طوال تلك السنوات الخالية من عمري ، وهي ما تقارب ثلاثة
عقود وأنا أمشي حافي القدمين، كنت أحس براحة مطلقة وحرية كبيرة في الحركة رغم بعض
النثريات المعدنية التي تغز في قدميّ فلا
أكترث كثيرا لهذا الأمر كانت سعادتي هي أن كل الشحنات الموجبة التي يكتسبها جسدي
من العمل ..كانت تفرّغ في الأرض فأخلد للنوم حين المساء بهدوء
وقريرة متناهيتين ..نزلت المدينة التي بهرتني بأضوائها وشوارعها لوظيفة تعلقت بها بعد جهد كثيف ..أصرّ أحد زملائي أن ألبس في
قدميّ حذاءً .. لأنه من غير المعقول أن يمشي رجلٌ موظف وذو مركز لا بأس به حافي
القدمين كان كل من حولي أيضاً يلومني لأنني أسير بدون حذاء البعض منهم كان يقول ما
هذا المجنون ..والبعض الآخر يقول إنه مريض .. أو ربما لايملك ثمن حذاء، ولكي أبعد نفسي عن هذه التهم الظالمة
آثرت لشراء حذاء ..كنت أعاين الأحذية في المحالّ التجارية وكلما أدخل لمتجر يسألني
ما هي نمرة رجلك وبصراحة أنا لم أعرف أن الأرجل مصنفة تحت نمر وأرقام ...
كان التجريب هو أفضل للقياس ومعرفة النمرة ..كل ما أبغيه
هو أن أحصل على حذاء يناسب قدمي ..ولأن الملل اعترى كل مخيلتي واحترت في الاختيار
أخذتُ حذاءً بشكل سريع ناسب قدميّ ودفعت ثمنه لصاحب
المتجر ، مشيت أنا وصاحبي في أحد شوارع المدينة وعيني كانت لا تفارق الحذاء ..ليس
فقط عيني ..بل كانت أعين كل الناس تنظر لحذائي ..فتارة أتعثر وتارة أخرى أتزحلق
..وقد أمنت وجود صديقي بقربي وهو متأبط ذراعي ..
كنت أحس أن قيداً معدنيا صفّد قدمي ..وشعرت بأن عشرات
الدماميل تشكلت في جلدتهما..كان عليّ أن أقنع نفسي بأنني فرح وسعيد بهذا الحذاء
..فكلما مررت من أمام أحد أبتسم ابتسامة عريضة لأنني أحس أنه كان يبارك لي بهذا
الحذاء .
كنت أحسب أن هذا الحذاء سيعطيني مكانة اجتماعية وإحساساً
بالهدوء والرزانة ..إلا أن هذا الحذاء بدل أن يتسع على قدر قدمي كان يضيق شيئا
فشيئا إلى حد أني سئمته وكرهته من هنا بدأت معاناتي الكبيرة معه حيث كان يحتاج إلى
التصليح كل أسبوع، فيوماً يطير منه النعل
ومرة يطير الكعب إضافة إلى الدهان والتلميع
كان شغلي الشاغل هو التخلص من هذا الحذاء النحس الذي لم
يجلب لي سوى الويلات والأوجاع حتى ولو تم رفدي من الوظيفة وعدت أدراجي إلى قريتي
الصغيرة .
أخبرت صديقي بمعاناتي هذه وقد حاول جاهداً أن يتم تبديل
الحذاء بحذاء أوسع منه ليكون مريحاً أثناء المسير ..
لم أقتنع بأن سعادتي تكمن في حذاء آخر وقد يكون أسوأ من
هذا الذي وضعته في كيس قمامة وألقيته بعيداً
نزلت الشارع وأنا اشعر بنعيم الراحة والحركة ..فجأة
استوقفني رجلٌ قائلاً: أهلا وسهلا بك يا أستاذ، متجر الأحذية هذا تحت تصرفك ..أي
حذاء بدينار واحد فقط .. تفضل .
كنت أعلم أن كل الأحذية متساوية ولن أعاود المعاناة التي
تعرضت لها ..ودعته منصرفا إلى قريتي لأستمتع براحتي دون أن أسمع أي تعليق من هذا
وذاك .
عقود وأنا أمشي حافي القدمين، كنت أحس براحة مطلقة وحرية كبيرة في الحركة رغم بعض
النثريات المعدنية التي تغز في قدميّ فلا
أكترث كثيرا لهذا الأمر كانت سعادتي هي أن كل الشحنات الموجبة التي يكتسبها جسدي
من العمل ..كانت تفرّغ في الأرض فأخلد للنوم حين المساء بهدوء
وقريرة متناهيتين ..نزلت المدينة التي بهرتني بأضوائها وشوارعها لوظيفة تعلقت بها بعد جهد كثيف ..أصرّ أحد زملائي أن ألبس في
قدميّ حذاءً .. لأنه من غير المعقول أن يمشي رجلٌ موظف وذو مركز لا بأس به حافي
القدمين كان كل من حولي أيضاً يلومني لأنني أسير بدون حذاء البعض منهم كان يقول ما
هذا المجنون ..والبعض الآخر يقول إنه مريض .. أو ربما لايملك ثمن حذاء، ولكي أبعد نفسي عن هذه التهم الظالمة
آثرت لشراء حذاء ..كنت أعاين الأحذية في المحالّ التجارية وكلما أدخل لمتجر يسألني
ما هي نمرة رجلك وبصراحة أنا لم أعرف أن الأرجل مصنفة تحت نمر وأرقام ...
كان التجريب هو أفضل للقياس ومعرفة النمرة ..كل ما أبغيه
هو أن أحصل على حذاء يناسب قدمي ..ولأن الملل اعترى كل مخيلتي واحترت في الاختيار
أخذتُ حذاءً بشكل سريع ناسب قدميّ ودفعت ثمنه لصاحب
المتجر ، مشيت أنا وصاحبي في أحد شوارع المدينة وعيني كانت لا تفارق الحذاء ..ليس
فقط عيني ..بل كانت أعين كل الناس تنظر لحذائي ..فتارة أتعثر وتارة أخرى أتزحلق
..وقد أمنت وجود صديقي بقربي وهو متأبط ذراعي ..
كنت أحس أن قيداً معدنيا صفّد قدمي ..وشعرت بأن عشرات
الدماميل تشكلت في جلدتهما..كان عليّ أن أقنع نفسي بأنني فرح وسعيد بهذا الحذاء
..فكلما مررت من أمام أحد أبتسم ابتسامة عريضة لأنني أحس أنه كان يبارك لي بهذا
الحذاء .
كنت أحسب أن هذا الحذاء سيعطيني مكانة اجتماعية وإحساساً
بالهدوء والرزانة ..إلا أن هذا الحذاء بدل أن يتسع على قدر قدمي كان يضيق شيئا
فشيئا إلى حد أني سئمته وكرهته من هنا بدأت معاناتي الكبيرة معه حيث كان يحتاج إلى
التصليح كل أسبوع، فيوماً يطير منه النعل
ومرة يطير الكعب إضافة إلى الدهان والتلميع
كان شغلي الشاغل هو التخلص من هذا الحذاء النحس الذي لم
يجلب لي سوى الويلات والأوجاع حتى ولو تم رفدي من الوظيفة وعدت أدراجي إلى قريتي
الصغيرة .
أخبرت صديقي بمعاناتي هذه وقد حاول جاهداً أن يتم تبديل
الحذاء بحذاء أوسع منه ليكون مريحاً أثناء المسير ..
لم أقتنع بأن سعادتي تكمن في حذاء آخر وقد يكون أسوأ من
هذا الذي وضعته في كيس قمامة وألقيته بعيداً
نزلت الشارع وأنا اشعر بنعيم الراحة والحركة ..فجأة
استوقفني رجلٌ قائلاً: أهلا وسهلا بك يا أستاذ، متجر الأحذية هذا تحت تصرفك ..أي
حذاء بدينار واحد فقط .. تفضل .
كنت أعلم أن كل الأحذية متساوية ولن أعاود المعاناة التي
تعرضت لها ..ودعته منصرفا إلى قريتي لأستمتع براحتي دون أن أسمع أي تعليق من هذا
وذاك .