قررت إحدى المحاكم في الخرطوم تأجيل محاكمة الصحفية السودانية لبنى أحمد الحسين، التي
تواجه عقوبة الجلد بـ40 جلدة، بسبب ارتدائها "بنطلون"، لمدة أسبوع، بعدما رفضت "المتهمة" الاستفادة من الحصانة الدولية باعتبارها موظفة بالأمم المتحدة، وطلبت محاكمتها كأي مواطنة سودانية.
وخلال أولى جلسات المحاكمة الأربعاء، تسلم رئيس المحكمة طلباً من مندوب الأمم المتحدة، بشأن حصانة موظفي المنظمة الدولية، إلا أن ممثل الإدعاء طعن في هذا الطلب، بدعوى أن الصحفية عندما تم إلقاء القبض عليها لم تفيد بأنها تعمل لدى الأمم المتحدة، كما أنها لم تقدم بطاقة رسمية تفيد بذلك.
ولكن لبنى الحسين، التي تعمل بصحيفة "الصحافة"، ذات التوجهات اليسارية، بالإضافة إلى عملها بالمكتب الإعلامي لبعثة الأمم المتحدة في السودان، قالت إنها ترفض إعفاءها من الجلد بسبب حصانة الموظفين الدوليين، كما هددت باستقالتها من عملها بالأمم المتحدة، مما قد يُدخل القضية منعطفاً جديداً.
واضطر رئيس المحكمةوفقا لما ذكرته CNN ، القاضي مدثر الرشيد، إلى رفع الجلسة لمدة 10 دقائق، عاد بعدها ليعلن استبعاد ممثل الأمم المتحدة من قاعة المحكمة، وتحديد الرابع من أغسطس/ آب المقبل موعداً لمحاكمة "المتهمة"، بسبب ارتدائها ملابس اعتبرتها السلطات "مخلة بالآداب العامة."
وكانت الشرطة السودانية قد ألقت القبض على لبنى الحسين مع 18 فتاة أخرى، من جنوب السودان، في الثالث من يوليو/ تموز الجاري، أثناء حفل عام ، تطبيقاً لمادة في القانون تعتبر "ارتداء ملابس مخالفة للنظام العام والآداب، موجباً للجلد."
ولكن لبنى، التي عادت إلى منزلها بالخرطوم بعد جلسة المحاكمة، قالت لـCNN الأربعاء، إن السلطات أطلقت سراح ست فتيات، بينما تم جلد عشر أخريات، بـ40 جلدة، بينما رفضت هي واثنتان أخرتان تلك الاتهامات، وطلبن محامين وإحالة القضية إلى المحكمة.
وحضرت الصحفية السودانية إلى قاعة المحكمة مرتدية نفس الملابس التي ضبطتها الشرطة بها، وهي عبارة عن بنطلون فضفاض، ووشاح تقليدي يخفي معظم ملابسها، وأكدت أنها غير مذنبة، معتبرةً أن ملابسها لائقة، وترتدينها الآلاف غيرها، كما أنها ترفض معاقبتها بالجلد.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه إزاء ما تتعرض له الصحفية السودانية، وقال إنه ملتزم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الموظفة بالمنظمة الدولية ومنع تعرضها للخطر، معتبراً أن عقوبة الجلد "ضد المعايير الدولية لحقوق الإنسان."
وقبيل محاكمتها قامت لبنى بطباعة آلاف الدعوات وإرسالها إلى نشطاء وحقوقيين دوليين وسودانيين لحضور المحاكمة، في خطوة تهدف إلى الضغط على حكومة الخرطوم لتجميد العمل بالمادة 152 من قانون العقوبات، معتبرة أنها " تخالف الدستور وتتجاوز الحريات، ومن شأنها تكريس العقوبة على فتيات أخريات."
ويجرى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في شمال السودان، بينما جرى إعفاء الجنوب، الذي تقطنه أغلبية مسيحية أو وثنية، من هذه الأحكام، وفقاً لاتفاقية السلام الموقعة عام 2005، التي أنهت حرباً أهلية دامت عقوداً بين الشمال والجنوب.
وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد أعربت عن قلقها تجاه قرار إحالة الصحفية لبنى الحسين للمحاكمة بتهمة "ارتداء ملابس تخدش الحياء والذوق"، معتبرة أن قانون النظام العام هناك شرع لـ"اضطهاد وإذلال وتقييد حرية المرأة، ومنعها من المشاركة في الحياة العامة بطريقة تكشف عن ذهن بوليسي."