أذكر حينما كنت صغيراً كان جدي يحب أن يأخذني على ظهر حماره إلى حقله الصغير الذي لا يبعد كثيرا عن بيوت القرية وخاصة في فصل الصيف ، حينما يريد جدي حصاد حقله بمعونة أبي ، كثيرا ما كنت آخذ المنجل من يد جدي لأقلده في الحصاد ، كان جدي يدرك مدى سعادتي حينما أركب الحمار وأغني معه ريثما نصل الحقل
من خلال أسئلتي التي تفوق عمري كان جدي يرى فيَّ حلمه الذي لم يستطع لا هو ولا والدي أن يحققه ..كنت أسمعه يقول لأبي انتبه لهذا الصغير فهو ذكي وقد اكتشف جدي ذكائي الخارق من خلال أسئلتي وأجوبتي وأيضا من خلال مهارتي حينما أربط الحمار إلى جذع شجرة بطريقة مبتكرة ..قال لأبي انتبه لهذا الصغير إذا ما ودعت الحياة أنا ..من خلال تلك الكلمات اقتنعت بأنني ذكي ودخلت هذه الفكرة الجميلة في رأسي فكلما كنت أنجح في صف من صفوف الدراسة كان جدي أكثر الناس سروراً ويغدقني بهداياه مما يشجعني أكثر ..كان يقول إن هذا الفتى سيصبح طبيباً ..سنجد في عائلتنا طبيباً ..إلا أني أكره مجال الطب ..كان حلمي حينما كبرت أن أدخل مجالاً أدبياً ..وحصلت على الشهادة الثانوية بمجموع متفوق ..فرحت كل العائلة لنجاحي هذا الذي لم يفاجئ أحداً .. وأحببت أن أدخل الجامعة لأحصل على الشهادة الجامعية في الأدب العربي .. كان هذا طموحي وأمنيتي التي تمنيت أن تتحقق ..بعدها أن حصلت على شهادتي الجامعية كان جدي في الثمانين من عمره وقبلني لما حققته ..
لقد تسلحت بالشهادة الأدبية العليا وصرت من المثقفين الذين تتبعهم نظرات الإعجاب من أهل القرية .. أردت أن أتقدم لوظيفة لأحصل على راتب شهري وأبني بيتا وأكون أسرة كسائر الناس ..
لم تكن الوظيفة بالأمر السهل رغم كل الوساطات التي سعيت إليها من قبل المعارف والأصحاب ..وكان الوعد أن لا وظيفة دون صدور مسابقة وبعد عدة سنوات تم الإعلان عن المسابقة ..فقلت لقد أتت الوظيفة التي ستمكنني من أخذ دوري في المجتمع ولربما أعمل مدرساً في إحدى المدارس وكان عدد المتقدمين للمسابقة يتجاوز ألفي شخص ممن يحملون مثل شهادتي وكان العدد المطلوب للوظيفة مئة مدرس ..فاتتني الفرصة للأسف ولم أنجح وهيهات لكي تصدر مسابقة أخرى ..ثم ما الذي أدراني أنني سأنجح بها أيضا ؟؟
طاحت في خيالي فكرة أن أعطي دروسا خصوصية في بيوت الطلاب مثل مايفعل المدرسون ومن خلال ذلك سابني بيتا وأحصل على سيارة أتنقل بها ثم أتزوج وأكون أسرة ..لقد عزفت عن فكرة الوظيفة ..وقد أعلنت أمام أصدقائي ومعارفي أنني مستعد لأعطاء دروس خصوصية في البيوت ..أيضا باءت أحلامي بالفشل ..حيث أن أهل القرية كلهم أذكياء وليسوا بحاجة إلى دروس خصوصية ..حاولت جاهدا أن أسلك أي باب ليصلني بوظيفة ..وكان كل ذلك دون أمل فوجت نفسي أمام مأزق صعب جداً ..هاأنذا حاصل على شهادة عالية في الأدب العربي وما زلت أمد يدي إلى أبي للحصول على مصروفي الشخصي ..ليس باليد حيلة .. كنت مجبرا على ذلك وأخجل حينما أطلب من أبي أي مبلغ .
ذهبت إلى بيت جدي وقبلت يمينه وقلت لها جدي العزيز أريد الحمار والمنجل ..دهش جدي من هذا الطلب وسألني عن سبب طلبي هذا ..فقلت له أريد أن أعمل بالحقل أعشبه وأحصده أيضا ..لقد سدت منافذ الحياة في وجهي يا جدي ولم أجد أية وظيفة .. ضحك جدي وقال : مادمت ستعمل في هذا المجال يا بني لماذا تعبت ودرست وحصلت على شهادة عالية ؟ قلت له يا جدي حينما يكون معي شهادة جامعية وأنا أركب حمارا وبيدي منجلا وأذهب كل يوم للعمل في الحقل ..سيكون ذلك مثالاً للتواضع ، وسأكبر في عيون الناس ..وغير ذلك يا جدي ..بربك هل تساوي المتعلم حينما يركب على ظهر حمار ويعمل بالحقل ..مثل الأمي الذي لا يعرف شئياً ..
( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) أشار لي جدي بيده إلى المنجل المعلق على الجدار ..وهرعت على الفور لأفك عقدة رسن الحمار المربوط إلى شجرة ..إنني تعلمتها مذ كنت صغيرا حيث كان جدي يعجب بها كثيرا ..وكانت السبب في طموحي للحصول على شهادتي الجامعية .
من خلال أسئلتي التي تفوق عمري كان جدي يرى فيَّ حلمه الذي لم يستطع لا هو ولا والدي أن يحققه ..كنت أسمعه يقول لأبي انتبه لهذا الصغير فهو ذكي وقد اكتشف جدي ذكائي الخارق من خلال أسئلتي وأجوبتي وأيضا من خلال مهارتي حينما أربط الحمار إلى جذع شجرة بطريقة مبتكرة ..قال لأبي انتبه لهذا الصغير إذا ما ودعت الحياة أنا ..من خلال تلك الكلمات اقتنعت بأنني ذكي ودخلت هذه الفكرة الجميلة في رأسي فكلما كنت أنجح في صف من صفوف الدراسة كان جدي أكثر الناس سروراً ويغدقني بهداياه مما يشجعني أكثر ..كان يقول إن هذا الفتى سيصبح طبيباً ..سنجد في عائلتنا طبيباً ..إلا أني أكره مجال الطب ..كان حلمي حينما كبرت أن أدخل مجالاً أدبياً ..وحصلت على الشهادة الثانوية بمجموع متفوق ..فرحت كل العائلة لنجاحي هذا الذي لم يفاجئ أحداً .. وأحببت أن أدخل الجامعة لأحصل على الشهادة الجامعية في الأدب العربي .. كان هذا طموحي وأمنيتي التي تمنيت أن تتحقق ..بعدها أن حصلت على شهادتي الجامعية كان جدي في الثمانين من عمره وقبلني لما حققته ..
لقد تسلحت بالشهادة الأدبية العليا وصرت من المثقفين الذين تتبعهم نظرات الإعجاب من أهل القرية .. أردت أن أتقدم لوظيفة لأحصل على راتب شهري وأبني بيتا وأكون أسرة كسائر الناس ..
لم تكن الوظيفة بالأمر السهل رغم كل الوساطات التي سعيت إليها من قبل المعارف والأصحاب ..وكان الوعد أن لا وظيفة دون صدور مسابقة وبعد عدة سنوات تم الإعلان عن المسابقة ..فقلت لقد أتت الوظيفة التي ستمكنني من أخذ دوري في المجتمع ولربما أعمل مدرساً في إحدى المدارس وكان عدد المتقدمين للمسابقة يتجاوز ألفي شخص ممن يحملون مثل شهادتي وكان العدد المطلوب للوظيفة مئة مدرس ..فاتتني الفرصة للأسف ولم أنجح وهيهات لكي تصدر مسابقة أخرى ..ثم ما الذي أدراني أنني سأنجح بها أيضا ؟؟
طاحت في خيالي فكرة أن أعطي دروسا خصوصية في بيوت الطلاب مثل مايفعل المدرسون ومن خلال ذلك سابني بيتا وأحصل على سيارة أتنقل بها ثم أتزوج وأكون أسرة ..لقد عزفت عن فكرة الوظيفة ..وقد أعلنت أمام أصدقائي ومعارفي أنني مستعد لأعطاء دروس خصوصية في البيوت ..أيضا باءت أحلامي بالفشل ..حيث أن أهل القرية كلهم أذكياء وليسوا بحاجة إلى دروس خصوصية ..حاولت جاهدا أن أسلك أي باب ليصلني بوظيفة ..وكان كل ذلك دون أمل فوجت نفسي أمام مأزق صعب جداً ..هاأنذا حاصل على شهادة عالية في الأدب العربي وما زلت أمد يدي إلى أبي للحصول على مصروفي الشخصي ..ليس باليد حيلة .. كنت مجبرا على ذلك وأخجل حينما أطلب من أبي أي مبلغ .
ذهبت إلى بيت جدي وقبلت يمينه وقلت لها جدي العزيز أريد الحمار والمنجل ..دهش جدي من هذا الطلب وسألني عن سبب طلبي هذا ..فقلت له أريد أن أعمل بالحقل أعشبه وأحصده أيضا ..لقد سدت منافذ الحياة في وجهي يا جدي ولم أجد أية وظيفة .. ضحك جدي وقال : مادمت ستعمل في هذا المجال يا بني لماذا تعبت ودرست وحصلت على شهادة عالية ؟ قلت له يا جدي حينما يكون معي شهادة جامعية وأنا أركب حمارا وبيدي منجلا وأذهب كل يوم للعمل في الحقل ..سيكون ذلك مثالاً للتواضع ، وسأكبر في عيون الناس ..وغير ذلك يا جدي ..بربك هل تساوي المتعلم حينما يركب على ظهر حمار ويعمل بالحقل ..مثل الأمي الذي لا يعرف شئياً ..
( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) أشار لي جدي بيده إلى المنجل المعلق على الجدار ..وهرعت على الفور لأفك عقدة رسن الحمار المربوط إلى شجرة ..إنني تعلمتها مذ كنت صغيرا حيث كان جدي يعجب بها كثيرا ..وكانت السبب في طموحي للحصول على شهادتي الجامعية .
عدل سابقا من قبل bassam bahri في الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 1:22 am عدل 1 مرات