منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


    أنا زلاتان (5) | عقدة الثلاجة

    نسيم الأربعين
    نسيم الأربعين
    ملك التحدي


    ذكر
    عدد المساهمات : 6318
    العمر : 34
    المكان : سورية الغالية
    المزاج : عاشق لوطني سوريا وأفتخر به
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : 4
    المستوى : 105
    نقاط : 8465
    تاريخ التسجيل : 22/11/2009

    أنا زلاتان (5) | عقدة الثلاجة Empty أنا زلاتان (5) | عقدة الثلاجة

    مُساهمة من طرف نسيم الأربعين الخميس ديسمبر 15, 2011 12:26 am

    تحدثنا
    في الحلقة الرابعة من كتاب "أنا زلاتان" عن طفولته ووالدته وأخته سانيلا،
    وفي الحلقة الخامسة سنواصل تغطية الفصل الثاني والطفولة الصعبة لإبرا ...

    مرحلة جديدة دخلها الطفل إبرا، يقول عنها "أجرى الموظف الاجتماعي تحقيقًا
    في نوفمبر 1990 والنتيجة كانت نقل حضانتي وسانيلا لوالدي نظرًا لأن بيئة
    والدتي ليست سليمة .. علي تأكيد أنها لم تكن هي السبب الرئيسي في ذلك لكن
    كانت المشاكل حولنا. فُجعت أمي كثيرًا بذلك القرار وقد بكت كثيرًا وكانت
    تصرخ "هل سأفقدكما أيضًا" .. كان الأمر كارثة بالنسبة لها. أمي كانت تحبنا
    كثيرًا وقد صنعت لنا الملاعق الخشبية ولكنها عاشت الكثير من المشاكل ولم
    تكن موفقة مع رجالها .. كانت تعاملنا بقسوة لكنها كانت تُحبنا كثيرًا وكان
    أبي يُدرك ذلك. أذكر أن قال لها بقسوة ذات يوم "إياك أن تفقديهما جوركا"،
    وفي تلك الأمور أبي كان لا يُستهان به أبدًا .. كانت كلماته قاسية جدًا فقد
    أضاف "إن لم توفري الأفضل لهما، لن تريهما مجددًا" .. لم أفهم ما حدث
    وقتها لكن النهاية كانت بانتقال سانيلا للحياة مع والدي وبقيت أنا مع
    والدتي".



    أنا زلاتان (5) | عقدة الثلاجة 147611hp2

    يُتابع زلاتان قائلًا "سانيلا بقيت عند والدي لعدة أسابيع وأنا
    بقيت مع والدتي لكن ذلك لم يكن الحل المناسب لأن سانيلا لم تكن على ما
    يُرام مع أبي .. ذات مساء وجدناه أنا وهي نائم على الأرض وعلى الطاولة
    الكثير من الزجاجات وقد قلنا له "أبي استيقظ .. أبي استيقظ" لكنه كان
    نائمًا تمامًا، كان الأمر غريبًا وقد فكرت مع نفسي "لماذا هو هكذا؟ لا نعلم
    ما الذي نفعله"، لكننا أردنا المساعدة وقد ظننا أنه تجمد ولذا غطيناه
    جيدًا حتى يشعر بالدفء .. لم أكن أفهم ما يجري لكن أعتقد سانيلا كانت قادرة
    على استيعاب ما حدث فقد لاحظت أن مزاجه غريب وحركاته غريبة وقد كان يصرخ
    عليها حين يشرب وهو ما أخافها كثيرًا ولذا لم تكن جيدة معه .. بجانب أنها
    كانت تفتقد أخاها الصغير كيكي ولذا كانت تريد العودة لأمي مجددًا ولكن أنا
    كنت على النقيض تمامًا ولذا تحدثت معه ذات مساء وكنت خائفًا لأني في البيت
    لوحدي دون سانيلا .. قلت له "أبي، أريد أن أكون معك .. لا أريد البقاء هنا"
    فقال "حسنًا، تعال إلي. سأرسل لك سيارة تاكسي فورًا".

    يُتابع إبرا
    الحديث عن العائلة وهنا يؤكد قربه الشديد من سانيلا، يقول "حدث تحقيق
    اجتماعي جديد والنتيجة كانت انتقال حضانة سانيلا لوالدتي وذهبت أنا مع
    والدي وكان ذلك في مارس 1991 .. لقد انفصلنا مجددًا أنا وأختي، لكن كنا
    دومًا معًا أو ربما على فترات لكن الشيء الأكيد هو أننا كنا قريبين لبعضنا
    البعض كثيرًا .. سانيلا الآن مصففة شعر وأحيانًا يقول له الناس "يا إلهي،
    أنت تشبهين إبرا كثيرًا" لكنها ترد دومًا "هراء، هو الذي يُشبهني"، هي قوية
    لكن لا هي ولا أنا مررنا بحياة سهلة".

    زلاتان انتقل لبيت والده
    وبدأت رحلة جديدة، يُضيف عنها "انتقلت مع أبي "سيفيك" من روزينجارد إلى
    فارنهيمستورجت في مدينة مالمو عام 1991 .. أبي كان يمتلك قلبًا كبيرًا
    ومستعدًا للموت من أجلنا لكنه لم يكن كما توقعته .. كنت أعرفه كالوالد الذي
    يأتي كل نهاية أسبوع ويشتري لنا شرائح اللحم والأيس كريم".
    أنا زلاتان (5) | عقدة الثلاجة 148593_news

    يصف
    إبرا الحياة عند والده قائلًا "الآن أصبحت شريك والدي في البيت وقد لاحظت
    أن شيئًا ما ينقصه .. ربما سيدة، كان في البيت تلفاز وأريكة ومكتبة للكتب
    وسريرين ولا شيء أكثر، كانت زجاجات البيرة على الطاولة وقطع الحُطام تملأ
    الأرض .. لم يكن البيت مُريحًا على الإطلاق ولم يكن لحياتنا أي نظام، كان
    أبي يبدأ عملًا ما ثم يتوقف ويقول "سأنهيه غدًا" ولكن غدًا هذا لا يأتي
    أبدًا. تنقلنا كثيرًا ولم ننجح أبدًا في خلق نظام جيد لنا وكنت مازلت أرى
    أن شيئًا ما ينقص أبي ولو بطريقة مختلفة".

    يُتابع "أبي كان يقوم
    بالأعمال الصعبة وحين يعود للبيت يكون معه الكثير من معدات النجارة، كان
    يجلس ليتابع التفاز أو يتحدث عبر الهاتف وطبعًا لا يُمكن العبث بأشيائه.
    أبي كان يُحب الموسيقى اليوغسلافية الشعبية كثيرًا وعادة ما كان يستمع لها
    مستخدمًا السماعات في أذنيه .. كان مجنونًا بها وكان يقوم بتسجيل بعض
    الأشرطة ويؤدي عروضًا رائعة حين يكون مزاجه سليمًا. والدي كان له عالمه
    الخاص به وكان يغضب حين يتصل بي أصدقائي ويقول لهم "لا تتصلوا هنا مجددًا"،
    لم أجلب أصدقائي للبيت وكانوا يبحثون عني ولكني لا أعلم فالهاتف لم يكن لي
    ولم يكن أحد يتصل على البيت .. لكن مع هذا، لو حدث شيء خطير فوالدي كان
    مستعدًا للقيام بأي شيء لأجلي .. كان يخرج للمدينة بخطواته الواثقة ويُحاول
    جعل الأمور على ما يُرام وكانت لديه خطوات تُجبر الجميع على الاستيقاظ،
    لكن مع هذا لم يكن أبي يهتم بما يحدث معي سواء في المدرسة أو كرة القدم أو
    مع أصدقائي .. وقد اعتدت أن أتحدث لنفسي تلك الفترة".

    يُواصل إبرا
    الحديث قائلًا "فترة ما، جاء ليعيش معنا أخي غير الشقيق وقد تحدثت معه
    بالتأكيد .. كان في عُمر الـ17 لكني لا أتذكر الكثير عنه وقد طرده أبي
    لاحقًا من المنزل فقد كانت بينهم مشاكل كبيرة .. كان الأمر مُحزنًا
    بالتأكيد وبقيت مجددًا أنا ووالدي في البيت لوحدنا، أحدكم قد يرى ذلك
    غريبًا بالنسبة له لكن أبي لم يحظ بأصدقاء وكان يشرب البيرة وحيدًا ..
    البيت عادة ما كان فارغًا لكن الأهم أن الثلاجة أيضًا كانت فارغة !!".

    أضاف
    إبرا حول قصة الثلاجة والجوع "كنت ألعب كرة القدم وأقود الدراجات المسروقة
    طوال الوقت وفي النهاية أعود للبيع مُتعبًا وجائعًا كالذئب .. أقف أمام
    باب الثلاجة وأرجوها "أرجوكي أرجوكي .. ليكن أي شيء بداخلك" لكن لا، لم
    يتواجد شيء سوى بعض الزبدة والحليب والخبز وزجاجات البيرة وفي أحسن الحالات
    يتواجد زجاجات عصير ومقويات (ملتي فيتامين) من محلات عربية لأنها كانت
    الأرخص وأحيانًا لا أجد شيئًا إلا زجاجات البيرة .. كنت أصرخ وكانت تلك
    المرحلة مؤلمة جدًا ولن أنساها أبدًا فقد تركت أثرًا في نفسي لم يخرج
    أبدًا، حتى اسألوا زوجتي هيلينا لأني دومًا ما أصر على أن تكون الثلاجة
    ممتلئة، دومًا ما أقول لها أني لم أنس تلك المرحلة أبدًا".


    إبرا ضرب مثلًا جميلًا حين قال "يومًا ما كان ابني الصغير
    فينسينت يبكي بينما كانت والدته تطهي المكارونة على الفرن .. الطفل كان
    يبكي لأن الطعام لم يجهز بسرعة وهنا كنت أريد أن أصرخ به "لو تعلم فقط مدى
    الخير الذي أنت به !!".

    يُواصل اللاعب
    الحديث عن طفولته القاسية "كنت أبحث عن الطعام في كل مكان وكل زاوية وكل
    دُرج في المنزل، أبحث عن قطعة لحم أو قطعة مكارونة .. لقد مللت أكل
    الساندوتشات المحمصة الفارغة، كنت أحيانًا أذهب لوالدتي لكنها لم تكن دومًا
    تستقبلني بأذرع مفتوحة وكانت تصرخ "لماذا بحق الجحيم زلاتان هنا؟ ألم
    يُطعمه والده سيفيك؟" وأحيانًا كانت تُوبخني ولكن عمومًا .. لقد ساعدنا
    بعضنا البعض".

    انتقل زلاتان
    للحديث عن حربه الصغيرة في بيت والده، قال "في بيت والدي، بدأت الحروب
    الصغيرة مع زجاجات البيرة، كنت أسكب بعضها ولكن ليس كثيرًا بل القليل منها
    حتى لا يتم كشف الأمر وكان نادرًا ما يُلاحظ أبي شيء. كانت زجاجات البيرة
    تملأ المكان .. على الطاولات والأرفف وأنا عادة ما كنت أجمع الزجاجات
    الفارغة وأضعها في أكياس القمامة وأبيعها في الخارج مقابل القليل من المال
    وقد كانت هناك الكثير من الزجاجات وكنت سعيدًا جدًا بالمال وإن لم يكن
    الأمر بالشيء اللطيف".

    يُضيف إبرا "مثل كل الأطفال، كنت أراقب مزاج
    والدي حتى أحدد الوقت المناسب للطلب وقد تعلمت ذلك جيدًا. كان مزاجه يمتاز
    بالهدوء في الأيام التي تلي أيام الشرب ولكن في أيام أخرى كان سيئًا
    للغاية. أحيانًا كان يصرخ ويرفض منحي شيء لكن أحيانًا كان عطوفًا للغاية ..
    يُعطيني الكثير من المال. في ذلك الوقت كنت أجمع صور اللاعبين التي تأتي
    في عبوات العلكة وفي كل عبوة صغيرة كنا نجد 3 صور ودومًا ما كنت أقول ..
    أوه أوه، من سأجد اليوم؟ مارادونا؟ أو إنه المعتاد !!، المعتاد كان مُخيبًا
    لأنه صور لبعض نجوم الكرة السويدية المملين الذين لم أعرف منهم أحد لكن
    يومًا ما جلب لي عبوة كبيرة كاملة ووقتها احتفلت بها جيدًا .. كنا نشاهد
    التلفاز معًا ونقضي بعض الأوقات اللطيفة لكن في أيام أخرى كان الأمر صعبًا
    ولدي ذكريات مُرعبة عن تلك الأيام".


    أنا زلاتان (5) | عقدة الثلاجة 62269_hp

    يُتابع اللاعب "حين كبرت قليلًا
    قررت التحدث مع والدي كالأخ، قلت له "أبي، أنت تشرب كثيرًا" وهنا كنا
    نتشاجر بجنون وبصراحة كان شجارًا لا معنى له أحيانًا، كان يرد علي قائلًا
    "أصمت وإلا سأرميك وأدواتك للخارج" لكني كنت أتحمل لأني كنت أريد أن ألعب
    ذلك الدور. والدي كان يتشاجر معي ويصرخ علي لكنه لم يضربني أبدًا أبدًا
    وأعتقد أن ذلك بسبب ما أعنيه لسانيلا .. عينه، لم يضربني أبي سوى مرة واحدة
    رفعني خلالها مترين لفوق قبل أن يرميني على السرير. لكن الأكيد ان والدي
    هو ألطف رجل في العالم وقد أدركت ذلك الآن، الأمور لم تكن سهلة معه وقد قال
    لي أخاه مرة "هو يشرب لينسى أحزانه وآلامه" وربما تلك كانت الحقيقة لكن
    ليست كاملة .. الحرب أثرت عليه كثيرًا".

    أضاف إبرا عن الحرب "الحرب
    كانت الكلمة الغريبة التي لم أعرف شيئًا عنها، كنت مُبعدًا ومحميًا منها
    وكل ما كان يحدث كان غير مفهومًا بالنسبة لي. حتى حين ارتدت والدتي وأختي
    اللباس الأسود بالكامل .. ظننت أنها موضة جديدة ظهرت فجأة، لكن الأمر كان
    يتعلق بوفاة جدي في انفجار قنبلة في كرواتيا. لم أكن مهتمًا بالأمر ولم يكن
    يعني لي شيئًا أن يكون الشخص صربي أو بوسني أو غيره فالجميع سواء. لكن
    الحرب أثرت كثيرًا على والدي. لقد جاء
    من مدينة بيلينا البوسنية ووجد عمل هنا في السويد ولكنه في المقابل ترك
    عائلته وأصدقائه في المدينة وفجأة حل الجحيم على الجميع هناك. بيلينا
    اغتصبت بالكامل ولذا لم أتعجب من إطلاق والدي لقب مسلم على نفسه مجددًا، لم
    أندهش مطلقًا من ذلك. لقد اجتاح الصرب المدينة وأعدموا المئات من المسلمين
    هناك وأعتقد أن والدي كان يعرف العديد منهم، عائلته أجبرت على القتال ..
    لقد قام الصرب بعملية إبادة جماعية واستبدال للسُكان في بيلينا، لقد
    استولوا على كل البيوت ومنها بيت قديم يعود لأبي. لقد فهمت وقتها أن والدي
    لم يكن يمتلك أي وقت لأجلي بل كان يُتابع الأخبار كل مساء ليعلم ما الذي
    يحدث أو ينتظر مكالمة تُطمئنه .. الحرب سيطرت عليه وأصبح متابعة أخبارها
    هاجسًا بالنسبة له حتى أنه كان يشرب وحده ويُتابع الأخبار ويستمع للموسيقى،
    خلال تلك الفترة كنت أنا أحرص على الهدوء أو أخرج من البيت وأذهب لبيت
    والدتي .. هناك كان عالمًا مختلفًا".


    نتوقف
    هنا بعد الحديث عن الحرب التي لم يفهم عنها زلاتان الكثير، الحلقة القادمة
    نهاية الفصل الأول وتتحدث عن حادثة صعبة للغاية مر بها اللاعب وكادت أن
    تُودي بحياته .....



      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 10:00 pm