[size=21]كان هذا السؤال عنوانا لمقال نشر حديثا للمجلة الأمريكية اتلانتك الشهرية.
فحوى
مقال تلك المجلة الأمريكية المرموقة، أن محرك البحث الشهيرغوغل قد سهل
عملية الحصول على المعلومة إلى درجة لم تعد هذه المسألة تتطلب الكثير من
الجهد كما هو الحال في البحث التقليدي في الكتب والدوريات وغيرها. هذه
السهولة، حسب المقال المذكور، قد تصيب مستخدمي الإنترنت بالسطحية، بل حتى
بالتبلد، نتيجة لسهولة الإطلاع والبحث عن كل ما تريده تقريبا من حقائق
ومعلومات في عصر الإنترنت، ومن خلال محرك غوغل بالذات، بصفته الأقوى من
بين محركات البحث في الشبكة العنكبوتية.
بنى كاتب ذلك المقال الطويل
إستنتاجاته بناء على نظريات من علم الإدراك Cognitive Science ذلك ان
العملية التقليدية في البحث التي تتطلب قضاء ساعات طويله في المكتبات بين
أدراج الكتب والدوريات المتخصصة لكتابة حتى بحث بسيط، تعني جهدا عقليا
(إدراكيا) أكبر، وهو ما ينعكس إيجابيا على القدرات العقلية للباحث، ذلك أن
القراءة التقليدية تتطلب حراكا عقليا داخليا للذاكرة، وللتحليل ولربط
المعلومات ببعضها، وهذا ما يجعل العقل، أو بالأحرى المخ، في حالة نشطة
إيجابية Active بينما البحث عن طريق الإنترنت يجعل الشخص عقليا، إلى حد
كبير، في الإتجاه المعاكس Passive أي سلبي، قريب من الحال أثناء مشاهدة
التلفزيون، حيث لا تتطلب العمليه الكثير من الجهد العقلي، بل أن عقل
المشاهد يكون في حالة تلقي (سلبي) أثناء مشاهدة التلفزيون، وهو ما ثبت
علميا أنه يقود إلى ضعف في القدرات الإدراكية، حيث يصيب العقل بشيء من
التخدر numbness.
وبالفعل بدأ الإنترنت في تغيير سلوكيات الكثير بوعي
منا أو بدونه. الكثير لم يعودوا قادرين على إنهاء قراءة كتاب من الغلاف
الى الغلاف. أحد الأسباب أن زخم المعلومات الهائل في الإنترنت يجعل من
المتصفح يمر بسرعة فوق سطور أي نص يقرأه على شاشة الكمبيوتر مهما كانت
درجة تعقيد وجدية النص. القراءة الإنترنتية تختلف عن القراءة التقليدية،
حتى عندما تكون قراءة لجريدة أو مجلة. مجالات القراءة الأخرى مثل المدونات
وغرف الدردشة - التي يضيع فيها الكثير من الوقت دون اي مردود فكري يذكر-
تؤثر هي الأخرى على حراكنا العقلي ومن ثم على تفكيرنا. إنها طرق جديدة
للقراءة تخلق طرقا مختلفة للتفكير وبسرعة كبيرة. الحكاية ليست جديدة ولن
تكون الأخيرة، إلا ان لها ما يميزها عن غيرها من التحولات، إلا ان الفرق
هذه المرة في سرعة وحجم التغيير في انماط سلوكنا المعرفي ومن ثم رؤيتنا
للعالم. عند إختراع آلة الطباعه قبل قرون، نتج عن ذلك تحولات مشابهة، ولكن
بحجم أقل نتيجة لإنحسار نسبة القادرين على القراءة والكتابة.
وسائل
الإعلام والتكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الإنترنت، تؤثر بشكل مباشر على
الدوائر الكهربائية داخل المخ لأن تلك الدوائر وتركيبة المخ نفسة
"بلاستيكية" مطاطة قابلة للتغير والتحول بسهولة، وليست ثابتة جامدة كما
يعتقد البعض، خاصة بعد بلوغ الإنسان سن الرشد.
وبعيدا عن علم الإدراك
وتفسيراته العلمية ومسألة الذكاء والغباء، أستطيع أن أدعي هنا أن
الإنترنت، والذي لم يتجاوز العقد إلا قليلا منذ بزوغه، سيقلب كثيرا من
الموازين رأسا على عقب، وسيظهر أجيالا جديدة ترى شموسا في أعماق الأفق لم
يعهدها أسلافهم ولن يستوعبوها- هذا إن تمكنوا من رؤيتها، وسينتهي العهد
القديم، خاصة في الثقافات الجامدة المتشبثة بالماضي، وعلى رأسها ثقافتنا
العربية، وستتشكل أعرافا وقيما جديدة توطد وتعمق أسس إستقلالية الفرد مما
يضعف، بل يسقط، سطوة السلطة ممثلة بالأب ورجل الدين ورجل الدولة وغيرها من
السلطات التي أخذت على عاتقها عبر القرون مهمة قمع الفرد ذكرا كان أو
انثى، أو ما بينهما.[/size]
فحوى
مقال تلك المجلة الأمريكية المرموقة، أن محرك البحث الشهيرغوغل قد سهل
عملية الحصول على المعلومة إلى درجة لم تعد هذه المسألة تتطلب الكثير من
الجهد كما هو الحال في البحث التقليدي في الكتب والدوريات وغيرها. هذه
السهولة، حسب المقال المذكور، قد تصيب مستخدمي الإنترنت بالسطحية، بل حتى
بالتبلد، نتيجة لسهولة الإطلاع والبحث عن كل ما تريده تقريبا من حقائق
ومعلومات في عصر الإنترنت، ومن خلال محرك غوغل بالذات، بصفته الأقوى من
بين محركات البحث في الشبكة العنكبوتية.
بنى كاتب ذلك المقال الطويل
إستنتاجاته بناء على نظريات من علم الإدراك Cognitive Science ذلك ان
العملية التقليدية في البحث التي تتطلب قضاء ساعات طويله في المكتبات بين
أدراج الكتب والدوريات المتخصصة لكتابة حتى بحث بسيط، تعني جهدا عقليا
(إدراكيا) أكبر، وهو ما ينعكس إيجابيا على القدرات العقلية للباحث، ذلك أن
القراءة التقليدية تتطلب حراكا عقليا داخليا للذاكرة، وللتحليل ولربط
المعلومات ببعضها، وهذا ما يجعل العقل، أو بالأحرى المخ، في حالة نشطة
إيجابية Active بينما البحث عن طريق الإنترنت يجعل الشخص عقليا، إلى حد
كبير، في الإتجاه المعاكس Passive أي سلبي، قريب من الحال أثناء مشاهدة
التلفزيون، حيث لا تتطلب العمليه الكثير من الجهد العقلي، بل أن عقل
المشاهد يكون في حالة تلقي (سلبي) أثناء مشاهدة التلفزيون، وهو ما ثبت
علميا أنه يقود إلى ضعف في القدرات الإدراكية، حيث يصيب العقل بشيء من
التخدر numbness.
وبالفعل بدأ الإنترنت في تغيير سلوكيات الكثير بوعي
منا أو بدونه. الكثير لم يعودوا قادرين على إنهاء قراءة كتاب من الغلاف
الى الغلاف. أحد الأسباب أن زخم المعلومات الهائل في الإنترنت يجعل من
المتصفح يمر بسرعة فوق سطور أي نص يقرأه على شاشة الكمبيوتر مهما كانت
درجة تعقيد وجدية النص. القراءة الإنترنتية تختلف عن القراءة التقليدية،
حتى عندما تكون قراءة لجريدة أو مجلة. مجالات القراءة الأخرى مثل المدونات
وغرف الدردشة - التي يضيع فيها الكثير من الوقت دون اي مردود فكري يذكر-
تؤثر هي الأخرى على حراكنا العقلي ومن ثم على تفكيرنا. إنها طرق جديدة
للقراءة تخلق طرقا مختلفة للتفكير وبسرعة كبيرة. الحكاية ليست جديدة ولن
تكون الأخيرة، إلا ان لها ما يميزها عن غيرها من التحولات، إلا ان الفرق
هذه المرة في سرعة وحجم التغيير في انماط سلوكنا المعرفي ومن ثم رؤيتنا
للعالم. عند إختراع آلة الطباعه قبل قرون، نتج عن ذلك تحولات مشابهة، ولكن
بحجم أقل نتيجة لإنحسار نسبة القادرين على القراءة والكتابة.
وسائل
الإعلام والتكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الإنترنت، تؤثر بشكل مباشر على
الدوائر الكهربائية داخل المخ لأن تلك الدوائر وتركيبة المخ نفسة
"بلاستيكية" مطاطة قابلة للتغير والتحول بسهولة، وليست ثابتة جامدة كما
يعتقد البعض، خاصة بعد بلوغ الإنسان سن الرشد.
وبعيدا عن علم الإدراك
وتفسيراته العلمية ومسألة الذكاء والغباء، أستطيع أن أدعي هنا أن
الإنترنت، والذي لم يتجاوز العقد إلا قليلا منذ بزوغه، سيقلب كثيرا من
الموازين رأسا على عقب، وسيظهر أجيالا جديدة ترى شموسا في أعماق الأفق لم
يعهدها أسلافهم ولن يستوعبوها- هذا إن تمكنوا من رؤيتها، وسينتهي العهد
القديم، خاصة في الثقافات الجامدة المتشبثة بالماضي، وعلى رأسها ثقافتنا
العربية، وستتشكل أعرافا وقيما جديدة توطد وتعمق أسس إستقلالية الفرد مما
يضعف، بل يسقط، سطوة السلطة ممثلة بالأب ورجل الدين ورجل الدولة وغيرها من
السلطات التي أخذت على عاتقها عبر القرون مهمة قمع الفرد ذكرا كان أو
انثى، أو ما بينهما.[/size]