ولد الفنان شاكر بريخان في حلب بحارة (الجلوم) عام 1926 وينحدر من عائلة اهتمت بالعلمِ والفن , و ظهرت موهبته الفنية وهو لا يزال طالباً في المرحلة الإعدادية في أربعينات القرن الماضي, وكان لديه ميل للتمثيل والموسيقى وكتابة الزجل .
وكانت بداية الاحتراف في إذاعة حلب عام 1956 , ويذكر الفنان بريخان في حديثه أن الإذاعة كانت الملتقى الفني الوحيد آنذاك , إضافة إلى النشاط المسرحي على مستوى الأندية والفرق الخاصة , وكانت برامجها تبث على الهواء مباشرة , وضمت إذاعة حلب آنذاك مجموعة من الفنانين الذين تابعوا المشوار في التلفزيون بدمشق .
وعن الباب الذي دخل منه إلى عالم الفن يقول الفنان بريخان :
( كنت معدا ومخرجا في إذاعة حلب وعندي هواية الكتابة والشعر الغنائي , ومن خلال عملي تم الاحتكاك والتواصل مع الجو الموسيقي , وطبعا كنت أثقف نفسي بالاستماع بحكم عملي في الإخراج , وكان مطلوبا من المخرج أن يكون متذوقا وملما بالموسيقا , وهذا شدني إلى ساحة التلحين ) .
وحول انتقاله للعمل في دمشق يذكر أنه انتقل إلى دمشق عند افتتاح التلفزيون , وقد احتضن غالب طيفور رئيس دائرة الموسيقى آنذاك القادمين من حلب وعملنا اسكتش ( عقد اللولو ) مع دريد ونهاد وفهد بلان وسحر وقدمناه بمناسبة عيد الجيش في نادي الضباط , وعينت بعدها نائبا لرئيس دائرة الموسيقا .
الأغنيات الوطنية
وحول غلبة الموضوع الوطني على أغنياته وألحانه يقول الفنان بريخان: ( أنا وحدوي هويتي معروفة واكبت القضايا الوطنية والقومية , ويجب على الفنان الوطني هو أن يواكب الأحداث الوطنية ويتفاعل معها ) .
وعندما اتحدت مصر وسورية كتب شاكر بريخان ولحن أغنية ناصر الله كبير والله الناصر , وعندما قامت ثورة آذار كانت أولى أغنيات الثورة (حمدا لله على النصر ) من كلماته وألحانه , وغنتها المطربة سحر , كما لحن من كلمات منيف حسون عدة أغينات منها ( عايشين الثورة ) وغنتها المجموعة و( مكاسب شعب ) وغناها سمير حلمي وكروان وسحر ورفيق شكري , وللعالي يا طلاب المعالي , وغنتها كروان وسحر ورفيق شكري وسمير حلمي , ونظم ولحن للفنان رفيق سبيعي ( الله مع ها لثورة ) و( سيروا على ما يسر الله ) .
وعندما حدث الصراع مع شركات البترول الأجنبية كتب ولحن ( بترول العرب للعرب لكل امة العرب )انطلاقا من شعار رفعته الثورة ( بترول العرب للعرب ) , وقد كتب ولحن للمنجزات فلحن لسد الفرات أغنية( رح نبني السد) , كما تفاعل مع العمل الفدائي وكتب ولحن لمصطفى نصري أغنية ( يا يما لا تبكي علي أنا رايح أفدي الحرية ) .
ويقول الفنان بريخان :
بعد نكسة حزيران كان علينا أن نحث الناس على الاستمرار والصمود وليس تثبيط الهمم فلحنت من كلمات الشاعر فوزي المغربي ( رصوا الصفوف )+ وغنتها مها الجابري .
وبعد حرب تشرين قدمت أغنية( نحن النسور نسور سورية العرب) من كلماتي وألحاني وأصبحت نشيدا للكلية الجوية .
وأعطيت صباح فخري كلمات أغنية ( عقدنا العزم أن تحيا أمانينا ) و لحنها حسين نازك وتم تسجيلها في بيروت , وأعطيت ( فاتن حناوي ) نظما وتلحينا قصيدة أُحِبها وموطن الإباء تتغنى فيهما بسورية .
وحول الدافع لتوجهه إلى الأغنية الوطنية يقول الفنان شاكر بريخان:
(كنت أحس بفراغ في هذا المجال , وكانت الأحداث تلاحقنا , وعندي اعتقاد أن الفنان عنده رسالة يجب أن يتقنها , لذلك رأيت ان أمنح كل شحنتي العاطفية للوطن , لم أتعامل مع الكلمة المكررة وحتى الأغاني غير الوطنية كان لها رسالة اجتماعية مثلا أغنية ( ياولد لفلك شال ) لرفيق سبيعي كانت ضد تقليد الشباب للغرب في الأزياء وطريقة تصفيف الشعر , وكنا في فترة صعبة وكان لا بد من لفت نظر الشباب إلى شحنهم اجتماعيا والالتزام بقضايا أمتهم .
أغنيات التصحيح
وتابع الفنان بريخان تألقه في الكلمة واللحن عند قيام الحركة التصحيحية , وحول هذه المرحلة يقول الفنان بريخان :
تفاعلنا مع التصحيح ورأينا في الحركة التصحيحية شيئا جديدا , يعني تصحيح المسار نحو الطريق الصحيح , وكانت أول أغنية من كلماتي وألحاني ( وعد القائد ابن الشعب ) ثم ( معك الشعب كل الشعب ) وغناهما جلال سالم , ثم أغنية ( رعاك الله ) وغناها موفق بهجت وتم تسجيلها في القاهرة من أجل اشتراك المجاميع في الأغنية , وفي الذكرى الأولى للتصحيح أعطيت مصطفى نصري كلمات وألحان ( زادك الله ) .
وقد كان شريكاً أساسياً مع الصديقين دريد ونهاد في العديد من المسرحيات الوطنية :
(غربة ,ضيعة تشرين ,كاسك يا وطن )
برحيل الفنان شاكر بريخان يفقد الفن العربي السوري واحدا من كبار المبدعين , بل يندر أن يأتي فنان قدم أعمالا مميزة في عدة جوانب من العمل الفني , وكانت كلها ناجحة وطرب لها الناس , وترددت على الألسن والشفاه , لأنها كانت جماهيرية في منطلقها وأسلوبها وغايتها .