جلس أمامي وأخذ يحدثني بصوت هادئ وأسلوب جميل, بنغمة أطربتني مع أنها ليست لحنا". بدأ يتكلم ويشرح أمرا" بثقة برأيه ودقة في معلوماته كانت يده البيضاء تتحرك بحركات تتناغم مع كلماته كأنها تفسر لي كلامه أو تخاطبني لتجنبني أن أتململ من حديثه وعندما انتهى من الشرح وأمسك بكأس الشاي نظرت اليه وأنا شارد الذهن محدقا" بوجهه الأبيض الذي يبدو من خلال جلده الشفاف وكأنه يشع بالنور وفكرت بما يجول في ذهنه هل هو يفكر عن ماذا سيتكلم؟أم أنه يأخذاستراحة من التفكير؟هل الكلام الذي قاله أخذ منه جهدا"؟أم أنه يروي حديثة ويناقش أفكاره بدون تحضير سابق؟هذا بالاضافة الى الكثير من الأفكار التي راودتني وعندما عاود الى الكلام سألني عن مجال عملي فأجبته الهندسة المدنية.فقال بكل وقار ولين:ماشاء الله,الهندسة المدنية وسألني ماذا تعرف عنها؟فأثار فضولي هذا السؤال وطلبت منه ايضاح سؤاله فقال مبتسما" لماذا وجدت الهندسة المدنية ألايكفي وجود العمال في ورشات وهم يملكون من الخبرة مايكفي لانشاء أعظم المنشات وترك لي مجال الكلام فأجبته ان الهندسة المدنيه تعترف بدور العمال وانهم يملكون خبرات غير محدوده وبتصوري اذا تركنا العامل(معلم النجارة)ليتكفل ببناء منشأه أو مشروع قدسبق له أن أنشأ ما هو يشبهه فانه سيقوم بعمله الى اكمل وجه أما اذا طلبنا منه اضافات أو طلبنا منه انشاء مجموعه من المشاريع أو كلفناه بمشروع ضخم غير مسبق الانشاء فانه أيضا سيقوم بهذا لكنه سو يجلس ويفكر ويخطط ولن يبدأ عشوائيا بالعمل كما أنه سيقوم بحسابات رياضية وسيتخذ عدة اجراءات ليضمن نجاح عمله وبهذا الشكل سوف يكون تحول هذا العامل الى مهندس مدني وباعتبار انه لاتوجد هندسة مدنية سوف يتحول جميع معلمين النجارة الى مهندسن مدنيين وهذا يعني أن هذه الهندسه ستبدأ من جديد لتقوم علما بحد ذاتها ومانحن عليه اليوم ليس الا نتيجة لتطورات شبيهة بما سبق ذكره وهي التي أدت الى نشوء هذا الهندسة.ونظرت اليه فاذا به مطأطئا" رأسه مبينا قبوله لجوابي.
ثم نظر الى صديقتي بجانبي وسألها عن دراستها فأجابته الأدب العربي فتبسم بوقار وقال أتعرفين لماذا تتعدد اللغات ولماذا يتشابه بعضها ومالسر وراء تميز لغتنا العربية ثم بدأ يتكلم عن الفعل والفاعل وماهية كل منهما وألقى لنا بيتا" من الشعر وبدا يتحدث عن اسرار الحروف وعلاقة كل حرف بالحرف الذي يتبعه حتى خيل لي أنه استذ باللغة العربية بينما هو طبيب جرّاح وكان حديثة طويلا" لكنني لم أشعر بالوقت.ومن أحد الموضيع التي تحدثنا بها هي الأوضاع المعيشية وتعددت الاّراء في هذا الموضوع بين راض عن حالته وبين متذمر من هذه الحالة وعندما وصل اليه الحديث بادر بالسؤال لصديقي الذي يدرس الاقتصاد وقال اذا كان لديك عشر ليرات كيف تصرفها على ان تلبي حاجاتك وتؤمن لقمة عيشك وهل ستتصرف بها لأجل رفاهيتك وما المبدأ الذي تعتمده لتقدر ان كنت تستطيع ان تستخدم جزءا" منها للرفاهية وسألنا عن مبدأ توزيع المحفظة وهل نعتمده وهذا المبدأ ان تقسم محفظتك المالية بشكل صحيح بين حاجاتك المتعددة من غذاء ودواء وبين جاجتك للرفاهية بأشكالها وضرورة الانتباه الى أنك تحتاج لامتلاك مبلغ من المال لوقت الحاجات القصوى والصعبة كالمرض وغيره ونوه ان الغاية من تقسيم المحفظة هي التوفيق بين ما يدخل الى جيبك ومايصرف منها وأن هذا التقسيم يسهم في تقليل الخسائر اذا تعرضت محفظتك للخسارة اثر أحد الأسباب حيث تكون الخسارة مقتصرة على جزء المحفظة المتعلق بالخسارة .
لم يكن ماسبق ذكره الا جزء من الحديث الذي دار وقسم من المواضيع التي تداولنها بحضور ثلة من الناس المتعلمين وحاملي الشهادات المتعددة وبعد هذه الجلسة اجمع الحضور على أنه انسان مثقف وأنا شاطرتهم الرأي وبعد حين سألت نفسي مجموعة من الأسئلة ألا وهي:
1-هل هذا الانسان مثقف فعلا" أم نحن نعاني من نقص في ثقافتنا؟
2-هل هو يطالع الكتب أكثر مني؟
3-هل لديه القدرة على استيعاب مايقرأه أكثر مني؟
-أهو يملك عقلا" وأنا لا؟
في الحقيقة الاجابة على جميع الأسئلة السابقة هي لا. اذا" مالفرق!!!
الفرق بالاجابة على هذا السؤال:من منا يستفيد أكثر من تجاربة ويوظف جميع المواقف التي يمر بها ليأخذ منها عبرة؟وبشكل أدق يكمن الفرق الحقيقي بمن منا يطبق نتيجته ويجسدها عمليا"
وهذا يدفعني للدعوة الى طلب العلم المقترن بالعمل والعلم هنا لايقتصر على الكتب فقط مع التنويه بأهميتها فالعلم نأخذة من كل موقف سواء من أخطائنا أم من ايجابياتنا ويجب أن نعتمد على النقاش الموضوعي الذي يقوم على ابداء الرأي وسماع الرأي الاّخر وهكذا لنصل الى رتبة العلماء وليس بالتحديد علماء الدين أو العلوم بل لنصبح علماء بالحياة وبأنفسنا هذا مايقوي المجتمع وأفراده ويخلق منّا أفرادا"فاعلين تطرب الناس لسماعنا وتطأطئ رؤوسها احتراما" لنا.
كتابة: لقمان محمد سليمان
ثم نظر الى صديقتي بجانبي وسألها عن دراستها فأجابته الأدب العربي فتبسم بوقار وقال أتعرفين لماذا تتعدد اللغات ولماذا يتشابه بعضها ومالسر وراء تميز لغتنا العربية ثم بدأ يتكلم عن الفعل والفاعل وماهية كل منهما وألقى لنا بيتا" من الشعر وبدا يتحدث عن اسرار الحروف وعلاقة كل حرف بالحرف الذي يتبعه حتى خيل لي أنه استذ باللغة العربية بينما هو طبيب جرّاح وكان حديثة طويلا" لكنني لم أشعر بالوقت.ومن أحد الموضيع التي تحدثنا بها هي الأوضاع المعيشية وتعددت الاّراء في هذا الموضوع بين راض عن حالته وبين متذمر من هذه الحالة وعندما وصل اليه الحديث بادر بالسؤال لصديقي الذي يدرس الاقتصاد وقال اذا كان لديك عشر ليرات كيف تصرفها على ان تلبي حاجاتك وتؤمن لقمة عيشك وهل ستتصرف بها لأجل رفاهيتك وما المبدأ الذي تعتمده لتقدر ان كنت تستطيع ان تستخدم جزءا" منها للرفاهية وسألنا عن مبدأ توزيع المحفظة وهل نعتمده وهذا المبدأ ان تقسم محفظتك المالية بشكل صحيح بين حاجاتك المتعددة من غذاء ودواء وبين جاجتك للرفاهية بأشكالها وضرورة الانتباه الى أنك تحتاج لامتلاك مبلغ من المال لوقت الحاجات القصوى والصعبة كالمرض وغيره ونوه ان الغاية من تقسيم المحفظة هي التوفيق بين ما يدخل الى جيبك ومايصرف منها وأن هذا التقسيم يسهم في تقليل الخسائر اذا تعرضت محفظتك للخسارة اثر أحد الأسباب حيث تكون الخسارة مقتصرة على جزء المحفظة المتعلق بالخسارة .
لم يكن ماسبق ذكره الا جزء من الحديث الذي دار وقسم من المواضيع التي تداولنها بحضور ثلة من الناس المتعلمين وحاملي الشهادات المتعددة وبعد هذه الجلسة اجمع الحضور على أنه انسان مثقف وأنا شاطرتهم الرأي وبعد حين سألت نفسي مجموعة من الأسئلة ألا وهي:
1-هل هذا الانسان مثقف فعلا" أم نحن نعاني من نقص في ثقافتنا؟
2-هل هو يطالع الكتب أكثر مني؟
3-هل لديه القدرة على استيعاب مايقرأه أكثر مني؟
-أهو يملك عقلا" وأنا لا؟
في الحقيقة الاجابة على جميع الأسئلة السابقة هي لا. اذا" مالفرق!!!
الفرق بالاجابة على هذا السؤال:من منا يستفيد أكثر من تجاربة ويوظف جميع المواقف التي يمر بها ليأخذ منها عبرة؟وبشكل أدق يكمن الفرق الحقيقي بمن منا يطبق نتيجته ويجسدها عمليا"
وهذا يدفعني للدعوة الى طلب العلم المقترن بالعمل والعلم هنا لايقتصر على الكتب فقط مع التنويه بأهميتها فالعلم نأخذة من كل موقف سواء من أخطائنا أم من ايجابياتنا ويجب أن نعتمد على النقاش الموضوعي الذي يقوم على ابداء الرأي وسماع الرأي الاّخر وهكذا لنصل الى رتبة العلماء وليس بالتحديد علماء الدين أو العلوم بل لنصبح علماء بالحياة وبأنفسنا هذا مايقوي المجتمع وأفراده ويخلق منّا أفرادا"فاعلين تطرب الناس لسماعنا وتطأطئ رؤوسها احتراما" لنا.
كتابة: لقمان محمد سليمان