مدير عام المصرف
التجاري السوري يودع موظفيه برسالة خاصة:200 مليار ليرة المبالغ المحولة إلى
الخزينة العامة وصندوق الدين خلال ثماني سنوات..الأرباح قفزت من مئات الملايين
سابقاً إلى نحو 20 مليار ليرة وسطياً كل عام..الأولى بأي مدير عام مصرفي أن
يكون القدوة في الترفع عن المنصب إذا وجهت له اتهامات
صحيفة تشرين
اقتصاد
الثلاثاء 27 كانون الأول 2011
على خلاف المعتاد، لم يشأ د. دريد درغام مغادرة المصرف التجاري السوري بسبب
انتهاء فترة ندبه نهاية هذا العام إلا بطريقة مؤسساتية تحترم الجهد الكبير الذي
بذله العاملون في المصرف طوال ثماني سنوات، ولاسيما أن انتهاء مهمته في المصرف
تزامن مع قرار تفتيشي بالحجز الاحتياطي على أمواله، الأمر الذي جعل د.درغام
يعلن عدم قبوله أية مسؤولية في ظل ما سماه (افتراءات).
صباح هذا اليوم
سيجد موظفو المصرف التجاري السوري في بريدهم الإلكتروني رسالة خاصة من مديرهم
العام الذي سيغادرهم يوم السبت القادم، يرصد فيها ما حققوه معاً خلال السنوات
السابقة, مؤكداً أنه إذا (كنا قد أصبنا فالفضل لمن قدم لنا آراءه وتعاون معنا,
وإن كنا قد أخطأنا فأملنا أن نكون قد تعلمنا من أخطائنا..).
(تشرين) تنفرد بنشر
رسالة درغام لموظفيه نظراً لأهميتها في رصد ما حققه المصرف التجاري السوري
ومشاريعه التي تحققت وتلك التي تعثرت:
ها قد مضت ثماني
سنوات على عملنا المشترك في هذا المصرف، كرستم خلالها من وقتكم أكثر مما خصصتم
لعائلاتكم. فيما يلي شكر لكم وقائمة ببعض مما أنجز بجهودكم خلال مسيرة السنوات
الثماني السابقة بحلوها ومرها، عساها وقفة مع الذات لمستقبل المصرف.
بين الماضي والحاضر
حاولنا منذ استلام
إدارة المصرف عام 2004 تشخيص المشاكل وتصور الحلول المناسبة لمواجهة منافسة
حادة وضغوط ما فتئت تتزايد، فتبين لنا ماهو مدون في الجدول المرفق جانبا:
:
وكان لكم الفضل في
إنجاح نشر الكثير من الأنظمة المطورة داخلياً بما فيها نظام الدور الذي نجحنا
بتركيبه بتكلفة لم تتجاوز 5% فقط من تكلفته لدى المؤسسات العامة الأخرى،
وبفضلكم اعتمدت الأنظمة الأخرى التي تم تطويرها أيضاً بفضل مهندسينا ومنها
أنظمة التسليف والبريد وغيرها الكثير... وتحسن الأداء بفضل التعاون المستمر بين
مختلف فرق العمل في مختلف المدن السورية وبإيمان أغلبيتكم بإمكانية التطوير
بأيديكم دون معونة خارجية.
حصانة التفتيش ..
الثقة بالإدارة!
نعتقد أنه من غير
المنطقي ممارسة المسؤوليات الملقاة على عاتقنا في ظل الاتهامات غير المبررة من
الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لنا بارتكاب مخالفات لا علاقة لنا بها.
والأولى بأي مدير عام مصرفي أن يكون القدوة في الترفع عن المنصب والصلاحيات إذا
وجهت له اتهامات (ولو كانت افتراءات) وتحديداً عندما توجه التهم من جهات رقابية
رسمية. والأمل دائماً برفع الحصانة عن المفتشين الذين يستسهلون توجيه الاتهامات
والتجني دون رقيب، ومحاسبتهم على أخطائهم الجسيمة عند الافتراء على الآخرين.
كما واجهتم
العقوبات الأمريكية ستنجحون
في مواجهة أي
صعوبات قادمة
مع انتهاء تعاوننا
المشترك وعودتنا إلى الجامعة، نعتقد أنه كما كان حرصكم كبيراً على مواكبة مسيرة
المصرف في مختلف الظروف وتحت جميع الضغوط، ستثبتون قدرتكم على متابعة المسيرة
مع من سيتعاقب على إدارة هذا المصرف بعدنا. فكما تعلمون الجزء الأكبر من نجاح
المصرف كان بفضل جهودكم وسعيكم الدائم لتطوير خدمات المصرف ومنتجاته والترويج
لها أملاً بتحقيق أكبر قدر من الربحية ضمن أقل هامش ممكن من المخاطرة وبما
ينسجم مع التعليمات والأنظمة النافذة. وكانت روح المبادرة لديكم أساساً في دعم
قدرات هذا المصرف في ظل منافسة لم تشهدها السوق السورية طوال العقود السابقة.
وكانت العقوبات الأمريكية عام 2005 صريحة كما ورد في نصها الخطي في طلب تشغيل
المصارف الخاصة كبديل عن مصرفنا. لكن جهودكم رفعت أرباح المصرف إلى (أكثر من 20
مليار ليرة وسطياً في كل عام بدلاً من مئات الملايين سابقاً). ولولا اندفاعكم
لتحقيق المزيد من النشاط لضاعت تلك الأرباح على الخزينة، ولكانت تقاسمتها
المصارف المنافسة التي طالما حلمت بإزالة كابوس هذا الصرح من أمامها وتقاسم
أرباحه الهائلة.
التجاري قدوة لباقي
المؤسسات
كنتم السباقين
لإثبات أن موظفي الدولة لا يتقاعسون عن أداء واجبهم متى سمحت الظروف لهم
بالتعبير عن مكنوناتهم, وأثبتم للجميع أنكم منذ ثلاث سنوات المؤسسة الوحيدة في
سورية التي ألغت تبادل الأوراق بين موظفيها عبر منظومة عمل إلكترونية مبتكرة
ومطورة داخلياً, وخير دليل أن المراسلات التي جرت عبر المنظومة بدلاً من النسخ
وتبادل الملفات ورقياً عبر مراسلين وصل عددها خلال عام 2011 إلى أكثر من أربعة
ملايين مراسلة كل منها يتضمن العديد من الأوراق المرفقة (سكانر). وبالتالي تكون
الوفورات هائلة في الأوراق (أكثر من 20 ألف ماعون ورق) وآلات التصوير والمحابر
وأمكنة التخزين والوقت والجهد إضافة إلى وفورات في اهتلاك المصاعد والسيارات
وغيرها مما كان يستخدم في مئات الحركات اليومية في كل فرع ومديرية لنقل
المراسلات وغيرها. وأثبتم غيرتكم على الوطن بإتاحة مختلف الحلول المطورة
داخلياً للقطاع العام مجاناً واندفعتم طواعية لتعليم من طلب منهم الخبرات التي
تراكمت لديكم.
تشخيص الوضع قبل 2004 | ما نجحنا به سوية حتى 2011 |
· الأموال الخاصة للمصرف التجاري السوري: حوالي 10 مليار ليرة سورية · الأموال الخاصة للمصرف التجاري السوري اللبناني: حوالي 35 مليون $ | · أصبحت حوالي 100 مليار ليرة سورية · أصبحت حوالي 120 مليون $ |
أرباح سنوية بمئات الملايين وسطياً | أرباح سنوية أكثر من 20 مليار ليرة وسطياً |
تخصص بتمويل التجارة وتركيز على القطاع العام في ظل ظروف احتكارية كاملة. | منافسة غير مسبوقة دفعتنا لتنويع قنوات التمويل نحو مصرف شامل: تمويل عمليات الاستثمار وقروض التجزئة والسكن والبطاقات الائتمانية... |
خلال 40 سنة تم فقط تسليف 4 مليار ليرة للقطاع الخاص (أرباحها عدة مئات من الملايين). | وصل تسليف القطاع الخاص إلى 35 مليار ليرة (أرباحها المؤكدة عشرة أضعاف الماضي). |
تخصص غير مبرر أجبر الكثيرين على الخدمة في مواقع ووظائف ثابتة دون أية خبرات جديدة. | إعادة هيكلة ومداورة لاكتساب الخبرات كما أتاحت الأتمتة فوائض للفروع الجديدة . |
بطالة مقنعة وانتشار العمل اليدوي وسوء تقسيم وتنظيم العمل: في عام 2004 كان لدينا 51 فرع ومكتب يعمل بها 4312 موظف بوردية واحدة. | وصلنا في 2011 إلى 110 فرع ومكتب ب4191 موظف فقط ولورديتي عمل (أي انخفض عدد الموظفين وتضاعف عدد الفروع وحجم العمل). |
إغراق في الأعمال اليدوية والورقية: كان كل فرع جديد بحاجة إلى 50 موظفاً على الأقل وصعوبة البحث عن المستندات واحتمالات كبيرة بفقدانها. | سمحت الأتمتة بافتتاح كل مكتب جديد بـ3 موظفين وكل فرع بـ10 موظفين وطورنا أنظمة برمجية سمحت بإدارة أكفأ وأرشفة إلكترونية مبتكرة وغير مسبوقة في سورية. وتم توزيعها مجانا على محافظة دمشق وطرطوس ووزارة التعليم العالي وهيئة الاستثمار... |
تجنب الترويج للخدمات المصرفية خوفاً من الاتهام بالتقرب الشخصي من الزبائن | تأكيد على روح المبادرة وزيادة الأرباح ضمن الإمكانات المتاحة مع تحمل هامش مخاطر مقبول |
كانت الجاهزية تفترض تحضير مقرات بديلة لمواجهة الكوارث | أصبح بالإمكان العمل من أي مكان جغرافي بوجود منظومات الأتمتة وطريقة الهيكلة الجديدة |
منجزات محققة يمكن
البناء عليها
كنا نكرر عليكم في
كل مجلس إنتاجي وفي كل لقاء جماعي أنه سيحين موعد تسليم راية الإدارة يوماً ما.
وباقتراب نهاية 2011 يثبت للجميع أن المصرف يؤصل للمؤسساتية. وإذا كان قدرنا أن
نعيش في ظل ظروف متزايدة بقساوتها، نذكركم بأننا قد حققنا النجاحات معاً في ظل
منافسة وعقوبات غير مسبوقة. وبما أنكم نجحتم بالمهمة لسنوات خلت فستتمكنون في
السنوات القادمة من تحقيق المزيد من النجاحات. ولنا الشرف أن نغادركم مع مؤشرات
إيجابية (أوسع انتشار جغرافي، أكبر عدد من الصرافات، مرونة كبيرة على التأقلم
في ظل أتمتة متقدمة، تنقية معظم الملفات التسليفية، فوترة إلكترونية متطورة،
تقنيات تحويل وتسديد آني عبر الجوال والإنترنت والصرافات، أعلى نسبة سيولة
وملاءة بين مصارف سورية ودول الجوار). وهذا ما سيسمح لكم وللإدارات القادمة
بتحقيق نجاحات أكبر.
إذا كانت التنقلات
الدورية والاختبارات التي كنا نجريها قد أزعجت البعض، فإننا بنهاية فترة
إدارتنا لهذه المؤسسة، نود التأكيد للجميع أننا لم نقصد يوماً الإساءة الشخصية
لأي كان؛ وأنه -مهما اختلفنا بالرأي- كان المعيار هو المصلحة العامة. وإن كان
البعض قد انزعج من أسلوبنا بالإدارة فنأمل أن يكونوا قد اكتشفوا أن اتخاذ
القرار مسؤولية تستدعي الحسم عند تشرذم الآراء. فإن كنّا قد أصبنا فالفضل لمن
قدم لنا آراءه وتعاون معنا, وإن كنا قد أخطأنا فأملنا أن نكون قد تعلمنا من
أخطائنا. ونعتقد أن حجم المكاسب غير المسبوقة خلال تعاوننا المشترك (زادت
المبالغ المرحلة لخزينة الدولة وصندوق الدين العام عن 200 مليار ليرة في فترة
2004-2011) كان أكبر بكثير من بعض الخسائر التي نجمت عن بيئة مملوءة بالمخاطر
وتستدعي إما التقوقع بأرباح ضئيلة كما كان الحال قبل 2004 أو الاندفاع نحو آفاق
أوسع كما في جميع مؤسسات العالم الراغبة بالمساهمة في صناعة مستقبلها بدلاً من
مشاهدته ببلادة يُصنع من الآخرين.
نجحنا معاً في
إبعاد الإدارة العامة للمصرف عن الأمور الإجرائية اليومية وأصبحت أقرب إلى
التخطيط الاستراتيجي القادر على إعادة توجيه المصرف حسب تقلبات الأسواق
العالمية وتبدلات الأوضاع المحلية. واستطعنا تأمين بيئة عمل مرنة لا تستلزم من
أي إدارة عامة جديدة الانغماس في مشاكل الروتين والترهل الذي تعاني منه العديد
من الجهات العامة. لذا الشكر موصول لكم لتميزكم الواضح.
مشاريع لم يكتب لها
الإنجاز
بسبب ضغوط داخل
وخارج سورية
لا يشكك عاقل
بمنجزاتكم في تنويع القروض وتحسين إدارة السيولة والتسليف والمخاطر والأتمتة
المصرفية والإدارية والمالية وزيادة الربحية وترشيد النفقات ورفع مستوى
التنافسية... وتبقى ثقتنا كبيرة في قدرتكم على استكمال المشاريع المصرفية التي
لم نتمكن من إنهائها سواء بسبب ضيق الوقت أم العقوبات والضغوط الخارجية أو
الداخلية. ونذكر من هذه المشاريع استكمال النسخة المعدلة من نظام التسليف عبر
مزيد من الأتمتة والضبط الآلي, كما تم إنجاز الأتمتة الإدارية والمالية ولكنها
بحاجة إلى مواكبة خلال الأشهر القادمة تمهيداً لاعتمادها الكامل ونقلها إلى
باقي الجهات الحكومية الراغبة بذلك؛ وسيوفر ذلك الكثير من النفقات وسيساعد في
كشف حالات الفساد المحتملة. وسيفيد تطوير المنظومة الإدارية للمصرف بتكوين نواة
محتملة للسجل العام للموظفين أو لمستويات أوسع حسب الرغبة بآفاق غير مسبوقة.
كما يتوجب استكمال البرمجيات ذات الصلة نحو موازنة مؤتمتة على مستوى الدولة
تحضيراً وتحليلاً وتطبيقاً بين وزارة المالية والجهات العامة في الدولة. ويتوجب
وضع اللمسات الأخيرة على برمجيات الحوالات ومنظومات التقاص بين المصارف المحلية
حيث يمكن تنفيذها فور قبول المصرف المركزي بذلك. ويضاف إلى ذلك أهمية تطوير
وتطبيق تقنيات الدفع بالجوال وما سيوفره ذلك على الدولة من إدارة نقدية وضريبية
أفضل بكثير من الواقع الحالي. كما أنه من المهم استكمال تطوير منظومة مركزية
لإدارة المخاطر مع لوائح سوداء من طبيعة متقدمة...
وكما كان حرصكم
كبيراً على مواكبة مسيرة المصرف في مختلف الظروف وتحت جميع الضغوط، فإن إيماننا
كبير في قدرتكم على متابعة المسيرة في ظل جميع الإدارات التي ستتعاقب على هذا
المصرف من بعدنا.
آملين لكم
ولعائلاتكم وللمصرف التجاري السوري ولسورية كل الخير والازدهار.
وكل عام والجميع
بخير