منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


2 مشترك

    لا أحب التملق ....

    AdmiNaSiM
    AdmiNaSiM
    Admin


    ذكر
    عدد المساهمات : 5628
    العمر : 36
    المكان : بعيد عنك ..
    المزاج : كويس .!.
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : متخرج
    المستوى : 209
    نقاط : 7494
    تاريخ التسجيل : 08/08/2008

    لا أحب التملق .... Empty لا أحب التملق ....

    مُساهمة من طرف AdmiNaSiM السبت أبريل 21, 2012 8:30 pm

    هذه قصة للكاتب التركي الساخر عزيز نيسين : إهداء للأخ كريم الشيخ
    دخل إلى المركز الصحفي الذي أعمل فيه، وكنا يومها بحدود تسعة صحفيين
    وكانت المرة الأولى لذلك لم أعرفه، ومما زاد استغرابي أن جميع أصدقائي
    هبّوا واقفين، لذلك وبشكل لا شعوري وقفت. نكزني أحد أصدقائي قائلاً:

    - هيه إنتبه إنه كاظم بيك!

    ارتعبت كثيراً حتى ظننت أن قلبي هوى إلى ركبتي، كيف لا؟!! وهو ذاك
    المليونير الذي يملك الملايين، عدا عن ذلك فهو صاحب هذا المكتب الصحفي…

    - اجلسوا.!. صرخ كاظم بيك بأعلى صوته.

    جلس الجميع إستجابةً لأوامره عدا شوقي أفندي ظلّ واقفاً، فمن الجدير ذكره أن شوقي أفندي هو رئيس التحرير.

    - هيا إجلس فأنا لا أحب التملق.

    - على رأسي يا بيك، لنجلس إذا كانت هذه رغبتكم.

    إلا أنه ظل واقفاً كالقصبة، والأنكى من ذلك أنه ضمّ كلتا يديه فوق بطنه ولوى عنقه على كتفه.

    من المعروف عن كاظم بيك كرهه الشديد للتملق والمتملقين (برافو) أحييه على هذا الموقف الرائع.

    تفرّست في وجه شوقي أفندي دون أن يشعر بي لأنه كان منشغلاً بتحريك عنقه
    الملوي مبدياً إعجابه بكلمات كاظم بيك، لم يكتف بذلك، بل راح يكرر كلماته
    المعهودة (نعم هذا واجب مقدس على كل واحد منا).

    صرخ كاظم بيك وبأعلى صوته:

    - هيا اجلس في مكانك..؟

    - نعم يا سيدي سأجلس وأنفذ كل ما تأمرون به.

    لكن هذا الصفيق بقي واقفاً ولم يجلس.

    ما هذه الصفاقة والوقاحة! كاظم بيك يأمره بالجلوس ويقول له إنه لا يحب
    التملق والمداهنة بينما هذا يقف حانياً عنقه على كتفه مردداً نعم يا سيدي
    وأمرك يا سيدي، ولكن ، آخ لو كنت بجانبه لدققت عظامه وصرخت في وجهه بأعلى
    صوتي:

    - لم لا تجلس أيها المعتوه…

    غضب كاظم بيك من هذا الموقف وصرخ ثانية: لم لا تجلس أنا لا أحب التملق ولا حتى المتملقين، هيا اجلس وتابع عملك!…

    مرة أخرى راح يكرر نفس العبارات (على رأسي يا سيدي، تأمر أمر أجلس) وكذلك ظل واقفاً دون حراك.

    شدَّه كاظم بيك من هذا الموقف حتى أنه لم يستطع الحديث إلينا ولا حتى
    الانصراف لقد لجمه تصرف هذا المعتوه وما كان إلا أن يغير طريقة تعامله مع
    شوقي أفندي، وبذلك راح يحدثه بكل لطف ومودة.

    - لم لا تجلسون يا عزيزي، تفضلوا بالجلوس يا صديقي، أرجوكم اجلسوا ولا تزعجوا أنفسكم.

    أجابه شوقي:

    - أستغفر الله يا سيدي، عذابكم راحة لي يا سيدي، أتمنى أن لا أقصر أمام شخصكم الكريم.

    لم يستطع كاظم بيك تحمل هذا الموقف وما كان منه إلا أن أطلق ضحكة مجلجلة ملؤها التهكم والسخرية وقال له:

    - اسمكم الكريم شوقي أليس كذلك!!!

    - نعم يا سيدي. أستغفر الله يا سيدي، أرجوكم يا سيدي، لم أفعل شيئاً بعد.

    تأجج الغيظ في داخلي وراحت رغبة عارمة تمزقني وتدفعني كي أصفعه على وجهه
    وأمسكه من خناقه وأرفعه وألقيه في مكانه. كثيراً ما كان أصدقائي يحدثوني
    عن شخصية شوقي أفندي هذا، والجدير بالذكر أنني حديث العهد في هذا المكتب
    ولم يمض على تعييني أكثر من شهر.

    - لم لا تجلس يا أخي!…

    - أستغفر الله يا سيدي، إن الجلوس يسيء الأدب لشخصكم الكريم، لذا
    أستميحكم عذراً بالسماح لي بالوقوف لأنه يريحني ويجلب السعادة والطمأنينة
    إلى قلبي.

    كان شوقي أفندي يستجدي كاظم بيك بالسماح له بالوقوف بصوت أقرب ما يكون
    إلى البكاء وعندما لم يتمكن كاظم بيك من إجلاسه إستدار نحونا وقال:

    - أنا لا أحب التملق ولا المتملقين، أفهمتم؟! إسمعوا جيداً ، عندما أدخل
    ثانية لا تقفوا لي فهذا يزعجني، فمن الأجدر بكم متابعة العمل.

    استدار وخرج من الغرفة غاضباً.

    تبعه شوقي أفندي مردداً ديباجته التي باتت معهودة للجميع: (نعم يا سيدي على رأسي يا سيدي).

    في فرصة الغداء راح كريم يعبّر لي عن إستيائه وتذمره من شوقي أفندي.

    - يوه، كم هو متملق! فأنا لم أصادف بحياتي متملقاً مثل هذا ولا حتى سمعت عن ذلك.

    - يوه ه ه … لا تقل ذلك، صحيح أن مجد التملق الشرقي قد ولّى دون رجعة ولكن هذا لا ينفي عدم وجود تملق غربي أوربي.

    من المعروف عنه، بأنه يبدأ بحديثه بشكل دائم، بأنه لا يحب التملق
    والمداهنة إنك لا تعرف ماهية التملق الغربي، وإلا لعرفت الفرق بين التملق
    الغربي والشرقي.

    على كل إنسان وخاصة الأغنياء جمع عدد من المتملقين حولهم، مسكين كاظم
    بيك يملك كل هذه الأموال والبيوت، والعزب، والسيارات، والزوجات والعشيقات،
    ومع ذلك تجده بائساً لا يحب الحياة لماذا؟ لأنه لم يستطع جمع عدد من
    المتملقين، عندما تسمعه يقول: (لا أحب التملق) فإنه يقصد بأنه لم يستطع
    العثور ولا على واحد منهم، إنني أحزن عليه كثيراً مسكين كاظم بيك، قل لي
    ماذا تعمل السكرتيرات لدى الأغنياء في أمريكا، بالطبع يتملقن لكن، على
    الطريقة الغربية.

    - لقد أثبتَّ لي يا كريم بأنك ضليع في علم التملق.

    - نعم ، لقد تعرفت على علومه وتبحرت في فلسفته، وقريباً إن شاء الله
    ستسمع أشياء كثيرة.. وبالفعل لم يمض على حديثنا هذا فترة طويلة حتى ارتفع
    راتبه وأصبح بحدود ثلاثمائة ليرة علماً أن أجره الشهري كان مثل أجري بحدود
    المائتين لأنه بدأ العمل قبلي بثلاثة أشهر.

    لقد أدَّت هذه الزيادة غير الطبيعية إلى ضجة وبلبلة وسخط بين أوساط العاملين القدامى والذين تجاوزت خدمة البعض منهم السنتين.

    ليثرثروا ما شاء لهم فإن راتبه إرتفع إلى الأربعمائة ليرة أي أنه يساوي
    خمسمائة ليرة، وعيّن رئيساً للمكتب، بينما أصبح شوقي معاوناً له، لم يعد
    كريم كما كان ، فمجيئه إلى العمل كان نادراً، مرة في الأٍسبوع أو مرتين،
    فيما بعد ارتفع راتبه إلى سبعمائة وخمسين ليرة، هكذا كان يزداد راتبه وبذلك
    تزداد الهوة في علاقتنا، بينما راح الأصدقاء في المكتب يطلقون عليه لقب
    البيك، وبالأخص صاحبنا رئيس المكتب السابق ـ شوقي بيك فقد كان يقف أمام
    كريم مزرراً جاكيته ومردداً ـ (يا سيدنا شخصكم الكريم).

    راح كريم بمرافقة كاظم بيك في سفراته الياوروية، وذات مرة ارتفع راتبه
    إلى الألفي ليرة بعد عودتهما. وبعد فترة أخرى إلى خمسة آلاف ، والغريب في
    الأمر أن لا أحد يعرف طبيعة عمله، البعض يقول إنه معاون كاظم بيك والآخر
    يقول إنه سكرتيره أو وكيل أعماله. ولكن المعروف للجميع أنه كان ينوب عن
    كاظم أثناء غيابه.

    صديقي كريم والذي أعرفه تماماً ـ شخص لا يتسم بأية سمة غريبة، لا ذكاء
    خارق ولا ديناميكية غير طبيعية ولا حتى مكانة علمية ـ شخصية كانت غير
    مفهومة بتاتاً وحتى أنها غامضة ولم يفهمها أحد سواي، لأنني أعرف تماماً كيف
    صعد السلم الوظيفي، وكيف تسلم مناصب عدة كل هذا تم عبر التملق الغربي.
    لكنني لم أتعرف على كنه هذا التملق، لكن فيما بعد تعلمت أبجديته، تماماً،
    كاظم بيك، غني جداً كما أسلفت، يملك خمس أو ست مؤسسات ومن بينها المكتب
    الذي أعمل فيه.

    ذات يوم وبمناسبة مرور عقدين على تأسيس المكتب قدم لكل واحد منا مكافأة
    بحدود أجر شهر، كذلك أقام حفلة ساهرة في أفخم فنادق المنطقة. في هذه
    الأمسية بالذات تعرفت على سر نجاح كريم، وكيف استطاع إستيعاب مبادئ التملق
    الغربي.

    جلس كريم بجانب كاظم بيك، إذ كان لا يبعد عني فبيني وبينه ثلاثة أشخاص
    لذلك كنت أسمع حديثهما بشكل جيد، أو بالأحرى أتقصّد سماعهما بشكل جيد، في
    نفس الوقت كنت أراقب تصرفات وسلوك كريم أفندي، عندما وقف كاظم بيك كي يشرب
    بصحة الحاضرين، أمسكه من يده وقال:

    - لا يجوز!… إنه مضر بصحتك.

    - لا، لا يهم، أجابه كاظم أفندي، قدح واحد فقط.

    رد عليه كريم بقسوة وعجرفة:

    - لا يجوز يعني لا يجوز، وإذا كنت راغباً بذلك، إشرب، فلن أكون مسؤولاً بعد ذلك عن صحتك.

    أعاد كاظم بيك القدح وتكوم في كرسيه ثانية، وبعد هنيهة قال:

    - الجو حار جداً في هذه القاعة الخانقة، هيا إفتحوا النافذة..

    قفز متملقنا الشرقي نحو النافذة إلا أن صراخ كريم جمد الدم في عروقه.

    (لا تفتح النافذة)!!

    وإلتفت بعد ذلك صوب كاظم بيك قائلاً:

    - ماذا تفعل؟… والله أنت كالأطفال لقد عرقت يا روحي ولا يجوز أن تتعرض إلى لفحة هواء وإلا ستمرض

    رد عليه كاظم بيك:

    - لا ، لم أعرق.

    - كيف لم تعرق، وهل أنا لا أعرف ذلك.

    هكذا عدل كاظم بيك عن فتح النافذة بتناول كوب ماء، مدّ يده كي يملأ الكوب وإذ بكريم يؤنبه أشد تأنيب:

    - آه ه ه ه ! أجننت يا كاظم بيك؟.

    - لا، لا شيء أرغب بشرب كأس ماء..

    إلتفت كريم أفندي يمنة ويسرة وكأنه يستطلع شيئاًُ ما وبعدها قال:

    - الله. الله. ما هذا التصرف، لمّ لمْ تقل لي أنك راغب بكأس ماء؟

    غارسون كأس ماء بسرعة…

    كريم أفندي هذا، كان يحاول بكل السبل لجم حركة كاظم بيك، أما كاظم بيك
    فكان يستمع إلى توجيهاته وهو مطأطئ الرأس، حتى أنه في بعض الأحيان يتدلع
    كطفل صغير:

    - أرجوك يا كريم أفندي، أرغب في شرب قدح واحد فقط.

    - ألم أقل لك يا روحي يا عيني لا يجوز ألا فكرت بصحتك.

    كريم أفندي كان متناقض المواقف فقبل لحظات رفض أن نفتح النافذة والآن يقول لكاظم بيك:

    - الجو خانق هنا والحرارة عالية، أليس كذلك يا كاظم بيك؟

    - يوه ه ه .. لا لست متضايقاً من شيء.

    - نعم أنت متضايق فأنا أعلم بذلك، هيا افتحوا النافذة.

    ارتمى متملقنا الشرقي نحو النافذة كي يفتحها مردداً عبارته التملقية والتي إعتدنا عليها.

    - تأمرون يا سيدي.

    استشاط كاظم بيك غضباً من هذا التصرف وصرخ فيه:

    - دع النافذة ، النادل هو الذي سيفتحها.

    - على رأسي يا سيدي، تأمرون، سأجلس لا تغضبوا يا سيدي.

    إلتفت كاظم بيك نحو كريم وسأله عن إمكانية تدخينه سيجاراً واحداً فقط.

    أجابه كريم:

    - السيجار يجر سيجاراً، وأنت اليوم دخنت أربع لفافات، كم طلبت منك ألا
    ترتدي هذه البذّة البنية في مناسبات رسمية كهذه، والله (نبت الشعر على
    لساني) كم أنت عديم الذوق، والله لو أبتعد عنك لمدة دقيقة واحدة فقط لقمت
    بحماقات جمة.

    أجابه كاظم بيك بلهجة طفولية مدلعنة:

    - لقد نسيت.

    التفت كريم إلى الحضور وقال لهم:

    - كاظم بيك مثل الطفل، أنتم لا تعرفونه.

    تدخل متملقنا الشرقي قائلاً:

    - أمان يا ربي، ما هذا الكلام أستغفر الله، استشاط كاظم بيك غضباً وصرخ فيه:

    - أيها المتملق، نعم أنا مثل الطفل ولو لم يكن كريم بيك وعنايته الفائقة لكنت فارقت الحياة منذ فترات طويلة.

    نظر كريم إلى ساعة يده وقال:

    - هيا يا كاظم بيك لقد حان موعد النوم.

    أجابه كاظم بيك لاوياً عنقه:

    - لنجلس قليلاً يا كريم.

    - لا يجوز لقد أصبحت التاسعة والنصف وكي نصل البيت نحتاج إلى نصف ساعة
    على أقل تقدير، هذا يعني أننا تأخرنا ويجب أن تكون في سريرك الساعة
    العاشرة.

    وعندما همّا بالذهاب أمسك كريم أفندي القدح كي يدلق بمحتوياته في جوفه ، عند ذلك لم أتمالك أعصابي وصرخت به:

    - ما هذا؟.. ماذا تفعل هاه؟!! إنني أراقبك هذا القدح الخامس إنك لا تعير
    صحتك الاهتمام الكافي هيا ضع القدح. أخذ كريم يتزلف لي قائلاً:

    - هذا القدح فقط أرجوك.

    - سأسمح لك هذه المرة، ولكن إياك والتكرار، وضع يده على كتفي وسحبني جانباً وقال:

    - برافو لقد استطعت التمييز بين التملق الشرقي والغربي، كم من الدروس
    التي يجب استخلاصها عن كثب، تصور أننا لا نجيد حتى التملق الغربي كم راتبك
    الشهري؟

    - مئتان وخمسون ليرة.

    - حسناً اعتبره خمسمائة ليرة، وغداً ستصبح رئيس قسم، وشوقي هذا سيصبح معاوناً لك.

    في هذه الأثناء دنا شوقي من الباب وأخذ يتملق كاظم بيك هذا كعادته، (الله يطيل عمرك، كم كنا ذوي حظ وفير بمشاركتنا لمائدتك).

    صرخت به:

    - ابتعد عن طريقي أيها المتملق، لقد أهنت التملق. هيّا ابتعد حتى لا تراك عيناي.

    ***
    عزيز نيسين
    تربية معلم صف
    تربية معلم صف
    جامعي فضي
    جامعي فضي


    انثى
    عدد المساهمات : 802
    العمر : 34
    المكان : طرطوس
    المزاج : الحمد والشكر لله
    الدراسة : تربية
    السنة الدراسية : متخرج
    المستوى : 12
    نقاط : 867
    تاريخ التسجيل : 05/08/2011

    لا أحب التملق .... Empty رد: لا أحب التملق ....

    مُساهمة من طرف تربية معلم صف الأحد أبريل 22, 2012 12:08 am

    فعلا عزيز نيسين كاتب مهم ولديه أسلوب رائع في إيصال الأفكار ..............وقصصه تنطبق على واقعنا تماما

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 7:08 am