ردت دمشق سريعاً وبقوة على قيام السلطة الفلسطينية بطلب تأجيل التصويت على قرار يتعلق بتقرير المحقق ريتشارد غولدستون الذي اتهم إسرائيل بارتكاب «جرائم حرب» خلال عدوانها على غزة في كانون الأول وكانون الثاني الماضيين إلى جلسته المقبلة في آذار 2010.
وقالت مصادر سورية مطلعة إن القيادة السياسية السورية «قررت إلغاء زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى دمشق، والتي كانت مقررة مساء اليوم».
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومقره جنيف قرر الجمعة تأجيل التصويت على تقرير غولدستون، وأوردت وسائل إعلام عالمية معلومات تحدثت عن خضوع الوفد الفلسطيني في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لضغوط أميركية شديدة لحمله على الموافقة على إرجاء مناقشة التقرير إلى جلسته المقبلة في آذار القادم.
وأوصى غولدستون بالطلب من مجلس الأمن رفع المسألة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إذا لم يتحقق تقدم خلال ستة أشهر في التحقيقات التي تجريها السلطات الإسرائيلية بشأن الاتهامات الموجهة إليها.
ووضعت المصادر قرار دمشق إلغاء الزيارة في سياق «احترامها لدماء وأرواح شهداء غزة التي استباحتها إسرائيل على مدى ثلاثة وعشرين يوماً، والتي كان يمكن لتقرير غولدستون أن يرد إليها بعضاً من الاعتبار والإنصاف عبر تعريته للوجه المجرم لإسرائيل ومسؤوليها أمام المجتمع الدولي وسوقهم للمحاكمة»، واعتبرت المصادر أن «عرقلة السلطة الفلسطينية لهذه الخطوة حالت دون ذلك وقدمت خدمة مجانية لإسرائيل لم تكن هي قادرة على تأمنيها لنفسها».
وأوضحت المصادر أن سورية «كانت دوماً تتسامى وتتعالى على الخلافات التي كانت تظهر بين الفينة والأخرى مع السلطة الفلسطينية وخاصة على خلفية تعاطيها مع ملف السلام والمفاوضات مع إسرائيل، رغبة من دمشق في تعزيز التضامن العربي والإبقاء على الصف العربي واحداً موحداً، ودعم مشروع المصالحة الوطنية الفلسطينية».
وأضافت المصادر إن الأمر «بات مختلفاً» بالنسبة لسورية فيما يتعلق «بالجهود المبذولة لإدانة إسرائيل لارتكابها جرائم حرب» خلال عدوانها على غزة.
ورأت المصادر أن السلطة فعلت العكس، «فبدل أن تسعى باتجاه إدانة إسرائيل، قدمت لها صك البراءة من دماء وأشلاء أطفال ونساء وشيوخ غزة العزل الآمنين الأبرياء».
وختمت المصادر بالقول: إن السلطة الفلسطينية نصبت من نفسها مدافعاً شرساً عن العدوان الإسرائيلي في وجه أبناء شعبها بينما قرارات القمم العربية والإسلامية وخصوصاً قمتي الدوحة والكويت الأخيرتين، دعت بشكل واضح إلى العمل من أجل سوق مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية عقاباً لهم على جرائمهم بحق أبناء الشعب الفلسطيني ولردعهم عن تكرارها.