أثمن شيء في العالم
تقول قصة قديمة إن الله قال لأحد ملائكته : "أنزل إلي الأرض واحضر لي أثمن شيء في العالم". هبط الملاك إلي الأرض، وعبر التلال والوديان والبحار والأنهار باحثاً عن اثمن شيء في العالم، وبعد عدة سنوات نزل الملاك إلى ساحة قتال، ورأى جندياً شجاعاً جداً مات للتو من الجراحات التي أصابته وهو يدافع عن وطنه، امسك الملاك بنقطة من دم الجندي واحضرها أمام عرش الله وقال: "أيها السيد الرب بالتأكيد هذه هي أثمن شيء في العالم"، فقال له الرب: "حقاً... هذا شيء عظيم ثمين في نظري ولكن ليس هو اثمن شيء في العالم".
وهكذا عاد الملاك إلى الأرض، ليبحث عن اثمن شيء في العالم، و ذهب إلى مستشفى حيث كانت ممرضة راقدة من جرا مرض مرعب لحق بها بسبب تمريضها لآخرين، وعند خروج النفس الأخير، التقط الملاك هذا النفس و أتى به إلى كرسي القضاء وهو يقول: "حقاً أيها السيد الرب، بالتأكيد يكون هذا هو اثمن شيء في العالم"، ابتسم الرب للملاك وقال: "حقاً أيها الملاك إن بذل الذات عن الآخرين هو تقدمة ثمينة جداً في نظري، ولكن ليس هذا هو اثمن ما في العالم".
عاد الملاك إلى الأرض، واخذ يتجول هذه المرة لسنوات أطول، فرأى شخصاً فظاً شريراً، منطلقاً في غابة مظلمة. لقد كان ذاهباً إلى كوخ عدوه ليحرقه. وعندما أقترب من الكوخ كان الضوء ينبعث خافياً من نوافذ الكوخ، إذ كان أفراد سكان المنزل دون توقع لمجيئه يمارسون أعمالهم، اقترب الرجل ونظر من النافذة فنظر الزوجة تضع طفلها الصغير علي الوسادة وهي تعلمه الصلاة، وتوصيه أن يشكر الله على جميع بركاته، لما أبصر الرجل هذا المنظر نسي ما اقبل إليه، وتذكر طفولته وكيف كانت أمه تضعه على الفراش وتعلمه الصلاة إلى الله. ذاب قلب الرجل فيه وانحدرت دمعة على وجنتيه أمسك الملاك بالدمعة وطار بها إلى الله وهو يقول : "أيها العزيز، إن هذه هي اثمن ما في الوجود دمعة التوبة". ابتسم الرب بابتهاج وقال: "حقاً أيها الملاك... لقد أحضرت اثمن شيء في العالم، دموع التوبة... التي تفتح السماء".