منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


4 مشترك

    حبيبتي ملاك

    lolitta m
    lolitta m
    جامعي جديد


    انثى
    عدد المساهمات : 28
    العمر : 34
    المكان : من تحت شباكي
    المزاج : عم طييييير
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 44
    تاريخ التسجيل : 21/07/2010

    حبيبتي ملاك Empty حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف lolitta m الخميس سبتمبر 30, 2010 10:14 pm

    بصراحة انا قريت هي القصة
    وهي من اكتر القصص يلي عجبتني القصة قريتا عالانترنت وحبيت انقلكن ياها حتى تقروها
    هي أكترمن جزء
    رح ابدا بالجزأ الاول وبتمنى لاقي ردود عليا حتى كفي الأجزاء اللي بعدا

    "فاقد الشيء.. لا يعطيه"

    هل سمعت هذه المقولة من قبل؟..بغض النظر ان كنت قد سمعتها ام لا..ما رأيك بها؟..ان أردت رأيي فأنا لا أؤيد هذه المقولة..ففاقد الشيء هو الذي يستطيع ان يعطيه ..لأنه الوحيد الذي شعر بألم فقدانه لهذا الشيء..وهو الوحيد الذي يمكنه ان يعوض من أمامه بالشيء الذي خسره ذات يوم..فمن فقد حنانا ..يشعر بألم فقدانه ويمنحه لكل من حوله..ومن فقد حبا..يعوضه لمن فقده..لانه يشعر بحقيقة آلامه..أظنكم قد فهمتم ما اعنيه لكم..لذا أترككم مع الحكاية ..صحيح انها من محض الخيال..ولكن من يدري؟..ربما تحدث يوما ما..

    مقدمة:

    ملاك هو اسمها..ملاك هي ملامحها..ملاك هي ابتسامتها..ملاك هي صفاتها..قلبها الكبير بحب الناس..لم يعرف معنى الكره ..معنى الكذب او الخداع..معنى الغرور والطمع..تخيلت إنها تحيا في عالم لا وجود للشر فيه..عالم ملئ بالخير والحب..بالتسامح والطيبة..
    هل أخطأت عندما عاشت على أفكارها تلك ؟..على صفاتها تلك..واي صدمة ستعيشها لو علمت بالواقع المر؟..هل سيستطيع أحد أن يمنحها حبا يساوي حبها لكل هؤلاء الناس؟..هل سيأتي يوم وترى الحب في عيون من حولها؟..وذلك الشخص الذي طالما تمنته والذي لم يختفي من أحلامها لحظة ..يقترب منها وبهمس قائلا..(انت ملاك حبي)..(ملاك حبي انا)


    الجزء الأول
    "هي.. وهو"
    ==========


    ابتسمت تلك الفتاة وهي تمشط شعرها الأسود الذي ينسدل على كتفيها بنعومة ورقة..وتتطلع الى نفسها في المرآة..كانت بيضاء البشرة..جميلة وبريئة الملامح.. تصرفاتها تجعلها اقرب الى الأطفال..مع انها قد تجاوزت سن الثامنة عشرة..
    كانت أشبه بالملاك عندما تبتسم..ابتسامتها يمكن ان تذيب جبالا من الغضب الذي تعيش بداخلك..وكانت مدللة والدها وخصوصا بعد وفاة والدتها..وبعد ذلك الحادث المشئوم الذي أثر بالجميع فيما عداها هي لأنها كانت صغيرة السن لحظتها..لم تعلم بم يدور حولها..او بم يحدث..فطفلة لم تتعدى الثانية من عمرها كيف لها ان تدرك ان والدتها قد توفت في ذلك الحادث..وإنها هي..تلك الطفلة الصغيرة باتت سجينة هذا المقعد الى الأبد....
    فبعد حادث السيارة المشئوم..أصيبت (ملاك)..الطفلة التي لم تتعدى الثانية من عمرها يومها..بالشلل..إثر إصابة بعمودها الفقري..
    لكن هذا لم يؤثر بها كثيرا..فمن جهة والدها..يغدق عليها بلطفه وحنانه وحبه..ومن جهة أخرى هي لم تختلط بمن يماثلونها العمر ويشعرونها بعجزها..فقد كانت تحيا بمعزل تقريبا عن الآخرين..فهي تقوم بالدراسة بالمنزل..تحت إشراف مدرسين متخصصين..
    التقطت ملاك تلك الزهرة الصغيرة وثبتتها بأحد أطراف شعرها ..وما لبثت ان سمعت صوت طرق الباب فقالت مبتسمة: ادخل..
    دلف والدها الى الداخل وقال مبتسما وهو يميل نحوها ويلثم جبينها: كيف حال ملاكي اليوم؟..
    قالت ملاك مبتسمة: في أحسن حال..ماذا عنك يا ابي؟..
    قال وهو يهز كتفيه: لاشيء..عمل في عمل..
    ومن ثم لم يلبث ان ابتسم وهو يغمز بعينه: وهذا ما دعاني لأعود في سرعة الى صغيرتي الغالية..
    قالت وهي تفكر: ابي..لم يبقى على رأس السنة الميلادية شيء ونحن لم نقم بالتجهيز لها..
    قال في هدوء: لا يحتاج الأمر لكل تلك التجهيزات..سوف نقوم بتزيين المنزل بالإضافة الى شراء بعض الحلويات..
    قالت في سرعة: لا أريدها ان تكون كالعام الماضي ..أريدها ان تكون مختلفة ومميزة..
    مسح على شعرها وقال: حسنا وما رأيك..ما الذي سيجعلها مميزة هذا العام؟..
    قالت برجاء: ان ندعو اليها ابناء عمي ..
    عقد والدها حاجبيه وقال: الم نتحدث في هذا الموضوع كثيرا يا ملاك؟..اطلبي أي شي الا هذا..
    قالت متسائلة: ولماذا؟..في كل مرة ترفض البوح لي بالأمر ..إنني لم أرهم منذ ان كنت في السادسة من عمري وبعدها لم أرهم ابدا..
    قال وهو يزفر بحدة: لا تسأليني عن السبب..نحن هكذا نعيش براحة بمعزل عنهم..
    قالت ملاك برجاء: الى متى يا ابي؟..الى متى؟..لابد ان يأتي يوم ونضطر لأن نكون معهم..ففي النهاية عمي هو أخيك ..وابناءه بمثابة ابناء لك..
    صمت والدها وهو يعلم انها على حق..ولكنه لم يعد يزور اخيه وانقطعت بينهم كل أواصر العلاقات..وهذا قبل اثني عشر عاما..أسباب عديدة دفعته لقطع تلك العلاقة..اولها كان..إصرارهم بزواجه..انه ابدا لا يفكر باحضار امرأة الى هذا المنزل لتكون بمثابة زوجة اب لابنته..ثم لا يريد ان تشعرها بعجزها وخصوصا وهو يعلم بحال ابنته وبأي آثار قد يسببه جرح مشاعرها..وإشعارها بالواقع الذي تحياه..
    والسبب الثاني هو انهم دائما ما يشعرونه بعجز ابنته ويحاولون التلميج بهذا لها.. يحاولون دائما الإشارة انها لن تعيش كباقي البشر .. دون عمل ..و دون قدرة على فعل شيء ..يستكثرون عليها هذه الحياة التي تحياها .. ويطمعون بكل قطعة نقدية تمتلكها وكأنها لا تمتلك الحق في الحياة لمجرد عجزها..انهم لا يفهمون انها ابنته..حياته كلها ..ولو طلبت نجمة في السماء لأحضرها لها.. ولهذا لا يريد لأي من اخوته او أبناءهم ان يعودوا للظهور في حياته ..لا يريدهم ان يجرحوا ابنته ولو بكلمة..انها ملاك..الا يفهمون..؟..
    (ابي الى اين ذهبت؟..)
    قالتها ملاك لتنتزع والدها من أفكاره..والتفت لها ليقول بابتسامة باهتة: أفكر في صغيرتي الغالية وماذا اشتري لها بمناسبة رأس السنة..
    - لا أريد إلا ما أخبرتك به..
    قال متجاهلا عبارتها: أتعلمين يا ملاك ..اليوم وانا اقود السيارة شاهدت متجرا للمجوهرات..دلفت اليه ولم استطع مقاومة ان اشتري هذا لملاكي الصغير..
    قالها وهو يخرج قلادة من جيبه ويهبط الى مستواها ويرفعها أمام ناظريها..اتسعت ابتسامتها وهي تلمح تلك القلادة الذهبية التي كانت عبارة عن شكل لقلب وبداخله يتوسط قلب اصغر غير ثابت ومتأرجح..وقالت بسعادة: هذا لي..
    اقترب منها والدها وقام بوضع القلادة حول رقبتها..وقال مبتسما: ما رأيك بها؟..
    قالت بفرحة : اقترب مني يا أبي..
    اقترب منها وقال: لم؟..
    سقطت بين ذراعيه وقالت: احبك يا ابي ..احبك..
    ضمها والدها اليه بحنان شديد..وهو يفكر بالمستقبل المجهول الذي ينتظر ابنته التي لا تعرف عن العالم شيئا...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    على طرف آخر وفي مدينة اخرى..وفي ذلك المنزل الكبير الذي كان اشبه بالقصر..هتفت تلك الفتاة قائلة بانزعاج: (مازن)..اعد الي أحمر الشفاه..
    قال مازن وهو يبتسم بسخرية: لا يوجد لدينا فتيات يضعون احمر شفاه..
    قالت بحنق: انها حفلة..ماذا تريدني أن أضع اذا؟..
    قال وهو يميل نحوها: يكفيك ما تلطخين به وجهك من ألوان..
    قالت بغضب وهي تمد يدها اليه: أعدها الي..
    قال وهو يلوح بأحمر الشفاه في وجهها ليغيظها: وإذا لم افعل يا آنسة (مها)؟..
    قالت بانفعال:سأخبر والدي..
    قال بعدم اهتمام: اخبريه..
    اسرعت مها تهبط درجات السلم وتتوجه نحو والده الذي كان يحتسي كوب القهوة في الردهة الرئيسية..وسمع صوت ابنته مها وهي تقول: والدي..يجب ان تجد حلاً مع مازن..
    التفت لها وقال: وماذا به شقيقك ذاك؟..
    قالت بحنق: لقد أخذ احمر الشفاه الخاص بي.. ويرفض إعادته لي..
    قال والدها بضجر: وليس لي عمل غير فض الخلافات بينك وبين أخيك..
    قالت بسخط: هو من بدأ..
    جاءها صوت مازن وهو يقول: بل هي..تود وضع احمر شفاه في حفل ساهر..لا تزال طفلة على مثل هذا الأمور..
    قالت بحدة: انت الطفل..
    قال والده بملل: ألم تكبر على مثل هذا الأمور يا مازن؟..لقد تجاوزت الخامسة والعشرين..
    قالت مها وهي تعقد ساعديها وقالت: أخبره بذلك يا والدي..وقل له ان يعيد أحمر الشفاه الخاص بي..
    قال مازن مبتسما: سأعيده ولكن بشرط..
    التفتت له فأردف: ان تعرفيني على احدى صديقاتك بالحفل..
    قالت وعيناها متسعتان: لا بد وان عقلك قد اصابه خلل ما..
    تطلع الى احمر الشفاه الذي بيده وقال: فليكن اذا.. لا تحلمي ان تري هذا مرة اخرى.. ودعيه الآن قبل ان يصل الى سلة المهملات..
    قالت باحتجاج: لا تفعل هذا.. انه باهض الثمن..
    - أمامك حلان إما احمر الشفاه او أحدى صديقاتك؟..
    مطت شفتيها وقالت: فليكن سأعرفك على إحداهن.. أعدها لي الآن..
    كاد أن يعطيها إياه ولكنه تراجع قائلا: أقسمي أولا..
    قالت بضجر: اقسم على ذلك..هل ارتحت؟.. هيا اعطني إياه..
    قدم لها أحمر الشفاه.. فاختطفته منه في سرعة وعادت أدراجها الى الطابق الأعلى..اما والده فقد تطلع اليه بضيق ومن ثم قال: الا تخجل من نفسك يا مازن من ان تطلب من أختك أن تعرفك على إحدى صديقاتها؟.. وأمامي أيضا..
    هز مازن كتفيه ومن ثم قال: انها مجرد صداقة بريئة يا والدي.. وجميع الفتيات اللواتي اعرفهن يعلمون مسبقا اني لن ارتبط بإحداهن.. أنا لم اخدع أحدا.. جميعهن يعرفن حدود العلاقة التي بيننا..
    قال والده بضيق: ألا ترى إن هذه العلاقات لا تصلح لشاب مثلك؟.. ألا تفكر في الاستقرار؟..
    ابتسم مازن وقال: أن كنت تعني الزواج.. فكلا.. لا أفكر به مطلقا..
    هز والده رأسه بضيق اكبر وقال: انظر الى أخيك انه لا يتصرف مثل تصرفاتك..على الرغم من انه شقيقك الأصغر..
    قال مازن بسخرية: (كمال).. انه لا يبالي بشيء ابدا.. انظر اليه على الرغم من اننا سنغادر بعد قليل.. فلم يحضر حتى الآن..
    - اتصل به لتعلم اين هو اذا..
    التقط مازن هاتفه ليتصل بكمال ولكن قبل ان يفعل سمع صوت الباب الرئيسي وهو يُفتح.. فابتسم مازن بسخرية وقال: لابد وانه قد ترك أصدقائه من اجلنا أخيرا.. وقرر الحضور..
    التفت والده الى حيث كمال وقال وهو يعقد حاجبيه: لماذا تأخرت يا كمال؟..
    قال كمال بلامبالاة: لقد نسيت أمر حفلة الليلة.. ولم أتذكر إلا قبل وقت قصير..
    عقد والده حاجبيه وقال باستنكار: وهل هذا أمر يستطيع المرء نسيانه يا كمال؟..
    هز كمال كتفيه ومن ثم قال: لقد نسيته وانتهى الامر..
    قال الوالد بعصبية وهو يلتفت الى مازن: استدعي شقيقتك لنغادر .. فلو تناقشت معكم اكثر من هذا.. قد اصاب بمرض القلب..
    ألقى مازن نظرة حانقة على كمال الذي بدا غير مباليا أبدا بما يحدث حوله.. ومن ثم عاد ليهتف مناديا مها: مها.. أسرعي سنغادر بعد قليل..
    سمع صوتها من أعلى الدرج وهي تقول بصوت عالي: سوف آتي .. دقيقة واحدة فقط..
    وما لبثت ان هبطت بعد قليل.. ليغادروا جميعا المنزل.. متوجهين إلى الحفلة المنشودة...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    شعرت ملاك التي كانت تنام بهدوء في غرفتها بلمسات حانية تداعب وجنتها ..فهمست قائلة: أريد ان انام..
    سمعت صوت والدها يقول: هيا استيقظي ايتها الكسولة..
    فتحت عينيها ببطء وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تقول : ابي.. الم تذهب الى عملك اليوم؟..
    هز رأسه نفيا.. فسألته قائلة وهي تعتدل جالسة: ولم؟..
    قال والدها بهدوء: هذا ما جئت لأحدثك عنه..
    تطلعت ملاك اليه بحيرة وقالت: وما هو الذي جئت لتحدثني عنه؟..
    مسح على شعرها بحنان ومن ثم قال: أنت تعلمين إن أعمالي كثيرة داخل وخارج البلاد.. واليوم قد حدث أمر طارئ يستدعيني للسفر..
    عقدت ملاك ساعديها امام صدرها وقالت بضيق: ليس مرة اخرى يا والدي.. ستتركني وتسافر..
    زفر والدها قائلا: وماذا عساي ان افعل يا ملاك؟.. انني مضطر صدقيني والا لما غادرت البلاد وتركتك..أتظنين إن أمرا بسيطا قد يجبرني على تركك وحدك.. لا إن الأمر اكبر من هذا وعلي أن أكون هناك لأستطيع تدارك أي خطأ قد يحدث..
    أشاحت بوجهها عنه وقالت وهي تشعر بغصة في حلقها: في المرة الماضية ايضا تركتني.. هنا لوحدي.. لا اجد ما افعله.. سوى التحدث الى نفسي..
    قال والدها بحنان وهو يضمها الى صدره: ملاك يا صغيرتي.. لا تقولي هذا.. انت اكثر من يعلم انني اتضايق عندما اراك حزينة..
    أمسكت ملاك بسترته وقالت برجاء: اذا خذني معك .. أرجوك..
    ربت على ظهرها وقال بأسف: ليتني استطيع.. سأكون منشغلا طوال الوقت.. وسأضطر لانتقال من مكان الى آخر.. وقد لا استقر في مكان ما الا بعد ايام من وجودي هناك..
    ابتعدت ملاك عن والدها وقالت وعيناها متسعتان: ايام؟؟.. اتعني انك ستغيب كثيرا هذه المرة.. وستتركني وحيدة هنا..
    - اسبوع لا اكثر..
    ترقرقت الدموع في عينيها وقالت بحزن: لقد سأمت البقاء لوحدي يا ابي .. لا اريد ان ابقى لوحدي مرة أخرى.. اريد ان اجد من اتحدث اليه..
    قال والدها بحنان وهمس وهو يمسح تلك الدموع التي سالت على وجنتيها: لا أريد أن أرى هذه الدموع.. تعلمين إني لا اتأثر الا عندما أرى دموعك..
    قالت ملاك بإصرار: أريد أن آتي معك..
    - ليتني أستطيع يا ملاك..
    صمتت ملاك بحزن وهي تشعر بأن الماضي سيتكرر وتظل وحيدة من جديد.. كل عام يغادر والدها البلاد.. ليومين او ثلاثة ويتركها وحيدة.. ولكن هذه المرة سيغادره لأسبوع كامل.. لا تستطيع ان تبقى في المنزل مع عدد من الخدم فقط.. تريد ان تتحدث الى احد يفهمها وتفهمه..
    وقال والدها بابتسامة: ستكون معك السيدة (نادين).. وهي المسئولة عنك كما تعلمين فلا تقلقي لن تحتاجي لأي شيء في غيابي..
    قالت ملاك بحزن: لا أريد ان أبقى وحيدة..
    شعر والدها بالعطف تجاهها وقال وقد احس انه يمكن ان يوافق على أي طلب تطلبه.. وهو يراها في حالتها هذه: ما الذي تريدينه اذا؟..
    التفتت له ومسحت دموعها في سرعة لتقول: اريد ان اذهب لمنزل عمي للبقاء عندهم..
    قال والدها في عدم تصديق ودهشة: منزل عمك؟..انت لا تعرفين احدا منهم ابدا..
    قالت ملاك وهي تعض على شفتيها بالم: على الاقل سأجد من اتحدث اليه هناك..
    قال والدها بحزم: ملاك.. كل شيء إلا هذا.. أنا لا أريد لك أن تذهبي إلى هناك وتختلطي بهم لأن...
    قاطعته ملاك برجاء: أرجوك يا أبي.. لن اطلب شيئا آخر سوى هذا.. أرجوك..
    رق قلب والدها وهو يراها تتوسل إليه.. وشعر انه ربما اخطأ عندما جعلها بمعزل عن الآخرين.. قد يكون ذلك في صالحها.. ولكنه أيضا سبب لها الشعور بالوحدة.. الشعور بأن ليس لديها أصدقاء ممن يماثلونها العمر.. وقد يكون ذلك سببا في عدم إدراكها لطبيعة البشر من حولها..
    وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي والدها ليقول: كما تشائين يا صغيرتي.. سأفعل لك كل ما تريدينه..
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    تطلع والد مازن الذي كان يجلس خلف مائدة الطعام الى المقعد الفارغ وقال متسائلا: اين كمال؟..
    اجابته مها التي كانت تجلس بجوار والدها: لا يزال نائما..
    قال والدها بضيق: انها الثانية ظهرا.. أي نوم ينامه الى الآن؟..
    قال مازن الذي جلس على الطرف الآخر للمائدة: الم اخبرك انه لا يبالي بأي شيء؟..
    قالت مها بحنق: على الاقل هو ليس مثلك.. دائم الشجار معي..
    قال مازن بابتسامة: أنا أقوم بتسليتك.. فلو لم أكن أتشاجر معك لشعرت بالملل..
    قالت مها وهي تتناول القليل من طبقها: الملل لدي افضل الف مرة من شجار واحد معك..
    ضحك مازن وقال:ألأني المنتصر دائما في هذا الشجار؟..
    مطت شفتيها بضيق ولم تجبه..وكاد أن يهم بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف المنزل.. فقال والد مازن وهو يواصل تناول طعامه: اجب يا مازن على الهاتف..
    ابتسم مازن وقال وهو يتطلع الى مها: اجيبي يا مها على الهاتف..
    قالت مها بحنق: ابي قد طلب ذلك منك انت..
    قال بسخرية: عليك الامتثال لاوامر شقيقك الاكبر..
    قالت بتحدي: وعليك انت الامتثال لاوامر والدك..
    قال والده بغضب: الا تحترمون وجودي حتى؟..
    نهض مازن من مكانه وقال وهو يزفر بحدة: سأجيب يا والدي على الهاتف .. لا داعي لكل هذا الغضب.. لقد كنت امزح فحسب..
    قالت مها بصوت خفيض وحانق: مزاحك ثقيل جدا..
    توجه الى الردهة الرئيسية حيث الهاتف ليرفع سماعته ويجيب قائلا: الو.. من المتحدث؟..
    تسائل الطرف الآخر قائلا: هل هذا هو منزل السيد امجد محمود؟ ..
    اجابه مازن قائلا : اجل هذا منزله .. من المتحدث؟..
    - انا خالد .. شقيقه..
    قال مازن بحيرة: هل انت عمي خالد حقا؟..
    قال خالد بابتسامة باهتة: اجل ..وانت من تكون؟ ..مازن ام كمال؟..
    ابتسم مازن وقال : انا مازن يا عمي.. كيف حالك؟.. لم نرك منذ مدة طويلة..
    - انا بخير.. هل لك ان تنادي لي والدك؟..
    استغرب مازن رغبته في ان ينهي المحادثة معه سريعا ولكنه لم يفكر بهذا طويلا وقال بهدوء: حسنا سأفعل..
    والتفتت الى حيث والده ليهتف بصوت مرتفع: والدي.. عمي يريدك على الهاتف..
    نهض والده من خلف طاولة الطعام التي كانت تحتل ركنا من الردهة وقال متسائلا: أي عم تعني؟..
    قالها وهو يقترب من حيث يقف مازن في حين اجاب هذا الاخير وهو يتطلع الى والده: انه عمي خالد..
    توقف والده فجأة وقد سيطرت عليه الدهشة والاستغراب.. فشقيقه خالد لم يتصل منذ فترة طويلة تجاوزت العام والنصف.. واتصالاته كانت تنحصر على أمر يتعلق بالعمل.. او امر مهم ما..فلابد ان امر ما قد حدث حتى يتصل به..وواصل طريقه ليلتقط السماعة من مازن ويجيب قائلا: اهلا خالد.. كيف حالك؟..
    هز مازن كتفيه بلامبالاة وسار مبتعدا عن المكان في حين أجاب خالد قائلا ببرود: بخير..
    قال والد مازن كمن اعتاد على هذه النبرة من شقيقه : وكيف حال ملاك؟..
    توقف مازن في تلك اللحظة عن السير.. ملاك؟؟.. هل لعمه ابنة؟.. لم يعرف هذا حتى الآن.. انه يستغرب عدم حديث والده عن عمه خالد بالذات.. ويستغرب هذه القطيعة بين والده وعمه.. وعقد حاجبيه وهو لا يزال واقفا في مكانه منصتا لما يقال..
    وعلى الطرف الآخر قال خالد بهدوء: وهذا ما جعلني اتصل بك..
    قال أمجد -والد مازن- بحيرة: ماذا تعني .. هل اصابها مكروه؟..
    ازداد انعقاد حاجبي مازن.. الآن هو قد فهم من هذه المحادثة ان هناك فتاة تدعى ملاك.. وربما تكون ابنة عمه.. وابيه يتحدث عن مكروه.. وكأنها من المحتمل ان تصاب به في أي لحظة.. لكن.. لماذا؟..
    قال خالد بحدة على الرغم منه: ملاك على ما يرام .. فلا داعي لان تتمنى لها ان تصاب بأي مكروه ..
    قال امجد بهدوء: خالد.. انت تعلم جيدا انني لست كباقي اخوتك.. وانا الوحيد فيهم الذي عارضهم على ما يفكرون به تجاه ابنتك.. اليس هذا صحيحا؟..
    قال خالد وقد هدأت حدة صوته: ولهذا اخترتك انت بالذات.. ولكن اعلم جيدا يا شقيقي العزيز انهم لو طلبوا منك أي شيء لتضر ابنتي لما تأخرت..انت لا تستطيع ان ترفض لهم مطلبا واحدا وهم شركائك.. اليس كذلك؟..
    قال امجد بلامبالاة: لا فائدة منك.. على الرغم من كل ما فعلته من اجل ابنتك قبل اثني عشر عاما..
    ازدادت دهشة مازن وهو يستمع لكل هذه الأمور التي اخذت تتدفق من بين شفتي والده.. اذا ملاك هي ابنة عمي حقا..وهناك شيء قد حدث قبل اثني عشر عاما أدى إلى هذه القطيعة بين عمي خالد والبقية من أشقاءه..وأبي هو الوحيد الذي عارضهم على ما يفكرون به تجاه ابنة عمي.. ولكن بم كانوا يفكرون بالضبط؟.. أو ما الذي ينون عليه؟..
    قال خالد بهدوء: قبل أي شيء يا امجد اطلب منك ان تعدني.. او ان تمنحني كلمة منك.. ان ابنتي ستكون على مايرام ولن تتأذى من قبل أي منكم سواء بمضايقتها او بالتلميح لها..
    قال امجد موافقا: أمنحك كلمة شرف ان ابنتك ستكون على مايرام ولن يجرؤ احد على الاقتراب منها حتى لو كانوا ابنائي نفسهم..واقسم على ذلك ايضا..
    واردف بتساؤل: ولكن لم تطلب مني ذلك؟..أهناك امر ما قد حدث؟..
    - انت تعلم بأعمالي العديدة.. وان علي ان اسافر بين الحين والآخر حتى أنجز أعمالي بالخارج..وفي كل مرة اترك ملاك فيها ليومين او ثلاثة.. ولكن هذه المرة الفترة قد تطول الى ما هو أكثر من ذلك.. ربما أسبوع او أكثر بقليل.. وعندما أخبرتها بالأمر صدقني لم أراها في حياتي حزينة كما رأيتها في تلك اللحظة وهي تطلب مني ان آخذها معي..
    تساءل امجد بقليل من الدهشة: وهل وافقت؟..
    اجابه خالد قائلا: بكل تأكيد لا.. الأمور لا تستقر الا بعد فترة من الوقت كيف لي ان اتركها وحيدة كل هذا الوقت .. وفي الوقت ذاته لا استطيع ان اتركها لمفردها في المنزل.. لهذا فقد كنت انت بمثابة الحل الوحيد..
    قال امجد بهدوء: انت تعني ان تاتي لتبقى عندي في وقت غيابك .. اليس كذلك؟..
    - بلى واعِلم انها هي من طلبت مني ذلك.. انها تشعر بالوحدة لمفردها وتتمنى ان يكون لها أصدقاء.. وحسبما اذكر فابنتك مها بمثل عمرها تقريبا.. لهذا ارجو ان لا يخيب ظنها بما تتمنى رؤيته في منزل عمها..
    قال امجد بحزم: بيت عمها هو بيتها الآخر.. فلا داعي لاي تلميحات..
    - على العموم سترافقها السيدة نادين.. ولن تكون بحاجة لأي شيء..
    - ابنتك مرحب بها في أي وقت..
    - سأحضرها غدا صباحا وأرجو ان تكون عند وعدك..
    - لا تقلق سأكون كذلك واكثر..
    - الى اللقاء..
    اغلق امجد سماعة الهاتف وقال بضيق: لا يزال يضعني في دائرة الاتهام على الرغم من اني كنت اقف بجانبه هو وابنته دائما ..
    سأله مازن بعتة والذي بدأ يفهم بعض الشيء من الحديث الذي دار بين والده وعمه: ابي من هي ملاك؟.. وهل هي سبب القطيعة بينك وبين عمي خالد؟..
    التفت له والده وكأنه قد تنبه الى وجود مازن للتو وقال وهو يعقد حاجبيه: هل كنت تستمع لما اقوله؟..
    هز مازن كتفيه وقال: ليس تماما.. ولكن الحديث عن هذه الفتاة اثار دهشتي وخصوصا وانك لم تتحدث عنها ابدا..
    زفر والده بحدة وقال: اجل هي ابنة عمك.. وهي سبب القطيعة التي بيننا..
    تسائل مازن بفضول: ولماذا؟..
    صمت والده للحظات ومن ثم قال: لا داعي لأن نفتح صفحة الماضي.. الامور هكذا افضل..
    ومن ثم توجه الى احدى الخادمات ومازن يراقبه بحيرة.. وسمع هذا الاخير والده وهو يقول لتلك الخادمة: جهزوا غرفة النوم التي بالطابق الارضي قبل الغد..
    أومأت الخادمة برأسها وابتعدت.. في حين شعر مازن بحيرته تزداد.. فمن الغريب ان يطلب والده تجهيز غرفة نوم بالطابق السفلي على الرغم من ان لديه غرف نوم اكثر بالطابق الاعلى.. فما فهمه من حديث والده ان ابنة عمه ستأتي للبقاء عندهم لفترة من الوقت ريثما ينهي عمه أعماله بالخارج.. ولكن لم اختار والده الغرفة الموجودة بالطابق الأرضي بالذات؟..هل يريد ان تكون ابنة عمي بعيدة عنا ام ماذا؟! ..
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    (ملاك توقفي عن البكاء يا صغيرتي)
    قالها خالد والد ملاك بحنان وهو يتطلع الى هذه الأخيرة التي جلست الى جواره على المقعد الخلفي للسيارة ولم تتوقف عيناها عن ذرف الدموع وهي تشيح بوجهها لتتطلع الى من النافذة بألم ..واردف والدها ليقول بصوت هادئ: انها ليست المرة الاولى التي اسافر فيها يا ملاك.. لا تبكي هكذا يا صغيرتي وكأني لن اعود اليك..
    قالت ملاك من بين شهقاتها: ولكنها المرة .. الأولى التي ..تتركني لوقت طويل..
    مسح على شعرها وقال بابتسامة: أريد أن أرى ابتسامة على الأقل قبل ان أسافر.. حتى اشعر بالراحة وأنا مسافر.. لا أريد ان أتركك وانا اشعر بالقلق عليك..
    التفتت له وقالت بعينين مغرورقتين بالدموع: كيف ابتسم وقلبي يبكي بدموع من دم على فراقك يا ابي ..كيف؟..
    التقط والدها من جيبه منديلا وشرع يمسح دموعها برفق وحنان وقال بابتسامة مغيرا دفة الحديث لينسيها القليل من احزانها: الا زلت مصرة على الذهاب الى منزل عمك؟..
    قالت ملاك بعناد طفولي: بكل تأكيد على الاقل سيكون هناك من اتحدث اليه من اخبره باحاسيسي.. برغباتي.. لا ان أكون كالتائهة لا اعلم الى من اتحدث او الى أي شخص اشكي همومي..
    قال والدها وهو يربت على كتفها: سأتصل بك يوميا ويمكنك ان تشكي لي ما اردت.. اخبريني ماذا تريدين ان احضر لك معي..
    تنهدت وقالت وهي تنظر اليه: ما يهمني هو سلامتك يا ابي..
    قال مبتسما بمكر: الا تريدين أي شيء حقا؟..
    وجدت نفسها تبتسم وتقول: بلى اريد..
    واردفت قائلة: اريد ان تجلب لي معك طيرا..
    قال بحيرة: يمكنك شراء ما تريدين يا صغيرتي من هنا .. سأمنحك المبلغ الذي تريدين و...
    قاطعتها قائلة وهي تهز رأسها نفيا: لا.. لا اريد شراءه من هنا.. بل اريده ان يكون على ذوقك.. ويكون مميزا حتى اتذكرك كلما غبت عني..
    قال والدها بحب وهو يحيط كتفها بذراعه ويضمها اليه: لك ما شئت يا صغيرتي..
    عقب قوله توقف السيارة.. وسمعا صوت السائق وهو يقول: لقد وصلنا يا سيد خالد..
    التفتت ملاك في سرعة الى منزل عمها.. وفغرت فاهها بدهشة .. والتمع في عيناها بريق اعجاب وهي تقول: اهذا هو منزل عمي حقا؟..
    فما امامها لم يكن اشبه بالمنازل التي رأتها.. بل كان اشبه بالقصور.. ببوابته الكبيرة.. وضخامة بناءه وروعة تصميمه .. وحديقته التي كانت ترى منها القليل فقط.. وان كانت تشعر بمساحتها الكبيرة..وازدردت لعابها لتتغلب على دهشتها وتشير الى المنزل باصابع متوترة بعض الشيء: اهذا منزل عمي حقا؟؟..
    قال والدها بابتسامة باهتة: لا تخدعك المظاهر يا صغيرتي..
    - ماذا تعني يا ابي؟..
    قال بهدوء وهو يلتفت عنها: قد يبدوا لك المنزل جميلا من الخارج ولكن ماذا عن الداخل؟..
    كان يعني بقوله اصحاب ذلك المنزل.. ولكنها لم تفهمه وظنت انه يعني المنزل بتأثيثه الداخلي.. وقالت مبتسمة: اكثر جمالا بكل تأكيد..
    ابتسم وقال متحدثا الى نفسه: ( لن يمكنك فهم ما اعنيه ابدا يا صغيرتي.. لانك لم تكن لك اية علاقات الا معي ومع السيدة نادين..اشعر بالخوف تجاهك من كل ما حولك.. وكل ما يحيط بك.. كيف يمكن ان تواجهي العالم لو لم اكن انا موجودا .. كيف لك ان تواجهي جشع اعمامك ومكرهم .. كيف لك ان تواجهي خبث الناس من حولك.. هل اخطأت يا صغيرتي عندما ابعدتك عن الناس خوفا من ان يجرحوا مشاعرك؟ .. هل هذا هو خطأي انا؟..)
    وتطلع الى المنزل وهو يتمنى من كل قلبه ان يعاملها اخيه وابناءه كما يتمنى هو او كما تتمنى هذه الملاك الصغير.. لو جرحوا مشاعرها لمرة فما الذي قد يحدث لها.. لو حاولوا ان يلمحوا يوما عن عجزها.. كيف ستتصرف؟..
    ووجد نفسه يتردد في ان يترك ملاك عند اخيه .. ولكن حماسة ملاك المفاجأة جعلته يتراجع عندما سمعها تقول بسعادة: ابي اريد ان ارى المنزل من الداخل ايضا.. متى سنهبط من السيارة؟ ..
    قال والدها بابتسامة شاحبة بعض الشيء وهو يفتح الباب المجاور له: الآن يا صغيرتي..
    واردف وهو يتحدث الى السائق: افتح صندوق السيارة..
    اسرع السائق ينفذ الامر.. فخرج خالد من سيارته وتوجه الى خلف السيارة ليلتقط ذلك الكرسي المتحرك الذي اصبح رفيق ملاك الدائم.. وفرده ليحركه الى جانب الباب المجاور لملاك.. وفتح الباب ليقول بابتسامة: هل اساعدك؟..
    قالت مبتسمة: لقد اعتدت هذا.. صدقني..
    قالتها وهي ترفع نفسها قليلا من على مقعد الكرسي باستخدام كلتا ذراعيها.. وتوجه ثقل جسدها الى الكرسي الموضوع بجانب السيارة..واستقرت عليه .. فابتسم والدها وهو يدفع المقعد قليلا ويغلق باب السيارة والتفت الى السائق قائلا: انتظرني هنا ريثما اعود..
    عاد السائق ليومئ برأسه.. فدفع خالد مقعد ملاك امامه.. وابتسم يشرود وهو يتطلع الى المنزل الموجود امامه.. وتوقف لوهلة وهو يقول: هيا يا سيدة نادين..
    كانت نادين سيدة تجاوزت الثامنة والثلاثين.. طيبة القلب وتهتم بكل شئون ملاك.. وهذا ما كان عزاءه في محنة ابنته.. ان تجد القلب الذي يعطف عليها.. وتكون كأم او اخت لها..
    خرجت السيدة نادين من السيارة وهي تحمل حقيبة متوسطة الحجم وقالت في سرعة : في الحال يا سيد خالد..
    وابتسمت ملاك ابتسامة تحمل ما بين السرور والقلق..القلق مما قد يصادفها خلف ابواب ذلك المنزل.. ضمت معطفها الى جسدها وتساءلت بالرغم منها متحدثة الى نفسها : (هل سيكون العيش بمنزل عمي كما تخيلته وتمنيته؟ .. أم أني سأنصدم بالحقيقة القاسية ؟)
    []color=red][/color
    (يارب يكون عجبكن هالجزء وبتمنى لاقي ردود حتى اتشجع وكفي القصة)
    اسيرالأحزان
    اسيرالأحزان
    جامعي جديد


    ذكر
    عدد المساهمات : 122
    العمر : 35
    المكان : safita
    المزاج : خربان
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : متخرج
    المستوى : 0
    نقاط : 365
    تاريخ التسجيل : 30/09/2009

    حبيبتي ملاك Empty رد: حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف اسيرالأحزان الجمعة أكتوبر 01, 2010 2:10 am

    مشكور وناطرين القادم
    نسيم الأربعين
    نسيم الأربعين
    ملك التحدي


    ذكر
    عدد المساهمات : 6318
    العمر : 34
    المكان : سورية الغالية
    المزاج : عاشق لوطني سوريا وأفتخر به
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : 4
    المستوى : 105
    نقاط : 8465
    تاريخ التسجيل : 22/11/2009

    حبيبتي ملاك Empty رد: حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف نسيم الأربعين الجمعة أكتوبر 01, 2010 4:27 am

    مشكورة حلوة كتير
    lolitta m
    lolitta m
    جامعي جديد


    انثى
    عدد المساهمات : 28
    العمر : 34
    المكان : من تحت شباكي
    المزاج : عم طييييير
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 44
    تاريخ التسجيل : 21/07/2010

    حبيبتي ملاك Empty رد: حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف lolitta m الجمعة أكتوبر 01, 2010 2:31 pm

    نسيم وأسير الأحزان بتشكركن عمروركن
    وهلأ رح اكتب الجزء التاني
    lolitta m
    lolitta m
    جامعي جديد


    انثى
    عدد المساهمات : 28
    العمر : 34
    المكان : من تحت شباكي
    المزاج : عم طييييير
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 44
    تاريخ التسجيل : 21/07/2010

    حبيبتي ملاك Empty الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف lolitta m الجمعة أكتوبر 01, 2010 2:48 pm

    "هناك"

    قالت مها بحنق وهي تشير الى باب غرفتها: هلاّ خرجت يا مازن والا ناديت لك والدي الآن..
    قال بسخرية: لم اثر جنونك بعد..
    قالت بحدة: اخرج .. اخرج الآن..
    هز كتفيه وقال: على كل حال كنت سأخرج لان لدي موعد مع صديق لي.. لذا.. مع السلامة يا اختي العزيزة..
    توجه إلى الخارج ليسير في الممر ومن ثم يهبط درجات السلم .. وتوقف بغتة وهو يستمع صوت رنين جرس الباب..ورأى الخادمة وهي تتوجه الى الباب وتفتحه..ومن ثم سمعها تقول: تفضل يا سيد خالد بالدخول..
    عمه خالد هنا؟..يا للغرابة انه لم يزرهم منذ مدة طويـ.. لحظة.. كيف نسي هذا؟.. عمه اتصل بالأمس من اجل ابنته ..صحيح!..لقد قال انه سيأتي غدا ليصحب معه ابنته الى هنا.. كيف نسي هذا؟..
    وتطلع الى الباب وهي ينتظر ظهور ابنة عمه المرتقبة بلهفة..ترى كيف شكلها؟.. هل هي جميلة ام لا؟.. وكم عمرها؟ .. إذا كان ما حدث قبل اثني عشر سنة.. يعني ربما تكون هي الآن على الاقل ذات أربعة عشرة عاما.. ابتسم لنفسه بسخرية.. قد تكون ابنة عمه التي ينتظرها طفلة ليس الا.. يا لغباءه.. ايظن انها يجب ان تكون فتاة في العشرين من عمرها و...

    ((انا لست طفلة))..
    ((كمال.. دعها وشأنها))

    اتسعت عيناه وهو يشعر بغرابة ما جال بباله.. ما هذه الكلمات التي دارت بذهنه.. بل من قال هذه العبارات.. يشعر انها مدفونة في عقله منذ زمن طويل.. ما باله؟.. ما الذي يقوله الآن؟..
    ورفع عيناه ليتطلع إلى عمه خالد الذي دلف إلى الداخل وأخذت عيناه تجول بحثا عن ابنة عمه.. ورأى السيدة نادين وهي تدخل حاملة حقيبة أمامها.. وعقد حاجبيه.. ان هذه المرأة كبيرة جدا.. اذا اين هي ابنة عمه؟.. ربما لم تدخل بعد او...
    وانتبه في تلك اللحظة فقط الى المقعد الذي كان موجودا أمام عمه خالد..وتوجهت أنظاره الى تلك الجالسة امامه.. والتي كانت تطرق برأسها وهي تداعب قلادتها بأناملها.. واتسعت عيناه في دهشة وذهول.. هل ابنة عمه تلك كانت فتاة مشلولة عاجزة ؟؟!..
    فالوحيدة التي كانت يمكن ان تكون ابنة عمه هي الجالسة على ذلك المقعد.. الآن فقط فهم لم والده اختار الغرفة الموجودة بالطابق السفلي..ولم يستطع مازن ان يلمح ملامحها بشكل جيد وخصوصا وهي تطرق برأسها ولكنه لمح شعرها الأسود الذي ينسدل على كتفيها كشلال من الماء..وهبط آخر الدرجات ليتقدم منهم ويقول بابتسامة رسمها على شفتيه: اهلا عمي خالد.. لم نرك منذ مدة..
    قال خالد ببرود: اهلا مازن.. اين والدك؟..الم تناديه الخادمة بعد؟..
    في تلك اللحظة رفعت ملاك عينيها لتتطلع الى المكان من حولها.. وشعرت بالانبهار وهي ترى مظاهر الفخامة والثراء الذي ينعكس في اللوحات الفنية والتحف والاثاث الفاخر.. والثريات التي تملأ سقف الردهة.. ومن ثم لم تلبث ان تطلعت الى مازن الواقف امامهم.. كان شابا وسيم الملامح.. طويل القامة. . ذا شعر اسود وعينان سوداوان كذلك.. يرتدي بنطالا اسود وقميصا يجمع مابين اللونين الرمادي والأسود..وقال هذا الاخير مرحبا: تفضل يا عمي بالدخول..
    قال خالد بلامبالاة: الطائرة ستغادر بعد ساعتين.. انا مستعجل .. هلاّ ناديت لي والدك..
    التفت مازن ليفعل لولا ان رأى والده يتقدم منهم وهو يقول بابتسامة: اهلا خالد..كيف حالك؟.. وكيف حال ملاك؟..
    قالها وهو يتطلع الى ملاك.. فقال خالد بهدوء: بخير.. لا تنسى وعدك لي يا امجد..ملاك امانة عندك..
    قال امجد وهو يتطلع الى ملاك بابتسامة: ستكون في منزلها..
    وأردف قائلا وهو يتحدث إلى ملاك: كيف حالك يا ملاك؟.. لقد أصبحت عروسا جميلة.. آخر مرة رأيتك فيها كنت في السادسة من عمرك..
    ارتسمت ابتسامة تجمع مابين السرور والخجل وهي تقول: بخير ..
    في تلك اللحظة وجدها مازن فرصة ليتطلع الى ملاك.. وخصوصا وانها غير منتبهة له.. وبرقت عينيه ببريق الاعجاب وهو يتأمل ملامحها التي تقطر براءة.. وابتسامتها التي تجعلها كالأطفال ..بشرتها الناصعة البياض وشعرها الاسود الناعم الذي ينسدل على كتفيها برقة..ليصنعا ضدان غاية في الروعة..ولون عينيها السوداوان والذي جعلها كالدمية ..كانت ترتدي معطفا بني اللون ذا ياقة من الفراء ..
    وايقظه من تأملاته كف والده الذي وضعت على كتفه.. وسمع صوته وهو يقول: هذا ابني مازن كما تعرف.. اكمل دراسته الجامعية وهو يعمل معي الآن بالشركة..
    واردف قائلا: اما كمال فهو في سنته الرابعة بالجامعة.. ومها في السنة الاولى..
    قال خالد بهدوء: اذا ملاك أصغرهم سنا.. فهي ستبدأ دراستها الجامعية للتو..
    في تلك اللحظة لاحظ مازن أخته التي هبطت درجات السلم وقالت بابتسامة: ما الأمر؟.. لم كلكم مجتمعين هنا؟..
    وانتبهت الى عمها الواقف وقالت بابتسامة واسعة: عمي .. انت هنا.. منذ متى لم تزورنا؟..
    قال خالد بهدوء:ظروف العمل..
    واردف وهو يتحدث الى امجد: ملاك كما تعلم تدرس تحت إشراف أساتذة متخصصين وسيأتون في موعدهم.. ان لم يكن لديك مانع..
    قال امجد وهو يهز رأسه: أبدا.. فليحضروا في أي وقت..
    شعرت مها في تلك اللحظة بمازن وهو يلكزها ويقول بسخرية: لقد أدركت اليوم فقط انك لا تملكين أي جمال..
    قالت مها وهي تلتفت له بحنق: ماذا؟؟..
    قال مبتسما وهو يلتفت عنها ويتطلع الى ملاك: انظري إلى ابنة عمي وستدركين مدى صحة قولي..
    تطلعت مها الى حيث ينظر..ومن ثم لم تلبث ان قالت بذهول وهي تلتفت له وبصوت حاولت ان تجعله خفيض قدر الامكان: تلك المقعدة؟!..
    أومأ مازن برأسه ومن ثم قال: هل فهمت الآن سر تجهيز غرفة بالطابق الأرضي لها..
    - ولكن.. لم أتخيل أبدا ان ابنة عمي.. مقعدة.. لم اتخيل ذلك ابدا..
    - اصمتي الآن والا انتبهوا لنا..
    في الوقت ذاته كان خالد يلتفت الى ملاك ويقول بصوت حاني: والآن يا صغيرتي علي ان اغادر..
    اسرعت تمسك بذراعه وتقول برجاء: ابقى قليلا معي..
    تطلع الى ساعته وقال بابتسامة باهتة: ليتني أستطيع.. ولكن لم يبقى على موعد الطائرة إلا ساعة وأربعون دقيقة وهي بالكاد تكفيني للوصول الى المطار وإنهاء الإجراءات..
    ترقرقت في عينيها الدموع فهبط والدها الى مستواها وقال وهو يمسح على شعرها: كم مرة قلت لك؟.. لا اريد ان ارى دموعك.. لا اريد ان اقلق عليك قبل ان أغادر..
    قالت وهي تشد من مسكتها لذراعه: لا تنسى ان تتصل بي عندما تصل.. اتصل بي كل يوم.. ارجوك..
    - سأفعل يا صغيرتي..اهتمي بنفسك جيدا.. ستكونين في أيدي أمينة..
    واردف متحدثا الى نفسه: (او هذا ما اتمناه)..
    اومأت ملاك برأسها بصمت.. وهي تشعر انها لو تحدثت فدموعها ستسيل دون استئذان.. فقال والدها وهو يداعب وجنتها: سأغادر الآن يا صغيرتي.. أراك بخير..
    وجذب كفه بهدوء من يدها واعتدل واقفا ليقول للسيدة نادين: اعتني بها جيدا..
    قالت السيدة نادين بهدوء: لا تقلق عليها يا سيد خالد.. ملاك هي اختي الصغيرة..
    ومال خالد على ملاك ليقبل جبينها بحنان ومن ثم يقول: الى اللقاء يا ملاكي الصغير..
    قالها وسار عنها مبتعدا الى باب المنزل وقلبه يعتصر بالألم وهو يرى نفسه مرغما على ترك ملاك في منزل شقيقه.. والذي كان يرفض دخولها اليه مهما حصل.. لكن هي من توسلته وترجته ان تذهب الى هناك.. وهو يتمنى الآن ان لا يكون قد اخطأ عندما نفذ لها رغبتها تلك...
    لم يشعر احد بملاك التي اطرقت برأسها في الم وحزن وهي تسمع صوت الباب يغلق خلف والدها..تبخر كل انبهارها بالمنزل.. وتبخرت رغبتها في المكوث بنزل عمها منذ ان رأت والدها يخرج منه.. تريد ان تلحقه.. تذهب معه.. لا تريد البقاء هنا.. فليأخذها معه ولو الى الجحيم.. وهتفت بغتة بحزن: ابي ارجوك.. لا تغادر وتتركني.. ارجوك..
    قالت نادين بهدوء وهي تتطلع الى ملاك: آنستي .. لا داعي لكل هذا الحزن.. سيتصل كما وعدك..
    عضت ملاك على شفتيها بحزن وقالت: لقد غادر ولن استطيع ان اراه قبل اسبوع.. اسبوع كامل..اريد الذهاب معه.. فليأخذني معه.. لا اريد البقاء هنا..
    لم تهتم ملاك بكل من يراقبونها.. أمجد الذي شعر انه يتطلع بطفلة متعلقة بوالدها حتى الجنون.. ومها ومازن اللذان شعرا بمدى قوة العلاقة بين ملاك ووالدها..والتفتت نادين الى امجد في تلك اللحظة وقالت: سيد امجد.. هلاّ أرشدتني الى غرفة ملاك.. انها بحاجة الى الراحة الآن..
    شعرت مها بالشفقة والعطف تجاه ملاك .. وهي ترى هذه الفتاة التي في مثل عمرها والتي قدر لها ان تبقى حبيسة هذا المقعد الى الابد.. واجابت هي عوضا عن والدها: سأرشدك اليها انا..
    قالتها وتوجهت الى ما خلف مفعد ملاك لتدفعها وتحرك المقعد ولكن ملاك قالت باعتراض وهي تمسح دموعها في سرعة: لا تدفعيه.. يمكنني ان أحركه بنفسي..
    قالت مها بحيرة: ولكني سأساعدك فقط..
    قالت ملاك بألم: لا احتاج لمساعدة من احد.. فطوال عمري كنت اتصرف بمفردي ولا يفكر احد بمساعدتي.. لا احد سوى والدي الذي رحل..
    قالت مها بابتسامة: ولكنه سيعود على اية حال.. والآن تعالي معي سأرشدك الى غرفتك..
    قالتها وهي تسير الى جوار مقعد ملاك التي كانت تحرك المقعد الى جوار مها..وفتحت مها أخيرا باب الغرفة بعد ان وصلوا اليها وقالت متسائلة: ما رأيك بها؟..
    ومع ان الغرفة كانت اكبر من غرفة ملاك التي بمنزلها بمرتين ومع انها كانت ملحقة بصالة صغيرة ودورة مياه خاصة بالغرفة.. الا ان ملاك أحست بالحنين لغرفتها السابقة والتي لم تفارقها يوما قط.. لا تعلم كيف ستنام خارج منزلها.. وكيف ستقضي هذه الايام مع ابناء عمها اللذين لا تعرفهم جيدا..وقالت ملاك اخيرا بهدوء: جميلة..
    ابتسمت مها بمرح وقالت وهي تدلف الى الغرفة: من؟.. الغرفة ام انا؟..
    وقبل ان تجيب جاءهم صوت مازن وهو يقول بسخرية: بالتأكيد الغرفة..
    وضعت مها يدها عند خصرها وقالت بحنق: ما الذي جاء بك الى هنا؟.. انها غرفة ابنة عمي..
    قال بدهشة مصطنعة: حقا؟.. لم اكن اعلم.. لقد ظننت انها غرفتي انا..
    واردف وهو يضع حقيبة ملاك التي كان يحملها بجوار الخزانة: لقد جئت لأوصل هذه الحقيبة الى ابنة عمي..
    قالت مها مستفسرة: واين تلك المرأة المسئولة عن ملاك والتي كانت تحمل هذه الحقيبة اذا؟..
    قال مازن بابتسامة وهو يلتفت الى حيث ملاك الجالسة بصمت: لقد طلبت من الخادمة ان توصلها الى حيث غرفتها..
    قالت مها وهي تتوجه نحوه: لو رآك والدي هنا يا مازن.. فسوف يغضب من دخولك الى غرفة ابنة عمي..
    قال مازن بابتسامة وهو يستند الى باب الغرفة: اهذا جزائي لاني اوصلت الحقيبة الى الغرفة؟..
    قالت مها باستخفاف: يالك من شاب مكافح ونشيط.. اتعبت نفسك كثيرا..كان يمكنك ان تمنح الحقيبة لاحدى الخادمات وهي ستجلبها الى هنا..
    قال مازن وهو يعقد ساعديه امام صدره: لا اثق بالخادمات..
    - منذ متى؟..
    - منذ اليوم ان اردت..
    التفتت مها الى ملاك التي اطرقت برأسها بألم وكانت شاردة بافكارها.. وكأنها غير موجودة في المكان.. فاقتربت مها من مازن وقالت برجاء: اخرج الآن.. دعها لوحدها حتى ترتاح.. لا اريد ان نزيد عليها همومها بشجاراتنا هذه..
    تطلع مازن الى ملاك وابتسم قائلا: معك حق..
    ومن ثم اردف وهو يهتف بملاك: ملاك..
    رفعت ملاك رأسها الى مازن الذي هتف بها.. وتطلعت اليه بصمت.. فقال بابتسامة: سعدت برؤيتك يا ابنة عمي..
    قالها واستدار عنهم ليغادر الغرفة.. في حين شعرت ملاك بغرابة حديثه اليها فهي لم تعتد ان يكون لها ابناء عم بعد.. حتى كلمة ابنة عمي.. تشعر بوقعها غريب على أذنيها ..ولكنها لم تهتم كثيرا لذلك..واخذت تطلع الى قلادتها وتداعبها بأناملها..
    اما مها فقد تنهدت بارتياح وقالت: واخيرا ذهب..
    سمعت بغتة صوت مازن وهو يعود الى المكان قائلا: لا تفرحي بسرعة هكذا .. ها قد عدت..
    - ماذا تريد الآن؟..
    قال مبتسما:والدي يقول ان الغداء سيكون بعد ساعتين.. فأرجو ان لا يتخلف احد..
    قالت مها بسخرية: لا احد سيتخلف عن موعد الغداء سواك..
    غمز لها بعينه وقال: لا اظن ان هذا سيحصل هذه المرة..
    قالها وابتعد.. فالتفتت مها الى ملاك وقالت وهي تسير الى حيث هذه الأخيرة: معذرة ان كنا قد أزعجناك.. ولكن هذه هي طبيعة مازن دائما يهوى استفزازي..وانا بدوري أتشاجر معه..
    هزت ملاك رأسها وقالت: لا عليك..
    تطلعت مها الى ملاك وهي تشعر انها تبدوا هادئة اكثر من اللازم.. ولا تتحدث الا اذا حدثها احدهم.. وقالت متسائلة لعلها تجعل ملاك تتحدث اليها وتعتاد المكان: في أي سنة دراسية انت يا ملاك؟..
    - سأبدأ دراستي الجامعية للتو..
    قالت مها بابتسامة باهتة وهي تجلس على طرف الفراش: هذا يعني انك تصغريني بعام..
    لم تعلق ملاك على عبارتها.. فقالت مها وهي تستحثها على الحديث: كيف تبدوا الدراسة تحت إشراف اساتذة بالمنزل؟.. بالتأكيد افضل بمائة مرة من الدراسة في جو الجامعة والطلبة والحصص.. اليس كذلك؟..
    تطلعت لها ملاك ومن ثم قالت: بل اتمنى ان أكون في جو كهذا.. بدلا من ان اكون حبيسة المنزل.. وهذا المقعد ايضا..
    اسرعت مها تغير الموضوع عندما شعرت انه قد يألم ملاك وقالت: انت لم تري شقيقي كمال بعد.. انه يكبرني بثلاثة اعوام.. و غير مبالي ابدا.. ولكنه افضل من مازن على الاقل.. فهو لا يتشاجر معي ابدا..
    قالت ملاك وهي تتنهد: ليت لدي شقيق مثلك.. حتى لو كان سيتشاجر معي طوال اليوم..
    شعرت مها ان كل حديثها لملاك يرجع هذه الاخيرة الى الواقع المرير التي تحياه..وقالت مبتسمة: اتعلمين.. لم نرى عمي خالد منذ فترة طويلة.. ولم اكن اعلم انه لديه ابنة.. ولولا ذلك لطلبت منه ان ياتي بك الى منزلنا معه عندما يحضر..
    قالت ملاك وهي تهز رأسها: لن يوافق..
    - ولم؟..
    قالت ملاك وهي تزفر بحدة: لطالما طلبت منه ان يدعو كم الى منزلنا.. ولكنه كان يرفض..
    عقدت مها حاجبيها وقالت بغرابة: ولماذا؟..
    قالت ملاك وهي تهز كتفيها بقلة حيلة: لست اعلم.. في كل مرة يقول هذا افضل لك..الامور هكذا افضل..

    ومن جانب آخر تطلع مازن الى والده وقال بحيرة: ماذا تعني يا والدي بقولك ان الأمور هكذا افضل؟..
    تطلع اليه امجد بحزم وقال : اعني ان لا تفتح صفحات الماضي .. فالامور هكذا افضل بكثير..
    قال مازن بحيرة: ولكني أريد ان اعرف سبب هذه القطيعة بينك وبين عمي..
    قال امجد بحدة: أخبرتك أنها بسبب ابنته ملاك..
    - اعلم.. ولكن لماذا هي؟.. ما الذي فعلته لتكون سببا في هذه القطيعة بين أسرتها وجميع اسر أعمامي؟..
    تنهد امجد بقوة ومن ثم قال: ان أردت الحقيقة فهي لم تفعل شيئا ابدا..
    تسائل مازن باهتمام: اذا؟؟..
    أشار له والده ليجلس على المقعد ومن ثم قال: الأمر بدأ بعد وفاة والدة ملاك بعامين تقريبا.. فمن حينها وخالد يبدوا غريبا.. صامتا.. انطوائيا.. لا يهتم بشيء سوى ابنته وخصوصا بعد أن علم انها أصيبت بعمودها الفقري وستظل عاجزة الى الابد..
    قال مازن في سرعة: وبعد؟؟..
    اكمل امجد قائلا:وحينها فعل شقيقي مالم يتوقعه احدنا.. فقد سجل نصف شركته باسم ابنته ملاك..
    جلس مازن على المقعد وقال بهدوء: لو كنت مكانه لفعلت المثل..
    عقد امجد حاجبيه ومن ثم واصل قائلا: وهذا التصرف لم يعجب عميك وعمتك ابدا.. فلو حدث شيء لا قدر الله لخالد.. فستنتقل نصف الشركة الى ابنته ملاك.. مع ان نصيبها في الميراث سيكون اقل من هذا بكثير..وخصوصا وانه ليس لديه ابناء فستتوزع حينها باقي الورثة على اخوته.. المهم انهم يومها قرروا ان يبدأوا بأبسط الطرق اليه.. فحاولوا اقناعه بالزواج من فتاة ما .. وبالتأكيد كانوا متفقين معها ان تقنعه بعد الزواج بكتابة نصف الشركة باسمها وبالتالي يكون خالد وشركته في أيديهم..
    قال مازن بغرابة: كل هذا وانت صامت يا ابي لا تفعل شيئا..
    - وماذا عساي ان افعل؟.. لو وقفت الى جوار اخي لسحبوا رأس المال من شركاتي ولخسرت شركاتي ولاضطررت لدفع الخسارة من جيبي الخاص..
    قال مازن بحنق: ولكن عمي لم يأبه لكل هذا.. وجعلهم يسحبون أموالهم من شركته ويتخلون عنه اليس كذلك؟ ..
    تنهد امجد وقال وهو يومئ برأسه: بلى.. ولا يزال للحكاية بقية.. فبعد ذلك ذهبوا اليه جميعا..وطالبوه ان يتراجع عن تسجيل نصف الشركة باسم ملاك.. فهي ستكون عاجزة طوال عمرها.. لن تستفيد من الشركة.. ويمكنه بدلا من ذلك ان يضع مبلغ في حسابها.. ولكن شقيقي خالد عارضهم وبشدة وطلب منهم ان لا يتدخلوا في حياته.. لان تلك هي شركته ومن حقه ان يسجلها باسم من يشاء.. واستمروا بتهديده بأنه لو لم يفعل لهم ما يريدون فسيحيلون حياته وحياة ابنته الى جحيم وخصوصا ستظل عاجزة طوال عمرها واي كلمة منهم قد تؤذيها.. ولهذا انعزل خالد مع ابنته في منزل بمكان ما من البلاد.. ولا احد يعرف مكانه ابدا حتى الآن..
    عقد مازن حاجبيه وقال باستغراب: الم يحاول احد اعمامي الاتصال به.. او البحث عنه؟..
    - بلى ولكن دونما فائدة.. وعندما رأوا انهم يعجزون عن الوصول الى بيته.. اكتفوا بتهديده بالشركة.. ولكن.. حتى الآن لا يزال خالد صامد في وجههم..
    قال مازن بحزم: والى متى سيصمد يا والدي؟.. هل ستتركه لوحده يتحدى جشع أعمامي؟..
    زفر امجد وشبك أصابع كفيه وهو يقول: لست اعلم..فليس في يدي ما افعله..المهم الآن..إنني لا أريد لأحد ان يعلم ان ملاك ابنة أخي موجودة في هذا المنزل..
    قال مازن بحيرة: وماذا نقول لعمي أو عمتي لو جاءوا لزيارتنا؟..
    قال امجد وهو بلوح بكفه: أي شيء.. صديقة مها وقد جاءت لتقضي بضع أيام هنا.. ريثما يأتي والدها من الخارج.. ولا تنسى نبه على شقيقك وشقيقتك ان لا يعلم احد عن وجود ملاك ابنة عمك في منزلنا.. وبالنسبة للخدم فسأتصرف بالأمر..
    وأردف بلهجة قاطعة: يمكنك الآن الخروج بعد ان عرفت كل ما تريد ان تعرفه..
    هز مازن كتفيه بلامبالاة ومن ثم نهض من مجلسه ليغادر غرفة المكتب.. وان كان يشعر بالشفقة تجاه ابنة عمه التي ولدت لتواجه قسوة الحياة وواقعها المر...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    جلست ملاك خلف مائدة الطعام بصمت.. لم تحاول الحديث الى أي احد وهي تكتفي بالانشغال بالأكل.. او التظاهر بهذا الانشغال.. كل ما كان يشغل بالها هو والدها وحسب.. لقد كانت في هذا الوقت .. تتناول طعام الغداء معه.. يتحدث اليها ويمزح معها.. ويحاول بشتى الطرق ان يرفه عنها ولو في ساعاته المعدودة التي يقضيها معها..
    ايقظها من شرودها صوت عمها وهو يقول: هل استيقظت للتو يا كمال؟..
    رفعت رأسها الى من يتطلع اليه عمها وشاهدت ابن عمها كمال.. الذي كان يهبط درجات السلم في تلك اللحظة..كان يشبه مازن في لون شعره الاسود.. ولكنه كان حاد النظرات.. بشرته تتمتع بسمرة خفيفة ووسامة واضحة.. وان كان في طول مازن تقريبا.. ويرتدي بنطالا من نوع الجينز .. وقميصا ذا لون اسود..
    وتثاءب كمال وهو يقول بلامبالاة: اجل..
    قال والده بتهكم: ولم لم تكمل نومك اذا؟..
    قال كمال وهو يقترب من طاولة الطعام: لا داعي للسخرية يا والدي.. ها انذا استيقظت وجئت لتناول طعام الغداء معـ...
    بتر عبارته وعقد حاجبيه وهو يتطلع الى ملاك التي كانت تحرك الملعقة في الطبق بلا هدف..فأسرع والده يقول: نسيت ان أعرفك .. هذه ابنة عمك ملاك..وقد جاءت لتقضي بضعة ايام هنا ريثما يأتي والدها من السفر..
    جذب كمال مقعدا وقال بدهشة: ابنة عمي؟؟.. أي عم؟..
    - عمك خالد..وكما اخبرت مازن ومها من قبل.. هذا الكلام لا نريد ان يعرف به احد سوانا نحن.. انا اثق بكم جميعا لانكم ابنائي.. الجميع من خارج المنزل سيعرفون ملاك على انها صديقة مها.. هل هذا مفهوم؟..
    قال كمال وهو يتناول قطعة من الجزر: ولم كل هذه السرية؟..
    قال والده بحزم: افعل كما اخبرتك فقط..
    التفت كمال الى ملاك ليتطلع اليها بنظرة قصيرة.. وعاد يلتفت الى والده وهو يقول: واين كانت ابنة عمي عنا كل هذه السنين؟..
    توقفت ملاك عن تحريك الملعقة في الطبق وهي تنصت لما سيقال .. لو كان يعلم انها كانت تتمنى الحضور الى هنا طويلا.. ولكن والدها كان دائما ما يرفض.. لما قال هذا..
    في حين قال امجد بحدة: تكلم بأدب يا كمال.. فهي ابنة عمك اولا.. وفي منزلنا ثانيا..
    هز كمال كتفيه وقال: لم اقل ما يزعج.. فقط استفسر عن سر اختفاءها كل هذه السنوات.. ولم لم نرها الا عندما سافر والدها..
    اجابه والده قائلا: لم يكن لدى والدها حل الا إبقاءها هنا.. وخصوصا انه سيقضي فترة بالخارج ستتجاوز الأسبوع وربما...
    ( عن اذنكم)
    قالتها ملاك وهي تستدير بمقعدها مغادرة الطاولة .. فقالت مها بضيق: هل أعجبك هذا يا كمال؟.. بالكاد وافقت ان تتناول طعام الغداء معنا.. والآن انت تجعلها تغادر الطاولة بعدم مبالاتك بها وبشعورها وانت تتحدث عنها هكذا..
    صمت كمال بدهشة وهو يتطلع الى ملاك التي ابتعدت عن المكان وتوجهت الى غرفتها.. ومن ثم لم يلبث ان قال وهو يلتفت اليهم والدهشة لا زالت تعلو قسماته: لم اكن اعلم من قبل انها مقعدة...
    قال مازن بحنق: وهل كان هذا سيغير من لا مبالاتك شيئا؟ ..
    قال كمال وهو يمط شفتيه: لست انسان معدوم الإحساس يا مازن..
    قال مازن وهو يلتفت عنه: واضح جدا..
    في حين قال امجد بحدة: يكفي جميعا.. وأنت يا مها.. اذهبي إليها في غرفتها.. وحاولي ان تتحدثي إليها..
    أومأت مها برأسها وهي تغادر طاولة الطعام وتتجه الى غرفة ملاك .. في حين قال امجد بعصبية: اسمع يا كمال.. ان كنت ستتحدث بهذه الطريقة الى ابنة اخي.. فالأفضل ان لا تتناول طعام الغداء او العشاء معنا مرة اخرى..
    قال كمال بضيق: لم اقل ما يغضب يا والدي..ثم لم كن اعلم انها فتاة حساسة اكثر من اللازم..
    - لقد تربت ملاك وعاشت طوال عمرها وحيدة.. ولهذا فهي لا تستطيع ان تتقبل الامور بسهولة.. لو اردت رأيي فهي لن تكون حساسة فقط.. بل ربما عدائية ايضا.. ولهذا ارجو ان تعاملوها جميعا بلطف.. انه اسبوع واحد لا اكثر..
    قال كمال وهو ينهض واقفا: ليس ذنبي ان احتمل فتاة مثلها..
    قال مازن بحدة: انها ابنة عمك قبل كل شيء..
    قال والده وهو يحاول ان يهدئ نفسه: حسنا لن اطلب منك ان تحتمل وجودها.. فقط اطلب منك ان لا تجرحها بأي كلمات.. ولو تجاهلت وجودها سيكون ذلك افضل..
    قال كمال وكأنه لم يسمع أي حرف مما قيل: عن اذنكم..
    - الى اين؟..
    قال كمال وهو يمط شفتيه: الى النادي..
    قالها وغادر المكان.. وفي تلك اللحظة عادت مها قائلة وهي تهز رأسها: لقد رفضت العودة لتناول طعام الغداء معنا مرة اخرى..وتقول انها متعبة وستنام..
    واحس مازن بالشفقة تجاه ملاك وخصوصا وهو يلمح صحنها الذي كان ممتلأ عن آخره ولم تتناول منه ولا قطعة واحدة...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    تطلعت ملاك بملل الى باب غرفتها.. هل جاءت هنا لتسجن نفسها؟.. ثلاث ساعات منذ ان غادرت طاولة الطعام.. لم تعلم لم شعرت بكل ذلك الضيق والالم من كلمات كمال .. ربما لانه وجه لها اتهاما صريحا في كلماته على انها لم تأتي هنا الا من اجل مصلحة ليس الا.. لا يعلم شيئا عن إلحاحها المستمر للقدوم الى هنا.. واصرارها الكبير في ان يدعوهم والدها على الاقل في احدى المناسبات.. وكيف له ان يعلم.. وهو يحظى بعائلة كبيرة تغمره بكل مايريده من حب وحنان..مال وأخوة وأقارب.. اما هي فلم تحظى الا بحب والدها وحنانه.. والذي لم تكن لتراه الا ساعتين او ثلاث ساعات في اليوم على الاكثر..
    وتنهدت مرة اخرى وهي تتطلع الى باب الغرفة.. وأحست برغبة جارفة تدفعها للخروج والترويح عن نفسها قليلا بالتحدث الى أي احد..واندفعت وراء رغبتها لتفتح باب الغرفة وتغادرها وهي تدفع مقعدها بهدوء.. وتلفتت حولها الى الردهة الخالية من أي شيء سوى الاثاث والتحف المنتشرة بالمكان.. وتلفتت حولها مرة اخرى قبل ان تواصل تحركها في المنزل .. لعلها تقضي وقت فراغها هذا برؤية ارجاء هذا المنزل وتحفه الثمينة..و...
    (واخيرا خرجت من غرفتك)
    التفتت ملاك الى ناطق العبارة .. وتطلعت ال مازن بهدوء الذي يعقد ساعديه امام صدره بثقة.. ولم تعلق هي على عبارته بل آثرت الصمت..فقال مبتسما: أتبحثين عن شيء ما؟..
    اومأت براسها بهدوء.. فقال متسائلا: وما هو هذا الشيء؟..
    كانت تظن انه سيتركها وشأنها ولن يتساءل اكثر.. وفكرت قليلا ومن ثم قالت: مها..
    مال نحوها قليلا ومن ثم قال: ولم تبحثين عن مها؟..
    اشاحت بوجهها بصمت وهي تداعب قلادتها بأناملها.. فقال متسائلا: هل تودين ان اناديها لك؟..
    عادت لتومئ برأسها.. فابتسم هو قائلا: اظن انك ترغبين في ان أغادر اكثر من رغبتك في نداء مها لك.. اليس كذلك؟..
    لم تجبه وظلت صامتة.. وان وافقته في اعماقها على ما قاله.. فهي حقا لا ترغب في التحدث الى أي احد لا تثق به.. او تشعر به قريبا منها.. تريد ان يكون لها اصدقاء.. ولكن على الاقل اشخاص تثق بهم.. ولكنهم ابناء عمها.. ومن هم ابناء عمها؟.. لم يحاولوا زيارتها لمرة واحدة في منزلها وهي تشعر بالوحدة والخوف من بقاءها في المنزل بمفردها.. حتى انهم لم يكلفوا نفسهم مشقة السؤال عنها وعن والدها طوال السنين الماضية.. لقد جاءت الى هنا لسبب واحد فقط.. لا تريد ان تشعر انها لوحدها في المنزل.. لا تريد ان تعود اليها مخاوف الوحدة.. تريد ان تشعر بالامان والاطمئنان الى ان هناك من يشاركها المنزل الذي تعيشه..
    (لم تجيبيني .. تريدين مني ان اغادر .. اليس كذلك؟)
    رفعت رأسها وتطلعت الى مازن الذي ايقظها من شرودها وقالت باقتضاب: اجل..
    اتسعت ابتسامة مازن وقال: فليكن..
    واسرع ينادي الخادمة التي جاءت على عجل قائلة: ما الامر يا سيد مازن؟..
    قال بمكر: اذهبي لنداء الآنسة مها من الطابق العلوي واخبريها ان تهبط الى الردهة فالآنسة ملاك ترغب بالحديث اليها..
    أسرعت الخادمة تبتعد .. فقال مازن وهو يلتفت الى ملاك مرة اخرى: عذرا.. ولكن لن استطيع تلبية رغبتك..
    تطلعت له ملاك بدهشة.. ومن تصرفه الغريب تجاهها.. منذ متى يهتم احد بالبقاء معها.. او الحديث معها عندما نرفض هي ذلك..وشعرت بغرابة ذلك الواقف امامها.. ولكنها لم تلبث ان استدارت بمقعدها مغادرة وقالت: سأفعل انا..
    اسرع مازن يقول: لحظة..
    توقفت عن دفع مقعدها.. فقال: اظن انك تشعرين بالملل.. ما رأيك ان نذهب جميعا انا وانت ومها الى النادي.. على الاقل تخرجين من عزلتك قليلا..
    شعرت برغبة كبيرة حقا في الخروج وقالت متسائلة بحيرة: وهل لديك الوقت لذلك؟..
    قال مبتسما براحة من تجاوبها معه: ولم لا.. اليوم اجازة وهي من حقي في الخروج.. ما رأيك هل توافقين؟..
    هزت كتفيها وقالت: لا مانع لدي..
    وشعرت ببعض السعادة تتسلل الى نفسها.. فها هي ذا ستخرج من المنزل وستروح عن نفسها قليلا.. وستجد من تتحدث اليه ايضا..هذه السعادة التي كانت تتمناها مع والدها المنشغل دائما باعماله.. ولكن عليها ان تلومه.. انه يبذل كل ذلك الجهد في عمله من اجلها..ومن اجل ان تحيا برفاهية وسعادة.. ولكن لو يعلم انها لا تريد أكثر من لمسته الدافئة.. وقلبه الحاني ليحتويها به بعيدا عن هذا العالم.. بعيدا جدا...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    بلاقيكن مع الجزء التالت
    باي
    الكميت
    الكميت
    مشرف عام


    ذكر
    عدد المساهمات : 2371
    العمر : 37
    المكان : طرطوس
    المزاج : عاشق للشهادة
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : متخرج
    المستوى : 94
    نقاط : 3088
    تاريخ التسجيل : 05/04/2009

    حبيبتي ملاك Empty رد: حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف الكميت السبت أكتوبر 02, 2010 3:33 am

    اي شو هالقصة الحلوة والمشوقة
    اكيد ناطرين الجزء الثالث
    مشكورة عجهودك lolitta m
    lolitta m
    lolitta m
    جامعي جديد


    انثى
    عدد المساهمات : 28
    العمر : 34
    المكان : من تحت شباكي
    المزاج : عم طييييير
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 44
    تاريخ التسجيل : 21/07/2010

    حبيبتي ملاك Empty رد: حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف lolitta m الثلاثاء أكتوبر 05, 2010 12:20 am

    شكرا كميت للتشجيع
    وانشالله بهالكم يوم رح نزل الجزء التالت
    بس حابة يكون في تفاعل اكتر حتى اتشجع اكتر واكتبا بسرعة
    lolitta m
    lolitta m
    جامعي جديد


    انثى
    عدد المساهمات : 28
    العمر : 34
    المكان : من تحت شباكي
    المزاج : عم طييييير
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 44
    تاريخ التسجيل : 21/07/2010

    حبيبتي ملاك Empty الجزء الثالث من حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف lolitta m الخميس أكتوبر 07, 2010 8:09 pm


    "معهم"
    التفت مازن الى ملاك التي كانت شاردة في أفكارها وقال: تفكرين في والدك.. صحيح؟..
    التفتت له ملاك وقالت بحيرة: وكيف عرفت ذلك؟..
    ابتسم بثقة ومن ثم قال: لا يحتاج الامر الى الذكاء.. حزنك.. وعزلتك.. ولا تتحدثين مع احد هنا الا نادرا ..كل هذا لا يدل الا على حزنك لفراقه..
    أومأت برأسها وقالت بألم: انه الوحيد الذي يفهمني في هذا العالم..
    هز مازن كتفيه وقال: بالتأكيد فهو والدك..
    وأردف بابتسامة مغيرا دفة الحديث: اذهبي لترتدي ملابس اكثر دفئا.. فالجو بارد بالخارج..
    ارتسم شبح ابتسامة على شفتيها وهي تستدير عائدة بمقعدها الى الغرفة.. في حين استند مازن بظهره الى الجدار المجاور للدرج .. سببه الوحيد للاهتمام بملاك.. هو طبيعته بتكوين الصداقات مع الفتيات.. لقد اعتاد ذلك منذ زمن.. واحيانا يأخذ الامر كوسيلة للتسلية.. وان كان الأمر لا يأخذ أي منحنى جدي.. ولكن هذه المرة الأمر يختلف.. فملاك ابنة عمه.. ولا يستطيع ان يتسلى .. على العكس يجب ان يكون خائفا عليها كأخت له تماما.. انها أمانة في أعناقهم جميعا..اجل سيكون اهتمامه محصورا في إطار الاخوة.. تماما كما كان سيهتم بمها..
    وفي تلك اللحظة هبطت مها درجات السلم وقالت متسائلة: أين هي ملاك؟..
    اجابها مازن قائلا: لقد ذهبت لترتدي ملابس تدفئها لأننا سنخرج بعد قليل..
    قالت مها بدهشة: انت وهي؟؟..
    قال مازن بحنق: بالطبع لا ايتها الذكية.. ستكونين معنا..
    قالت مها مبتسمة بمكر: ظننت انك لن تأخذني معكما..
    قال في سرعة: اسرعي بارتداء شيء مناسب.. فسنذهب الى النادي..
    قالت بمرح: حسنا في الحال..
    وعاودت صعودها الى الطابق العلوي.. في حين تحرك مازن الى حيث الأريكة وألقى بجسده عليها.. وتطلع بشرود الى التحفة الموضوعة على طاولة صغيرة بجواره.. الى ان سمع صوت ملاك وهي تناديه قائلة: مازن..
    التفت في سرعة اليها وقال مبتسما: اجل..
    قالت ملاك بهدوء وهي تقلب كتابا بين يديها: انا جاهزة..
    - فلننتظر مها.. فسوف ترتدي ملابسها وتأتي معنا..
    لم تعلق ملاك وهي تقلب الكتاب بين كفيها..وأبعدت خصلات شعرها المتهدلة على جبينها..في حين اعتدل في جلسته وكاد مازن ان يقول شيئا..لولا ان هبطت مها على درجات السلم وقالت بمرح: ها انذا قد جهزت..
    قال مازن باستخفاف: ستعاقبين على تأخرك.. ولن نأخذك معنا..
    قالت مها وهي تضع يدها عند خصرها:حاول فقط..
    قال مازن وهو يلتفت عنها: هيا يا ملاك .. لنذهب نحن..
    لم تتحرك ملاك من مكانها قيد انملة فقالت مها مبتسمة: هل رأيت؟.. ان ملاك تقف في صفي..
    وتوجهت الى ملاك لتقول بمرح: يالك من فتاة.. لقد حطمت غروره..
    قال مازن وهو يشير الى مها: هيي انت يا فتاة.. لا اسمح لك بقول ذلك.. لم تخلق بعد من تستطيع تحطيم غرور مازن امجد..
    قالت مها وهي تغمز له بعينها: بل انها موجودة امامك ايها الاعمى وقد حطمت غرورك منذ قليل..
    - ما حدث منذ قليل اسميه مجرد جولة وانتهت.. ثم لم تكثرين الكلام.. فلنغادر الآن ايتها المزعجة..
    قالت مها وهي تفكر: لحظة واحدة .. ماذا عن السيدة نادين؟.. هل نأخذها معنا؟..
    تطلع مازن الى ملاك .. فأجابت هذه الاخيرة قائلة وهي تهز رأسها: لا داعي لذلك..
    قال مازن بتردد: ولكن قد تحتاجين الى شيء ما.. وهي من تعرف كل احتياجاتك..
    قالت ملاك بضيق: وانا ايضا اعرف احتياجاتي..
    قال مازن مهدئا: حسنا.. حسنا لا تتضايقي.. لقد اردتها ان تأتي معنا لتساعدك ليس الا..
    قالت ملاك بعصبية: لا احتاج الى مساعدة من احد.. واستطيع التصرف لوحدي.. لست طفلة.. اتفهم..
    استغرب مازن غضبها المفاجئ.. فلم يقل ما يستدعي العصبية او الغضب.. انه يفكر في مصلحتها ليس الا.. ولكن طبيعة ملاك الانطوائية والتي لم تكن تختلط الا بوالدها الذي يغمرها بحنانه وعطفه يجعلها لا تتقبل الحديث من احد وخصوصا اذا اشار في حديثه ذاك عن شيء عن حاجتها للمساعدة ..وشاهدها مازن وهي تستدير بمقعدها مغادرة المكان.. فأسرع يقف امامها ويقول: ما الامر؟..هل اغضبك ما قلته؟..
    اشاحت بوجهها عنه فقال بابتسامة: حسنا انا آسف وأرجو ان تقبلي اعتذاري.. اعلم انك لست طفلة وتستطيعين تدبر أمورك بمفردك..
    استدارت له ملاك في تلك اللحظة.. فاتسعت ابتسامته وهو يردف: والآن هل نخرج؟..
    رفعت ملاك رأسها له ولأول مرة رآها تبتسم وتومئ برأسها بهدوء..بادلها الابتسامة وابتعد عنها متوجها الى حيث باب المنزل الرئيسي.. والتفتت مها الى ملاك وقالت وهي تتوجه نحوها: هل أساعدك؟..
    قالت ملاك بلهجة تطوي بعض المرح غير التي اعتادتها مها منها: ان شئت..
    أمسكت مها المقعد وأخذت تدفعه ببطء..فقالت ملاك مستغربة: لم تدفعينه هكذا؟..
    قالت مها بقلق: أخشى ان اكون سببا في مكروه قد يصيبك..
    - لا عليك.. اسرعي اكثر..
    قالت مها مستسلمة: كما تشائين..
    واسرعت في سيرها لتصل الى السيارة ووقفت امام الباب الخلفي لتقول : مازن تعال وساعدنا..
    اسرعت ملاك تقول: لا داعي لقد اعتدت ذلك.. فقط افتحي الباب.. واستطيع الجلوس على المقعد الخلفي بمفردي..
    كان مازن قد تحرك من مكانه وجاء اليهم بناء على هتاف مها..وشاهد ملاك وهي تحاول بكل جهدها وقوتها رفع نفسها عن المقعد المتحرك والجلوس على مقعد السيارة الخلفي.. وتساءل.. لم تفعل كل هذا وتكلف نفسها كل هذا العناء؟.. كان بامكاني ان اساعدها دون ان تتعب نفسها هكذا.. لم يكن يدرك ان ملاك كانت تحب فعل كل شيء بمفردها.. تريد ان تثبت للناس جميعا انها ليست عاجزة ابدا.. وتستطيع فعل الكثير حتى وان كانت قدماها لا تتحركان..كان اصرارها على عدم حاجتها للمساعدة من احد هو ما يدفعها لأن تبذل كل الجهد لفعل كل شيء بنفسها..
    وتحرك مازن الى حيث المقعد الذي تركته ملاك ليطويه ويضعه في صندوق السيارة.. وعاد ادراجه الى مقعد السائق..لينتظر مها لصعد اليها وينطلق بالسيارة الى حيث النادي...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    تطلع كمال بغرابة الى مازن الذي اقترب منه وقال : لماذا تتطلع إلي هكذا؟..
    قال كمال بحيرة: ليس من عادتك ان تأتي الى النادي في وقت كهذا..
    اشار مازن الى ما خلفه ومن ثم قال: رأيت انا ومها.. ان ملاك ابنة عمي تعزل نفسها كليا عن الجميع.. فقررنا اخراجها من المنزل واحضارها الى هنا لترفه عن نفسها..
    هز كمال كتفيه وقال وهو يدير ظهره عنه ويتجه الى قسم الفروسية: لا شأن لي بأحوال ابنة العم تلك..
    زفر مازن بحدة ومن ثم تبعه بدوره الى ذلك القسم.. ومن جانب آخر جلست مها مع ملاك حول احدى الطاولات بكافتيريا النادي..وانشغلت الاخيرة بقراءة الكتاب الذي بين يديها..فسألتها مها قائلة: ماذا تقرئين؟..
    قالت ملاك وهي تتوقف عن القراءة وتضع الكتاب على الطاولة: كتاب عن الحياة ومشاكلها المختلفة..
    قالت مها متسائلة: وهل يوجد حلول لهذه المشاكل في الكتاب؟ ..
    قالت ملاك بهدوء: نوعا ما..
    ابتسمت مها وقالت: مشكلتي الوحيدة في هذه الحياة هي مازن .. فهل يوجد حل لها في كتابك هذا؟..
    ابتسمت ملاك وقالت: لا اظن..
    تطلعت لها مها وقالت: لأول مرة أراك تبتسمين.. ان كان ذكر مازن سيجعلك تبتسمين فسأردد اسمه دائما..
    ولما وجدتها صامتة ولم تعلق سألتها قائلة: وانت.. ما هي مشكلتك؟..
    اجابتها ملاك بكلمة واحدة: الوحدة..
    رددت مها مستغربة: الوحدة؟..
    التفتت لها ملاك وقالت بحزن: اصعب شعور قد يمر على الانسان او الفتاة بشكل خاص ان تشعر انها وحيدة في هذا العالم بدون اخوة او اصدقاء..او حتى شخص ما في مثل عمرها..انه شعور يخنقك..يقتلك.. وكل مخاوفك تتضاعف وانت تشعرين بوحدتك..
    قالت مها متسائلة: وماذا عن والدتك؟..
    وضعت ملاك كفها عند وجنتها وقالت وهي تشعر بغصة في حلقها: واين هي والدتي؟.. لم أرها حتى.. لم يعد لي الحق في ذلك بعد ان فقدتها.. لا اذكر شكلها او صوتها.. والشيء الوحيد الذي بات من حقي هو ان أراها في الصور..
    قالت مها معتذرة: انا آسفة لم اكن اعلم..
    تنهدت ملاك دون ان تعلق على عبارتها.. وطغى الصمت على المكان لعدة دقائق قبل ان تقول ملاك ببعض التردد: وماذا عن والدتك؟.. لم أرها منذ ان جئت الى المنزل..
    ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي مها وقالت: والدتي؟.. لا اظن انك سترينها في المنزل.. فهي لا تأتي اليه ابدا..
    تطلعت اليها ملاك باستغراب وحيرة فأردفت: لقد انفصلت والدتي عن والدي وانا في الخامسة عشرة من عمري.. اذكر يومها اني لحقت بها لتأخذني معها..وترجيتها بعيني الدامعتين ان لا تترك المنزل .. ولكنها قالت ان الحياة في منزل والدي افضل لي ولأخوتي..وهي لن تعيشنا ولو بعد عشرين عاما في مثل هذا المستوى.. لهذا تركتنا جميعا وغادرت المنزل دون أي كلمة أخرى..
    تسائلت ملاك باهتمام: وهل ترونها؟..
    اومأت مها برأسها وقالت وهي تحرك اصابعها على الطاولة بلا اهتمام: بلى.. نذهب لزيارتها من حين الى آخر.. ولكن هي لا تأتي لزيارتنا في المنزل ابدا.. لان والدي موجود فيه كما تقول..
    تطلعت ملاك الى مها وشعرت بقلبها يرق تجاهها.. ليست هي الوحيدة التي تتألم.. وليست هي الوحيدة التي تعاني الحرمان من والدتها.. ولكن مها افضل منها.. على الاقل هي ترى والدتها وتسمعها.. شعرت بحنانها.. وبلمسات اناملها الدافئة.. اما هي فانها حتى لا تذكر أي شيء مما جمعها بوالدتها كيف لا وهي كانت بالثانية من عمرها عندما فقدت امها..
    وظل الصمت مخيما على المكان قبل ان يقطعه صوت مرح وهو يقول: مها جالسة بالكافتيريا وليست بأي قسم من النادي.. يا للمعجزة..
    التفتت مها بلهفة الى صاحب الصوت وقالت: (حسام)..
    حسام هو ابن خال مها..في الثالثة والعشرين من عمره..ذا شعر بني قاتم وعينان من اللون ذاته..يتمتع بوسامة محببة ومظهرا جذابا..وذا جسم رياضي..
    ابتسم وقال: اجل حسام.. اخبريني لم تجلسين هنا فقط.. ولا اراك في أي قسم من اقسام النادي..
    ابتسمت مها ابتسامة واسعة وقالت وهي تلتفت الى ملاك: لقد كنت اجلس مع ابنــ...
    اطبقت شفتيها قبل ان تكمل.. يالغباءها.. هل نسيت كلام والدها بهذه السرعة.. واردفت بسرعة وارتباك: مع صديقتي..
    تطلع حسام الى ملاك وقال بابتسامة يغيظ بها مها: انها تبدوا كالملاك..
    قالت مها بحنق: انت لم تخطئ ان اسمها ملاك حقا..
    قال حسام وهو يجذب له مقعدا ويجلس ليشاركهما الطاولة : حقا؟.. يا للمصادفة..
    قالت مها وهي تشير الى حسام : ملاك اعرفك.. ابن خالي حسام..وهو عضو في هذا النادي..
    قال حسام وهو يرفع حاجبيه: فقط..
    ابتسمت مها وقالت: وصديق الطفولة ايضا..
    قال حسام معترضا: لقد نسيت اهم شيء..
    اسرعت مها تهرب بنظراتها وقالت بخجل وارتباك: وما الذي نسيته؟..
    قال حسام وهو يعقد ساعديه امام صدره: انني صديق مازن وكمال المقرب..
    احست مها بالغيظ .. وقالت وهي تمط شفتيها: عذرا لاني نسيت هذه المعلومة المهمة يا صديق كمال ومازن المقرب..
    التفت لها حسام وقال متسائلا: واين تعرفت على ملاك؟.. هنا بالنادي؟..
    ارتبكت مها وتطلعت الى ملاك التي عاودت قراءة كتابها ومن ثم قالت: اجل..
    تطلع حسام بحيرة الى ملاك.. فهو لم يرها في النادي قبل الآن ابدا.. ولكنه لم يأبه بالامر كثيرا والتفت الى مها ليتحدث اليها.. بينما كانت ملاك تجلس في صمت وهي تقرأ الكتاب الذي بين يديها.. ومن ثم لم تلبث ان تنهدت.. وهي ترفع أنظارها الى ما امامها.. وارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تتطلع الى حلبة السباق التي يتدرب بها كل اعضاء الفروسية..واستقرت عيناها على مازن الذي كان يمتطي جواده ويقوده بكل مهارة.. كان يقفز الحواجز واحدا تلو الآخر وبمهارة متقطعة النظير..وشعرت ملاك انها ترى امامها فارسا بارعا يقود الجواد ويحلق به في الهواء..كانت عيناها تتابعان مازن في تلك اللحظة..وشاهدته يوقف الجواد بهتاف واحد منه وهو يشد لجامه بكل قوة..ويهبط منه ومن ثم لم يلبث ان ربت على رأسه وداعبه قبل ان يمسك بلجامه ويعيده الى الاسطبل و...
    (ملاك..ملاك..)
    التفتت ملاك الى مها ناطقة العبارة وقالت وهي تلتفت لها: اجل..
    قالت مها مبتسمة: ماذا تريدين ان تشربي؟..
    وقال حسام وهو يغمز بعينه: وعلى حسابي بكل تأكيد..
    قالت ملاك بهدوء: عصير الفواكة..
    قال حسام وهو ينهض من مقعده: سأحضر لكما طلبكما في الحال و...
    جاءه صوت مازن وهو يقول: واي عصير لي ايضا..
    التفتت ملاك الى مازن الذي اقترب منها ورمى بنفسه على احد المقاعد بطاولة مجاورة لهم بانهاك وهو يقول بتعب: لقد اقترب السباق..و لا اظن اني سأفوز به ابدا..
    غادر حسام المكان ليحضر مطالبهم في حين قالت مها بسخرية: جيد انك قد اعترفت بذلك..
    قال مازن وهو يلتفت لها ويرسم ابتسامة على شفتيه: لم تسأليني لماذا؟..
    - ولماذا؟..
    قال باستهزاء: ذلك لانك انت ستكونين موجودة بالنادي وقتها وانا أتشاءم من وجودك..
    قالت مها بحنق: لن آتي اذا وقتها ولا تحلم ان افكر بالمجيء حتى.. ابحث عمن يشجعك..
    قال مازن وهو يعقد ساعديه امام صدره: من قال اني احتاج لتشجيعك.. لدي من المعجبين اكثر مما تتصورين..
    كادت مها ان تجيبه بعبارة غاضبة لولا ان قالت ملاك همسا وهي تهتف بها: مها.. اريد ان اطلب منك طلبا..
    قالت مها وهي تلتفت اليها: وما هو؟..
    قالت ملاك بتردد وحرج: اريد ان آتي الى النادي يوم السباق ..
    قالت مها بحيرة: جميعنا سنحضر .. فكمال ومازن مشتركان بالسباق..
    قالت ملاك بدهشة: ولكنك قلت منذ قليل بانك لن تذهبي..
    ضحكت مها ومن ثم قالت: هذا حتى اغيظ مازن فقط..
    قالت ملاك بدهشة اكبر: تكذبين حتى تغيظيه؟؟..
    قالت مها بمرح: لا عليك.. لقد كنت امزح ولم اقصد الكذب..
    في تلك اللحظة وضع حسام المشروبات امامهم على الطاولة وهو يقول: لا تصدقيها .. دائما ما تكذب وخصوصا علي..
    قالت مها وهي تشير الى نفسها بغرور: ولم اكذب على شخص مثلك..
    قال حسام بابتسامة: اسألي نفسك..
    ومن ثم لم يلبث ان التقط المشروب الثالث ليأخذه الى حيث طاولة مازن ويجلس عليها برفقته وقال: ها هو ذا ما طلبته..
    قال مازن وهو يلتقط الكأس من يده: اشكرك..
    وقبل ان يرتشف منه رشفة واحدة سمع صوت انثوي يناديه قائلا: مازن .. مازن..
    التفت الى صاحبة الصوت وقال بملل: اجل يا حنان.. ماذا تريدين؟..
    قالت حنان وهي تقترب منه: اين انت؟.. اني اتصل بك منذ يومين ولا تجيبني..
    قال مازن بضجر: منشغل بأعمال والدي..
    قالت مها في تلك اللحظة بصوت خفيض: الم تسأم تلك الفتاة؟..
    قالت ملاك متسائلة: من هي هذه الفتاة؟..
    قالت مها بلامبالة وهي تلوح بكفها: احدى صديقات مازن.. وهي تلاحقه اينما كان.. يبدوا وانها معجبة به بشدة..
    قالت ملاك باهتمام: وماذا عنه هو؟..
    قالت مها وهي تبتسم بسخرية: هو؟.. هو لا يهتم بأي فتاة ابدا.. ترينه يعجب بفتاة ما في لحظة.. وينساها بعد يوم واحد فقط..
    اتسعت عينا ملاك وقالت : ماذا تعنين بالضبط؟..
    قالت مها وهي تهز كتفيها: لا شيء سوى ان أخي لا تهمه أي من الفتيات اللواتي حوله ابدا..
    لم تفهم ملاك ما تنطوي عليه هذه العبارة.. فقد كانت مها تعني انه يأخذ من الفتيات وسيلة للتسلية ولا يأبه بهن ابدا.. اما ملاك فقد فهمت ان مازن لا يهتم بالفتيات اشباه حنان والتي يلاحقن الشباب..وعادت لتلتفت الى مازن الذي كان يتحدث الى حنان بسخرية ومن ثم لم تلبث حنان ان سارت عنه غاضبة.. وفي الوقت ذاته قال حسام بعتاب: انت من جلبتها لنفسك وعليك ان تتحمل ما جنته يداك..
    قال مازن بحدة: انها بلهاء.. لقد اخبرتها منذ البداية انني صديق لها لا اكثر وسيكون كلامنا كله في حدود الصداقة.. ولكنها تصر على انها تحمل لي ما هو اكثر من الصداقة واني لا اهتم بمشاعرها ابدا..
    قال حسام وهو يشير اليه: لو لم تتحدث اليها منذ البداية وتطلب صداقتها لما حدث كل هذا.. والآن تحمل نتيجة فعلتك..
    قالت ملاك بغتة جعلت الجميع يلتفت لها: كم الساعة الآن؟..
    تطلع حسام الى ساعته وقال: السادسة والنصف.. لم؟..
    قالت ملاك بسرعة: اريد ان اعود الى المنزل.. سيأتي استاذ اللغة الانجلينزية بعد نصف ساعة..
    قال مازن وهو ينهض من على مقعده: حسنا سنعود.. هيا يا مها..
    قال حسام متسائلا بدهشة: هل تعرف ملاك يا مازن؟..
    قال مازن بابتسامة: اجل .. فهي صديقة مها وستقضي بعض الوقت في منزلنا ريثما يعود والدها من السفر..
    التفت حسام الى مها وقال وهو يعقد حاجبيه: لم تقولي لي هذا يا مها..
    قالت مها بارتباك وهي تنهض من على مقعدها وتلتقط حقيبتها: لقد نسيت..
    اوقفها حسام وقال بشك:اشعر وكأن في الأمر سرا تخفينه عني..
    تهربت مها من نظراته وأسرعت خلف مقعد ملاك وقالت: أبدا .. لا شيء..
    وأخذت تدفع المقعد بهدوء.. في حين قال حسام وهو يراقبهم وهم يبتعدون: بل هو كذلك يا مها.. وهو يتعلق بتلك الفتاة المدعوة.. ملاك..
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    كان الهدوء يعم المكان وذلك المنزل الكبير قبل ان يفتح باب المنزل وصوت مها وهي تقول بحدة: ارجوك اصمت فقط وارحنا من سماع صوتك..
    قال مازن بابتسامة: لماذا تغارين من صوتي؟.. ما ذنبي اذا كان اجمل من صوتك..
    قالت مها بحنق: اصمت فقط..
    اما ملاك فقد اكتفت بالصمت ولم تحاول ان تعلق على عبارتهما ..وجاء صوت نادين بغتة ليقطع على مازن ومها شجاراتهم وهي تقول: آنسة ملاك اين كنت كل هذا الوقت؟..
    رفعت ملاك رأسها الى نادين وقالت بهدوء: لقد ذهبت الى النادي ..
    قالت السيدة نادين باستنكار: ولماذا لم تخبريني؟..
    اشاحت ملاك بوجهها ولم تجبها فقالت نادين بهدوء: آنستي أنت تعلمين انني المسئولة عنك .. ولو حصل لك أي شيء سأكون انا الملامة أولا وأخيرا..
    قالت ملاك وهي تلتفت لها: عمري ثمانية عشرة عاما ولست طفلة حتى لا أستطيع ان اهتم بنفسي جيدا..
    وضعت نادين كفها على كتف ملاك وقالت: انا افهم ذلك جيدا.. ولكن عملي يحتم علي ان اكون بجوارك دائما.. وان اكون محل الثقة التي منحني اياها السيد خالد..
    كادت ملاك ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان ارتفع صوت رنين هاتف المنزل.. فتوجه مازن اليه ورفع سماعته قائلا: الو.. من المتحدث؟..
    صمت مازن للحظات ومن ثم قال مبتسما: اجل.. لحظة واحدة..
    والتفت الى حيث ملاك وقال بابتسامة : ملاك.. لدي خبر سعيد لك.. والدك على الهاتف..
    صاحت ملاك بفرح: ابي!!..
    ومن ثم اسرعت تحرك مقعدها الى ان وصلت الى مازن وقالت بلهفة وشوق: اعطني سماعة الهاتف.. اريد ان اتحدث اليه..
    قال مازن وهو يتطلع اليها: مقابل ماذا؟..
    قالت برجاء: ارجوك.. اريد ان اتحدث اليه..
    قال مازن مبتسما وهو يناولها السماعة: لو كان خطيبك هو المتصل لما كانت لهفتك اليه الى هذه الدرجة..
    لم تستمع ملاك الى حرف واحد مما قاله مازن بل اختطفت السماعة وقالت بلهفة كبيرة: أبي اشتقت إليك كثيرا..
    قال خالد بحنان: وأنا كذلك يا ملاك.. اخبريني يا ملاك ما هي اخبارك؟..
    قالت ملاك متسائلة:انا بخير يا ابي..كيف حالك انت؟..و منذ متى وصلت ؟.. ومتى ستعود؟..
    ضحك خالد وقال: رويدك يا ملاك.. انا بخير.. وانا اتحدث اليك الآن من المطار لأني قد وصلت لتوي اليه.. وسأعود بعد اسبوع ان سارت الأمور كما يجب..
    قالت ملاك برجاء: ابي عد سريعا أرجوك..
    تساءل والدها وهو يعقد حاجبيه: ما هي أحوالك مع عمك وابناءه؟..
    تطلعت ملاك الى مازن ومها ومن ثم قالت: على ما يرام.. لا تشغل نفسك..
    قال والدها باهتمام: هل يعاملونك جيدا؟.. وهل حاولوا مضايقتك؟..
    - الجميع يعاملني بشكل جيد يا ابي .. لا تقلق.. انت عد فقط .. انا احتاج الى وجودك الى جانبي كثيرا..
    قال والدها وهو يتنهد بارتياح: حمدلله.. لقد أرحتني يا صغيرتي .. لو ضايقك احدهم او تضايقت من العيش معهم.. اخبريني حتى أتصرف..
    واردف قائلا:والآن يا صغيرتي .. سأنهي المكالمة.. اراك بخير واهتمي بنفسك جيدا.. سأعود ومعي قفص الطائر الذي طلبته..الى اللقاء يا ملاكي الصغير..
    قالت ملاك والدموع تترقرق في عينيها: الى اللقاء يا ابي..
    قالتها وأغلقت سماعة الهاتف وهي تتنهد بحزن. . فقال مازن وهو يهز رأسه وهو جالس على إحدى المقاعد: لو كنت اعلم ان هذه المحادثة ستجعلك تبكين من جديد.. لما منحتك السماعة منذ البداية..
    قالت مها باستنكار: مازن .. ماذا تقول؟..
    واردفت وهي تقترب من ملاك وتربت على كتفها: لا عليك انه يمزح..
    قالت ملاك بصوت مختنق: اعلم..
    واردفت وهي تستدير عنهم: عن اذنكم..
    قالت مها لمازن وهي تراها تبتعد عنهم: الم تكن تستطيع تأجيل حديثك هذا قليلا؟..
    قال مازن وهو يهز كتفيه: لقد اردت ان اجعلها تنسى حزنها قليلا..
    قالت مها بعتاب: ملاك ليست مثلي.. انا يمكنني ان اتقبل مزاحك وسخريتك.. ولكن هي ربما لا.. انت اعلم بظروفها ..
    اومأ مازن برأسه ومن ثم قال: بلى اعلم بظروفها اكثر من أي شخص آخر..
    ومن ثم نهض من على مقعده وقال: سأذهب الى غرفتي..
    ابتسمت مها وقالت: ومن سألك عن مكان وجهتك الآن..
    تطلع لها مازن بنظرة طويلة قبل ان يلتفت عنها ويصعد درجات السلم..امام مها فقد التفتت الى باب غرفة ملاك وتوجهت لها .. ولكن اوقفها بغتة صوت رنين هاتفها المحمول.. فالتقطته من حقيبتها وابتسمت ابتسامة واسعة وهي ترى رقم حسام يضيئه وأجابته بلهفة مازحة: اهلا حسام.. الم تصبر على فراقي بهذه السرعة؟..
    قال حسام بابتسامة: تحلمين.. لقد اتصلت فقط لاعرف منك بعض الامور..
    استغربت مها حديثه وقالت بحيرة: أي امور هذه التي تود معرفتها؟..
    قال حسام وهو يضغط على حروف كلماته: عن تلك الفتاة المدعوة ملاك..
    قالت مها بتلعثم: صديقتي.. ماذا بها؟..
    قال حسام بشك: لقد قلت انك قد تعرفتي عليها في النادي.. ومع اني لم ارها في النادي ابدا.. الا انني ظننت انني لم انتبه لوجودها به قبل الآن..ولكن عندما رأيت انها فتاة مقعدة ازدادت شكوكي حولها.. فمن مثلها لا يمكن ان تشترك بالنادي..
    قالت مها بارتباك: حسام ماذا جرى لك؟.. هل تعمل ضابط مباحث او محقق بالشرطة؟.. الامر لا يستدعي كل هذا .. لقد جاءت الى النادي لمرة او مرتين من قبل لمجرد الزيارة وتعرفت بها خلال هذه الاثناء..
    قال حسام بارتياب: لا اعلم لم اشعر انك لا تقولين الصدق..
    ازدردت مها لعابها وقالت وهي تحاول ان تنهي الموضوع: بل انا كذلك.. استمع الي.. اتصل بي بعد قليل.. فلدي مكالة اخرى.. الى اللقاء..
    قالتها دون ان تستمع الى جوابه.. وفي الطرف الآخر قال حسام وهو يبتسم بزاوية فمه: لا تزالين لا تعرفين الكذب علي يا مها.. استطيع ان اكشف كذبك من ارتباك صوتك وتلعثمه .. ومن إنهاءك السريع للمكالمة.. ولكن سأعلم بكل شيء قريبا.. ان اردت ذلك...
    ===================


    lolitta m
    lolitta m
    جامعي جديد


    انثى
    عدد المساهمات : 28
    العمر : 34
    المكان : من تحت شباكي
    المزاج : عم طييييير
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 44
    تاريخ التسجيل : 21/07/2010

    حبيبتي ملاك Empty الجزء الرابع من حبيبتي ملاك

    مُساهمة من طرف lolitta m الخميس أكتوبر 07, 2010 8:12 pm

    الجزء الرابع
    "لماذا؟"
    (لم يحضر كمال على العشاء أيضا)
    قالها امجد وهو يجلس حول مائدة الطعام وتبدوا على ملامحه العصبية.. واردف بحدة: الى متى سيستمر هذا الشاب في تصرفاته؟..
    قال مازن بهدوء: لا عليك يا والدي.. سيأتي بعد قليل..
    انفعل والده وقال: منذ نصف ساعة وانت تقول لي مثل هذا الكلام.. لو كان سيأتي لجاء مبكرا..
    واردف قائلا: اتصل به بسرعة واطلب منه ان ياتي فورا..
    - حسنا يا والدي سأفعل.. اهدئ انت فقط..
    نهض مازن من مكانه واتجه الى الطاولة الصغيرة القريبة من المائدة ليلتقط هاتفه المحمول ويتصل بكمال.. اما ملاك فقد استمرت في تحريك الملعقة كعادتها في الطبق دون هدف.. فقالت مها بعطف: ملاك .. لماذا لا تأكلين؟..
    قالت ملاك بابتسامة باهتة وهي ترفع رأسها الى مها:من قال هذا؟..
    قالت مها وهي تشير الى طبقها: طبقك المليء بالطعام..
    تركت ملاك الملعقة من يدها وقالت وهي تتنهد: لا اشعر برغبة في ذلك..
    قالت مها متسائلة: ولماذا؟.. ان كان والدك هو السبب.. فقد اتصل بك اليوم وتحدث اليك كما وعدك..
    قالت ملاك بصوت خفيض وهي تتطلع الى نقطة وهمية: ليس الامر سهلا كما تظنين.. ان فراق ابي يعني لي فراق العالم بأسره.. اني لا اعرف احدا سواه..
    قال مازن الذي سمع صوتها على الرغم من انخفاضه: وماذا عنا.. الا تعرفينا ايضا؟..
    قالت ملاك وهي تلتفت له: ولكن ليس مثل ابي..
    هز مازن كتفه وسار ليكمل طريقه ولكنه اصطدم بالملعقة المجاورة بملاك دون قصد.. فانحنت ملاك لتلتقطها.. ولكن مازن كان الاسرع الذي انحنى وقال بابتسامة وهو يعيد وضع الملعقة على الطاولة وينهض واقفا : لا تتعبي نفسك..انا من أسقطها وانا من عليه ان يحضرها..
    وجدت ملاك نفسها تزدرد لعابها وتقول بصوت خافت: شكرا لك..

    ((خذي دميتك))
    ((شكرا لك))

    دس مازن اصابعه بين خصلات شعره وهو يحاول فهم مادار بذهنه.. أي كلمات تلك التي مرت بباله.. ومن قالها؟.. أيكون هو؟.. ولماذا قالها ومتى؟.. ولماذا جالت بذهنه الآن؟..لم يستطع الاجابة على أي من تساؤلاته وهو يعود الى مقعده.. ويلتقط الملعقة ليتناول طعامه من جديد..ولكن.. لماذا لم تدر هذه الكلمات في ذهنه الا عندما جاءت ملاك الى منزلهم؟.. لماذا؟..
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    جلست مها في غرفتها بعد العشاء وهي تشعر بالتعب وهي ترى أكوام الكتب امامها على الطاولة.. وقالت بضجر: لقد تعبت..
    واردفت بسأم: لا اعرف حل لهذه المعادلة الحسابية.. لقد سأمت..
    نهضت من على المقعد ورمت بنفسها على الفراش بتعب.. واخذت تفكر بأي شيء غير الكتب التي لا تزال مفتوحة .. وفجأة قالت بابتسامة: ربما كان حسام يعلم حل هذه المعادلة..
    وكأنها لم تكن تريد الا أي حجة لتتصل به.. فالتقطت هاتفها المحمول واتصلت به قائلة بابتسامة: الو .. اهلا حسام كيف حالك؟..
    عقد حسام حاجبيه وقال: انا بخير.. ماذا بك يا مها ولم تتصلين في هذه الاثناء..
    قالت مها وهي تتوجه نحو الطاولة وتجلس خلفها: لدي معادلة حسابية ولا اعرف حلها.. ولم اجد سواك ليساعدني على ذلك..
    قال حسام بابتسامة: مها.. ماذا جرى لك؟ .. انسيت ان تخصصي مختلف تماما عنك؟..
    قالت مها وهي تلتقط قلمها وتقلبه بين اصابعها: لم انسى.. ولكن..لم اجد من يساعدني سواك..
    ادرك حسام منذ البداية انها لم تتصل من اجل المعادلة الحسابية وقال بمكر: ومن قال لك اني اعرف حل هذه المسائل؟..
    قالت بابتسامة: لقد حللت معي سابقا مسألة مماثلة لها..
    قال حسام وهو يجلس على طرف فراشه: مشكلتك انك لا تعرفين التمثيل والكذب..ولكن لا يهم اخبريني الآن بما عندك..
    اخبرته مها بالمسألة.. فحاول ان يشرح لها طريقة حلها بهدوء.. اما الاولى فقد كان اعجابها به يزداد.. لقد كانت معجبة به منذ ان كانت طفلة ..لا تنكر هذا.. وتولد شعور بداخلها تجاهه مع الايام كلما يأتي الى منزلهم من اجل مازن او كمال.. كانت تلعب معه احيانا وهي صغيرة..واحيانا اخرى كانت تلعب معه هو واخوتها.. وحتى عندما كان كمال يرفض اشراك فتاة في اللعب.. كان حسام يدافع عنها.. منذ ان كانت طفلة وهي تراه فارس احلامها الذي يذود عنها..ولكن.. مشكلتها هي انها لا تعرف مشاعر حسام تجاهها.. احيانا تشعر به يهتم بها.. واحيانا يعاملها كأخت له تماما.. ولكن لم تعلم ابدا بما يخفيه في قلبه.. واذا كان يحمل لها ذات الشعور الذي تحمله له..
    وقال حسام عندما انتهى من شرح الحل لها: والآن هل فهمت الطريقة..
    قالت بتأكيد وثقة: بالطبع ما دمت قد شرحتها لي..
    قال حسام بهدوء: حسنا اذا ما دام الامر كذلك.. فالى اللفاء..
    اسرعت تقول: حسام انتظر..
    قال حسام بابتسامة: منذ البداية وانا انتظر الموضوع الاساسي لاتصالك.. اخبريني ما هو؟..
    ازدردت لعابها وقالت : الموضوع الاساسي؟.. لا يوجد أي موضوع اساسي.. فقط أردت ان أسألك ان كنت ستأتي غدا لمنزلنا ام لا..
    قال حسام متسائلا: وما الداعي لحضوري؟..
    مطت مها شفتيها وقالت: لا يوجد أي داع ابدا.. الى اللقاء..
    قال حسام بابتسامة واسعة: اراك في النادي اذا.. الى اللقاء..
    انهت مها المكالمة لتضع الهاتف على الطاولة ومن ثم تعود لترمي بنفسها مرة اخرى على الفراش.. وقالت وهي تتنهد: احيانا اتخيل او ربما اتوهم انك تحمل لي مشاعر ما في قلبك يا حسام ...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    تطلعت ملاك من نافذة غرفتها الى النجوم المتلألأة في السماء.. والتي بدت كماسات تبرق في ثوب الليل الممتد بلا نهاية ..كانت شاردة الذهن.. تفكر في اشياء كثيرة.. ولكن محور تفكيرها كان ابيها..واطرقت برأسها للحظة لتتطلع الى القلادة التي حول عنقها.. كانت على شكل قلب يتوسطه قلب متأرجح.. كانت القلادة التي اهداها لها والدها ذلك اليوم..
    شعرت بملل شديد وهي لا تشعر بأي رغبة في النوم.. خصوصا وان المكان غريب عليها ولم تعتد النوم الا في منزلها وفي غرفتها..القت نظرة سريعة على ساعة يدها التي كانت تشير عقاربها الى الثانية بعد منتصف الليل.. وتنهدت قائلة وهي تتطلع الى السماء من جديد: يا لهذا الليل الطويل.. متى تشرق الشمس؟ ..
    حركت عجلات مقعدها الى حيث حقيبتها.. وتطلعت الى مجموعة من الكتب والروايات التي جلبتها معها الى هنا.. ولكنها لم تشعر بأي رغبة في القراءة..لذا وجدت نفسها تحرك عجلات مقعدها من جديد الى الباب ومن ثم تحرك مقبضه وتدفعه بهدوء..وتخرج الى الردهة التي كانت اشبه بصورة ثابتة.. لا يتحرك فيها أي شيء.. ولا يسمع فيها أي صوت سوى صوت انفاسها .. ودارت بعينيها في ارجاء الردهة قبل ان تحرك عجلات مقعدها وهي تشعر بالخوف.. الخوف من الوحدة.. الخوف من الظلام.. الخوف من كل شيء.. ووجدت قبضتاها تنقبضان على عجلتي المقعد.. تمالكت نفسها وحاولت ان تهدئ نفسها .. وهي تردد ان ليس هناك ما يخيف.. فالصمت يعم ارجاء المكان و...
    وبغتة سمعت صوت ما..صوت حركة ما.. فانتفضت بقوة .. وسرت في جسدها ارتجافة خوف..وهي منكمشة في مكانها لا تقوى على الحراك.. ودون ان تحاول رفع عينيها .. سمعت الباب الرئيسي للمنزل يفتح.. ازداد خوفها وهي نخشى ان يكون القادم لصا.. حاولت العودة من حيث أتت.. ولكن يداها لم تطيعاها في تحريك عجلتي المقعد.. رفعت عيناها بخوف وهي تزدرد لعابها وشاهدت ذلك الظل الاسود يدخل الى لمنزل بهدوء شديد ..وبينما هو يسير الى حيث الدرج.. التفت بغتة الى اليسار.. الى حيث تجلس ملاك! ..وهنا اخذ قلب ملاك يخفق بقوة وخوف وشعرت بانمالها ترتجف ..ولكن سمعت صوت ذلك الظل فجأة وهو يقول: من هناك؟..
    ارتجفت مرة اخرى.. ولكن تذكرت انها سمعت هذا الصوت من قبل وانها تذكره.. رفعت رأسها الى الواقف عند السلم وقالت وهي تزدرد لعابها بتوتر: انا..هل انت كمال حقا؟..
    تنهد كمال وقال: لقد ظننت ان هناك متسللا دخل الى المنزل..
    وابتسم بسخرية وهو يتحدث الى نفسه: ( مع اني حالك لا يختلف كثيرا)..
    في حين قالت ملاك وهي تحاول تمالك اعصابها: لقد ظننت الشيء ذاته عندما رأيتك تدخل الى المنزل..
    قال متسائلا وهو يعقد حاجبيه: ما الذي يبقيك مستيقظة حتى هذه الساعة المتأخرة؟..
    زفرت ملاك بحدة وقالت: انه الارق.. وانت اين كنت حتى هذه الساعة المتأخرة؟..لقد سأل والدك عنك كثيرا..
    التفت كمال عنها وقال بلامبالاته المعهودة: اهتمي بشؤونك ولا تتدخلي في خصوصيات غيرك..
    ارتفع حاجبا ملاك بمزيج من الدهشة والالم وتطلعت اليه للحظة قبل ان تقول وهي تطرق برأسها بمرارة وتدير عجلات مقعدها: معك حق.. لم يكن علي التدخل في خصوصيات الغير..
    قالتها وتوجهت الى غرفتها.. واغلقت الباب خلفها بقوة.. وقالت بمرارة وهي تشعر بغصة تملأ حلقها: ما الذي فعلته له حتى يعاملني هكذا؟.. ما الذي فعلته؟..
    ووجدت نفسها تتوجه نحو السرير وهي تشعر بدموعها تترقرق في عينيها.. وترفع جسدها من المقعد بالم ومرارة.. عضت على شفتيها وهي تجد نفسها تفشل في رفع جسدها فقالت بعصبية: لماذا؟..لماذا؟.. تبا.. تبا..
    نجحت أخيرا وارتفع جسدها لتجلس على الفراش وتترك لجسدها الفرصة ليرتاح.. تنهدت بحزن قبل ان تلقي برأسها على الوسادة..وعلى الرغم من حزنها وجدت نفسها تغط في النوم.. نوم عميق وبلا أحلام...
    ولكن اسمحوا لي ان اقول لملاك..انها البداية فقط.. وان ما تراه اليوم.. هو ابسط شيء قد يواجهها في حياتها هذه المليئة بالصراعات...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    ضوء الشمس القوي سقط على عيني ملاك.. ليجعلها تعقد حاجباها بقوة .. ومن ثم تغطي وجهها بالغطاء وهي تقول وهي تشعر بالنعاس: اريد ان انام يا ابي..
    شعرت نادين التي فتحت ستارة الغرفة بالاشفاق تجاهها وهي تسمعها تقول عبارتها تلك.. وقالت بصوت هادئ: آنستي انها الساعة العاشرة.. الن تستيقظي؟..
    قالت ملاك وهي تتثاؤب: لا .. انا متعبة لم انم امس الا في ساعة متأخرة..
    قالت نادين متسائلة: ولماذا؟..
    فتحت ملاك احدى عينيها وقالت وهي تبعد الغطاء عن وجهها: لقد شعرت بالارق ولم استطع النوم و...
    بترت ملاك عبارتها وارتسم على ملامحها الحزن وهي تتذكر ما حصل بالامس والكلمات التي قالها لها كمال..ولكن نادين لم تنتبه لذلك وهي تقول بابتسامة: ذلك لانك لم تعتادي النوم هنا بعد.. والآن هيا استيقظي..
    قالت ملاك وهي تعتدل في جلستها: اخبريني اولا من يوجد بالمنزل؟..
    قالت نادين وهي تقترب منها وتضع الوسادة خلف ظهرها: لا احد يا آنستي سواك انت وانا و الخدم..
    قالت ملاك بدهشة: واين ذهب الجميع؟..
    قالت نادين بهدوء: السيد امجد والسيد مازن غادرا الى الشركة منذ الساعة الثامنة صباحا.. اما السيد كمال والآنسة مها فقد ذهبا الى الجامعة منذ ساعة..
    قالت ملاك بهدوء مماثل: فليكن.. ساستبدل ملابسي واخرج لأتناول الفطور..
    قالت نادين وهي تهم بالخروج من الباب: سيكون الفطور جاهزا..
    قاليها واغلقت الباب خلفها.. اما ملاك فقد استبدلت ملابس النوم.. بفستان ذا لون وردي.. جعلها تبدو كالزهرة المتفتحة.. ورفعت خصلات شعرها بواسطة ربطة شعر من اللون ذاته..تطلعت الى نفسها في المرآة لتطمأن الى شكلها ومن ثم لم تلبث ان غادرت الغرفة وهي تتوجه الى طاولة الطعام.. رأت الطاولة خالية الا منها وقالت بابتسامة مريرة: الامر لم يختلف كثيرا عن وجودي بالمنزل..
    قالت نادين التي كانت تقف قريبة منها: آنستي لقد اتصل استاذ الرياضيات منذ قليل وقال انه سيأتي بعد ساعة..
    هزت ملاك كتفيها بعدم اهتمام.. ومن ثم شرعت تتناول افطارها بصمت وهدوء..وان لم تكن تشعر بمذاق أي شيء مما تتناوله..وما لبثت ان قالت بعد انتهاءها من تناول طعام الفطور:أريد ان أذهب للتنزه في الحديقة الخارجية..خذيني الى هناك..
    قالت نادين بابتسامة: كما تشائين آنستي ولكن الجو بارد بالخارج .. اذهبي لترتدي ملابس أكثر دفئا..
    قالت ملاك وهي تحرك مقعدها: لا اريد..
    - ولكن آنستي الجو بارد..
    قالت ملاك باعتراض: انا احب الخروج في جو كهذا وبملابسي الاعتيادية..
    قالتها وواصلت طريقها فقالت نادين باستسلام: كما تشائين..
    غادرت المكان مع نادين الى الحديقة الخارجية للمنزل.. وتطلعت ملاك حولها بابتسامة وقالت وهي تلتفت الى نادين: خذيني الى حيث توجد الزهور..
    قالت نادين مداعبة: انها تجلس امامي..
    اتسعت ابتسامة ملاك وقالت وهي تشعر بالهواء البارد يداعب شعرها ووجنتيها: هيا خذيني الى حيث الزهور..
    قالت نادينة وهي تدفع مقعد ملاك بهدوء: لست اعلم اين توجد الزهور في هذه الحديقة.. ولكن لنبحث عنها..
    أخذت نادين تدفع ملاك أمامها في تلك الحديقة الواسعة.. والممتلأة بالحشائش والأشجار.. وقالت ملاك بغتة: إنها هناك ..
    قالتها وأشارت بيدها الى الجانب الأيسر لها..فدفعت نادين المقعد وتوقفت بها امام حوض الأزهار تماما..فأغمضت ملاك عينيها وهي تتنهد.. ورسمت على شفتيها ابتسامة حالمة وقالت: كم أتمنى ان ابقى هنا طويلا..طويلا جدا..
    شعرت بنسمات الهواء الباردة تعود لتداعب وجنتيها وتحرك خصلات شعرها الاسود..فتحت عينيها وتطلعت الى الطيور المحلقة في ذلك الفضاء.. وارهفت السمع الى صوت الرياح.. ومن قم لم تلبث ان مدت يدها لتداعب زهرة ما و...
    (حذار ان يجرحك شوكها)
    تراجعت ملاك بيدها اثر الصوت الذي سمعته.. واسرعت تلتفت الى القادم نحوهم وقالت بدهشة: مازن.. الم تذهب الى الشركة مع ابيك؟..
    ابتسم مازن الذي كان يرتدي زيا مكونا من بنطال وسترة ذا لون بني قاتم وقميص ذا لون بني هادئ (البيج) .. ولم يكن يرتدي أي ربطة للعنق..فمازن لم يكن يحب ارتداء ما يخنقه كما كما يقول..وقال: بلى.. ولكني عدت.. فقد شعرت بالملل..
    وتساءل قائلا: اخبريني .. ما الذي تفعلينه هنا؟..
    هزت كتفيها وقالت: كما ترى ..اتطلع الى الطيور .. اداعب الزهور.. واستمع الى صوت الرياح..
    قال مازن بسخرية: تستمعين الى صوت ماذا؟..
    وقبل ان تجيبه ملاك.. التفت الى نادين وقال: هل لك ان تحضري لي كأس من الماء؟..
    قالت نادين مترددة: وماذا عن ملاك؟..
    قال مازن بهدوء: سأبقى معها ولن اتحرك من مكاني ريثما تعودين..
    اومأت نادين برأسها وقالت : حسنا اذا.. لن اتأخر..لحظات وأعود ..
    في حين قالت ملاك وهي تتطلع الى البعيد: قد تظن اني طفلة لو أخبرتك انني أحيانا أتحدث الى الزهور .. لاني لا اجد سواها لأتحدث اليها.. على الاقل .. اشعر اني أستطيع ان أتحدث كما يحلوا لي.. وانها لن تتضايق مما سأقوله ابدا..
    تطلع لها مازن بدهشة وحيرة.. تتحدث الى الزهور.. وتستمع الى الرياح.. أمجنونة هذه الفتاة؟..في حين اردفت ملاك وهي تغمض عينيها: الوحدة شعور صعب يجعلك تتحدث الى كل ما حولك.. والى أي شيء كان..
    قال مازن بهدوء غير عابئ لما تقوله: الجو بارد.. ادخلي الى المنزل الآن..
    هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا اريد..
    قالت السيدة نادين بغتة: دعها انها عنيدة.. لن تفعل الا ما تريده هي..
    التفط مازن كأس الماء من نادين وأخذ يشربه في حين عادت ملاك لتفتح عينيها وقالت مبتسمة: وهل أفوت على تفسي مشاهدة مثل هذا المنظر الجميل؟.. على الاقل قبل ان يصل الأستاذ واكون محتجزة في المنزل لأكثر من ساعة..
    ما ان انتهت من عبارتها حتى عادت الرياح لتلفح وجهها ولكن هذه المرة بشدة اكثر.. وبنسمات باردة.. جعلت جسد ملاك يقشعر.. فقال مازن وهو يزفر بحدة: هل ستظلين بالخارج حتى تمرضي.. هيا ادخلي الى المنزل وارتدي على الاقل ما يدفئك..
    قالت ملاك بعناد طفولي: لا..
    ابتسم مازن وقال: معك حق يا سيدة نادين.. انها عنيدة حقا..
    مدت ملاك يدها في تلك اللحظة وداعبت زهرة ما ذات لون وردي يشبه لون فستانها.. فقال مازن وهو يخلع سترته ويقترب منها: ولم لا تقطفينها ما دامت تعجبك؟..
    قالت ملاك باعتراض: ان قطفتها ستبتعد عن بقية الوردات وستذبل بين يدي.. ولكن ان بقيت في مكانها فستزهر دائما..
    ارتسمت ابتسامة على شفتي مازن وقال وهو يضع سترته على كتفيها: معك حق.. ستكون بحال جيدة ان بقيت مكانها ..
    التفتت ملاك بدهشة الى مازن .. ورفعت حاجباها باستغراب لتصرفه.. ولكنها لم تلبث ان تذكرت والدها وما يفعله لها كلما احست بالبرد..لقد كان يخلع سترته ويضعها على كتفيها تماما كما فعل مازن!.. ازدردت ملاك لعابها وتطلعت اليه لوهلة قبل ان تقول بابتسامة مرتبكة: شكرا لك..
    قال مازن مبتسما: لا عليك..
    وظل صامتا وهو يعتدل في وقفته ويتطلع الى أي شيء مما حوله..في حين وجدت ملاك نفسها تقول: ولكن الن يغضب والدك ان غادرت العمل هكذا؟..
    قال مازن بسخرية وهو يطوح بحجر صغير بعيدا: بلى.. ولكننها رغبته ..
    قالت ملاك متسائلة: رغبته؟.. وكيف؟..
    قال مازن وهو يلتفت لها: هو من أرادني ان اعمل معه.. لم أكن اريد ذلك ولكنه أرغمني على هذا العمل الذي اكرهه.. لهذا عليه ان يعلم اني من المستحيل ان اجد نفسي في عمل ابغضه ولا احتمل القيام به..
    تطلعت له ملاك لوهلة ومن ثم قالت: ولكن يجب عليك مساعدة أبيك..
    قال مازن وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: وها انذا افعل.. ولكن على طريقتي الخاصة..
    ترددت ملاك قليلا قبل ان تقول: ولكن هذا يعتبر خداعا له..
    - فليكن ما يكون.. اريد ان اعمل في عمل اجد نفسي فيه لا ان اعمل في عمل أكون مرغما على ادائه.. كل ما يهم والدي ان أكون الى جواره فقط.. وماذا عني ايظن ان ليس لي طموح اتمنى تحقيقه..
    صمتت ملاك ولم تجد ما تقول.. فقال مازن بهدوء: الم يحن الوقت للدخول؟.. الجو يزداد برودة..
    ابعدت ملاك السترة عن كتفيها وناولتها لمازن وقالت بابتسامة باهتة: اعلم انك تشعر بالبرد .. لهذا خذها..
    قال مازن باستنكار: لا.. انت فتاة ويجب علي ان...
    قاطعته ملاك لتقول بهدوء: فليكن .. سأدخل الى الداخل.. حتى أريحك من عبئي عليك..
    قالتها وحركت عجلات مقعدها بكلتا يديها وقد عادت اليها ذكرى الامس.. وما دار بينها وبين كمال.. وتساءلت للمرة العاشرة.. لماذا؟...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    قالت مها بمرح وهي تودع صديقتها عند مواقف الجامعة: الى اللقاء اراك غدا.. ولا تنسي اتصلي بي لتخبريني ما حدث..
    قالت صديقتها مبتسمة: بكل تأكيد لن أنسى.. الى اللقاء..
    لوحت لها مها بيدها وهي تجري مبتعدة دون ان تنتبه لعيني ذلك الشاب الذي اخذتا تراقبانها وهي لا تزال تلوح بيدها.. وقال ذلك الشاب بغتة وهو يراها تقترب منه: كيف حالك يا ايتها الجميلة؟..
    التفتت مها بحدة الى مصدر الصوت.. وارتفع حاجباها بدهشة وهي ترى الواقف امامها .. وزفرت بحدة وهي تقول: أرعبتني يا حسام؟؟
    قال حسام مبتسما: احقا؟.. تستحقين ان تصابي بالرعب بكل صراحة..
    قالت مها وهي تضع كفها عند خصرها: ولماذا؟..
    ولكنها اردفت بحيرة: ولكن اخبرني.. هل انتهت محاضراتك في مثل موعد انتهاء محاضراتي؟..
    قال بهدوء: بل قبلها بنصف ساعة.. ولكن أخذني الحديث مع احد الاصدقاء ولم اشعر بالوقت حينها.. وبعد مغادرته.. رأيتك وانت تغادرين الجامعة..
    قالت مبتسمة: من الغريب ان تنتظرني.. انها المرة الاولى التي تفعلها..
    - اولا انا لم انتظرك بل رأيتك مصادفة.. وثانيا اظن انها ستكون المرة الاخيرة..
    ضحكت مها بمرح وقالت: لن تستطيع..
    رفع حاجبيه باستخفاف وقال: ولم؟..
    قالت مبتسمة وهي تتطلع الى مبنى الجامعة: لاننا في جامعة واحدة.. وسأراك كثيرا رغما عنك..
    قال وهو يلوح بكفه مغيرا جفة الحديث: اخبريني هل هناك من سيوصلك.. ام أوصلك انا؟..
    ومع انها لمحت سيارة والدها الذي يرسلها لها الى الجامعة مع السائق .. الا انها قالت: لا ادري لقد تأخر السائق كثيرا ولا اريد ان اتأخر على المنزل..
    صمت حسام قليلا ومن ثم قال : حقا؟.. هل تأخر السائق يا مها؟ ..
    اومأت برأسها وهي تزدرد لعابها.. فقال وهو يشير الى بقعة ما ويبتسم: وماهذه السيارة التي تقف هناك اذا؟.. اليست سيارتكم؟.. والسائق.. اليس السائق الخاص بوالدك؟..
    قالت مها بحنق وهي تحرك قدمها بعصبية: بلى هو.. لم اره.. الى اللقاء الآن..
    قال في سرعة: انتظري..
    التفتت له وقالت بحدة: ماذا؟..
    قال بابتسامة جذابة: لا يهون علي ان تذهبي وانتي متضايقة هكذا.. اذهبي الى السائق واطلبي منه ان يغادر.. وسأوصلك انا..
    قالت بفرحة لم تستطع ان تكتمها بداخلها: حقا؟؟.. سأذهب اليه في الحال..
    ومن ثم تنبهت الى نفسها فقالت بخجل: اعني حتى لا أأخره عن والدي..
    ابتسم حسام وهو يراها تبتعد وتبلغ السائق حتى يغادر.. وما ان غادر السائق حتى أسرعت بخطواتها اليه وقالت بابتسامة واسعة: هاقد غادر السائق..
    قال وهو يلتفت عنها: اتبعيني اذا الى حيث سيارتي..
    قالت وهي تسير الى جواره: لا احب ان اتبع احد..
    التفت لها وفي عينيه نظرة استخفاف.. ومن ثم واصل طريقه الى حيث السيارة.. ففتح قفلها عن طريق جهاز التحكم عن بعد.. واشار لهاحتى تركبها.. وابتسمت مها بسرور وهي تدلف اليها.. صحيح انها ليست المرة الأولى التي يوصلها فيها حسام الى مكان ما.. ولكنها مع هذا تشعر بسعادة كبيرة كلما شعرت بنفسها قريبة منه..
    في حين استقر حسام خلف مقعد القيادة وأدار المحرك لينطلق بالسيارة .. وران الصمت عليهم بضع دقائق.. فقالت مها لتقطع هذا الصمت: ستأتي الى النادي اليوم.. اليس كذلك؟ ..
    اومأ برأسه وقال: بلى.. ثم انت تعلمين ذلك.. فلم تسألين؟ ..
    قالت متجاهلة عبارته: ما اخبار الدراسة معك؟..
    هز كتفيه بالمبالاة وقال: جيدة..
    قالت مها بصيق: ولم تجيبيني باقتضاب هكذا؟..
    قال مبتسما:ماذا بك؟.. الست أجيب عن أسألتك؟..
    اشاحت بوجهها نحو النافذة وقالت بحنق: اجل..
    سالها حسام بغتة: ما هي أخبار ملاك؟..
    قالت مها بعصبية: وما شأنك بها؟.. ثم هل طلبت توصيلي الى المنزل حتى تسألني عن ملاك؟..
    قال حسام بهدوء شديد أثار أعصاب مها: انه مجرد سؤال عابر ..
    قالت مها بحدة: اشك في هذا.. وعلى العموم فهي بخير.. اطمأن ..
    ضحك وقال: ومن قال انني اردت ان اطمأن عليها؟..
    قالت بعصبية: اذا لم تسأل عن أحوالها اذا لم ترد الاطمئنان عليها ..
    أوقف حسام سيارته بجوار منزل مها وقال وهو يغمز بعينه: ربما لسبب آخر..
    تطلعت له لوهلة دون ان تستشف من قوله أي شيء يروي فضولها .. ومن ثم لم تلبث ان قالت وهي تفتح باب السيارة: أشكرك على توصيلي ..
    قال مبتسما: على الرحب والسعة..
    ألقت مها نظرة أخيرة على حسام قبل ان تغادر السيارة وتنطلق الى المنزل.. وما ان ابتعد بسيارته حتى أحست بأنها قد فقدت شيئا هاما.. شيئا عزيزا وغاليا واهم من كل ما لديها...
    ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
    جلس امجد في الردهة يحتسي القهوة.. ويتطلع الى الصحيفة بلا اكتراث.. والتفت الى حيث الدرج للحظات ومن ثم قال وهو يلمح مازن وهو يهبط درجاته: كيف حال العمل بالشركة يا مازن؟..
    توقف مازن عن النزول .. وقال وهو يشعر بلهجة والده التي تخفي شيئا ما: على ما يرام.. لم تسأل يا والدي؟..
    لم يجبه امجد بل ظل صامتا وهو ينتظر من مازن نزول الدرج.. وقال هذا الاخير وهو يهبط درجات السلم ويقترب من حيث يجلس والده: هل هناك امر ما يا والدي؟..
    قال امجد وهو يشير له بالجلوس: انت ابني الأكبر يا مازن.. ويجب ان تكون ذراعي اليمنى في العمل.. اليس كذلك؟ ..
    جلس مازن فوق المقعد الذي أشار له والده وظل مازن صامتا فقال امجد بحدة: اجبني .. اليس كذلك يا مازن؟.. ام تفضل ان تكون مجرد فأر يتسلل الى خارج الشركة كل يوم في العاشرة واحيانا حتى التاسعة صباحا؟..
    اتسعت عينا مازن وقال وهو يزدرد لعابه: من قال لك هذا يا والدي؟..
    قل امجد بسخرية: أتظن اني أحمق لا اعلم ما يدور في الشركة .. انني ارصد كل نفس فيها.. ولكن ابني الأكبر الذي يجب ان يكون قدوة للموظفين يتسلل خارجا كل يوم كالفئران..
    قال مازن وهو يكور قبضته: أرجوك ابي لا داعي لمثل هذا الكلام..
    - هل لك ان تفسر لي تصرفك هذا اذا؟..
    دس مازن أصابعه بين خصلات شعره وقال: انت تعلم منذ البداية اني لا اجد نفسي في هذا العمل.. واني لم اكن ارغب في ان اقوم به..
    قال والده بانفعال: وكنت تريدني ان أتركك تعمل لدى شركة اخرى منافسة.. لا.. انت ابني ومن حقي عليك ان تكون الى جوار والدك وتساعده..
    قال مازن برجاء: ولكن لي طموح في هذه الحياة يا ابي.. ولو عملت في شركتك فلن أحققه...
    اشار له والده بالصمت وقال: كفى يا مازن لقد انتهى النقاش .. وحذار ان تغادر الشركة مرة اخرى والا سيكون لي تصرف آخر معك..
    زفر مازن بعصبية وقال: هل تريد أي شيء آخر يا والدي؟..
    قال والده باقتضاب : لا..
    نهض مازن من كرسيه وأسرع يتوجه الى أي مكان المهم ان يهدئ من اعصابه قليلا..ووجد نفسه امام الباب الرئيسي.. فأسرع يفتحه و ...
    (الى اين؟..)
    تردد ذلك الصوت الهامس الرقيق من خلفه.. فالتفت الى ملاك ناطقة العبارة السابقة وتطلع اليها للحظات .. في حين ظنت ملاك ان صمته يعني انه لم يسمعها جيدا.. فعادت تكرر عبارتها وقالت بصوت مرتفع أكثر: الى اين تذهب يا مازن؟..
    مط مازن شفتيه بغضب ومن ثم قال وهو يستدير عنها: الى الجحيم..
    لم يكن الوقت المناسب ابدا لملاك ان تتحدث اليه وهو في هذه الحالة من الغضب.. في حين تطلعت اليه ملاك للحظات بألم ومن ثم لم تلبث ان قالت بمرارة : ما بالكم جميعا؟..الكل يكره ان احدثه..ليتني لم آتي الى هنا.. ليتني لم افعل..
    التفت مازن اليها بدهشة وسرعة ومن ثم قال: من تعنين بالجميع يا ملاك؟.. هل هناك من ضايقك؟..
    اشاحت بوجهها لتخفي الدموع التي ترقرقت في عينيها ومن ثم قالت بألم: وماذا يهم؟.. انت مثله تماما.. تكره التحدث الي..
    عاد مازن ادراجه الى حيث تجلس ملاك وافتعل ابتسامة على شفتيه وهو يقول: لم اقصد محادثتك بهذا الاسلوب.. فقد كانت اعصابي مشدودة بعض الشيء.. ولكن لم تخبريني من الآخر الذي ضايقك..
    تطلعت اليه بتردد ومن ثم لم تلبث ان قالت بصوت خافت: كمال..
    تساءل باهتمام: وما الذي فعله؟..
    - لقد سألته عن شيء ما يعنيه.. فطلب مني ان لا اتدخل في شؤونه وان اهتم بشؤوني فقط..
    عقد مازن حاجبيه وقال وهو يهبط الى مستواها: سألته؟.. وعن ماذا سألته؟..
    ازدردت ملاك لعابها وقالت: لقد أصابني الارق ليلة البارحة.. ورأيته يدخل في ساعة متأخرة.. فسألته عن سبب تأخيره كل هذا الوقت لأن عمي كان قلقا عليه..
    قال مازن بابتسامة باهتة: ملاك.. لا تدعي هذا يضايقك.. فهذه هي عادة كمال.. لا يحب ان يتدخل احد في شؤونه وحتى والدي نفسه.. ثم ان تأخره امر طبيعي فهو يتأخر يوميا عن المنزل..
    صمتت ملاك دون ان تعلق على عبارته.. فقال وهو يتطلع اليها: أظن اني ادين لك بالاعتذار عما فعلته قبل قليل.. انا آسف.. واعتذر كذلك نيابة عن كمال.. ولكن لا تتضايقي.. فلا احب رؤية ابنة عمي عابسة هكذا..
    التفتت اليه وارتسمت ابتسامة حملت كل ما بداخلها من امتنان له فقال مبتسما وهو يربت على كفها وينهض واقفا: والآن مادمت قد رايتك مبتسمة.. فعن اذنك سأزور احد أصدقائي ..
    قالها ولوح لها بكفه.. ولكن ملاك لم تكن تطلع اليه في تلك اللحظة.. بل الى كفها التي ربت عليها مازن.. وشعرت بقشعريرة باردة تجري في جسدها.. وهي تتذكر لمسته لها.. ووجدت قلبها يخفق بقوة..
    ولهفة...
    هاد كان الجزء الرابع
    وقريبا رح نشوف الجزء الخامس
    بتمنى شوف رأي الكل بهالقصة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 4:18 pm