ا
لمطالعة والطفل :
1-أهمية المطالعة للأطفال :
المطالعة ذات تأثيرات ثقافية
عميقة خاصة على الأطفال ، فهي توسّع دائرة خبراتهم المعرفية وتنمّيها، وتنشّط
قواهم الفكرية وتهذّب أذواقهم، وتشبع فيهم حبّ الاطلاع
النافع لمعرفة أنفسهم وغيرهم، ومعرفة عالم الطبيعة
بعناصره ومظاهره.
"لعلّ من بين الأهداف الهامّة للتربية توجيه قراءات
الأطفال إلى الكتب والقراءة الهادفة وهو ماألحت عليه التربية الحديثة , بعد أن
أثبتت أن مايكتسبه الطفل المتعلّم من الخبرات والمعلومات بجهده ونشاطه , يعدّ أقوى
فاعلية وأكثر تأثيراً مما يتلقاه عن طريق التلقين فاكتساب المعرفة عن طريق الممارسة العملية
والمطالعة الحرّة والبحث يزود الطفل بالقدرة على حسن استخدام هذه المعرفة ويخلق
لديه ملكة الابتكار ويعدّه للنجاح في ميادين الحياة"(جراح ، 2008،132).
" والمطالعة من منظور تربوي توسع دائرة خبرات الطفل وتنمّي وتنشّط قواه
الفكرية ، وتهذب ذوقه ،وتشبع فيه حبّ الاستطلاع النافع ،وتفتح أمامه الأبواب
الثقافية العامة، وتتيح لهم الإعداد العلمي والتوافق الشخصي والاجتماعي"( شحاته، 1996,102)."والقراءة
تساعد على التطور العقلي وتحثّ عضلات العيون على العمل ،فهي نشاط يتضمن مستويات
أعلى من التركيز ، وتنمي مهارات المحادثة لدى القارئ ،وهي تزيد مفردات المحادثة
اليومية وهي تعرفنا الأفكار العالمية للكتاب المعاصرين والقدماء"(Sofsian،2011،
عن الانترنت).
(وتتضح أهمية تنمية عادة المطالعة لدى الأطفال من خلال النقاط
التاّلية :
1- من الأمور المسلم بها أنّ التعوّد على
القراءة منذ الطفولة يغرس حبّ القراءة والاطّلاع لدى الأطفال ويكوّن في النهاية المواطن القارئ والمطلع
الّذي يتمسك بالقراءة كوسيلة من وسائل تحقيق التنمية الذاتية خلال مراحل الحياة
المختلفة .2- الهدف من تنمية عادة القراءة لدى الأطفال
هو تحقيق لهدف تربوي وهو مسايرة الانفجار المعرفي والثورة العلمية والتكنولوجية ,
لجعل الأطفال يعلّمون أنفسهم بأنفسهم ويكتسبون المهارات الّتـي تمكّنهم من التوصل
بأنفسهم إلى مصادر المعرفة المتنوّعة .3-القراءة تمكّن الفرد من التصدي للمستجدات
الّتي تطرأ على حياته الخاصّة أو على حياته
المهنية .4- تعددت وسائل الترفيه والتسلية في الوقت
الحاضر ولن يلجأ الطفل إلى الكتاب إلّا إذا تعوّد على القراءة و انغرس فيه حبّ
المطالعة والاطّلاع , بحيث يشعر بمتعة القراءة ويؤمن بقيمتها ودورها في تنشئته ,
وبذلك تتحوّل عادة القراءة عند الطفل إلى هواية ممتعة , ويصبح الكتاب جزء لايتجزأ
من حياته اليومية 5- يؤكّد التربويون على أهمية تنمية عادة
القراءة والمطالعة للطفل لأنّ أهميتها لاتقتصر على مرحلة الطفولة بل تمتدّ إلى
مراحل العمر المختلفة , فكثير من أهداف التعليم تتحقق عن طريق المادة المقروءة ,
والقراءة تساعد على تنمية الفكر والعقل .6-يظهر دافع الاستطلاع لدى الطفل في الميل
للقراءة وينمو برعاية الأسرة والمدرسة, وإذا لقي من الظروف المشجّعة مايساعده على
التقدّم , كان ذلك أساس البحث العلمي و الابتكار) (حنّا وجورج , 2005,
75- 77بتصرف). وكلّما اتسعت
رغبة الطفل في الاطلاع، ازدادت خبرته وصفا ذهنه
واكتسب بالتالي سعة المعرفة بالعالم الذي يعيش فيه، وانبعثت في نفسه ميول جديدة. تساعد في تنمية مهارة التفكير السليم، لأنّها تتضمّن تكوين مفهوم
للعلاقات، ورؤية لوضع استنتاجات، وإجراء موازنات وتطبيقات
مناسبة لها. وبذلك تكون القراءة عاملاً من العوامل
الأساسية للتفكير الابتكاري.
2- تنمية عادة المطالعة لدى الأطفال :
(يتفق علماء
النفس أن كل المهارات تبدأمن مرحلة الطفولة ,وأن اهتمام الطفل بالكلمة المطبوعة
يبدأ في الشهور الأولى من عمره , عندما تقدّم له الأمّ الصحف والمجلّات لتشغله بها
, ويمضي لحظات سعيدة في العبث بأوراقها, وبمرور الأيّام تجذب انتباهه الصور
الملوّنة والبراقة , ويستطيع أن يمنحها شيئاً من اهتمامه إلى أن تبدأ المرحلة
الأولى للاهتمام الحقيقي الواعي , وهي مرحلة تناول المجلّة أو الكتاب باليد ,
وتبدأ وعمر الطفل (8) أشهر في المتوسط ,والاهتمام في هذه المرحلة
يكون كليّاً وعابراً , وينظر الطفل إلى المطبوع من الأشياء الجذّابة المختلفة في
محيطه .والبعض يقسم الفترة فيما بين بدء الاهتمام بالصور والرسوم في المجلّات
والكتب إلى دخول المدرسة في السادسة من العمر إلى ثماني مراحل تسير وفقاً لنظام
تتابعي محدود ويبلغ الاهتمام عند الذروة عندما يتعرّف الطفل إلى معاني
الكلمات , ولكنّه يؤكّد أيضاً أنّ الأمر
يتوقف على قدرات الطفل الخاصّة، تجاربه وخبراته ، اهتمامه وذكائه ،نوعية كم
المطبوعات في محيطه , موقف الآباء ومدى تمتعهم بالصبر في القراءة له , وتقليب
الصفحات معه)( الشّمّاع ، 1962،9)."إنّ ما يعجب طفل في الثانية من عمره
قد يكون متقدماً لطفل آخر في العمر نفسه أو ساذجاً لآخر , وقد يعجبه كتاب بعينه في
فترة من العمر وتظلّ له نفس المكانة من نفسه لفترة , ثمّ ينصرف إليه ويعود إليه
بنفس الحماسة , وفي هذه الحالة يجب أن
نحترم رغبته حتى لاينفر من القراءة , بل
نشجعه على أن تمتد يده إلى مطبوعات أخرى , حتى تنمو لديه القدرة على تذوّق هذا
الفن البصري , والقدرة على الاختيار بنفس الدرجة الّتي تنمو له طاقة حبّ الاكتشاف
لنفسه ولدنياه ،والعالم من حوله ,وتنمو عادة القراءة طبيعياً مع الطفل في بيئة
تشجع القراءة , وفي مناخ صحي يساعد على أن تنمو بداخله هذه البذرة "(حنّا
وجورج،2005،78-79).فتنمية الميول القرائية لدى الأطفال عملية
هامّة في حياته , ويجب أن تتم منذ الصغر ,عن طريق إثراء حياة الطفل بالخبرات
والتجارب الّتي تحبب لديه عادة القراءة .فرغبة الطفل في تعلّم القراءة تتوقف على
طبيعة تجاربه السابقة فيها , كما تتوقف على ما إذا كان تعلّم كيف يستمتع بها ,
وكيف ينمو طبيعياً , وكيف يستقبل تطورات هذا النمو."والأطفال الّذين تتكوّن لديهم خبرات سعيدة مع الكتب منذ
سنوات أعمارهم الأولى تنشأ لديهم الرغبة في القراءة قبل أن يذهبوا إلى المدرسة
بوقت طويل.ولكي ننمي ميل الطفل إلى القراءة ,يجب أن نعنى عناية دقيقة بالمادة
المقروءة ,بحيث يجدون فيها مايناسب أذواقهم , وما يثير فيهم عواطف وانفعالات سارّة
.ومما ينمّي ميول الطفل القرائية ,الجوّ العام الّذي نهيئه للطفل أثناء قراءته الأولى بوجه خاصّ ,بما في
ذلك الزمان والمكان والمرشد سواء كان الأب أو الأمّ أو المعلّم أو أمين المكتبة
.فالمرشد ييسر أمام الطفل الصعوبات الّتي
قد تعترضه ,ويغريه ويشجّعه على القراءة بمختلف السبل من حيث إظهار اهتمامه بما
يقرأ الطفل أو بمشاركته القراءة أو عن طريق مناقشته فيما يقرأ بطريقة ممتعة .
ويتمّ التعرّف إلى الميول القرائية لدى الأطفال عن طريق البحوث
الميدانية الّتي تستخدم الأساليب التّالية :
-إعداد استفتاءات يقوم الأطفال أنفسهم بالإجابة عنها .
- قراءة القصص للأطفال ,وملاحظة انطباعاتهم وإقبالهم عليها
واستجاباتهم لها .
- ملاحظة عادات القراءة لدى الأطفال في مكتبات المدارس
الابتدائية أو في المكتبات العامّة المخصصة لهم.
- التعرّف إلى الكتب الّتي يقبلون على قراءتها بالمكتبة ,وذلك
عن طريق
سجلّات
الاستعارة"(ويتي ,1965،25-38 ).
ويمكن الاعتماد على بعض البحوث الّتي أجريت لتحديد الميول
القرائية للأطفال على النحو التّالي :1-سن السادسة والسابعة : يستمتع الأطفال في
هذه المرحلة بالقصص الخيالية والأساطير الّتي تظهر فيها السّاحرات والعمالقة
والأقزام وغيرها من الشخصيات الغريبة ,كما يفضّلون قصص الحيوان والقصص الفكاهية
الّتي تجلب لهم السعادة والسرور .2-سن الثامنة والتاسعة :ينمو في سن الثامنة حب
الاستطلاع عن الحياة الواقعية الّتي تتمثّل في قصص الطبيعة والحيوان ,كما يستمر
ولعهم بالقصص الخيالية .وفي سن التاسعة يحدث تحوّل في قراءات الأطفال من الخيال
إلى الواقع ,كما يبدأ التمايز في ميول القراءة بين البنين والبنات .فبينما يلجأ
البنون إلى القصص الّتي تتناول حياة الفتيان عامّة ,تفضّل الفتيات قراءة القصص
الّتي تتناول الحياة الأسرية .ويعتبر سن التاسعة العمر الذهبي لتشجيع الأطفال على
قراءة الكتب الأكثر عمقاً ,لأنّ مهاراتهم القرائية تكون قد نمت , وأصبحت القراءة
لاتمثّل عبئاً ثقيلاً عليهم .3-سن العشرة والحادية عشرة :يكاد يتخلّى
الأطفال تماماً عن القصص الخيالية , ويستغرق اهتمامهم قصص الرحلات وعادات الشعوب
,ويهتمون بالأحداث الجارية , وبالقصص التاريخية , والسير والتراجم , والعلوم
المبسطة .ويميل البنون إلى قراءة قصص الغامرات والمكتشفين ,والحروب والشجاعة ,أما
البنات فيملن إلى التعرّف إلى الشؤون المنزلية ,وقراءة القصص العاطفية .4-سن الثّانية عشرة والثّالثة عشرة :تمثّل هذه
السن فترة الإعجاب بالأبطال وتلمّس القدوة فيهم ,ويستمر اهتمام الأولاد بالكتب العلمية
, والقصص الواقعية وكتب الهوايات ,وتميل الفتيات إلى الكتب والمجلّات الّتي تتناول
موضوعات تتفق مع طبيعتهنّ .وبشكلٍ عام يمكن القول إنّ الموضوعات القرائية الّتي
يهتمّ بها الأطفال في هذه السن تتنوّع وتتعدّد بحيث لايمكن تحديدها تحديداً واضحاً
.5-سن الرابعة عشرة إلى السادسة عشرة :تبدأ في
هذه المرحلة قراءة الموضوعات الأكثر عمقاً
, ويركزون على فهم المعاني والأفكار ,وتزداد رغبتهم في القراءة , وحماستهم
لاكتشاف عوالم مجهولة جديدة ,خاصّةً أن قدرتهم على المعالجة العقلانية تكون قد
تحسنت نوعاً ما نتيجة نموهم العقلي. بالرغم من تحديد ميول الأطفال القرائية على
هذا النحو ,إلّا أنّه لايمكن الجزم بأنّها تنطبق على جميع الأطفال في السن الواحدة
بحيث يمكن تعميمها,وذلك لانّ الميول تتعدد وتتنوّع ,فهناك ميول مشتركة بينهم ,
وميول فردية (إسماعيل ,2004,187-188).3-
العوامل الّتي تؤثر على مطالعة الأطفال
: "يؤكد علماء
النّفس والتربية أنّ ميول الطفل القرائية تتبع القدرة على القراءة، وهي بدورها
تستند على النمو الإدراكي والعقلي ومستوى النضج والجنس ،وهذا يعني أثر اللغة كمظهر
اجتماعي وثقافي على الميول.فالأطفال يختلفون في السن التي يتهيئون فيها للقراءة
تماماً كما يختلفون في السن التي يقفون فيها على أرجلهم لأوّل مرّة ، لذلك يجب
الانتباه إلى أنّ تعليم الطفل القراءة قبل أن يتهيأ لها ليس فقط جهداً ضائعاً بل
قد يترتب عليه آثار سلبية تعوق نمو الطفل ويصعب تلافيها ، وقد تخلّف كرهاً للكتاب "(ويتي
، 1965،29بتصرف ). "وإذا أخذنا بعين
الاعتبار الأمور السابقة ، أي بعد أن تتوافر الاستعدادات الملائمة لدى الطفل ،فإنّ
الميول يمكن تنميتها عن طريق التعلّم والتقليد والمنافسة ، فالطفل يسعى دائماً إلى
الاستئثار بالامتيازات ، ويملك النزعة للإثبات ويتبع نمطاً فردياً في تكوين مشاعره
، كما يتعلّم بصورة أفضل عن طريق الممارسة والعمل.إضافةً لذلك فإن ميول الطفل
القرائية تتغير سريعاً في مراحل الطفولة المبكرة أكثر منها في مراحل الطفولة
المتأخرة ، ولكنها تتسع وتتعدد في المرحلة الأخيرة" ( السبيعي ، 2002،56).
"وتتأثر الميول القرائية لدى الأطفال بأربعة عوامل هي :
-
الاستعداد الجسمي
:سلامة البصر والسمع والنطق.
-
الاستعداد العاطفي :
الاستقرار النفسي الّذي سيساعد الطفل على التكيّف السريع .
-
الاستعداد التربوي
:ضرورة توفير عنصر الخبرة لدى الطفل ، وامتلاكه لمجموعة هامة من المفردات بالإضافة
إلى تطوّر الانتباه المركز لديه.
-
الاستعداد العقلي:
درجة من النضج العقلي تؤهله لتعلّم القراءة ويبلغ الطفل هذه الدرجة في سن تتراوح
بين 5و7 سنوات حسب عوامل وراثية وبيئية .أما العوامل
التي تؤثر سلباً على المطالعة فيمكن إجمالها بمايلي:1- عدم تشجيع الأسرة لأبنائها على ممارسة
المطالعة .
2- تردي قيمة الثقافة ، وبالتالي ضعف الإقبال
على الكتاب وقراءته.
3-
انهماك الناس بأمور معيشية كثيرة غير القراءة والثقافة ،فتراكم الأشغال لم يترك
متسعاً من الوقت لقضائه في القراءة "(التميمي،1992،310).وهذا بالطبع ينطبق على الصغار من
التلاميذ ، فالروتين القاتل الذي
تسير عليه طرائق التدريس في مدارسنا يحبط
الميول القرائية عند الأطفال ،ويخمد في نفوسهم شعلة الرغبة في البحث والاطلاع
والاستكشاف، ويحصرهم في مجالٍ ضيق هو الحفظ البصم للنجاح في الامتحان !
4-دور الأسرة في تنمية عادة المطالعة لدى الأطفال :
4-1 - الأسرة والمطالعة : "من الحقائق
الّتي باتت ثابتة أنّ تربية الطفل لم تعد عملاً ارتجالياً ، بل أصبحت علماً يدرس
في أقسام كليات التربية ، وأصبح الطفل في العصر الحديث يبدأ بتعلّم القراءة الورقية
والالكترونية منذ طفولته المبكرة . ومما هو جدير بالذكر والملاحظة ألّا ننتظر من
الطفل أن يتعلّم القراءة منذ سنواته الأولى بصورة عميقة ، بل نعدّه لها مثلما أنّ
الطفل لايتعلّم المشي إلّا إذا تكوّن لديه الاستعداد الكافي له ، كذلك فإنّه
لايتعلّم القراءة إلّا إذا تكوّ، لديه الاستعداد
لها ، وتهيّأت الظروف المناسبة أمامه لتعلّمها "(الراشد ،2007،37).
فلايمكن أن نغفل دور الأسرة في تنمية ميول الأطفال القرائية ,
وغرسها لديهم. "حيث توجد كثير من المتغيرات داخل الأسرة والّتي تؤثّر في
تنمية ميول الطفل نحو القراءة والمطالعة مثل مستوى تعلّم الوالدين , ومدى اهتمام
الأسرة بتحصيل الطفل في الدراسة , ومدى توافر الكتب والقصص والمجلّات في المنزل ,
وطرق استثمار أوقات الفراغ , ومايتعرّض له الطفل داخل الأسرة من وسائل الاتّصال
بالتلفاز والراديو والكمبيوتر. "فالبيئة الثقافية واللغوية بوجه عام في
الأسرة تساعد على إثراء خبرات الطفل وتنمية مهاراته اللغوية ، ولاشك أنّ سلوك الآباء والأمهات في هذا المجال ومكانة القراءة في حياتهم يعتبر نموذجاً يحرص
الأبناء على الاقتداء به"(مصطفى ،2008، 141) . (بذلك تعدُّ الأسرة المثير الأوّل
لاهتمام الطفل وميله نحو القراءة والاطّلاع خصوصاً إذا قام الوالدان بدورهما في
تنمية هذا الميل بطرق واعية مقصودة . (فالطفل في سنواته الأولى يميل إلى التقليد،
لذلك يجب إعطاؤه القدوة الحسنة بالإكثار من القراءة والمطالعة أمامه حتى ننمّي فيه
عادة المطالعة)( حسين ،1989،51-52) .الطفل الّذي يقرأ والداه الصحف بعض الكتب
ويستمتعون بها يكون أفضل بكثير من الطفل الّذي لايوجد لدى أسرته اهتمام بالقراءة .
ولذا فتعلّم عادة المطالعة يختلف من طفل إلى آخر حسب الخبرات الّتي يكتسبها
والمواقف الّتي يتفاعل معها والبداية المبكرة في تعلّم القراءة . ويفضّل أن يكون
الطفل هو البادئ في عملية التعلّم ويصبح دور الكبار التدعيم والتعزيز. كما أنّ
تأثير عادة القراءة المكتسبة من الأسرة طويل المدى, فمثلاً الطفل الّذي يرتبط
بالقصص قبل سن الثالثة يكون في الغالب أفضل مستمع في سن الثالثة عشرة وهكذا......
4-2- الوسائل الّتي تعتمدها الأسرة لتنمية عادة
المطالعة لدى الأطفال:
لاشكّ أنّ للأسرة دوراً كبيراً في إكساب الأطفال العادات و
السلوكيات الجيدة ومن بينها عادة
المطالعة من خلال اعتمادها الأساليب
والطرائق المختلفة ، وهذا ما أكدّت عليه الكثير من الدراسات والبحوث ،فالأسرة هي
الّتي تتولى عمليّة مهمّة تكوين الطفل بجوانبه المختلفة ،واكسابه العادات الجيدة
الّتي تساعده على الارتقاء والتطّوّر (ولذا ينبغي على الوالدين توفير البيئة المشجعة على المطالعة
في محيط الأسرة , وذلك بتوفير القصص الجذّابة المناسبة للطفل , وتشجيعه على
الاطّلاع عليها . والطفل عادةً يميل إلى حبّ الاستطلاع ويكثر من الأسئلة ,وكلما
اهتمّ الوالدان بإجابة أسئلته وإحضار الكتب والصور الّتي تجيبه -أيضاً- عن هذه
الأسئلة , فإنّ ذلك يساعد على توسيع مداركه وزيادة حبّه للكتب واعتياده على
استعمالها . والطفل يُغرم بجمع الأشياء المختلفة بغض النظر عن قيمتها أو فائدتها
,فيمكن للأسرة في هذه المرحلة أن تجعل للطفل مكتبته الخاصّة عن طريق تعويده عادة
جمع الكتب , بذلك يكون له رفّ خاصّ في المكتبة المنزلية إن وجدت ،أو رفّ في حجرته
الخاصّة .وفي هذه المرحلة أيضاً يبدأ الأطفال بالاستقلال عن الكبار , لذلك يجب
إعطاؤهم الفرصة لاختيار كتبهم بأنفسهم ,كما يجب أن نحبب إليهم الذهاب إلى المكتبة
العامّة أو المكتبة المدرسية , وينبغي أن نناقشهم حول مايقرؤون حتى يشعروا
بالاهتمام . ومن الوسائل الهامّة الّتي تلجأ إليها الأسرة لتنمية عادة المطالعة
لدى الأطفال , أن تنشأ لهم مكتبة خاصّة يحفظون فيها كتبهم فتشجع فيهم حبّ
امتلاك الكتب , وتعلمهم كيف يحافظون على
الكتاب , وكيف يعاملونه باحترام .وربما تكون مكتبة الطفل صغيرة ولا تحتوي إلّا عدد
صغير من الكتب إلّا أنّها ذات أهمية كبيرة وأثر بارز في تكوين شخصية الطفل ,وعلى
رجال المكتبات إرشاد المربين إلى الاختيار الجيد لمجموعات الأطفال لجعل مكتبة
الطفل ذات قيمة أكثر من كونها مجموعة تب جمعت بغرض التفاخر أو الزينة )(حنّا
وجورج،2005،83-85).
وبذلك يمكن أن نلّخص الأمور الّتي يجب على الأسر ة اتّباعها
لتنمية عادة المطالعة لدى الأطفال بمايلي :1)-أن ننمي حبّ المطالعة لدى الطفل في جميع
مراحل حياته , وتشجعه وتقنعه بفوائد القراءة الحرّة .2- أن تؤمّن له الوسيط الملائم للقراءة من
كتاب أومجلّة ,شراء أو إعارة أو بوسيلة أخرى , أو إعطائه نقوداً ليشتري من الكتب
مايتماشى مع ميوله واهتماماته ومواهبه . 3-أن
تنشئ له مكتبة خاصّة في المنزل , يحتفظ فيها بكتبه ويقرأ منها في وقت فراغه .
4-أن
تكون له قدوة , فيقرأ أفرادها الكتب ويحبّونها ويقتنونها ويحرصون عليها ويجعلونها
خير أنيس وجليس لهم في حياتهم )(الخميسي , 2006،119-120).
إضافة لذلك يمكن أن نذكر مجموعة من الأساليب الّتي تساعد
الأسرة على تكوين عادة المطالعة لدى صغارها, منها:1)- لعلّه من المناسب أن يخصص الأهل وقتاً
محدداً للقراءة الجهرية أمام الأطفال بحيث يختارون الموضوع والوقت المناسب وكذلك
المكان المريح والهادئ الّذي لايشتت الانتباه . 2- يعدّ اللعب من الأساليب التربوية الهامّة
والفعّالة الّـتي تثير دافعية الطفل نحو التعلّم وتلبي حاجات أساسية لديه ,
كالاطّلاع والاكتشاف والتعرّف إلى كلّ ماهو جديد حوله . وكان روسو أوّل من نادى
بتوظيف اللعب في التربية ثم تبعه فروبل في التربية الطبيعية و مونتسوري استناداً
إلى أن اللعب فرصة طيبة وناجحة لنشاط تعليمي . من خلال المناشط الّتي يقيمونها
تنمو لديهم حواس الذاكرة والإدراك والفهم والكلام وتترسّخ لديهم مجموعة من القيم
والانفعالات الإيجابية .
3- يمكن أن تكون برامج الأطفال في التلفزيون
وبعض البرامج الأخرى مقدمة جيدة تمهّد لعملية القراءة ولاسيما إذا أحسن توظيفها .4- كذلك الرحلات والنزهات تثير انتباه الطفل
للأشياء الجديدة الّتي يراها وتدفعه لطرح الأسئلة حولها , وهنا يمكن للأهل توجيه
الطفل إلى قراءة قصّة معينة للإجابة عن تلك الأسئلة أو أن يؤمنوا له كتاب معين
يساعده في الإجابة عن أسئلته وتوسيع معارفه حول تلك الأشياء الّتي سأل عنها)
(الشّمّاس وحنّا ، 1995،70-72بتصرف ).
5- مصادر المطالعة :
5-1- كتاب الطفل :
5-1-1 أسس اختيار كتاب الطفل :
-أن يجذب نظر الطفل إليه دون ضغط أو
إكراه .
- أن تسهم موضوعاته في تنمية قاموس
اللّغة عند الأطفال .
- أن تتماشى لغته مع المستوى اللغوي
للعمر الّذي حُدّد له .
-
أن يراعى حجم وطول الموضوعات عمر الطفل وقدراته اللغوية والفكرية .
- أن يثير اهتمام الطفل ليس فقط
بالشكل بل بالمحتوى أيضاً(فضل الله ، 1995،39).
فمن الطبيعي أن يكون لكتاب الطفل وقصصه مواصفات خاصة تختلف من
عمر إلى آخر ، حتى تستطيع أن تحاكي الطفل بلغته الّتي يفهمها فتجذبه إلى قراءتها ، والاستفادة منها وبالتالي
يكون الكتاب أو القصّة الطّفليّة قد حققّت
الأهداف المنشودة.
5-1- 2مواصفاته:
للشكل والمضمون مجموعة من المعايير الواجب مراعاتها في كتب
الأطفال,لكي تخرج بالصورة الجيدة المحببة لأطفالنا .
بالنسبة للشكل :
-(الحجم :هناك العديد من المقاسات الخاصّة بكتب الأطفال تتوقف على طبيعة الموضوع وطريقة معالجته ,ونوع
الورق المستخدم والميزانية المخصصة لطباعته ,كما يتوقف حجم الكتاب على المرحلة
العمرية الّتي يخاطبها , ويمكن القول أنّه كلما صغر عمر الطفل جاء مقياس الكتاب
كبيراً ليسمح بعرض الصور والرسوم استخدام خط كتابة أكبر .وبشكل عام يفضل استخدام
ورق طباعة جيد,ونوع من الخط المناسب وسهل القراءة ,ويفضّل الحجم المتوسط للكتاب )(
الناتوت ، 2002، 125-127بتصرف
).
-الرسوم والألوان من المعايير الهامّة لكتب الأطفال , وخاصّة
في المراحل العمرية الأولى ,وهناك العديد من الكتاب مايعتمد أساساً على الرّسوم
والصور,والرسوم تعتبر عامل جذب هام للأطفال إذا ماأحسن استخدامه سواء داخل صفحات
الكتاب أو على الغلاف . ويتعلق بالرسم معيار مهم وهو حسن اختيار الألوان الخاصّة
بالرسوم ,لاسيما أنّ الأطفال يحبّون الألوان الزاهية .ويجب أن تكون الرسوم المقدمة
للأطفال بسيطة واضحة,خالية من التعقيدات والتفاصيل المربكة ,وبما يتناسب مع خبرات
الطفل , ومعلوماته وقدراته .ففهم الرسوم يرتبط بسن وخبرة الطفل شأنها في ذلك شأن
اللغة اللفظية .
-اللّغة :يجب أن تكون لغة النّصّ واضحة سهلة ,وأن تضيف إلى
حصيلة الطفل إمّا مفردات جديدة أو فهماً
جديداً لمفردات قد تكون غامضة لديه , بالإضافة إلى قربها لمفردات الطفل
اللّغوية) ( إسماعيل ،2004،86-87بتصرف ).
بالنسبة
للمضمون :
(أيّاً كان نوع مضمون الكتاب ((علمي , تاريخي ,ديني ,قصصي
......)),يجب أن يكون مناسباً للطفل وخاصّةً من ناحية نموّه العقلي , وأن يكون
صادقاً ويحمل قيم مناسبة للطفل , بعيداً عن تأصيل النزعات العنصرية ,وبالاتفاق مع
البيئة الّتي يعيش فيها الطفل ومعاييرها الثقافيّة والدينية والاجتماعية. وقد خلصت
الدكتورة جوليندا أبو النّصر إلى أهمّ مواصفات الكتاب الجيد للأطفال :-تصميم
الكتاب بطريقة تتناسب مع المضمون .
-تناسق الصفحات من حيث الهوامش والعناوين والمقاطع والأسماء .
-تنويع طريقة الإخراج من
حيث النّصّ والرّسوم .
- فراغات كافية بين السطور تضفي جوّاً من الراحة والدفء ,وتفصل
بين الأفكار غير المترابطة ,وتعطي القارئ الصغير فرصة لالتقاط أنفاسه بين قسم وآخر
.
-تجليد متين وغلاف سميك وعليه صورة توحي بمضمون الكتاب وجوّه
العامّ)(إسماعيل ,2004,86-88 بتصرف).بذلك نرى أنّه حسب مااتفق عليه كتّاب
أدب الأطفال والتربويون ، فإنّ كتب الأطفال يجب أن تتصّف بمواصفات معيّنة لكي تكون
قادرة على جذب الأطفال من ناحية الرسوم والشكل بالدرجة الأولى لأنّ الطفل يهتم
بالمحسوسات وتجذبه الرسوم الجميلة والألوان المتناسقة ، وشيئاً فشيئاً يصبح اهتمام
الطفل بالكتاب عادة قد اكتسبها . ومع نمو الطفل
وتطّور عقله ،يبدأ الاهتمام بالأفكار والمادة المكتوبة .
5-2- صحيفة الطفل:
5-2-1- مواصفات صحيفة الطفل
:
(تتشابه الفنون الصحفية للطفل مع تلك الموجودة في صحف الكبار
,إلّا أنّ صحف الأطفال تركّز على القصّة ,وخاصّةً القصّة المصورة ذات اللقطات
المتتابعة , مع بساطة تناول الفنون الصحفية الأخرى من تحقيق ومقال وحديث وخبر
ليتناسب نع المرحلة العمرية لجمهور الأطفال .إلّا أنّ إخراج مجلّة الطفل يختلف عن
إخراج مجلّة أو صحيفة الكبار ,حيث يركّز على الأسس الفنية والفسيولوجية للإخراج
الصحفي بما في ذلك مدى انتباه الطفل والألوان المفضّلة لديهم وميولهم المختلفة
.وتتميز الرّسوم المناسبة للأطفال في مجلّاتهم بمجموعة من الميزات من أبرزها:
-أن تكون الرّسوم والصور جميلة منت وجهة النظر الفنية .
-وأن تناسب مستويات نمو الأطفال العاطفية والعقلية والحسيّة .
-أن تستخدم الألوان فيها ,مع مراعاة درجات التباين اللونية ,
وفي حالة إظهار الأضواء والظلال ينبغي مراعاة الدّقة .
-أن تعبّر الصور والرّسوم عن الفكرة الرئيسية والأفكار
الثّانويّة الأخرى .
-أن تعبر الرّسوم عن بيئة الموضوع زماناً ومكاناً.
-أن يتمّ التوازن بين الرّسوم والمادة المكتوبة ,بحيث يشكلان
وحدة فنية متكاملة من خلال الترابط الوثيق بينهما)(إسماعيل,2004,91-92).أما لأنّ بالنسبة للمضمون :
(فيجب أن تهتم ب ربط الطفل بالأحداث اليومية وفق مستواه المعرفي
، وتقليص مساحة المواد التعليمية؛ لأنّها تتوفر في المدارس.أن تقوم بتجديد
المسابقات للأطفال بشكل دائم ، والتعامل مع الطفل بقدر عالٍ من الرعاية والتجديد
،ترتيب المواد بما يجعل الطفل في شوق إلى المتابعة والارتقاء بمستوى التذوق الفني
،وربطه بالمستوى الاجتماعي)(حسن ،2008،62).
5-3-
مصادر أخرى للمطالعة :
(لم تعد المطالعة بمعناها الاصطلاحي هي الشكل الوحيد المتاح
للطفل , بل أضيفت إليها أشكال أخرى من المطالعة , يجد الطفل نفسه مجبراً على
التعامل معها. فبعد أن كانت المطالعة بالمعنى الاصطلاحي هي تناول الكتاب ، أو
النّصّ المكتوب عموماً والإقبال على قراءته طوعاً لاكتساب المعارف والمعلومات
المحتواة فيه ، فقد وجد الطفل أنّ التقنية أصبحت تخلق له أنواعاً جديدة من
المطالعة، الّتي تتطلب منه أن يبذل فيها من الجهد مالا يقلّ عما يبذله في المطالعة
التقليدية، إن جاز التعبير . فقد أصبح الطفل يتعامل مع مايمكن أن نسميه( المطالعة السمعية
)منذ أول مايتاح له أن يصغي إلى صوت
المذياع . والمطالعة البصرية أو المرئية ،
فصور التلفاز هي رسائل تحمل معلومات ومعارف تفرض على الطفل أن يلقي ببصره إليها
بدوافع إنسانية ، كحبّ الاطلاع ، والفضول ، والرغبة في الاكتشاف.....الخ.مع توفّر أجهزة خزن الصور والأصوات وإعادة عرضها ،أصبح ميدان
المطالعة أكثر اتساعا وتنوعاً أمام الطفل .وأوّل مانلاحظه في هذا الاتساع هو غلبة
التقنية الأحدث من حيث التأثير في شد الطفل إليها واستقطاب انتباهه .على أنّ الأمر
الأكثر أهمية في هذا ، أنّ الطفل يصبح أقلّ قدرة على الاختيار إزاء هذا التنوّع في
أدوات نقل المعلومة ، وإيصال المعرفة . ولكي نعفي الطفل من هذا الجهد الشاق فإننا
ملزمون أن نجد له أيسر الحلول وأكثرها طواعية ، وذلك بأن نيسر له أن يتعايش
معرفياً مع كل مصادر المعرفة ، المقروءة
والمسموعة والمرئية ....فمن الخطأ أن نجعل الطفل يتوهم أنّ قناة معرفية ما - مهما
كان تأثيرها الإغرائي –يمكن أن تكون يوماً أكبر تأثيراً في إيصال المعرفة إلى
الطفل من الكتاب أو النّصّ المكتوب عموماً .فالتاريخ البشري أثبت أنّ حضارة الكتاب
هي أقوى الحضارات إطلاقاً ، وحتى التكنولوجيا بكلّ جبروتها ماهي إلّا ثمرة
من ثمرات حضارة الكتاب.فالمطالعة من
الكتاب هي الأداة الأيسر إيصالاً للمعرفة ،وكذلك أقلّ استهلاكاً للطاقة و أكثر
توفيراً للجهد في الاستفادة منها.
إنّ انتشار التكنولوجيا الحديثة ، وانتشار شبكات الاتصال هو
ليس سبباً مباشراً في التأثير السلبي على الميول القرائية ، بل هو سبب غير مباشر
. فبينما كان لدى القارئ -طفلاً كان أم
يافعاً -وقت أوسع للإقبال على الكتاب وحده لقراءته ، فإن هذا الوقت أصبح يًقتسم
بينه وبين مصادر معرفية أخرى ذات ميزات
تنافسية كالتلفاز والمذياع والسينما .... وهذا يفضي إلى ضرورة اعتماد مبدأ نراه
الأيسر والأكثر فاعلية في هذا المجال، وهو مايمكن أن نسميه بالتعايش .وأوّل ما
يجعلنا واثقين من إمكانية هذا التعايش المعرفي ، هو ماذكرناه من أن النّصّ المطبوع
هو الأيسر وصولاً للمتلقي والأيسر استفادة
منه وكذلك هو أقلّ كلفةً وأطول عمراً) (بندر ،1999,31-37بتصرف). فما يمكن أن نخلص إليه أنّ
المطالعة من الكتاب هي أساس ما وصلنا إليه
من تقدم وتطور ، لأنّ الثقافة الفكرية هي الزاد والثروة التي لايمكن أن يستولي
عليها أحد ،بل تبقى ملك من حصلّها ،وسلاحه المنيع طوال حياته .
ثالثاً : مكتبة
الطفل :
1- أهمية وضرورة وجود مكتبة للطفل
:
لقد تضاعف
الاهتمام بمكتبات الأطفال على المستوى
العربي والعالمي خلال الربع الأخير من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي
والعشرين إيماناً بدورها المهم في تنشئة وتكوين الأطفال في فترة من أخصب فترات
نموهم وتطورهم. وقد استتبع هذا الاهتمام الزيادة المطردة في مكتبات الأطفال من حيث
الكم والكيف وما تشتمل عليه من مواد مطبوعة ومجلّات وكتب ومواد غير مطبوعة، من أهمّها:
البرامج الالكترونية المسجلة على الاسطوانات المدمجة CD-ROM
التي تستخدم في تنمية الميول القرائية لدى الأطفال . ومن الضرورة التربوية للطفل
إعداد مكتبة تناسب ميوله واهتماماته ، بحيث
تشتمل على مصادر التعلّم المناسبة لمستواه العقلي والمعرفي؛ تلك المصادر الّتي
تساعد على تنمية مهارات التفكير لديه وتجمع بين التثقيف والمتعة الذهنية والمواقف
الإيجابية العملية الّتي يستفيد منها في حياته المدرسية وحياته الخاصّة , تلك
المصادر الّتي تتميز باللغة السهلة والمفردات المألوفة لدى الطفل في هذه المرحلة
العمرية كمل تشتمل على حقائق ومعلومات ومواقف تربوية وعلمية (مصطفى ,2004،67).
2- الوظائف التربوية
لمكتبة الطفل :
المكتبة هي
الّتي تثير ميول الطفل نحو القراءة ،والأسرة تلعب الدور الأكثر فعالية في تكوين
الميول القرائية للطفل , وذلك بتوفير المناخ المناسب للقراءة المثمرة وتوفير مصادر
التعلّم مثل المجلّات والكتب بحيث يستطيع الطفل أن يجيب من خلالها عن الأسئلة
الّتي يطرحها على نفسه والمشكلات الّتي تواجهه . وبالتالي يمكن إجمال الوظائف
التربوية للأسرة فيما يتعلّق بإكساب الأطفال عادة المطالعة بمايلي :
-تنمية ميول الطفل القرائية وإشباع حاجاته المعرفية والوجدانية
.
-تحفيز الطفل على القراءات المثمرة من أجل مواجهة احتياجاته
التعليمية والتثقيفية .
-تثقيف الأطفال عن طريق توفير مصادر التعلّم المطبوعة من الكتب
والمراجع ودوائر المعارف والمعاجم وغيرها من المواد التعليمية المختلفة الّتي
يحتاجها الطفل والّتي تتناول شتّى أنواع المعرفة وتناسب المستوى العمري والعقلي له
.
-تنمية التفكير المنطقي والإبداعي للطفل , وإثارة تفكيره تجاه
القضايا التربوية والاجتماعية والثقافية الّتي تستحوذ اهتمامه (مصطفى ،2004،68-69بتصرف
).
الخلاصة:
بذلك
نجد أنّ عروا الأسرة تلعب دوراً جوهرياً
في إكساب الأطفال عادة المطالعة باعتمادها الوسائل والطرائق المختلفة الّتي تجذب
الأطفال إلى الكتاب والقراءة ،دون أن ي أنّ هذا مفروضٌ عليهم ، بل يندفعون إليه
برغبة وقابلية ، "يمكن للأطفال أن
يحبّوا القراءة قبل أن يتعلموها ويزداد تعلّق الأطفال بالقراءة إذا أصبح وقت
القراءة وقتاً مفعماً باللهو والمرح "(مصطفى ,2005،313).ولجعل الطفل يقبل على القراءة بشغف وحبّ ,
نتأكّد أولاً أنّه أصبح يفهم مايقرأ , ثمّ ننمي لديه حبّ القراءة ," ونتدرج
معه في ذلك بجعله يحسن التركيز والانتباه لما يقرأ , ثمّ ندعوه ليصوغ الأفكار
الّتي فهمها من القراءة ,ونطلب منه أن يحدثنا عنها , ونشجعه على التعبير عن النّفس
والتعبير عن الصور الّتي تعجبه وتشدّ انتباهه ونضع بين يدي الطفل عدداً من الكتب
المتنوّعة الممتعة يقلّبها بنفسه , ونحدثه عنها ونحببه بها , وبعد أن يقرأ بعضها
نسأله عنها ونناقشه فيها , ونتيح له أن يذكر لنا مافهم من قصص وحكايات ومعلومات
وأفكار ونبدي إعجابنا بما فعل , وأن نربط ماقرأه بحياته .ومن المفيد في هذا المجال
أن نؤكّد للطفل بين الحين والآخر ضرورة العناية بالكتب , ونبيّن له طريقة التعامل
معها والطرق الناجعة في قراءتها , وأن نكون له القدوة في المحافظة على الكتاب
واحترامه والحرص عليه والاستفادة منه . وإذا مااتبعنا هذه الوسائل وغيرها أحبّ
الطفل الكتاب والقراءة وأصبحت عنده عادة
تزداد المتعة بها يوماً بعد يوم ,وتستمرّ معه في مراحل حياته المختلفة وتنمّي ثقته
بنفسه وترسم له آفاق المستقبل والمعرفة الشاملة "(الخميسي ,2006,
118-119).
كذلك يمكن اعتماد
الأسلوب الشرطي لجعل المطالعة تجربة ممتعة للطفل عن طريق إعطائه مكافأة أو شيء ما
يحبه كلما قرأ كتاباً أو قصة ،عندئذ ينمّى حبّ المطالعة في نفسه.
وما يجب الإشارة إليه
أنّ المطالعة لم تعد تقتصر على المطالعة من الكتاب ، بل أصبح لها أشكال أخرى
متعددة نتيجة إفرازات ثورة المعلومات والاتّصالات الّتي جاء بها عصرنا الحديث
.ودور الأسرة هنا مساعدة الطفل للتكيّف مع مصادر المعرفة المختلفة بشكلٍ إيجابي ،
للحصول على المعلومة أيّاً كان مصدرها .
لمطالعة والطفل :
1-أهمية المطالعة للأطفال :
المطالعة ذات تأثيرات ثقافية
عميقة خاصة على الأطفال ، فهي توسّع دائرة خبراتهم المعرفية وتنمّيها، وتنشّط
قواهم الفكرية وتهذّب أذواقهم، وتشبع فيهم حبّ الاطلاع
النافع لمعرفة أنفسهم وغيرهم، ومعرفة عالم الطبيعة
بعناصره ومظاهره.
"لعلّ من بين الأهداف الهامّة للتربية توجيه قراءات
الأطفال إلى الكتب والقراءة الهادفة وهو ماألحت عليه التربية الحديثة , بعد أن
أثبتت أن مايكتسبه الطفل المتعلّم من الخبرات والمعلومات بجهده ونشاطه , يعدّ أقوى
فاعلية وأكثر تأثيراً مما يتلقاه عن طريق التلقين فاكتساب المعرفة عن طريق الممارسة العملية
والمطالعة الحرّة والبحث يزود الطفل بالقدرة على حسن استخدام هذه المعرفة ويخلق
لديه ملكة الابتكار ويعدّه للنجاح في ميادين الحياة"(جراح ، 2008،132).
" والمطالعة من منظور تربوي توسع دائرة خبرات الطفل وتنمّي وتنشّط قواه
الفكرية ، وتهذب ذوقه ،وتشبع فيه حبّ الاستطلاع النافع ،وتفتح أمامه الأبواب
الثقافية العامة، وتتيح لهم الإعداد العلمي والتوافق الشخصي والاجتماعي"( شحاته، 1996,102)."والقراءة
تساعد على التطور العقلي وتحثّ عضلات العيون على العمل ،فهي نشاط يتضمن مستويات
أعلى من التركيز ، وتنمي مهارات المحادثة لدى القارئ ،وهي تزيد مفردات المحادثة
اليومية وهي تعرفنا الأفكار العالمية للكتاب المعاصرين والقدماء"(Sofsian،2011،
عن الانترنت).
(وتتضح أهمية تنمية عادة المطالعة لدى الأطفال من خلال النقاط
التاّلية :
1- من الأمور المسلم بها أنّ التعوّد على
القراءة منذ الطفولة يغرس حبّ القراءة والاطّلاع لدى الأطفال ويكوّن في النهاية المواطن القارئ والمطلع
الّذي يتمسك بالقراءة كوسيلة من وسائل تحقيق التنمية الذاتية خلال مراحل الحياة
المختلفة .2- الهدف من تنمية عادة القراءة لدى الأطفال
هو تحقيق لهدف تربوي وهو مسايرة الانفجار المعرفي والثورة العلمية والتكنولوجية ,
لجعل الأطفال يعلّمون أنفسهم بأنفسهم ويكتسبون المهارات الّتـي تمكّنهم من التوصل
بأنفسهم إلى مصادر المعرفة المتنوّعة .3-القراءة تمكّن الفرد من التصدي للمستجدات
الّتي تطرأ على حياته الخاصّة أو على حياته
المهنية .4- تعددت وسائل الترفيه والتسلية في الوقت
الحاضر ولن يلجأ الطفل إلى الكتاب إلّا إذا تعوّد على القراءة و انغرس فيه حبّ
المطالعة والاطّلاع , بحيث يشعر بمتعة القراءة ويؤمن بقيمتها ودورها في تنشئته ,
وبذلك تتحوّل عادة القراءة عند الطفل إلى هواية ممتعة , ويصبح الكتاب جزء لايتجزأ
من حياته اليومية 5- يؤكّد التربويون على أهمية تنمية عادة
القراءة والمطالعة للطفل لأنّ أهميتها لاتقتصر على مرحلة الطفولة بل تمتدّ إلى
مراحل العمر المختلفة , فكثير من أهداف التعليم تتحقق عن طريق المادة المقروءة ,
والقراءة تساعد على تنمية الفكر والعقل .6-يظهر دافع الاستطلاع لدى الطفل في الميل
للقراءة وينمو برعاية الأسرة والمدرسة, وإذا لقي من الظروف المشجّعة مايساعده على
التقدّم , كان ذلك أساس البحث العلمي و الابتكار) (حنّا وجورج , 2005,
75- 77بتصرف). وكلّما اتسعت
رغبة الطفل في الاطلاع، ازدادت خبرته وصفا ذهنه
واكتسب بالتالي سعة المعرفة بالعالم الذي يعيش فيه، وانبعثت في نفسه ميول جديدة. تساعد في تنمية مهارة التفكير السليم، لأنّها تتضمّن تكوين مفهوم
للعلاقات، ورؤية لوضع استنتاجات، وإجراء موازنات وتطبيقات
مناسبة لها. وبذلك تكون القراءة عاملاً من العوامل
الأساسية للتفكير الابتكاري.
2- تنمية عادة المطالعة لدى الأطفال :
(يتفق علماء
النفس أن كل المهارات تبدأمن مرحلة الطفولة ,وأن اهتمام الطفل بالكلمة المطبوعة
يبدأ في الشهور الأولى من عمره , عندما تقدّم له الأمّ الصحف والمجلّات لتشغله بها
, ويمضي لحظات سعيدة في العبث بأوراقها, وبمرور الأيّام تجذب انتباهه الصور
الملوّنة والبراقة , ويستطيع أن يمنحها شيئاً من اهتمامه إلى أن تبدأ المرحلة
الأولى للاهتمام الحقيقي الواعي , وهي مرحلة تناول المجلّة أو الكتاب باليد ,
وتبدأ وعمر الطفل (8) أشهر في المتوسط ,والاهتمام في هذه المرحلة
يكون كليّاً وعابراً , وينظر الطفل إلى المطبوع من الأشياء الجذّابة المختلفة في
محيطه .والبعض يقسم الفترة فيما بين بدء الاهتمام بالصور والرسوم في المجلّات
والكتب إلى دخول المدرسة في السادسة من العمر إلى ثماني مراحل تسير وفقاً لنظام
تتابعي محدود ويبلغ الاهتمام عند الذروة عندما يتعرّف الطفل إلى معاني
الكلمات , ولكنّه يؤكّد أيضاً أنّ الأمر
يتوقف على قدرات الطفل الخاصّة، تجاربه وخبراته ، اهتمامه وذكائه ،نوعية كم
المطبوعات في محيطه , موقف الآباء ومدى تمتعهم بالصبر في القراءة له , وتقليب
الصفحات معه)( الشّمّاع ، 1962،9)."إنّ ما يعجب طفل في الثانية من عمره
قد يكون متقدماً لطفل آخر في العمر نفسه أو ساذجاً لآخر , وقد يعجبه كتاب بعينه في
فترة من العمر وتظلّ له نفس المكانة من نفسه لفترة , ثمّ ينصرف إليه ويعود إليه
بنفس الحماسة , وفي هذه الحالة يجب أن
نحترم رغبته حتى لاينفر من القراءة , بل
نشجعه على أن تمتد يده إلى مطبوعات أخرى , حتى تنمو لديه القدرة على تذوّق هذا
الفن البصري , والقدرة على الاختيار بنفس الدرجة الّتي تنمو له طاقة حبّ الاكتشاف
لنفسه ولدنياه ،والعالم من حوله ,وتنمو عادة القراءة طبيعياً مع الطفل في بيئة
تشجع القراءة , وفي مناخ صحي يساعد على أن تنمو بداخله هذه البذرة "(حنّا
وجورج،2005،78-79).فتنمية الميول القرائية لدى الأطفال عملية
هامّة في حياته , ويجب أن تتم منذ الصغر ,عن طريق إثراء حياة الطفل بالخبرات
والتجارب الّتي تحبب لديه عادة القراءة .فرغبة الطفل في تعلّم القراءة تتوقف على
طبيعة تجاربه السابقة فيها , كما تتوقف على ما إذا كان تعلّم كيف يستمتع بها ,
وكيف ينمو طبيعياً , وكيف يستقبل تطورات هذا النمو."والأطفال الّذين تتكوّن لديهم خبرات سعيدة مع الكتب منذ
سنوات أعمارهم الأولى تنشأ لديهم الرغبة في القراءة قبل أن يذهبوا إلى المدرسة
بوقت طويل.ولكي ننمي ميل الطفل إلى القراءة ,يجب أن نعنى عناية دقيقة بالمادة
المقروءة ,بحيث يجدون فيها مايناسب أذواقهم , وما يثير فيهم عواطف وانفعالات سارّة
.ومما ينمّي ميول الطفل القرائية ,الجوّ العام الّذي نهيئه للطفل أثناء قراءته الأولى بوجه خاصّ ,بما في
ذلك الزمان والمكان والمرشد سواء كان الأب أو الأمّ أو المعلّم أو أمين المكتبة
.فالمرشد ييسر أمام الطفل الصعوبات الّتي
قد تعترضه ,ويغريه ويشجّعه على القراءة بمختلف السبل من حيث إظهار اهتمامه بما
يقرأ الطفل أو بمشاركته القراءة أو عن طريق مناقشته فيما يقرأ بطريقة ممتعة .
ويتمّ التعرّف إلى الميول القرائية لدى الأطفال عن طريق البحوث
الميدانية الّتي تستخدم الأساليب التّالية :
-إعداد استفتاءات يقوم الأطفال أنفسهم بالإجابة عنها .
- قراءة القصص للأطفال ,وملاحظة انطباعاتهم وإقبالهم عليها
واستجاباتهم لها .
- ملاحظة عادات القراءة لدى الأطفال في مكتبات المدارس
الابتدائية أو في المكتبات العامّة المخصصة لهم.
- التعرّف إلى الكتب الّتي يقبلون على قراءتها بالمكتبة ,وذلك
عن طريق
سجلّات
الاستعارة"(ويتي ,1965،25-38 ).
ويمكن الاعتماد على بعض البحوث الّتي أجريت لتحديد الميول
القرائية للأطفال على النحو التّالي :1-سن السادسة والسابعة : يستمتع الأطفال في
هذه المرحلة بالقصص الخيالية والأساطير الّتي تظهر فيها السّاحرات والعمالقة
والأقزام وغيرها من الشخصيات الغريبة ,كما يفضّلون قصص الحيوان والقصص الفكاهية
الّتي تجلب لهم السعادة والسرور .2-سن الثامنة والتاسعة :ينمو في سن الثامنة حب
الاستطلاع عن الحياة الواقعية الّتي تتمثّل في قصص الطبيعة والحيوان ,كما يستمر
ولعهم بالقصص الخيالية .وفي سن التاسعة يحدث تحوّل في قراءات الأطفال من الخيال
إلى الواقع ,كما يبدأ التمايز في ميول القراءة بين البنين والبنات .فبينما يلجأ
البنون إلى القصص الّتي تتناول حياة الفتيان عامّة ,تفضّل الفتيات قراءة القصص
الّتي تتناول الحياة الأسرية .ويعتبر سن التاسعة العمر الذهبي لتشجيع الأطفال على
قراءة الكتب الأكثر عمقاً ,لأنّ مهاراتهم القرائية تكون قد نمت , وأصبحت القراءة
لاتمثّل عبئاً ثقيلاً عليهم .3-سن العشرة والحادية عشرة :يكاد يتخلّى
الأطفال تماماً عن القصص الخيالية , ويستغرق اهتمامهم قصص الرحلات وعادات الشعوب
,ويهتمون بالأحداث الجارية , وبالقصص التاريخية , والسير والتراجم , والعلوم
المبسطة .ويميل البنون إلى قراءة قصص الغامرات والمكتشفين ,والحروب والشجاعة ,أما
البنات فيملن إلى التعرّف إلى الشؤون المنزلية ,وقراءة القصص العاطفية .4-سن الثّانية عشرة والثّالثة عشرة :تمثّل هذه
السن فترة الإعجاب بالأبطال وتلمّس القدوة فيهم ,ويستمر اهتمام الأولاد بالكتب العلمية
, والقصص الواقعية وكتب الهوايات ,وتميل الفتيات إلى الكتب والمجلّات الّتي تتناول
موضوعات تتفق مع طبيعتهنّ .وبشكلٍ عام يمكن القول إنّ الموضوعات القرائية الّتي
يهتمّ بها الأطفال في هذه السن تتنوّع وتتعدّد بحيث لايمكن تحديدها تحديداً واضحاً
.5-سن الرابعة عشرة إلى السادسة عشرة :تبدأ في
هذه المرحلة قراءة الموضوعات الأكثر عمقاً
, ويركزون على فهم المعاني والأفكار ,وتزداد رغبتهم في القراءة , وحماستهم
لاكتشاف عوالم مجهولة جديدة ,خاصّةً أن قدرتهم على المعالجة العقلانية تكون قد
تحسنت نوعاً ما نتيجة نموهم العقلي. بالرغم من تحديد ميول الأطفال القرائية على
هذا النحو ,إلّا أنّه لايمكن الجزم بأنّها تنطبق على جميع الأطفال في السن الواحدة
بحيث يمكن تعميمها,وذلك لانّ الميول تتعدد وتتنوّع ,فهناك ميول مشتركة بينهم ,
وميول فردية (إسماعيل ,2004,187-188).3-
العوامل الّتي تؤثر على مطالعة الأطفال
: "يؤكد علماء
النّفس والتربية أنّ ميول الطفل القرائية تتبع القدرة على القراءة، وهي بدورها
تستند على النمو الإدراكي والعقلي ومستوى النضج والجنس ،وهذا يعني أثر اللغة كمظهر
اجتماعي وثقافي على الميول.فالأطفال يختلفون في السن التي يتهيئون فيها للقراءة
تماماً كما يختلفون في السن التي يقفون فيها على أرجلهم لأوّل مرّة ، لذلك يجب
الانتباه إلى أنّ تعليم الطفل القراءة قبل أن يتهيأ لها ليس فقط جهداً ضائعاً بل
قد يترتب عليه آثار سلبية تعوق نمو الطفل ويصعب تلافيها ، وقد تخلّف كرهاً للكتاب "(ويتي
، 1965،29بتصرف ). "وإذا أخذنا بعين
الاعتبار الأمور السابقة ، أي بعد أن تتوافر الاستعدادات الملائمة لدى الطفل ،فإنّ
الميول يمكن تنميتها عن طريق التعلّم والتقليد والمنافسة ، فالطفل يسعى دائماً إلى
الاستئثار بالامتيازات ، ويملك النزعة للإثبات ويتبع نمطاً فردياً في تكوين مشاعره
، كما يتعلّم بصورة أفضل عن طريق الممارسة والعمل.إضافةً لذلك فإن ميول الطفل
القرائية تتغير سريعاً في مراحل الطفولة المبكرة أكثر منها في مراحل الطفولة
المتأخرة ، ولكنها تتسع وتتعدد في المرحلة الأخيرة" ( السبيعي ، 2002،56).
"وتتأثر الميول القرائية لدى الأطفال بأربعة عوامل هي :
-
الاستعداد الجسمي
:سلامة البصر والسمع والنطق.
-
الاستعداد العاطفي :
الاستقرار النفسي الّذي سيساعد الطفل على التكيّف السريع .
-
الاستعداد التربوي
:ضرورة توفير عنصر الخبرة لدى الطفل ، وامتلاكه لمجموعة هامة من المفردات بالإضافة
إلى تطوّر الانتباه المركز لديه.
-
الاستعداد العقلي:
درجة من النضج العقلي تؤهله لتعلّم القراءة ويبلغ الطفل هذه الدرجة في سن تتراوح
بين 5و7 سنوات حسب عوامل وراثية وبيئية .أما العوامل
التي تؤثر سلباً على المطالعة فيمكن إجمالها بمايلي:1- عدم تشجيع الأسرة لأبنائها على ممارسة
المطالعة .
2- تردي قيمة الثقافة ، وبالتالي ضعف الإقبال
على الكتاب وقراءته.
3-
انهماك الناس بأمور معيشية كثيرة غير القراءة والثقافة ،فتراكم الأشغال لم يترك
متسعاً من الوقت لقضائه في القراءة "(التميمي،1992،310).وهذا بالطبع ينطبق على الصغار من
التلاميذ ، فالروتين القاتل الذي
تسير عليه طرائق التدريس في مدارسنا يحبط
الميول القرائية عند الأطفال ،ويخمد في نفوسهم شعلة الرغبة في البحث والاطلاع
والاستكشاف، ويحصرهم في مجالٍ ضيق هو الحفظ البصم للنجاح في الامتحان !
4-دور الأسرة في تنمية عادة المطالعة لدى الأطفال :
4-1 - الأسرة والمطالعة : "من الحقائق
الّتي باتت ثابتة أنّ تربية الطفل لم تعد عملاً ارتجالياً ، بل أصبحت علماً يدرس
في أقسام كليات التربية ، وأصبح الطفل في العصر الحديث يبدأ بتعلّم القراءة الورقية
والالكترونية منذ طفولته المبكرة . ومما هو جدير بالذكر والملاحظة ألّا ننتظر من
الطفل أن يتعلّم القراءة منذ سنواته الأولى بصورة عميقة ، بل نعدّه لها مثلما أنّ
الطفل لايتعلّم المشي إلّا إذا تكوّن لديه الاستعداد الكافي له ، كذلك فإنّه
لايتعلّم القراءة إلّا إذا تكوّ، لديه الاستعداد
لها ، وتهيّأت الظروف المناسبة أمامه لتعلّمها "(الراشد ،2007،37).
فلايمكن أن نغفل دور الأسرة في تنمية ميول الأطفال القرائية ,
وغرسها لديهم. "حيث توجد كثير من المتغيرات داخل الأسرة والّتي تؤثّر في
تنمية ميول الطفل نحو القراءة والمطالعة مثل مستوى تعلّم الوالدين , ومدى اهتمام
الأسرة بتحصيل الطفل في الدراسة , ومدى توافر الكتب والقصص والمجلّات في المنزل ,
وطرق استثمار أوقات الفراغ , ومايتعرّض له الطفل داخل الأسرة من وسائل الاتّصال
بالتلفاز والراديو والكمبيوتر. "فالبيئة الثقافية واللغوية بوجه عام في
الأسرة تساعد على إثراء خبرات الطفل وتنمية مهاراته اللغوية ، ولاشك أنّ سلوك الآباء والأمهات في هذا المجال ومكانة القراءة في حياتهم يعتبر نموذجاً يحرص
الأبناء على الاقتداء به"(مصطفى ،2008، 141) . (بذلك تعدُّ الأسرة المثير الأوّل
لاهتمام الطفل وميله نحو القراءة والاطّلاع خصوصاً إذا قام الوالدان بدورهما في
تنمية هذا الميل بطرق واعية مقصودة . (فالطفل في سنواته الأولى يميل إلى التقليد،
لذلك يجب إعطاؤه القدوة الحسنة بالإكثار من القراءة والمطالعة أمامه حتى ننمّي فيه
عادة المطالعة)( حسين ،1989،51-52) .الطفل الّذي يقرأ والداه الصحف بعض الكتب
ويستمتعون بها يكون أفضل بكثير من الطفل الّذي لايوجد لدى أسرته اهتمام بالقراءة .
ولذا فتعلّم عادة المطالعة يختلف من طفل إلى آخر حسب الخبرات الّتي يكتسبها
والمواقف الّتي يتفاعل معها والبداية المبكرة في تعلّم القراءة . ويفضّل أن يكون
الطفل هو البادئ في عملية التعلّم ويصبح دور الكبار التدعيم والتعزيز. كما أنّ
تأثير عادة القراءة المكتسبة من الأسرة طويل المدى, فمثلاً الطفل الّذي يرتبط
بالقصص قبل سن الثالثة يكون في الغالب أفضل مستمع في سن الثالثة عشرة وهكذا......
4-2- الوسائل الّتي تعتمدها الأسرة لتنمية عادة
المطالعة لدى الأطفال:
لاشكّ أنّ للأسرة دوراً كبيراً في إكساب الأطفال العادات و
السلوكيات الجيدة ومن بينها عادة
المطالعة من خلال اعتمادها الأساليب
والطرائق المختلفة ، وهذا ما أكدّت عليه الكثير من الدراسات والبحوث ،فالأسرة هي
الّتي تتولى عمليّة مهمّة تكوين الطفل بجوانبه المختلفة ،واكسابه العادات الجيدة
الّتي تساعده على الارتقاء والتطّوّر (ولذا ينبغي على الوالدين توفير البيئة المشجعة على المطالعة
في محيط الأسرة , وذلك بتوفير القصص الجذّابة المناسبة للطفل , وتشجيعه على
الاطّلاع عليها . والطفل عادةً يميل إلى حبّ الاستطلاع ويكثر من الأسئلة ,وكلما
اهتمّ الوالدان بإجابة أسئلته وإحضار الكتب والصور الّتي تجيبه -أيضاً- عن هذه
الأسئلة , فإنّ ذلك يساعد على توسيع مداركه وزيادة حبّه للكتب واعتياده على
استعمالها . والطفل يُغرم بجمع الأشياء المختلفة بغض النظر عن قيمتها أو فائدتها
,فيمكن للأسرة في هذه المرحلة أن تجعل للطفل مكتبته الخاصّة عن طريق تعويده عادة
جمع الكتب , بذلك يكون له رفّ خاصّ في المكتبة المنزلية إن وجدت ،أو رفّ في حجرته
الخاصّة .وفي هذه المرحلة أيضاً يبدأ الأطفال بالاستقلال عن الكبار , لذلك يجب
إعطاؤهم الفرصة لاختيار كتبهم بأنفسهم ,كما يجب أن نحبب إليهم الذهاب إلى المكتبة
العامّة أو المكتبة المدرسية , وينبغي أن نناقشهم حول مايقرؤون حتى يشعروا
بالاهتمام . ومن الوسائل الهامّة الّتي تلجأ إليها الأسرة لتنمية عادة المطالعة
لدى الأطفال , أن تنشأ لهم مكتبة خاصّة يحفظون فيها كتبهم فتشجع فيهم حبّ
امتلاك الكتب , وتعلمهم كيف يحافظون على
الكتاب , وكيف يعاملونه باحترام .وربما تكون مكتبة الطفل صغيرة ولا تحتوي إلّا عدد
صغير من الكتب إلّا أنّها ذات أهمية كبيرة وأثر بارز في تكوين شخصية الطفل ,وعلى
رجال المكتبات إرشاد المربين إلى الاختيار الجيد لمجموعات الأطفال لجعل مكتبة
الطفل ذات قيمة أكثر من كونها مجموعة تب جمعت بغرض التفاخر أو الزينة )(حنّا
وجورج،2005،83-85).
وبذلك يمكن أن نلّخص الأمور الّتي يجب على الأسر ة اتّباعها
لتنمية عادة المطالعة لدى الأطفال بمايلي :1)-أن ننمي حبّ المطالعة لدى الطفل في جميع
مراحل حياته , وتشجعه وتقنعه بفوائد القراءة الحرّة .2- أن تؤمّن له الوسيط الملائم للقراءة من
كتاب أومجلّة ,شراء أو إعارة أو بوسيلة أخرى , أو إعطائه نقوداً ليشتري من الكتب
مايتماشى مع ميوله واهتماماته ومواهبه . 3-أن
تنشئ له مكتبة خاصّة في المنزل , يحتفظ فيها بكتبه ويقرأ منها في وقت فراغه .
4-أن
تكون له قدوة , فيقرأ أفرادها الكتب ويحبّونها ويقتنونها ويحرصون عليها ويجعلونها
خير أنيس وجليس لهم في حياتهم )(الخميسي , 2006،119-120).
إضافة لذلك يمكن أن نذكر مجموعة من الأساليب الّتي تساعد
الأسرة على تكوين عادة المطالعة لدى صغارها, منها:1)- لعلّه من المناسب أن يخصص الأهل وقتاً
محدداً للقراءة الجهرية أمام الأطفال بحيث يختارون الموضوع والوقت المناسب وكذلك
المكان المريح والهادئ الّذي لايشتت الانتباه . 2- يعدّ اللعب من الأساليب التربوية الهامّة
والفعّالة الّـتي تثير دافعية الطفل نحو التعلّم وتلبي حاجات أساسية لديه ,
كالاطّلاع والاكتشاف والتعرّف إلى كلّ ماهو جديد حوله . وكان روسو أوّل من نادى
بتوظيف اللعب في التربية ثم تبعه فروبل في التربية الطبيعية و مونتسوري استناداً
إلى أن اللعب فرصة طيبة وناجحة لنشاط تعليمي . من خلال المناشط الّتي يقيمونها
تنمو لديهم حواس الذاكرة والإدراك والفهم والكلام وتترسّخ لديهم مجموعة من القيم
والانفعالات الإيجابية .
3- يمكن أن تكون برامج الأطفال في التلفزيون
وبعض البرامج الأخرى مقدمة جيدة تمهّد لعملية القراءة ولاسيما إذا أحسن توظيفها .4- كذلك الرحلات والنزهات تثير انتباه الطفل
للأشياء الجديدة الّتي يراها وتدفعه لطرح الأسئلة حولها , وهنا يمكن للأهل توجيه
الطفل إلى قراءة قصّة معينة للإجابة عن تلك الأسئلة أو أن يؤمنوا له كتاب معين
يساعده في الإجابة عن أسئلته وتوسيع معارفه حول تلك الأشياء الّتي سأل عنها)
(الشّمّاس وحنّا ، 1995،70-72بتصرف ).
5- مصادر المطالعة :
5-1- كتاب الطفل :
5-1-1 أسس اختيار كتاب الطفل :
-أن يجذب نظر الطفل إليه دون ضغط أو
إكراه .
- أن تسهم موضوعاته في تنمية قاموس
اللّغة عند الأطفال .
- أن تتماشى لغته مع المستوى اللغوي
للعمر الّذي حُدّد له .
-
أن يراعى حجم وطول الموضوعات عمر الطفل وقدراته اللغوية والفكرية .
- أن يثير اهتمام الطفل ليس فقط
بالشكل بل بالمحتوى أيضاً(فضل الله ، 1995،39).
فمن الطبيعي أن يكون لكتاب الطفل وقصصه مواصفات خاصة تختلف من
عمر إلى آخر ، حتى تستطيع أن تحاكي الطفل بلغته الّتي يفهمها فتجذبه إلى قراءتها ، والاستفادة منها وبالتالي
يكون الكتاب أو القصّة الطّفليّة قد حققّت
الأهداف المنشودة.
5-1- 2مواصفاته:
للشكل والمضمون مجموعة من المعايير الواجب مراعاتها في كتب
الأطفال,لكي تخرج بالصورة الجيدة المحببة لأطفالنا .
بالنسبة للشكل :
-(الحجم :هناك العديد من المقاسات الخاصّة بكتب الأطفال تتوقف على طبيعة الموضوع وطريقة معالجته ,ونوع
الورق المستخدم والميزانية المخصصة لطباعته ,كما يتوقف حجم الكتاب على المرحلة
العمرية الّتي يخاطبها , ويمكن القول أنّه كلما صغر عمر الطفل جاء مقياس الكتاب
كبيراً ليسمح بعرض الصور والرسوم استخدام خط كتابة أكبر .وبشكل عام يفضل استخدام
ورق طباعة جيد,ونوع من الخط المناسب وسهل القراءة ,ويفضّل الحجم المتوسط للكتاب )(
الناتوت ، 2002، 125-127بتصرف
).
-الرسوم والألوان من المعايير الهامّة لكتب الأطفال , وخاصّة
في المراحل العمرية الأولى ,وهناك العديد من الكتاب مايعتمد أساساً على الرّسوم
والصور,والرسوم تعتبر عامل جذب هام للأطفال إذا ماأحسن استخدامه سواء داخل صفحات
الكتاب أو على الغلاف . ويتعلق بالرسم معيار مهم وهو حسن اختيار الألوان الخاصّة
بالرسوم ,لاسيما أنّ الأطفال يحبّون الألوان الزاهية .ويجب أن تكون الرسوم المقدمة
للأطفال بسيطة واضحة,خالية من التعقيدات والتفاصيل المربكة ,وبما يتناسب مع خبرات
الطفل , ومعلوماته وقدراته .ففهم الرسوم يرتبط بسن وخبرة الطفل شأنها في ذلك شأن
اللغة اللفظية .
-اللّغة :يجب أن تكون لغة النّصّ واضحة سهلة ,وأن تضيف إلى
حصيلة الطفل إمّا مفردات جديدة أو فهماً
جديداً لمفردات قد تكون غامضة لديه , بالإضافة إلى قربها لمفردات الطفل
اللّغوية) ( إسماعيل ،2004،86-87بتصرف ).
بالنسبة
للمضمون :
(أيّاً كان نوع مضمون الكتاب ((علمي , تاريخي ,ديني ,قصصي
......)),يجب أن يكون مناسباً للطفل وخاصّةً من ناحية نموّه العقلي , وأن يكون
صادقاً ويحمل قيم مناسبة للطفل , بعيداً عن تأصيل النزعات العنصرية ,وبالاتفاق مع
البيئة الّتي يعيش فيها الطفل ومعاييرها الثقافيّة والدينية والاجتماعية. وقد خلصت
الدكتورة جوليندا أبو النّصر إلى أهمّ مواصفات الكتاب الجيد للأطفال :-تصميم
الكتاب بطريقة تتناسب مع المضمون .
-تناسق الصفحات من حيث الهوامش والعناوين والمقاطع والأسماء .
-تنويع طريقة الإخراج من
حيث النّصّ والرّسوم .
- فراغات كافية بين السطور تضفي جوّاً من الراحة والدفء ,وتفصل
بين الأفكار غير المترابطة ,وتعطي القارئ الصغير فرصة لالتقاط أنفاسه بين قسم وآخر
.
-تجليد متين وغلاف سميك وعليه صورة توحي بمضمون الكتاب وجوّه
العامّ)(إسماعيل ,2004,86-88 بتصرف).بذلك نرى أنّه حسب مااتفق عليه كتّاب
أدب الأطفال والتربويون ، فإنّ كتب الأطفال يجب أن تتصّف بمواصفات معيّنة لكي تكون
قادرة على جذب الأطفال من ناحية الرسوم والشكل بالدرجة الأولى لأنّ الطفل يهتم
بالمحسوسات وتجذبه الرسوم الجميلة والألوان المتناسقة ، وشيئاً فشيئاً يصبح اهتمام
الطفل بالكتاب عادة قد اكتسبها . ومع نمو الطفل
وتطّور عقله ،يبدأ الاهتمام بالأفكار والمادة المكتوبة .
5-2- صحيفة الطفل:
5-2-1- مواصفات صحيفة الطفل
:
(تتشابه الفنون الصحفية للطفل مع تلك الموجودة في صحف الكبار
,إلّا أنّ صحف الأطفال تركّز على القصّة ,وخاصّةً القصّة المصورة ذات اللقطات
المتتابعة , مع بساطة تناول الفنون الصحفية الأخرى من تحقيق ومقال وحديث وخبر
ليتناسب نع المرحلة العمرية لجمهور الأطفال .إلّا أنّ إخراج مجلّة الطفل يختلف عن
إخراج مجلّة أو صحيفة الكبار ,حيث يركّز على الأسس الفنية والفسيولوجية للإخراج
الصحفي بما في ذلك مدى انتباه الطفل والألوان المفضّلة لديهم وميولهم المختلفة
.وتتميز الرّسوم المناسبة للأطفال في مجلّاتهم بمجموعة من الميزات من أبرزها:
-أن تكون الرّسوم والصور جميلة منت وجهة النظر الفنية .
-وأن تناسب مستويات نمو الأطفال العاطفية والعقلية والحسيّة .
-أن تستخدم الألوان فيها ,مع مراعاة درجات التباين اللونية ,
وفي حالة إظهار الأضواء والظلال ينبغي مراعاة الدّقة .
-أن تعبّر الصور والرّسوم عن الفكرة الرئيسية والأفكار
الثّانويّة الأخرى .
-أن تعبر الرّسوم عن بيئة الموضوع زماناً ومكاناً.
-أن يتمّ التوازن بين الرّسوم والمادة المكتوبة ,بحيث يشكلان
وحدة فنية متكاملة من خلال الترابط الوثيق بينهما)(إسماعيل,2004,91-92).أما لأنّ بالنسبة للمضمون :
(فيجب أن تهتم ب ربط الطفل بالأحداث اليومية وفق مستواه المعرفي
، وتقليص مساحة المواد التعليمية؛ لأنّها تتوفر في المدارس.أن تقوم بتجديد
المسابقات للأطفال بشكل دائم ، والتعامل مع الطفل بقدر عالٍ من الرعاية والتجديد
،ترتيب المواد بما يجعل الطفل في شوق إلى المتابعة والارتقاء بمستوى التذوق الفني
،وربطه بالمستوى الاجتماعي)(حسن ،2008،62).
5-3-
مصادر أخرى للمطالعة :
(لم تعد المطالعة بمعناها الاصطلاحي هي الشكل الوحيد المتاح
للطفل , بل أضيفت إليها أشكال أخرى من المطالعة , يجد الطفل نفسه مجبراً على
التعامل معها. فبعد أن كانت المطالعة بالمعنى الاصطلاحي هي تناول الكتاب ، أو
النّصّ المكتوب عموماً والإقبال على قراءته طوعاً لاكتساب المعارف والمعلومات
المحتواة فيه ، فقد وجد الطفل أنّ التقنية أصبحت تخلق له أنواعاً جديدة من
المطالعة، الّتي تتطلب منه أن يبذل فيها من الجهد مالا يقلّ عما يبذله في المطالعة
التقليدية، إن جاز التعبير . فقد أصبح الطفل يتعامل مع مايمكن أن نسميه( المطالعة السمعية
)منذ أول مايتاح له أن يصغي إلى صوت
المذياع . والمطالعة البصرية أو المرئية ،
فصور التلفاز هي رسائل تحمل معلومات ومعارف تفرض على الطفل أن يلقي ببصره إليها
بدوافع إنسانية ، كحبّ الاطلاع ، والفضول ، والرغبة في الاكتشاف.....الخ.مع توفّر أجهزة خزن الصور والأصوات وإعادة عرضها ،أصبح ميدان
المطالعة أكثر اتساعا وتنوعاً أمام الطفل .وأوّل مانلاحظه في هذا الاتساع هو غلبة
التقنية الأحدث من حيث التأثير في شد الطفل إليها واستقطاب انتباهه .على أنّ الأمر
الأكثر أهمية في هذا ، أنّ الطفل يصبح أقلّ قدرة على الاختيار إزاء هذا التنوّع في
أدوات نقل المعلومة ، وإيصال المعرفة . ولكي نعفي الطفل من هذا الجهد الشاق فإننا
ملزمون أن نجد له أيسر الحلول وأكثرها طواعية ، وذلك بأن نيسر له أن يتعايش
معرفياً مع كل مصادر المعرفة ، المقروءة
والمسموعة والمرئية ....فمن الخطأ أن نجعل الطفل يتوهم أنّ قناة معرفية ما - مهما
كان تأثيرها الإغرائي –يمكن أن تكون يوماً أكبر تأثيراً في إيصال المعرفة إلى
الطفل من الكتاب أو النّصّ المكتوب عموماً .فالتاريخ البشري أثبت أنّ حضارة الكتاب
هي أقوى الحضارات إطلاقاً ، وحتى التكنولوجيا بكلّ جبروتها ماهي إلّا ثمرة
من ثمرات حضارة الكتاب.فالمطالعة من
الكتاب هي الأداة الأيسر إيصالاً للمعرفة ،وكذلك أقلّ استهلاكاً للطاقة و أكثر
توفيراً للجهد في الاستفادة منها.
إنّ انتشار التكنولوجيا الحديثة ، وانتشار شبكات الاتصال هو
ليس سبباً مباشراً في التأثير السلبي على الميول القرائية ، بل هو سبب غير مباشر
. فبينما كان لدى القارئ -طفلاً كان أم
يافعاً -وقت أوسع للإقبال على الكتاب وحده لقراءته ، فإن هذا الوقت أصبح يًقتسم
بينه وبين مصادر معرفية أخرى ذات ميزات
تنافسية كالتلفاز والمذياع والسينما .... وهذا يفضي إلى ضرورة اعتماد مبدأ نراه
الأيسر والأكثر فاعلية في هذا المجال، وهو مايمكن أن نسميه بالتعايش .وأوّل ما
يجعلنا واثقين من إمكانية هذا التعايش المعرفي ، هو ماذكرناه من أن النّصّ المطبوع
هو الأيسر وصولاً للمتلقي والأيسر استفادة
منه وكذلك هو أقلّ كلفةً وأطول عمراً) (بندر ،1999,31-37بتصرف). فما يمكن أن نخلص إليه أنّ
المطالعة من الكتاب هي أساس ما وصلنا إليه
من تقدم وتطور ، لأنّ الثقافة الفكرية هي الزاد والثروة التي لايمكن أن يستولي
عليها أحد ،بل تبقى ملك من حصلّها ،وسلاحه المنيع طوال حياته .
ثالثاً : مكتبة
الطفل :
1- أهمية وضرورة وجود مكتبة للطفل
:
لقد تضاعف
الاهتمام بمكتبات الأطفال على المستوى
العربي والعالمي خلال الربع الأخير من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي
والعشرين إيماناً بدورها المهم في تنشئة وتكوين الأطفال في فترة من أخصب فترات
نموهم وتطورهم. وقد استتبع هذا الاهتمام الزيادة المطردة في مكتبات الأطفال من حيث
الكم والكيف وما تشتمل عليه من مواد مطبوعة ومجلّات وكتب ومواد غير مطبوعة، من أهمّها:
البرامج الالكترونية المسجلة على الاسطوانات المدمجة CD-ROM
التي تستخدم في تنمية الميول القرائية لدى الأطفال . ومن الضرورة التربوية للطفل
إعداد مكتبة تناسب ميوله واهتماماته ، بحيث
تشتمل على مصادر التعلّم المناسبة لمستواه العقلي والمعرفي؛ تلك المصادر الّتي
تساعد على تنمية مهارات التفكير لديه وتجمع بين التثقيف والمتعة الذهنية والمواقف
الإيجابية العملية الّتي يستفيد منها في حياته المدرسية وحياته الخاصّة , تلك
المصادر الّتي تتميز باللغة السهلة والمفردات المألوفة لدى الطفل في هذه المرحلة
العمرية كمل تشتمل على حقائق ومعلومات ومواقف تربوية وعلمية (مصطفى ,2004،67).
2- الوظائف التربوية
لمكتبة الطفل :
المكتبة هي
الّتي تثير ميول الطفل نحو القراءة ،والأسرة تلعب الدور الأكثر فعالية في تكوين
الميول القرائية للطفل , وذلك بتوفير المناخ المناسب للقراءة المثمرة وتوفير مصادر
التعلّم مثل المجلّات والكتب بحيث يستطيع الطفل أن يجيب من خلالها عن الأسئلة
الّتي يطرحها على نفسه والمشكلات الّتي تواجهه . وبالتالي يمكن إجمال الوظائف
التربوية للأسرة فيما يتعلّق بإكساب الأطفال عادة المطالعة بمايلي :
-تنمية ميول الطفل القرائية وإشباع حاجاته المعرفية والوجدانية
.
-تحفيز الطفل على القراءات المثمرة من أجل مواجهة احتياجاته
التعليمية والتثقيفية .
-تثقيف الأطفال عن طريق توفير مصادر التعلّم المطبوعة من الكتب
والمراجع ودوائر المعارف والمعاجم وغيرها من المواد التعليمية المختلفة الّتي
يحتاجها الطفل والّتي تتناول شتّى أنواع المعرفة وتناسب المستوى العمري والعقلي له
.
-تنمية التفكير المنطقي والإبداعي للطفل , وإثارة تفكيره تجاه
القضايا التربوية والاجتماعية والثقافية الّتي تستحوذ اهتمامه (مصطفى ،2004،68-69بتصرف
).
الخلاصة:
بذلك
نجد أنّ عروا الأسرة تلعب دوراً جوهرياً
في إكساب الأطفال عادة المطالعة باعتمادها الوسائل والطرائق المختلفة الّتي تجذب
الأطفال إلى الكتاب والقراءة ،دون أن ي أنّ هذا مفروضٌ عليهم ، بل يندفعون إليه
برغبة وقابلية ، "يمكن للأطفال أن
يحبّوا القراءة قبل أن يتعلموها ويزداد تعلّق الأطفال بالقراءة إذا أصبح وقت
القراءة وقتاً مفعماً باللهو والمرح "(مصطفى ,2005،313).ولجعل الطفل يقبل على القراءة بشغف وحبّ ,
نتأكّد أولاً أنّه أصبح يفهم مايقرأ , ثمّ ننمي لديه حبّ القراءة ," ونتدرج
معه في ذلك بجعله يحسن التركيز والانتباه لما يقرأ , ثمّ ندعوه ليصوغ الأفكار
الّتي فهمها من القراءة ,ونطلب منه أن يحدثنا عنها , ونشجعه على التعبير عن النّفس
والتعبير عن الصور الّتي تعجبه وتشدّ انتباهه ونضع بين يدي الطفل عدداً من الكتب
المتنوّعة الممتعة يقلّبها بنفسه , ونحدثه عنها ونحببه بها , وبعد أن يقرأ بعضها
نسأله عنها ونناقشه فيها , ونتيح له أن يذكر لنا مافهم من قصص وحكايات ومعلومات
وأفكار ونبدي إعجابنا بما فعل , وأن نربط ماقرأه بحياته .ومن المفيد في هذا المجال
أن نؤكّد للطفل بين الحين والآخر ضرورة العناية بالكتب , ونبيّن له طريقة التعامل
معها والطرق الناجعة في قراءتها , وأن نكون له القدوة في المحافظة على الكتاب
واحترامه والحرص عليه والاستفادة منه . وإذا مااتبعنا هذه الوسائل وغيرها أحبّ
الطفل الكتاب والقراءة وأصبحت عنده عادة
تزداد المتعة بها يوماً بعد يوم ,وتستمرّ معه في مراحل حياته المختلفة وتنمّي ثقته
بنفسه وترسم له آفاق المستقبل والمعرفة الشاملة "(الخميسي ,2006,
118-119).
كذلك يمكن اعتماد
الأسلوب الشرطي لجعل المطالعة تجربة ممتعة للطفل عن طريق إعطائه مكافأة أو شيء ما
يحبه كلما قرأ كتاباً أو قصة ،عندئذ ينمّى حبّ المطالعة في نفسه.
وما يجب الإشارة إليه
أنّ المطالعة لم تعد تقتصر على المطالعة من الكتاب ، بل أصبح لها أشكال أخرى
متعددة نتيجة إفرازات ثورة المعلومات والاتّصالات الّتي جاء بها عصرنا الحديث
.ودور الأسرة هنا مساعدة الطفل للتكيّف مع مصادر المعرفة المختلفة بشكلٍ إيجابي ،
للحصول على المعلومة أيّاً كان مصدرها .