المباراة انتهت 2/1 لصالح البارسا ضمن ذهاب دور الثمانية لبطولة كأس ملك اسبانيا ، والتي ستقام مباراة إيابها يوم الاحد المقبل في ستاد كامب نو بمدينة برشلونة ، وبهذه النتيجة يقترب البارسا كثيرا من الدور قبل النهائي للبطولة التي تعتبر اللقب الوحيد الذي اقتنصه الريال الموسم الماضي من البارسا، و يبدو أن الريال على وشك خسارته ولو ان كل شيء ممكناً في عالم كرة القدم !.
من متابعة المباراة المثيرة والممتعة رغم حدة اللاعبين والاداء الخشن والعنيف في بعض اوقاتها ، يمكن القول أن فوز البارسا يبدو غريبا وإن لم يكن جديدا !!
وتفسير مسألة الغرابة ان الريال كان يلعب في ملعبه وانه متفوق على البارسا في نهاية الدور الاول للدوري بفارق خمسة نقاط وتوج بذلك بطلا لمرحلة الشتاء ، وان الريال تعرض للدغ قبل ذلك من البارسا على ملعبه عدة مرات آخرها في ديسمبر الماضي في الدوري، كما أن الريال يحمل لقب كأس ملك اسبانيا بعد ان فاز في المباراة النهائية لها العام الماضي علي البارسا، وهي بذلك تعتبر الرمز الوحيد لتفوق الريال على البارسا، وبالتالي فمن الغريب ان يفرط الريال ويخسر من جديد في ملعبه وان كان هناك لاتزال فرصة أخري أمامه في مباراة الاياب في الكامب نو !
أما لماذا يُعتبر فوز البارسا امرا عاديا وليس جديدا ، فلأنها المرة الخامسة في اللقاءات التسع الاخيرة للكلاسيكو التي يفوز فيها البارسا ، منذ بداية عصر جوارديولا / مورينيو ، مقابل فوز واحد للريال وثلاث تعادلات ، وفي الاجمالي فإن لقاءات الكلاسيكو الرسمية التي تتضمن 217 مباراة ، أصبح يسيطر عليها التعادل التام بفوز كل فريق في 86 مباراة ، وانتهاء 45 مباراة بينهما بالتعادل وربما يرضي ذلك جماهير الريال وكذلك تفوق فريقها الحالي في الدوري المحلي ، لكنها ببساطة تدرك ان أهم اسباب خسارة فريقها ،أنه لم يتم كسر قاعدة استحواذ منافسه الكبيرة على الكرة وسيطرته على الملعب وبالتالي يصبح من الصعب الفوز على فريق يسيطر على الكرة معظم الوقت ، وإن كان ذلك قد حدث في نهائي الكأس العام الماضي .
وعن أبرز ملامح المباراة ، فقد وضح ان مورينيو الذي توقع انتقادات الصحافة على خطته وتشكيله في المؤتمر الصحفي ليلة المباراة ، وطلب من الصحفيين الذهاب إلى السينما وعدم متابعة المباراة حتى لا ينتقدونه، وضح أنه سعى للابتكار في التشكيل والتكتيك حتى يكسر قاعدة تفوق البارسا عليه في لقاءات الكلاسيكو ، وقد نجح تصوره التكتيكي واختياراته في الشوط الاول ، بينما أعاد بيب قراءة الموقف في الشوط الثاني ، فأبطل مفعول خبرة ودهاء مورينيو واستعاد التوازن وانتزع التفوق مستغلا أخطاء لاعبي الريال ومدربهم .
السيطرة والاستحواذ كالعادة كانت للبارسا بنسبة خرافية تقترب من 70 % حسب احصائية المباراة التي لا أصدقها ! .. ، وكان هذا سر عودة البارسا للمباراة رغم تقدم الريال في الشوط الاول بهدف لنجمه كريستيانو ، واستعاد البارسا زمام الامور في الشوط الثاني عن طريق هدفين لمدافعيه بويول وابيدال ، نتيجة إحكام الرقابة على أخطر المهاجمين وخاصة ميسي الذي حاول التحرر من الرقابة والعنف ، وأكتفي بإهداء ابيدال تمريرة هدف الفوز.
** البداية كانت مع ابتكار لمورينيو كالعادة في التشكيل ، سعيا لمفاجأة البارسا ولكسر قاعدة تفوقه في لقاءات الكلاسيكو ،حيث أنه كان يدرك ضرورة تحقيق الفوز خاصة وهو يلعب على ملعبه في سانتياجو برنابيو الذي خسر عليه آخر لقاء في الكلاسيكو في الشهر الماضي .. وهكذا لعب مورينيو بتشكيلة جديدة في الدفاع مكونة من التركي حميد التينتوب ظهيرا أيمن ، مع عودة كارفاليو قلب الدفاع البرتغالي العائد من الاصابة وبجواره الجوكر الدولي الاسباني راموس ، وبقي البرتغالي الآخر كونتراو ظهيرا أيسر ، وفي الوسط فضل مورينيو أن يضع خطاً حديدياً مكونا من الثلاثي لاسانا ديارا وتشابي الونسو و بيبي قلب الدفاع البرتغالي الدولي المشاكس ، وفي الامام الثلاثي بنزيمة وهيجواين وكريستيانو رونالدو .. وهكذا أعتمد أداء الريال وخاصة في البداية على الضغط على لاعبي البارسا ومطاردتهم في كافة أرجاء الملعب مع التركيز على الهجمات المرتدة لاصطياد هدف مبكر .
وفي الناحية الاخري لعب جوارديولا بطريقته وتشكيله المعتاد 4/3/3 في حراسة بنتو ومن أمامه الرباعي دانييل الفيس وكارلوس بويول وبيكيه وابيدال ، وفي الوسط الثلاثي تشافي هرنانديز وسيرجيو بوسكيتس وفابريجاس ، وفي الامام الثلاثي اليكسيس سانشيز وليونيل ميسي وأنيستا، وتركز الاداء التكتيكي للبارسا على تحركات لاعبي الوسط والهجوم وبخاصة فابريجاس وأنيستا اللذين أربكا متابعي المباراة فيمن يلعب منهما في خط الوسط ومن هو المهاجم الايسر ، وقد مال أنيستا وبالذات في الشوط الاول للتقدم للهجوم .
أثمر أداء الريال المعتمد على الارتداد السريع في هجمات خاطفة تستغل سرعة القاطرة البرتغالية كريستيانو رونالدو الذي أحسن استغلال تمريرة بنزيمة الممتازة خلف الدفاع ، فتقدم وراوغ بيكيه وسدد كرة أرضية على يسار الحارس الاحتياطي بنتو مسجلا الهدف الاول للريال .
بعد الهدف ارتبك البارسا قليلا ، قبل أن يعود لاجواء المباراة بسرعة و يبدأ فرض إيقاعه واستعادة زمام المبادرة عن طريق انيستا المتألق الذي يهدر هدفا بعد تسديدة من داخل المنطقة تصدي لها كاسياس وحولها إلى ركنية وبعدها بدقيقتين ترتد تسديدة سانشيز الرأسية من العارضة ، وتدخل المباراة في أجواء ساخنة من الاداء الخشن والفاولات العنيفة ليستخدم الحكم البطاقة الصفراء عدة مرات .
ويحاول ميسي بعد مرور منتصف الشوط ان يتخلص من المصيدة الدفاعية المزدوجة عليه والمكونة من ديارا في الوسط و راموس في الدفاع ويضطر أحسن لاعب في العالم إلى التراجع لخط الوسط لبدء في القيام بنشاطه المعتاد ، وينجح في الدقيقة 25 في شق طريقه ومن اليسار وتوجيه تسديدة قوية أرضية على يسار كاسياس الذي يخرجها للكورنر .. ويتواصل استغلال لاعبي البارسا لثغرة الظهير الايمن التينتوب ، حيث فتحوا شارعا من ناحيته وينفرد انيستا ويهدر فرصته الخطيرة بالتسديد بعيدا عن المرمي ويستبسل كاسياس في الذود عن مرماه ، وتنحصر محاولات الريال في المرتدات وخاصة التي يشارك في نقلها مدافع الوسط بيبي الذي كان يستغل سرعته في ذلك وكان يحاول تقليد مواطنه رونالدو ، أو كان ينقل الكرات لرونالدو الذي اتسمت تحركاته بالخطورة مع اختفاء تام لرأٍس الحربة هيجواين وتراجع في مستوي بنزيمة لينتهي الشوط بتمكن الريال من النجاح في تطبيق استراتيجته بتجنب مكامن خطورة البارسا وخطف هدف التقدم .
** وفي الشوط الثاني المعروف بشوط المدربين لدي اوساط كرة القدم ، يدرك بيب جوارديولا أنه خسر معركة الشوط ، فيلعب بأوراقه التكتيكية ، لبدء المبادرات والضغط المبكر على لاعبي الريال لاجبارهم على التراجع او ارتكاب الاخطاء او فتح الثغرات وهدم الجدار الدفاعي الصلب البادىء من خط الوسط ، وينجح تكتيك البارسا بسرعة مع احتساب ضربة ركنية في الدقيقة الثالثة يلعبها " الحريف" تشافي هرنانديز فتمر من فوق رأٍس المدافعين إلى بويول قلب دفاع البارسا المشهور بلقب قلب الاسد الذي يسددها برأسه من الوضع طائرا داخل المرمي ، لتكون نقطة تحول في المباراة.
بعد الهدف أصاب التوتر والارتباك لاعبى الريال ، ولكنهم حاولوا العودة للمباراة ، وقدم التركي التينتوب الاطلالة الوحيدة له في الدقيقة 57 بقيادة هجمة من الناحية اليمني حيث رفع الكرة على رأس بنزيمة الذي سددها في القائم ليهدر أثمن فرص الريال في الشوط الثاني وفي المباراة ، وبعد ذلك تراجعت فاعلية الريال وانكسرت محاولاتهم عند خط الوسط ، حيث افتقدت هجماتهم للدقة والتنظيم خاصة انهم كانوا يفقدون الكرة بسرعة ، وفي المقابل مارس البارسا هوايته في الاستحواذ والتمرير والسيطرة وإزعاج لاعبي وسط ودفاع الريال بهجمات متواصلة واستحواذ مستمر على الكرة يثير غضب المنافسين .
نقطة التحول في الشوط الثاني وفي المباراة ان مورينيو فقد صبره مع استمرار سيطرة البارسا على الكرة ، وحاول كسر نتيجة التعادل في الدقيقة 65 بعد مرور 20 دقيقة على بداية الشوط الثاني، فدفع بتغييرين أفقد أحدهما الفريق توازنه وانسجامه وخاصة في البنيان الدفاعي المتقدم حيث أخرج مدافع الوسط المتميز ديارا ، ودفع بدلا منه بلاعب الوسط المهاجم كالييخون صاحب هدف الفوز في مباراة ريال مايوركا السابقة في الدوري، أما التغيير الثاني فكان تقليديا حيث دفع بالمهاجم التركي مسعود اوزيل بدلا من هيجواين ، ولم يسفر التغيير عن كسر امتلاك البارسا للكرة ولا استعادة خطورة الهجمات المرتدة ، وخاصة مع تورط لاعبي الفريقين وبالذات لاعبي الريال في اللعبات الخشنة ونيل الانذارات من حكم المباراة فرنانديز الذي كان ضعيفا في عدة حالات كان يمكن ان يرفع فيها البطاقة الحمراء ، وبالتالي فقد هيبته وبعض احترامه امام لاعبي الفريقين .
ومع استمرار سيطرة لاعبي البارسا على الكرة وتواصل محاولاتهم الهجومية ، يضرب ميسي ضربته ويرسل في الدقيقة 76 تمريرة ساحرة تضع الظهير الايسر ابيدال في مواجهة المرمي مع كاسياس ، ليسدد بسهولة داخل المرمي مسجلا هدف الحسم ، ليتوج تفوق فريقه الميداني ويضرب طموحات الريال في مقتل حيث استمرت المباراة دون جديد لتنتهي بفوز معتاد للبارسا .