لم يخطر في بال الشاب ركان عرموش الذي تخرّج في جامعة دمشق معهد هندسة الكومبيوتر قبل خمس سنوات، وعمل في البرمجيات وتصميم المواقع، أن الصدف ستقوده إلى عالم السياحة، فبعد أن اتبع دورة في حجز تذاكر الطيران، عمل مع شركة Atlantic International (أطلنتك) للسياحة والسفر، وكانت البداية حين طلب منه مدير الشركة أيمن خماش المساعدة في وضع برنامج لتسعير الرحلات السياحية وأرشفتها كاشفاً له أسرار المهنة.
البداية
دخل الشاب عرموش في متاهة الشركات السياحية، ولاحظ صعوبات تسعير الرحلات والأخطاء المرتكبة والهدر الكبير للوقت، إضافة إلى أكوام الورق ومجلدات الأرشيف الضخمة، هذه الفوضى - بحسب عرموش- تجعل من تسعير رحلة سياحية أمراً يتطلب من الموظفين خمسة أيام عمل متواصل.
من هنا جاءت فكرة إيجاد برنامج يوفر الوقت والجهد، خاصة أن عملية تسعير الرحلة السياحية عملية معقدة جداً، تشمل تكلفة الغروب السياحي من لحظة صعوده إلى الطائرة ومجيئه إلى البلد وتنقلاته ونومه وطعامه وتجواله هكذا لحين مغادرته.
سجن نفسه
احتاج عرموش سنة كاملة من العمل والبحث حتى ينجز هذا البرنامج وكان - بحسب تعبيره للاقتصادي - بحكم سجين منزله كل هذه الفترة متسلحاً بتشجيع والده والإرادة والصبر، مع العلم أن هكذا عمل يحتاج إلى شركة برمجية كاملة لإتمامه.
جديد البرنامج
البرنامج الذي صمّمه عرموش أطلق عليه اسم الشركة التي يعمل بها (أطلنتك)، مستخدماً قاعدة البرمجة غير المرئية أي إنشاء العناصر البرمجية حسب رغبة المستخدم وهذه الميزة تعلمها بمفرده عن طريق النت بسبب عدم إدراجها بالمعاهد السورية.
ويضم برنامج (أطلنتك) 2011 لإنشاء البرامج السياحية وتسعير رحلاتها وفقاً لشرح عرموش، أيقونة ملفات شركات السياحة وأسعارها بجميع الفصول وجميع الدرجات، أيقونة ملفات الفنادق وتسعيراتها بمختلف تفاصيلها الدقيقة، حتى مختلف أسعار الغرف مع ضريبة أو دونها، أيقونة ملفات شركات النقل وتكلفة سياراتها على اختلاف أنواعها، أيقونة الدليل السياحي، التي توفر معلومات تفصيلية عن تكلفة ومهارة كل دليل، أيقونة المتاحف والآثار وتتضمن مواقع كل المدن والمناطق السياحية وأسعار الدخول إليها، وأضاف عرموش للبرنامج خاصية الحصول على السعر بالعملة التي يريدها المستخدم مع معادلاتها بالنسبة للعملات الأخرى حسب سعر الصرف.
القوة بالبساطة
تكمن قوة برنامج أطلنتك - بحسب عرموش - بقدرته على حمل جميع هذه الاحتمالات، فهو برنامج معقد وبالوقت نفسه يظهر للمستخدم بسهولة فائقة، مما جعله برنامجاً مميزاً على المستوى العالمي لقدرته على القيام بعدة أمور معاً وإمكانية إصداره التقارير بشكل مطبوع أو بشكل إلكتروني غير مطبوع (PDF)، إضافة إلى الأرشفة الكاملة.
يصف عرموش البرنامج "كمجموعة موظفين يعملون بوقت واحد" ويستدرك: "هذا لا يعني أن البرنامج بديل لليد العاملة، بل العكس صمّم ليوفر وقت الموظف ويساعده على التنظيم الدقيق وتلافي الأخطاء"، ويقدم عرموش مثالاً عن فعالية البرنامج قائلاً: "في معارض السياحة والسفر السابقة كان الزبائن يتوافدون على المكاتب طالبين كلفة رحلة سياحية معينة بتاريخ محدد، وكان رد المكاتب أن عليهم المراجعة بعد خمسة أيام للحصول على المعلومات، أما الآن بفضل استخدام برنامج أطلنتك 2011، فإنه خلال دقيقة واحدة تكون جميع المعلومات بيد الزبون".
طموح بكل اللغات
يتوقع رائد الأعمال عرموش أن يتمّ تدريس هذا البرنامج في يوم من الأيام في معاهد السياحة، وأن يصبح برنامجاً أساسياً بكل مكتب سياحة وسفر حول العالم، كحال برنامجي أماديوس وغاليلو، وأن يقال شاب من سورية قام بإنجازه.
وستقدم شركة (أطلنتك) اقتراحاً جدياً لوزارة السياحة بخصوص ذلك، وكشف عرموش بأن مكاتب سفر في الأردن ولبنان وفرنسا وإسبانيا خاطبت الشركة من أجل شراء البرنامج، ويتم العمل الآن لإنجاز نسخ منه باللغتين الفرنسية والإسبانية، علماً أن البرنامج الأساسي صمّم باللغة الإنكليزية، ليتناسب مع المصطلحات المستخدمة في السياحة.
وطموح عرموش للمستقبل توفير البرنامج بجميع اللغات، وتطويره ليلبي احتياجات مؤسسة سياحية كاملة، وهو مطروح للسوق الخارجية بسعر عشرة آلاف دولار.
كلمة أخيرة لعرموش
إن الدارس للسياحة لن يحتاج إلى أكثر من هذا البرنامج، فهو يحتوي على جميع مفاتيح المهنة ومستلزماتها، إضافة إلى الأسرار الكبيرة لتسيير أمورها بشكل عملي وتقني كبير.