اجتماعات بين خبراء من كبار ضباط وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA وضباط من الموساد ومسؤولين أمنيين من دولة عربية لتنسيق المواقف ..تحليل الاموقف
أحمدي نجاد في لبنان لمدة يومين طويلين طاف بهما على كل العناوين وترك رسائل لكل المعنيين بعضها واضح كل الوضوح و بعضها مفهوم فقط لمن يقرأ خط احمد نجاد ، الرئيس الأسد يطير بعد ذلك بيومين الى الرياض ، وسعد الحريري يذهب متخفيا تقريبا الى الرياض في نفس ساعة وصول الأسد الى هناك ، فيلتمان يطير من الرياض قبل وصول الأسد اليها بدقائق ويصل الى بيروت ويقابل ميشيل سليمان ، ثم يغادر ، حزب الله يلتزم الصمت وكأنه لا يرى و لا يسمع ، بينما هو يرصد كل حركات وسكنات لبنان والإقليم ساعة بساعة ولحظة بلحظة .
لا يبدو أن كل هذه الدربكة السياسية والدبلوماسية وكارنفال التصريحات الذي لم يستثني أحدا من السياسيين والزعماء والوزراء هو شيء عابر ، كما أنه لا يمكن أن يحمل على أنه حدث اعتيادي ، فلا بد أن يكون وراء الأكمة الشرق أوسطية ما ورائها ، أو أن لدى الغرب الأوروبي والأمريكي ما حفز ايران على التحرك وحرك كل الأوساط في الشرق الوسط عن غير قصد .
تقول تقارير صحفية غير منشورة لصحفيين مطلين على المشهد الأمني الأوروبي أو مايمكن الإطلال عليه من ذلك المشهد أن اجتماعات بين خبراء من كبار ضباط وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA وضباط من الموساد ومسؤولين أمنيين من دولة عربية قد اجتمعوا عدة مرات في الأسابيع القليلة الماضية وقد حضر مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بعض هذه الإجتماعات وتم مناقشة القرار الظني الذي تنوي المحكمة اصداره ونشره ، وقد وافقت المحكمة على الملاحظات التي اوردتها اسرائيل وامريكا والتي تشكل جزءا من الأدلة والقرائن التي تدين حزب الله في عملية مقتل الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري .
غير أنه وبعيدا عن القرار الظني الذي لا يشكل الا الجزء الصغير من جبل الجليد الطافي على وجه الماء بينما ماهو مخفي أعظم وأكثر أهمية وخطورة ، فإن الولايات المتحدة تعاني من تخبط وضبابية في الرؤيا في قضايا الشرق الأوسط عامة اضافة الى أفغانستان ، وهي غير قادرة على استبيان تفاصيل المشهد اللبناني وما يمكن حدوثه فيما إذا اشتعلت لبنان وماهي النتائج الحقيقية التي قد تترتب على ذلك .
إسرائيل متفقة مع بعض الدول العربية في المنطقة على أن ساعة الصفر قد دنت وأن ضرب ايران قد صار ضرورة ملحة لا بد من القيام بها ، ورغم أن هناك تيارات في واشنطن يتبنى هذه الرؤيا الا أن التيار الأكبر اضافة الى الرئيس اوباما يتخوفون من سيناريو ضرب ايران ويصفون المشهد بأنه سيكون جحيما قد يحرق المنطقة بل قد يمتد ليطال مناطق بعيدة عن الشرق الأوسط ، اسرائيل تدفع باتجاه الحسم بل انها تهدد بأنها ستقوم بضرب ايران لوحدها اذا اقتضى الأمر ، الا ان الولايات المتحدة تحذر من مغبة التهور والدخول في مغامرة أكثر صعوبة وأشد خطرا من المغامرتين العراقية والأفغانية .
اسرائيل تحاول أن تدفع بسيناريو متفائل للخباء والسياسيين الأمريكيين وتؤكد على أن الموساد متغلغل في أوساط لبنانية حكومية ورسمية وشعبية كثيرة ومتشعبة وأن تيار المستقبل التابع للرئيس الحريري وتيار سمير جعجع غضافة لقوى اخرى ستقوم بالتمهيد لإشغال حزب الله بمعارك داخلية خاصة وأن دولا عربية قامت في الأونة الأخيرة بتدريب عناصر لسمير جعجع وتيار المستقبل وبالتالي فإن لبنان يعود الى عهد الطوائف المسلحة وسيكون الأمر صعبا على حزب الله وليس كما هو شائع بأن الجهة الوحيدة القوية هي الشيعة وحزب الله ، وتتابع اسرائيل في تقاريرها التي تلح فيها على توجيه الضربة لحزب الله وايران بالقول إن سوريا لن تتمكن من فعل شيء وأن حزب الله قوة وهمية الى حد بعيد وأن مايسمى بالإنتصار الذي حققه في العام 2006 كان نتيجة لأوضاع سياسية وأمنية مرتبكة ولتقديرات خاطئة في رئاسة الأركان الإسرائيلية اضافة الى ضعف الحكومة انذاك ، وأن اسرائيل قد استخلصت العبر وهي قادرة الآن على تهشيم حزب الله والإجهاز غلى قوته خلال أيام قليلة لا تتجاوز الثلاثة ايام بحسب اسرائيل.
خبراء في جهاز الإستخبارات الإيطالي SISMI كتبوا تقريرا مفصلا للحكومة الإيطالية قالوا فيه اشياء مغايرة لهذا الكلاك تماما ، فالإيطاليون يتوقعون أن لا تستطيع اسرائيل فعل اي شيء على الأرض في الجنوب اللبناني وأن كب ماسوف يقومون به هو ضربات جوية قد تفشل هذه المرة تماما حيث أن تقارير تفيد بأن حزب الله تمكن من تهريب صواريخ أرض – جو محمولة على الكتف غير قادرة على التصدي للطائرات العسكرية الإسرائيلية التي تغير من ارتفاعات عالية جدا الا أن الحزب سوف يقوم بمهاجمة تلك الطائرات وهي في حالة هبوط في المطارات الإسرائيلية كما ان الحزب سيكون قادرا على ضرب الكثير من المطارات الإسرائيلية وبالتالي فإن سلاح الجو الإسرائيلي سيكون مضطرا لإستخدام حاملات الطائرات الأمريكية للإقلاع والهبوط وهو ليس في غنى عن هذا الخيار مطلقا ، ويقول الإيطاليون أن قتال شوارع سيقع في المدن الإسرائيلية خاصة الشمالية منها في الجليل الأعلى وربما في الجليل الأسفل ايضا ، وأن ذلك سيحرض على اثارت الفوضى في دول مجاورة للقتال .
رئيس الحكومة الإيطالية لم يأخذ بالتقرير مما أثار السخط في أوساط بعض قادة السيزمي الإيطالي الذين سربوا اجزاء من التقرير لبعض الصحافيين الإيطاليين الذين تناقلوا أجزاء منه في تقارير لهم مؤخرا ، ويؤكد ضباط السيزمي على أن دول اوروبا الغربية قد تكون مسرحا لعمليات ارهابية محدودة أو واسعة في حال شمل القتال ايران واسرائيل وحزب الله وأن المنطقة العربية الخليجية سيكون وضعها مأساويا تماما .
مسؤول أمني ايراني مهم وصل الى الصومال قبل اسابيع قليلة والتقى بقادة سياسيين صوماليين بل وبقيادات من قادة القراصنة في كسمايو وقد تم ترتيب مرافقة وحماية للمسئول الإيراني من قبل عناصر قريبة من الحكومة الصومالية ، ويقول التقرير الإيطالي أن الإيرانيين اتفقوا على تقديم كل الدعم والمساعدة اللازمين للقراصنة مقابل أن يقوم القراصنة بشل مضيق عدن وتعريض كل السفن المارة من هناك لنيران وخطر القراصنة وقد تام الإتفاق على تزويد القراصنة بأسلحة حديثة تصلهم عبر اليمن أو مناطق اخرى في القارة الأفريقية ، ويدعي الإيطاليون معرفتهم الوثيقة بدهاليز المستنقع الصومالي ويقولون أن الأمر سيكون جد خطير في حال دقت ساعة الصفر الإسرائيلي والأمريكي وتمت مهاجمة حزب الله وايران.
الأمريكيون متخوفون بصورة جدية من الدخول في مخاض حرب جديدة في المنطقة وهم يعون أن التداخل بين مكونات الشرق الأوسط غاية في التعقيد فالوضع التركي ليس هو ذاته الذي كان قبل سنوات ولا يستطيع أحد أن يتكهن بردود الأفعال التركية خاصة إذا قام الطيران الإسرائيلي باستخدام الأجواء التركية لمهاجمة سوريا أو حزب الله أو ايران دون اذن الحكومة معتمدا على أن الحكومة التركية لن تغامر بالدخول في حرب ضد اسرائيل وامريكا ، غير أن James Traubhg الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي أشار في تقرير جديد له نشر قبل أيام الى أن الإمبراطورية العثمانية تولد من جديد وهي أكثر قوة وصلابة هذه المرة وهي أكثر انفتاحا نحو الشرق وتفهما لمصالحها ومصالح جيرانها في اشارة الى سوريا وايران وبعض الدول العربية وقال إن تركيا استعادت ثقتها بنفسها وأن تصرفاتها لن تكون ولا يمكن أن تكون متوقعة كما كانت في الماضي وهي لا تشعر بحاجتها الى امريكا كما كانت سابقا.
ورغم أن لا أحد يستطيع الإدعاء بمعرفة المواضيع التي تم بحثها في اللقاء الذي تم بين أحمدي نجاد الرئيس الإيراني والسيد حسن نصر الله في بيروت الا أن مصادر استخبارية غربية تؤكد على معرفتها الأكيدة بأن الموضوع الوحيد الذي بحث هو رد الفعل على الهجوم الإسرائيلي على حزب الله أو الهجوم الأمريكي او الإسرائيلي على ايران ان حصل ، وتؤكد هذه المصادر على أن أي شيء مهما عظم لن يؤثر على الخطة الإيرانية السورية مع حزب الله وهي ان حصل الهجوم على ايران أو حزب الله فإن رد الفعل سيكون قويا منذ البداية وأن مئات الصواريخ ستمطر حيفا والقدس وتل أبيب والكثير من المدن الإسرائيلية الأخرى في الشمال والجنوب وأن وحدات من حزب الله ستتغلغل في الداخل الإسرائيلي لإرباك القوات الإسرائيلية وخلق حالة من الفوضى .
ويقول التقرير الإيطالي أن اسرائيل لن تتمكن من استخدام اي سلاح نووي تكتيكي ضد حزب الله او ايران لأن هناك شكوكا واسعة لدى المجمعات الأمنية الأمريمية والأوروبية بأن ايران وحزب الله قد قاموا ومنذ سنوات بإعداد خلايا نائمة في اوروبا وأمريكا وأن اي استخدام لسلاح نووي سيكلف الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية عمليات بعبوات ناسفة تقليدية ولكن كبيرة جدا قد يكون بمقدور الواحدة منها القضاء على عشرات الاف السكان المدنيين في المدن والتجمعات الأمريكية والأوروبية .
زيارة أحمدي نجاد لم تكن زيارة استعراضية ولا بروتوكولية بل أدت دورا غاية في الأهمية ورفعت من مستوى الحرارة في المواجهات الكثيرة القائمة بين الأحلاف في المنطقة ، وجعلت الوضع اللبناني أكثر اثارة مما كان قبلا ، ويبدو أن مادار في حديث نجاد حسن نصر الله أوحى للجميع بأن هناك خطة متفق عليها مع سوريا لسيناريو قد يبدأ العمل به قريبا ، وهذا مادعا السعودية الى الطلب من الرئيس الأسد الحضور للقاء الملك السعودي ، غير أن الكثيرين من المراقبين الحذرين ينظرون الى تلك الزيارة بأنها كانت أقرب الى تبادل رسائل التهديد منها الى اللقاء الدبلوماسي ، وقد تم اللقاء في قاعة بمطار الرياض ومن ثم غادر الرئيس السوري الذي كان من المتوقع ان يبقى يومين في ارياض ، الا أن حسابات البيدر السعودي لم تكن مطابقة لحسابات الصندوق السوري ، ولم يرشح بعد شيء عما حصل بين الحريري والملك عبدالله الا أن الحريري لا يمكن أن يكون له اي دور فاعل على الإطلاق فهو منتج منفذ في أحسن أحواله في السيناريوهات اللبنانية المطروحة ، وقد يتم استبداله في القريب العاجل لأنه لم يعد مقنعا في اداءه لا للأمريكيين ولا للسعوديين الذين يرون فيه شابا غير مؤهل للصراعات السياسية التي هي على شاكلة ما يجري في لبنان كما أنه لا يمكن أن يجاري حسن نصر الله لا في الكاريزما ولا في القوة أو الإستعداد النفسي للصراع طويل الأمد .
من هنا كل هذا الحراك على صعيد المنطقة كلها ، وسوف يستمر الحراك بصورة متصاعدة وقد يقوم السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بالقاء خطاب في القريب العاجل يتقدم فيه خطوة أخرى نحو تحديد الصورة ووضع تيار أمريكا في لبنان والمنطقة في صورة الخطر الداهم الذي يمكن أن يحصل إذا قامت المحكمة الدولية باتهام حزب الله أو قامت اسرائيل بمهاجمة لبنان.
الأسابيع القليلة القادمة سوف تحمل في طياتها الكثير من التصعيد وسوف تقوم الولايات المتحدة بكبح جماح اسرائيل بكل قوة حتى لا ترتكب حماقة تورط الغرب كله وتيار الإعتدال العربي في مواجهة قد تجهز على المنطقة كلها ، الا أننا يمكن أن نجزم بكل تأكيد بأن اسرئايل لن تنتظر للأبد دون فعل شيء بينما قوة حزب الله تكبر يوما بعد يوم حتى تكاد تحقق توازنا استراتيجيا من نوع ما مع اسرائيل وهذا مالم يحصل في تاريخ الصراع الإسرائيلي العربي الإسرايلي مطلقا.