إذا سمعت أحدهم ينعت الآخر بكلمة بذيئة فلا تعتقد أبداً بوجود عداوة بينهما, ولا تتوقع تطور هذا الأمر ليؤدي إلى شجار, فقد أصبحت الشتائم المتبادلة بين الناس اليوم دليل على عمق الصداقة والمحبة ونوع من خفة الدم ورفع الكلفة بينهم.
ففي الماضي كانت هذه الألفاظ تخص (أولاد الشوارع) فقط أما الآن فهي تتردد بين الطلاب في المدارس والجامعات كنوع من اللغة الحميمية وموضة مثلها مثل أي صرعة "كوووول".
الشتائم تنطلق بعفوية وتخفف من ضغط العمل
قال ياسر "أنا لا أستخدم الشتائم الثقيلة أثناء حديثي اليومي إلا إذا قام أحدهم باستفزازي وأثار غضبي, , أما ما هو متداول من كلمات خفيفة بيني وبين أصدقائي المقربين طبعا, فنحن لا نعتبره شتيمة مهينة وإنما يكون هذا الكلام نوع من المزاح و تخفيف ضغط العمل, وأنا لا أعتقد أن استخدام مثل هذه الكلمات يعبر عن سوء أخلاق أو قلة أدب.
من جهته, قال محمد إن "الشتائم أصبحت إحدى الطرق في التعامل مع الآخرين, وتنطلق بعفوية حتى مع بعض الأشخاص الذين لا اعرفهم", لافتا إلى أن "هذه الشتائم تؤدي إلى خلق حالة من الحميمية مع الآخرين".
عدوى الشتائم تنتقل إلى الفتيات أيضا
لم تعد ظاهرة الشتائم ترتبط بالذكور فقط كما في السابق, وإنما أصبحت تخص الفتيات أيضا.
وقالت سارة الأحمد "أوصلتني صديقتي بسيارتها إلى السوق في أحد الأيام ولم تترك تعليقا أو مسبة إلا وأطلقتها على السائقين الآخرين", مضيفة انها "عندما سؤالها عن سبب إطلاقها كل تلك الشتائم أثناء قيادتها, مع العلم أنها شتائم من العيار الخفيف (غبي_حمار _أعمى) أجابتني ببساطة أنا لا أبذل أدنى جهد فهذه الكلمات أصبحت تنطلق من فمي بعفوية, وعندما تقودين سيارتك في أحد شوارع دمشق ستقتنعين بصحة ما أقوله".
بدوره, رأى محمد العيسى طالب جامعي أن "الشتائم أصبحت طريقة للتعامل بين طلبة الجامعة", لافتا إلى أن "الأمر لا يقتصر على الشباب فقط بل انتقلت العدوى إلى الفتيات أيضاً", مضيفا انه "متفاجئ بحجم الشتائم التي تنطلق من فتاة إلى صديقتها, وبالطبع يكون ذلك على سبيل المزاح فكيف بها عند الغضب".
وأضاف العيسى انه "لا يحبذ استخدام مثل تلك الكلمات حتى في أوقات الشجار ولا أعتقد أن هناك إنسان سوي يطلق الألفاظ النابية في وضع عادي".
الشاطر الذي يشتم أكثر
واستخدام الشتائم في التعامل بين الأصدقاء ليس حكرا فقط على الاتصال المباشر, وإنما أصبح أسلوبا للتعامل بين الناس على الشات.
وقال "شادي" صاحب محل كمبيوتر أن "ما يثير الاشمئزاز والإحباط كثرة التلاعن والشتائم الهابطة على الشات, فطبيعة عمله تجعله ينخرط بشكل دائم في عالم المحادثة بين الشباب والفتيات, والشاطر هو الذي يظهر وقاحته يكتب أكبر قدر من الشتائم المعيبة", مشيرا إلى أن "المشكلة أنه في عالم الانترنت لا يوجد ضوابط أو رقابة تمنع ذلك الانحطاط الكلامي".
حتى الأطفال يشتمون
ولا يقتصر انتشار ظاهرة الشتائم بين الشباب وحدهم, بل أن هذه الظاهرة امتدت لتشمل الأطفال أيضا.
وقالت ماريا السعيد" 19 سنة إنها "ذهلت عندما سمعت ابنة جارتها تتلفظ بكلمة بذيئة جداً وإذا بأمها تنفجر ضاحكة دون أن توجه لطفلتها أي نوع من العقاب".
وتتابع للأسف أصبحت هذه الكلمات على لسان أغلب الأطفال يتعلمونها من محيطهم قبل أن يستطيعوا تعلم المشي أحياناً, أما الأهل فيكونوا مسرورين بما يقوله أطفالهم دون الأخذ بعين الاعتبار أن الطفل سيعتاد على هذا النوع من الألفاظ في المستقبل.
مختصون: الشتائم دليل على انحلال المنظومة الأخلاقية المجتمعية
قالت" د.هدى كشيك" المدرسة في كلية التربية إن "ظاهرة الشتائم لا تقتصر على فئة عمرية معينة بل أصبحت ظاهرة منتشرة في كل المجتمع من كبيره إلى صغيره وحتى فتياته", لافتة إلى أن "السبب في ذلك يعود لانحلال المنظومة الأخلاقية المجتمعية, فالعرف يرفض هذه الأمور لكن العلاقات الاجتماعية الحميمية هي التي تقويها".
وعن الطرق التي يتم فيها ردع الأطفال عن ذلك الكلام البذيء, قالت كشيك إنه "يجب تشجيع الأطفال على عدم استخدام الشتائم عن طريق تقديم جوائز لهم ", لافتة إلى انه "يجب أن يمارس الأهل نوعا ًمن الرقابة الذاتية على أنفسهم تقلل من تلفظهم بالكلمات البذيئة أمام الأطفال".
من جهته, قال د المصري أنه "ليس للأسرة أو التربية تأثير جوهري في انتشار هذه الظاهرة, وإنما يلعب الأصدقاء والمحيط الذي ينخرط فيه الشخص الدور الأكبر في ذلك", مضيفا انه "إذا لم يستخدم الشاب تلك الكلمات مع أقرانه فسوف ينتبذ ويعتبر معقداً, لذلك يضطر لتداولها معهم كنوع من الإرضاء لهم و القبول الاجتماعي في المحيط".
وأشار د المصري إلى أن "الإعلام يلعب أيضا دورا في الترويج للشتائم عبر المسلسلات والأفلام التي تستخدم الكلمات الدونية على لسان أبطالها", لافتا إلى "الجمهور يتقمص كلماتهم وتعبيراتهم من الممثلين كنوع من التقليد, حيث أصبح الإعلام اليوم المربي والمعلم الأول".
منقول سيريا نيوز
ما هو رايك انت فيما سبق؟؟؟؟؟؟