بالحب يتحوّل العالم إلى قصيدة، ويصبح بحيرة مملوءة شعراً.. ويعود إلى براءته الأولى.. وما فعل الحب بين الرجل والمرأة، إلا تعبير عن فعل الحب الحقيقي الذي من خلاله تفتح اللحظة الحاضرة أبوابها ليلجها ويختبر نشوة الأبدية.. وكلما أحب الإنسان أكثر، كلما أصبح شاعراً يغرف من الشعر، ويفيض شعراً.. الشعر ليس قضية بيان ولغة بقدر ما هو لغة الحب والشعور ونبض الكون، ونسغ الوجود الحي..
الوجود يظل لغزاً مغلقاً على الإنسان الذي لا يعرف الحب.. فبالحب تتوحد الأضداد، الذكر والأنثى، الجسد والروح، السماء والأرض، الأنا والآخر، الإلهي والإنساني..
والذي يحب يدركه الجمال، فالجمال والحب وجهان لحقيقة واحدة، وبالحب يعود الجسد الإنساني إلى جماله الأول، ويصبح مدخلاً لحقائق كونية..
لقد شغف نزار قباني بجمال المرأة وافتُتن به، وكانت قصائده اندفاعة ايروسية نحوه، مما جعله يعبر عن شعرية جمال المرأة، وشعرية الخلجات والأحاسيس التي تهدر كالأمواج حيناً، وكالعواصف حيناًَ آخر، فنزوة اللحم والدم وعنف الرغبة والشهوة أيضاً لها بعد شعري يسبح من خلاله الشاعر ويتواصل مع عوالم أرحب وأوسع.. إلا أن معاناة الشاعر لم تنفصل عن معاناة وطنه وشعبه فتفجر شعره السياسي محاولاً أن يكون مرآة صادقة لما يحدث في فلسطين، ولبنان، وسورية وطنه الأم.. إنما الأزمات التي عاناها هذا الوطن الغالي، دفع هو ثمنها غالياً، فلقد كانت إحدى ضحاياها زوجته بلقيس!
هكذا كان نزار يرى ويحس من خلال الجسد، فدمشق، كانت جسده الأم، ومن خلال الجسد كان يقتحم مملكة الشعر الرقيقة..!!