كان لرجل مزرعة يحبها كثيرا, وفي أحد الأيام دخل المزرعة حمار وبدأ يأكل من الزروع والثمار التي تعب الرجل في زراعتها وسقايتها والعناية بها , فكر الرجل بطريقة لإخراج الحمار من المزرعة , وظن أنه وجد الطريقة , فما كان منه إلا أن أسرع الى منزله وأحضر العدة اللازمة, فالقضية لا تحتمل التأخير ؟! أحضر عصا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوى, ثم كتب على قطعة الكرتون << يا حمار .. اخرج من مزرعتي؟! >> ثبت الكرتون بالعصا الطويلة بالمطرقة والمسامير , ثم ذهب الى حيث الحمار يرعى في المزرعة , رفع اللوحة عاليا , ووقف رافعا اللوحة منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس , ولكن الحمار لم يخرج .. حار الرجل في أمره .. ربما لم يفهم الحمار ما كتب على اللوحة , رجع الى البيت ونام ..
وفي صباح اليوم التالي صنع عددا كبيرا من اللوحات ونادى أولاده وجيرانه واستنفر أهل القرية , ثم صف الناس صفوفا يحملون لوحات كثيرة تحمل عبارات مختلفة : اخرج يا حمار من المزرعة ,الموت للحمير, يا ويلك ياحمار من راعي الدار.. وتحلقوا حول الحقل الذي يرعى فيه الحمار وبدؤوا يهتفون اخرج يا حمار .. اخرج احسن لك.. ولكن الحمار حمار .. يأكل ولا يهتم بما حدث حوله ..
غربت شمس اليوم التالي, وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبحت أصواتهم. فلما رأوا أن الحمار غير مبال بهم رجعوا الى بيوتهم يفكرون بطريقة أخرى .. وفي صباح اليوم الثالث, جلس الرجل في بيته يصنع شيئا آخر, خطة جديدة لإخراج الحمار الذي أوشك على إتلاف الزرع كله ,خرج الرجل بإختراعه الجديد, نموذج مجسم لحمار يشبهه الى حد بعيد الحمار الأصلي , وجاء الى حيث الحمار يأكل في المزرعة , وأمام نظر الحمار وحشود أهل القرية المنادية بخروج الحمار من المزرعة , سكب البانزين على النموذج المجسم وأحرقه , كبر الحشد لهذه الخطوة الشجاعة ؟! نظر الحمار الى حيث النار ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مبالاة .. ياله من حمار عنيد لا يفهم ..
أرسلو وفدا ليتفاوض مع الحمار , قالوا له: صاحب المزرعة يريدك أن تخرج , وهو صاحب الحق, وعليك أن تخرج , نظر الحمار إليهم وعاد الى الأكل دون اكتراث بهم, بعد عدة محاولات أرسل الرجل وسيطا آخر , قال للحمار : صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض المزرعة , تابع الحمار الأكل دون أن يرد .. قال الرجل للحمار: خذ ثلث المزرعة .. نصفها..؟! الحمار يأكل ولا يرد .. قال الرجل: حسنا حدد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزها .. رفع الحمار رأسه وقد شبع ومشى قليلا الى طرف الحقل وهو ينظر الى الجميع .. فرح الناس ظنا منهم أن الحمار قد وافق أخيرا .. أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيج المزرعة وقسمها الى نصفين, وترك للحمار النصف الذي هو فيه ..
في صباح اليوم التالي, كانت المفاجأة لصاحب المزرعة: لقد ترك الحمار حصته ودخل في حصة صاحب المزرعة وشرع بالأكل , رجع المزارع ثانية الى اللوحات والمظاهرات .. يبدو لا فائدة .. يبدو أن هذا الحمار لا يفهم.. بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار والذهاب الى قرية أخرى لتأسيس مزرعة فيها ..
وأمام دهشة جميع الحاضرين , وفي مشهد من الحشد العظيم حيث لم يبق أحد من القرية إلا حضر ليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار , جاء غلام صغير , خرج من بين الصفوف دخل الى الحقل , تقدم الى الحمار وضربه بعصا صغيرة على ظهره فإذا به يركض خارج الحقل .. صاح الجميع .. لقد فضحنا هذا الصغير وسيجعلنا أضحوكة للآخرين .. ومنذ ذلك الحين وهم يحاولون إلحاق الأذى بالغلام وبمن أعطاه العصا ..
هي القصة قريتها بمجلة وعجبتني كتير فحبيت نزلها