل (الضرائب على الإنفاق "الضريبة على القيمة المضافة- الضريبة على المبيعات") شريطة أن لا يؤثر ذلك على العدالة الضريبية وذلك من خلال زيادة الإعفاءات الشخصية والاجتماعية لذوي الدخل المحدود، ومن بين الدول العربية التي سارت في هذا الاتجاه مصر والأردن وتونس والمغرب.
لذلك سوف نتطرق في هذه المحاضرة إلى موضوع الإصلاح الضريبي المطلوب في سورية بهدف تحقيق العدالة وتشجيع الاستثمار وتنشيط الصادرات وذلك من خلال الفقرات التالية:
أولاً- الإطار العام للنظام الضريبي ويشمل ما يلي:
· مفهوم الضريبة وأهدافها.
· القواعد الأساسية للضريبة.
· أنواع الضرائب:
ضرائب على رأس المال- ضرائب على الدخل- ضرائب على الإنفاق.
ضرائب مباشرة وغير مباشرة.
ضرائب نوعية أو ضريبة موحدة للدخل.
الضريبة على القيمة المضافة.
· مقومات النظام الضريبي.
· التهرب الضريبي وآثاره.
· الإعفاءات الضريبية لتشجيع الاستثمار.
· المقدرة التكليفية للدخل القومي على المستوى الكلي وعلى مستوى الفرد.
ثانياً- واقع النظام الضريبي في سورية
· الضرائب والرسوم المباشرة.
· الضرائب والرسوم غير المباشرة.
· ضريبة الدخل على الأرباح.
· ضريبة الرواتب والأجور.
· الإعفاءات الشخصية والاجتماعية.
· رسم الانتقال على التركات.
· بدلات الفروغ.
· رسم الطابع المالي.
· ضريبة ريع الآلات.
· فروقات الأسعار.
· الضرائب الجمركية.
· رسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي.
ثالثاً- تطور الإيرادات الضريبية في سورية
· تطور الإيرادات الضريبية وعلاقته بتطور الناتج المحلي الإجمالي.
· أثر تعديل أسعار صرف الليرة السورية بالنسبة للعملة الأجنبية على حجم الموازنة.
· بنية الموارد الضريبية في سورية الضرائب والرسوم المباشرة.
· ضريبة الدخل على الأرباح التجارية والصناعية وغير التجارية.
· ضريبة الرواتب والأجور.
رابعاً- اتجاهات الإصلاح الضريبي في سورية
· متطلبات كفاءة النظام الضريبي.
· توجهات عامة للإصلاح الضريبي في سورية.
أولاً: الإطار العام للنظام الضريبي
1- مفهوم الضريبة وأهدافها:
الضريبة هي فريضة مالية تستوفيها الدولة وفقاً لقواعد تشريعية مقررة بصورة إلزامية ونهائية، وتفرض على المكلفين تبعاً لمقدراتهم على الدفع ولغاية توفير الأموال اللازمة لتغطية نفقات الدولة ولتحقيق أهداف مالية واقتصادية واجتماعية.
أ- الهدف المالي: وهو تحقيق مورد مالي لتغطية نفقاتها العامة (الجارية والاستثمارية).
ب- أهداف اقتصادية:
1- بتشجيع الاستثمار وتوجيهه نحو مشاريع إنتاجية وذلك:
- بإعفاء هذه المشاريع كلياً أو جزئياً من الضريبة.
- وتوفير الحماية للصناعة المحلية بفرض ضرائب مرتفعة على السلع والبضائع المماثلة من الخارج
- وتوفير الصادرات إلى الخارج من الضريبة بشكل كلي أو جزئي ونذكر هنا أيضاً استخدام حصيلة الضريبة في دعم القطاع الخاص لمواجهة الأزمات ولقيامه بمشاريع ذات فوائد اقتصادية واجتماعية.
2- وسيلة لضبط استهلاك السلع والخدمات، تقوم الدولة بتشجيع أو تقليل استهلاك سلعة أو خدمة معينة عن طريق تخفيض أو زيادة الضريبة المفروضة عليها.
3- وسيلة لتنظيم الإنتاج القومي، إن تنظيم الإنتاج القومي من خلال الضرائب يكون عبر استخدام الضرائب في التحكم في الطلب على السلع والخدمات لمواجهة العرض في طرفي الرخاء أو الكساد الاقتصادي للوصول إلى أوضاع طبيعية للاقتصاد وأيضاً لكبح جماح التضخم.
ج- أهداف اجتماعية: تتمثل بإعادة توزيع الدخول بين فئات المجتمع عن طريق زيادة الضرائب على ذوي الدخل المرتفع بتطبيق مبدأ التصاعد الضريبي على دخولهم وبالتالي تقليل حدة التفاوت بين مستويات الدخول وتمويل الخدمات العامة من الضريبة لمصلحة الدخول المنخفضة.
1-2- قواعد الضريبة:
لتنفيذ أهداف الضريبة فقد وضع لها ومنذ أكثر من مائتي عام قواعد محددة يجب أن يأخذها المشرع الضريبي بعين الاعتبار حين وضعه للنظام الضريبي، حيث تشكل هذه القواعد الأساس التقليدي للضريبة، وقد وضع هذه القواعد الاقتصادي الإنكليزي آدم سميث في كتابه الشهير "ثروة الأمم" وجوهر هذه القواعد ما يلي:
1-2-1 قاعدة العدالة أو المساواة في المقدرة:
وتتطلب العدالة توزيع أعباء تمويل الإنفاق العام على المواطنين بحسب مقدرتهم التكليفية على تحمل الأعباء. وهناك مفهومان يرتبط ذكرهما بهذا المبدأ وهما:
العدالة الأفقية: وتعني معاملة ذوي الدخول المتماثلة معاملة متساوية حيث يفترض ألا يؤدي فرض ضريبة ما إلى تحميل فئة مهنية أو اجتماعية تتمتع بنفس مستوى الدخل بتحمل عبء أكبر من فئات أخرى (أي معاملة ذوي الدخول المتساوية معاملة متساوية).
العدالة الرأسية: وتتطلب الحد الأدنى من الفوارق في مستويات الدخول عن طريق تحميل الأغنياء حصة أكبر في تمويل النفقات العامة (أي معاملة ذوي الدخول المختلفة معاملة مختلفة).
ولتحقيق مبدأ عدالة الضريبة لا بد من توافر الشروط التالية:
1- عمومية الضريبة، أي فرض الضريبة على جميع أنواع الدخول بدون استثناء لأن تغطية النفقات العامة يجب أن يساهم فيها جميع أفراد المجتمع.
2- تصاعد سعر الضريبة.
3- الاعتدال في سعر الضريبة.
4- إعفاء الحد الأدنى اللازم للمعيشة لحماية الأسر ذات الدخل المحدود من الضريبة.
5- وجود الإعفاءات الأعباء العائلية والظروف الاجتماعية.
1-2-2 مبدأ الوضوح: بحيث تكون الأحكام القانونية المتعلقة بتحديد مطرح (وعاء) أو مطارح الضريبية واضحة لدى المكلفين لكي يسهل تعاملهم مه\ع أحكام القانون وتنفيذه بطريقة سليمة.
1-2-3 مبدأ الملائمة: بحيث يتم مراعاة الظروف المادية والنفسية لدافعي الضرائب لكي لا تصبح الضريبة معوقاً للإنتاج ومحبطاً لنشاط الأشخاص.
1-2-4 مبدأ الاقتصاد في النفقات: بحيث تكون نفقات الإدارة الضريبية في تحقق الضريبة وفرضها وجبايتها في حدود المعقول مقارنة بالمردود الضريبي.
1-2-5 مبدأ المرونة: بحيث يتمكن النظام الضريبي من مراعاة التغير في الحصيلة الضريبية بما يتناسب والتغير في الدخل القومي وبنفس الاتجاه.
1-3 أنواع الضرائب:
تصنف الضرائب وفق أسس مختلفة من أهمها:
1-3-1 حسب الطبيعة الاقتصادية لمطرح الضريبة:
تميز هنا بين الضريبة على رأس المال (الضريبة العقارية ريع رؤوس الأموال المتداولة)، والضريبة على الدخل (ضريبة دخل الأرباح وضريبة الرواتب والأجور)، والضريبة على الاستهلاك (الضريبة على المبيعات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الإنفاق الكمالي).
1-3-2 ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة:
فالضريبة المباشرة تستقر على المكلف ولا يستطيع نقل عبئها، ويتم تحققها بشكل اسمي بموجب جداول تحقق بالمكلفين وتفرض حين حصول المكلف على الدخل أو رأس المال ومنها: الضريبة على دخل الأرباح- الضريبة على المبيعات العقارية- ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة.
أما الضرائب غير المباشرة فهي الضريبة التي يدفعها مكلف ثم ينقل عبئها إلى شخص آخر، وتفرض على واقعة معينة دون إمكان تحديد المكلف، كما أنها تفرض عند استعمال الثروة ومنها: (ضريبة الإنتاج- الضرائب الجمركية- ضرائب الاستهلاك).
وتعدّ الضريبة على القيمة المضافة من أهم الضرائب غير المباشرة وتم تطبيقها بأكثر من مائة دولة وبأشكال مختلفة، وتشكل هذه الضريبة في فرنسا ما يزيد عن 50% من إجمالي الموارد الضريبية، كما إنها طبقت في العديد من الدول النامية ضمن سياسة الإصلاح الاقتصادي ومن بين هذه الدول: مصر- الأردن- المغرب- تونس. وبالتالي يمكننا القول بأن التوجه الحديث في مجال الضرائب هو: "تخفيض الضرائب على مصادر تمويل الدخل والتركيز على اوجه استخدامات الدخل من خلال الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على المبيعات" مع مراعاة مبدأ العدالة الضريبية ما أمكن من خلال زيادة الإعفاءات الشخصية والاجتماعية لذوي الدخل المحدود عند فرض ضريبة الدخل، وكذلك عن طريق إعفاء السلع الضرورية أو إخضاعها لسعر منخفض خلال تطبيق الضريبة على الاستهلاك.
هذا وقد طبقت المغرب ضريبة القيمة المضافة منذ عام 1986 بموجب القانون رقم /85/ لعام 1985، كما طبقت مصر الضريبة على المبيعات باعتبارها أحد أشكال الضريبة على القيمة المضافة بموجب القانون رقم /11/ لعام 1991 كما طبقت في الأردن بموجب القانون رقم /6/ لعام 1994 والمعدل بموجب القانون رقم /15/ لعام 1995.
المغرب ضريبة القيمة المضافة منذ عام 1986 بموجب القانون رقم /85/ لعام 1985، كما طبقت مصر الضريبة على المبيعات باعتبارها أحد أشكال الضريبة على القيمة المضافة بموجب القانون رقم /11/ لعام 1991 كما طبقت في الأردن بموجب القانون رقم /6/ لعام 1994 والمعدل بموجب القانون رقم /15/ لعام 1995.
1-3-3 الضرائب النوعية والضريبة الموحدة على الدخل:
يعتمد نظام الضرائب النوعية على أساس التمييز بين الدخول وفقاً لمصادرها، ثم إخضاع كل مصدر من مصادر الدخل إلى ضريبة نوعية مستقلة لها وعاء وسعر خاص بها، وقد اعتمد النظام الضريبي السوري على الضرائب النوعية على الدخل حيث يضم الضرائب التالية: (ضريبة دخل الأرباح الحقيقية- ضريبة دخل غير المقيمين- ضريبة الدخل المقطوع- ضريبة الرواتب والأجور- ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة- ضريبة ريع العقارات- ضريبة رسم العرصات).
أما نظام الضريبة الموحد فيعتمد على تجميع الدخول الصافية للمكلف من كافة مصادرها في وعاء واحد ثم فرض ضريبة تصاعدية على مجموع هذه الدخول دون تمييز بين طبيعة أو مصدر هذه الدخول واتباع إجراءات موحدة في التحقق والتحصيل، وذلك بعد استبعاد مبالغ معينة لمراعاة الظروف الشخصية للمكلف، وتتميز الضريبة الموحدة بمراعاتها للمقدرة التكليفية للمكلف بشكل أفضل من الضرائب النوعية، وتطبق الضريبة الموحدة على الدخل في العديد من دول العالم المتقدم وبعض الدول النامية ومنها مصر حيث طبقتها بدءاً من عام 1944 وذلك بموجب القانون رقم /187/ لسنة 1993 وكذلك الأردن التي طبقتها لأول مرة في عام 1964 وكان آخر تعديل عليها بموجب القانون رقم /14/ لعام 1995 الذي وضع في التنفيذ اعتباراً من 1/1/1996.
1-4 مقومات النظام الضريبي:
يمثل النظام الضريبي مجموعة من العناصر التي تعمل بشكل مترابط لتحقيق أهداف معينة حسب قواعد ومقومات وإجراءات محددة، وتتكون مقوماته من الإدارة التشريعية التي تختص بإصدار القانون الضريبي والإدارة التنفيذية وهي التي تتولى تنفيذ القانون الضريبي الصادر من الإدارة التشريعية وإصدار التعليمات التنفيذية له، والجهاز القضائي الذي يتولى الفصل في المنازعات التي قد تنشأ بين المكلفين والإدارة الضريبية فيما يتعلق بتقدير الضرائب المتوجبة الدفع على المكلفين.
1-5 التهرب الضريبي:
هو محاولة المكلف الخاضع للضريبة عدم دفع الضريبة كلياً أو جزئياً متبعاً في ذلك طرقاً وأساليب مخالفة للقانون وتحمل في طياتها طابع الغش، ويجب التمييز في هذا المجال بين التهرب الضريبي التجنب الضريبي والذي يقصد به تجنب الواقعة الضريبية عن طريق امتناع الشخص عن النشاط الذي يؤدي إلى خضوعه للضريبة عن طريق الاستفادة من الثغرات القانونية وعدم إحكام صياغة التشريعات الضريبية للتخلص من دفع الضريبة حيث يستطيع المكلف أن ينفذ من إحداها ويجد لنفسه مخرجاً قانونياً يتجنب الضريبة أو يخفف من وعائها.
والتجنب الضريبي يعد أمراً مشروعاً لا يؤاخذ عليها القانون، أما التهرب الضريبي فهو من الجرائم الاقتصادية التي فرضت كافة قوانين الضرائب في العالم عقوبات جنائية ومدنية تجاهها.
التهرب الضريبي من الظواهر الشائعة في معظم دول العالم وفي مختلف العصور وإن كانت نسبته في الدول النامية أعلى بكثير من الدول المتقدمة. ومن خلال إحصائية صادرة عن الاتحاد الأوربي تبين أن نسبة التهرب الضريبي محسوبة كنسبة الناتج القومي بلغت على مستوى الاتحاد الأوربي بـ16% وتراوحت بين دول الاتحاد بين 4% في فنلندا و35% في اليونان، أما في البلدان النامية فلا يوجد إحصائيات خاصة بها، وقد قدر أحد خبراء الضرائب في مصر أن الفاقد الضريبي بسبب التهرب الضريبي في مصر يقدر بـ20 مليار جنيه مصري.
أسباب التهرب الضريبي:
يرى رئيس لجنة التوظيف التابعة الاتحاد الأوربي أن السبب الحقيقي لتفشي ظاهرة التهرب الضريبي في دول الاتحاد الأوربي هو كم يبقى للعامل الأوربي من النقود التي يتقاضاها من عمل قام به بعد أن يسدد كل الضرائب المدفوعة عليه، فالعامل الأمريكي يبقى له من دخله 80% بعد اقتطاع كافة الضرائب وبالتالي فإنه ليس من المدهش أن تكون نسبة التهرب الضريبي (نسبة من الناتج القومي) أقل من 10% من إجمالي الناتج القومي وهي النسبة الأقل من النسبة الأوربية والتي بلغت في دول الاتحاد الأوربي بالمتوسط بحدود 16% وبالتالي فنه يرى أن ارتفاع العبء الضريبي هو أهم عامل في التهرب الضريبي.
إلا أن عدم اعتدال العبء الضريبي ليس السبب الوحيد وراء التهرب الضريبي وهناك أسباب أخرى نوجزها فيما يلي:
- الغموض في النظام الضريبي. - ضعف الوعي الضريبي.
- عدم عدالة النظام الضريبي. - سوء استخدام حصيلة الضرائب.
- عدم كفاءة الإدارة الضريبية. - ضعف الجزاء على المتهربين.
- فقدان المرونة في تطبيق النظام الضريبي. - فقدان الثقة بين الدوائر المالية والمكلف.
آثار التهرب الضريبي:
للتهرب الضريبي كما هو معروف آثار سلبية على الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع، من أهمها ما يلي:
1- تخفيض حصيلة الموارد العامة وبالتالي اللجوء إلى اتباع سياسة مالية من شأنها تقليص حجم النفقات العامة، وهذا يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات من جهة وتدني مستوى الخدمات التي تقدمها الدول مكن جهة أخرى.
2- رفع سعر الضرائب الموجودة أو فرض ضرائب جديدة لتعويض الحكومة عن نقص الحصيلة الناتج عن التهرب.
3- اضطرار الحكومة لتغطية العجز المالي عن طريق الإصدارات النقدية أو الحصول على قروض داخلية أو خارجية وهذا يؤدي بدوره إلى خلق مشكلة تتعلق بسداد القروض وفوائدها.
4- الإخلال بقاعدة العدالة الضريبية بحيث يتحمل عبء الضريبة المكلفون الذين لا يستطيعون التهرب منها وينجو منها آخرون حسب مراكز قواهم.
5- الضرر الأخلاقي لانتشار الفساد وانعدام الأمانة.
1-6 الإعفاءات الضريبية الهادفة إلى تشجيع الاستثمار وتوجيهه:
يستطيع المشرع الضريبي من خلال التحكم بالضريبة على الدخل واستخدامها بصورة مدروسة جيداً أن يؤثر في عملية الاستثمار بما ينسجم مع خطة التنمية الاقتصادية في البلد، ويلاحظ حالياً وجود توجه كبير في الدول النامية نحو استخدام الضريبة لتقديم المزايا والمحفزات الضريبية التي من شأنها أن تحفز الاستثمار وتوجهه وذلك في إطار قوانين خاصة لتشجيع الاستثمار وتعود أسباب هذا التوجه إلى العوامل التالية:
1- الجات، والشروط الحالية للانتساب عليها.
2- برامج الإصلاح الهيكلي وسياساته في الدول النامية.
3- الاستثمارات الدولية والشركات متعددة الجنسية.
4- التكتلات الاقتصادية العالمية.
وقد أصدرت بعض الدول العربية قوانين تشجيع الاستثمار كالسعودية ومصر والأردن، منها ما اعتمد على الإعفاء الجزئي، أي نسبة من الإيراد، ومنها ما اعتمد على الإعفاء الكلي لمدة محدودة، وقد راعت هذه القوانين المناطق التنموية في هذه الإعفاءات، وأدخلت عدة تعديلات على هذه القوانين لمعالجة الثغرات التي ظهرت خلال التطبيق، فالأردن أصدرت القانون رقم /11/ لعام 1987 ثم طورته بموجب القانون قم /16/ لعام 1995، وكذلك صدر في مصر القانون رقم /8/ لعام 1997 تحت عنوان قانون ضمانات الاستثمار وحوافزه. ومما يستحق التوقف عنده هنا هو الإعفاءات الإضافية التي خصصها قانون ضمانات الاستثمار في مصر لشركات الأموال، وكذلك قانون ضريبة الدخل رقم /157/ لعام1981.
- إعفاء مبلغ يعادل نسبة من رأس المال المدفوع بما لا يزيد على معدل الفائدة التي يقررها البنك المركزي المصري على الودائع لدى البنوك الأخرى بشرط أن تكون أسهم الشركة مقيدة في سوق الأوراق المالية.
- إعفاء أرباح الشركات الصناعية المساهمة التي تستخدم 50 عاملاً فأكثر من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات.
ويطالب الاقتصاديون حالياً في مصر بتعميم هذا الإعفاء على الشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات الأشخاص لمعالجة مشكلة البطالة وتنشيط الاستثمار.
ونحن في سورية ما زلنا بانتظار تعديل قانون الاستثمار ليحقق الأهداف المرجوة منه بشكل أفضل.
1-7- المقدرة التكليفية للدخل القومي:
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على المقدرة التكليفية للدخل القومي سواء على مستوى الدولة أم على مستوى الفرد من أهمها ما يلي:
- هيكل الدخل القومي حسب القطاعات (زراعة- صناعة- بناء- تجارة- خدمات…الخ) فالمقدرة التكليفة في حال غلبة قطاع الصناعة أكبر من المقدرة التكليفية في حال غلبة قطاع الزراعة.
- نمط توزيع الدخل القومي بين الفئات الاجتماعية فكلما كان التوزيع أكثر عدالة كلما ازدادت المقدرة للدخل القومي، إلا أنه يلاحظ وفي معظم الدول النامية لاسيما في السنوات الأولى من الإصلاح الاقتصادي (مرحلة التثبيت) تكون حصة ذوي الدخل المحدود في الدخل القومي متدنية جداً بالمقارنة مع أصحاب عوائد حقوق التملك حيث انخفضت حصة ذوي الدخل المحدود من الناتج المحلي الإجمالي في مصر من 42.7% خلال السنوات 1986-1990 إلى 27.1% خلال السنوات 1990-1995[1].
- نصيب الفرد الواحد من الدخل القومي، كلما كان هذا النصيب مرتفعاً كلما كانت المقدرة التكليفية للدخل أعلى، لذلك نجد أن معدل الاستقطاع الضريبي من الدخل القومي مرتفع نسبياً في الدول المتقدمة بالمقارنة مع الدول النامية (جدول رقم1) وتشير إحصاءات صندوق النقد الدولي إلى أن مجموع الضرائب المباشرة وغير المباشرة في بلد متقدم كالسويد والدانمارك تتراوح بين (25%-40%) من الدخل القومي، بينما تتراوح في الدول النامية بين (10%-25%). كما تبلغ نسبة الضرائب المباشرة التي تتناول الدخل والأرباح إلى مجموع الضرائب في الدول المتقدمة بين (50%-60%)[2].
وقد تطور معدل الاستقطاع الضريبي (العبء الضريبي) في سورية والمتمثل في حصيلة الضرائب والرسوم منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من واقع نتائج قطع حسابات الموازنة العامة للدولة من 12.60% عام 1990 إلى 16.21% عام 1998. مع الإشارة إلى أن هذا العبء هو "عبئاً ظاهرياً" ولا يمثل العبء الضريبي الحقيقي في سورية لأنه لم ينزل من الناتج المحلي حجم القطاعات المهمة المعفاة أصلاً من التكليف الضريبي كدخل الاستثمارات الزراعية والدخول السياحية وسائر المداخيل العامة الأخرى المعفاة من التكليف بنصوص خاصة مما يؤدي إلى خروج ما لا يقل عن نسبة تتراوح بين (45%-50%) من الناتج المحلي الإجمالي من دائرة التكليف الضريبي[3]. وكذلك لم يدرج ضمن الضرائب والرسوم فروقات الأسعار التي تورد مباشرة للخزينة والتي في حال احتسابها سوف يصل العبء الضريبي إلى ما يزيد عن 20% من الناتج المحلي الإجمالي.
لذلك نجد مما تقدم بأن المقدرة التكليفية للدخل القومي في سورية والتي بلغت عام 1998 16.21% من الناتج المحلي الإجمالي تعد طبيعية وأن أي محاولة لزيادتها في ظل معدلات نمو الناتج القومي الحالي وانخفاض نصيب الفرد من هذا الناتج وسوء توزيع الدخل القومي لصالح فئات أصحاب عوائد حقوق التملك على حساب 1وي الدخل المحدود سوف يؤدي إلى المساس بحد الكفاف لذوي الدخل المحدود وسوف تمس بالاعتبارات الاجتماعية لهذه الفئات وتترك آثاراً سيئة على الاقتصاد القومي حيث تدفع إلى زيادة الركود الاقتصادي، وتدني الاستثمارات وبالتالي الإنتاج وتفاقم مشكلة البطالة وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
ثانياً: واقع النظام الضريبي في سورية
من البديهي أنه لا بد للنظام الضريبي في أي بلد من أن يتوافق مع العلاقات القانونية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في البلد، إلا أن تغير تطور العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتغير الظروف الاقتصادية مع التغيرات في النظام الاقتصادي العالمي يتطلب إصلاحاً جذرياً للنظام الضريبي القائم بما يتناسب والتغيرات الداخلية والخارجية بحيث تصبح الضريبة أداة هامة في معالجة العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية كالتضخم والبطالة وسوء توزيع الدخل القومي، وكذلك تصبح عاملاً مساعداً على تنشيط الاستثمارات المحلية والخارجية بهدف زيادة معدل النمو في الدخل القومي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
يعتمد النظام الضريبي السوري النافذ حالياً في سورية على نظام الضرائب النوعية وعلى المطارح المتعددة، وهو في هيكله العام وليد تشريعات عديدة وضعت موضع التنفيذ خلال ظروف مختلفة خلقت في بنياته في كثير من الحالات، تبايناً واضحاً سواء من الوجهة الفقهية البحتة أو من جهة أساليب التطبيق في الطرح وإجراءاته وجباية الضريبة.
ويتكون النظام الضريبي الحالي من مجموعة من الضرائب النوعية (ضرائب ورسوم مباشرة وغير مباشرة) تتناول مطارح متعددة صدرت بصكوك تشريعية قديمة متلاحقة ومتعددة، ويعود بعضها إلى ما يزيد على (40-5-) عاماً، ولم تواكب التطورات والتغيرات التي حدثت في بنية الاقتصاد السوري.
يفتقد النظام الضريبي في سورية إلى مقومات النظام الضريبي العادل وأهمها: العدالة- الملاءمة- الوضوح- الاقتصاد في نفقات الجباية ولم يحقق سوى الهدف الأول من أهداف الضريبة ألا وهو الهدف المالي على حساب الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، إذ تم تغليب الاعتبارات الخاصة بمصلحة الخزينة على غيرها من اعتبارات العدالة والكفاءة، وذلك على الرغم من الإعفاءات الكبيرة التي أعطيت للاستثمارات في كافة المجالات الاقتصادية (زراعة- صناعة- نقل- سياحة) بموجب قوانين الاستثمار المختلفة، إلا أن آثار تطبيق هذه القوانين السلبية كانت أكثر من إيجابياتها وبخاصة ما تعلق منها بقطاع النقل، وسوف نتوقف عند مشكلات النظام الضريبي السوري عند مناقشة كل ضريبة بشكل موجز.
- الضرائب والرسوم المباشرة:
وتضم: ضريبة الدخل على الأرباح الصادرة بموجب المرسوم رقم /85/ لعام 1949 وتعديلاته والتي كان آخرها القانون رقم /20/ لعام 1991، وضريبة ريع العقارات ورسم العرصات والصادرة بموجب القانون رقم /178/ لعام 1974 ورسم الانتقال على التركات والهبات والوصايا والصادرة بموجب المرسوم /101/ لعام 1952 والمعدلة بموجب المرسوم /4/ لعام 1998، وذلك بالإضافة إلى الضرائب والرسوم التالية وذلك وفقاً لتبويب بنود الموازنة العامة للدولة ضريبة المواشي- رسوم أجهزة التلفزيون- رسوم رخص حيازة الأسلحة- رسم الخروج- رسم الفراغ والانتقال والتسجيل العقاري- رسوم السيارات- رسم الري- رسوم الأمن العام- رسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي- رسم المغتربين، وكلها تدرج تحت الرقم /6/ الضرائب والرسوم المباشرة علماً بأن قسماً كبيراً منها هو غير مباشر بطبيعته كرسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي الذي صنف ضمن الضرائب والرسوم المباشرة بدون أي مبرر علمي (الجدول رقم 2).
- الضرائب والرسوم غير المباشرة:
وتضم عدداً كبيراً من الضرائب والرسوم يبلغ عددها /26/ ضريبة أو رسم، يأتي ي مقدمتها الرسوم الجمركية وتوابعها (إحصاء- تجارة خارجية)- رسم الطابع (الجدول رقم 3)