خبير: تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأسر يأتي في المرتبة الأولى في وجود هذه الظاهرة
تستفحل ظاهرة عمالة الأطفال
في المجتمع السوري, حيث امتدت لتشمل جميع المهن بما فيها المهن الشاقة
التي لا يقوى عليها الكبار, والتي تؤدي إلى أضرار جسدية ونفسية بالغة
الخطورة على شخصياتهم وسلوكهم,
في حين يشير مختصون إلى أن الفقر وتردي الأوضاع المعيشية للأسر يؤدي إلى
وجود هذه الظاهرة واستفحالها, تقول فيه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن
عدد الأطفال العاملين في سورية يصل إلى 500 طفل فقط.
أبيع الخبز لأطعم عائلتي
عربة
كبيرة تحوي بعض الخبز المحلى يجرها طفل في العاشرة من عمره متنقلا من مكان
لآخر كل يوم خوفا من أن تمسكه لجان التفتيش إذا بقي يبيع في نفس المكان.
رائد المعيل الوحيد لعائلته قال لسيريانيوز وهو مبتسم إن "أمه كانت تمضي
نهارها في المنازل وهي تنظف وتمسح وتخدم العائلات الراقية وتشطف أدراجا
وتمسح أخرى, لتعيلنا", لافتا إلى أن " استمرار الحال بهم إلى أن أصبح
قادرا على الخروج إلى شوارع دمشق لوحده".
وأضاف رائد انه "ذهب إلى أبو محمد الذي يتبنى عددا من الأطفال
ويقوم بتشغيلهم في بيع الخبز المحلى وأطعمة أخرى لتشغيله فوافق على ذلك,
مقابل نسبة كبيرة من الأرباح التي احصل عليها", مشيرا إلى انه "يفكر الآن
بشراء عربة لي وان أتعاقد مع احد المخابز ليكون لي المربح كاملا".
ميزاني هو مصروف والدي
لا
يمر يوم دون أن تراه وهو يجلس متكورا في زاوية أحد جسور دمشق واضعا أمامه
ميزان صغير يقول عنه محمد انه "باب رزقه", والذي أرغمه والده على العمل
منذ سنة ليصرف عليه وعلى ملذاته.
كانت الساعة العاشرة ليلا عندما رأيت محمد نائما ساندا رأسه إلى ركبتيه
وأمامه الميزان وقطعة قماش يضع عليها الزبون ما يرغب المهم مبلغ لا يقل عن
العشر ليرات, أيقظته وقلت له "كيف تنام وأمامك هذه النقود قد يمر احد و
يسرقها لك", أجابني عندها قائلا "والله أبي يشنقني".
وأضاف محمد أن "والده لا يعمل شيء بل على العكس ينام طوال النهار ويستيقظ
عند عودته مساء ليذهب هو ورفاقه إلى منزل احدهم ويستمتعوا بالملذات",
مضيفا انه "ليس الوحيد الذي يعمل في المنزل بل جميع إخوته ويخبئون بعض
المال ليعطوه لامهم دون علم أبيهم بذلك".
وتابع الطفل محمد أن "والده ينهال عليه بالضرب عندما لا يستطيع أن يجمع
الكثير من المال", لافتا إلى انه "يفكر أحيانا كثيرة بترك منزله دون
العودة إليه لكن التفكير بأمه وإخوته يمنعه من ذلك".
مهنة آبائي وأجدادي لا تموت
أبو
زياد واحد من الآباء الذين لا يرضون أن تموت مهنة آباءه وأجداده, لذا فقد
زج ولديه (زياد-13 سنة, كريم -15 سنة) في الحياة العملية ليساعداه في
حرفته (الحدادة) إيمانا منه بان الشهادات التعليمية لم تعد تحقق لحامليها
الحياة الحرة الكريمة, وهذا ما اقتنع به ولداه وكررا ذكره أثناء لقائي
معهم.
وقال الولدان أن "حرفة الحدادة "بتقص ذهب" وحتى لو درسنا الطب لن نحصل على
مبلغ من المال يؤمن لنا حياة كريمة", مضيفان أن "خريجي الجامعات لا يجدون
عملا و يتجهون بعد أن يفقدوا الأمل من العثور على وظيفة إلى الأعمال الحرة
أو يتعلمون حرفة ما، لذا نحن اختصرنا الوقت علينا و على والدنا".
الفقر.. الحاجة.. البيئة الاجتماعية أسباب لعمالة الأطفال
وعن أهم الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العمل, قال الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق سعيد مصطفى إن "هناك عدة عوامل تسهم في وجود ظاهرة عمالة الأطفال
كمستوى دخل الأسرة ووجود فرص عمل للبالغين فيها وعمل الأم ومستوى دخلها
ومستوى التعليم وغيره..", مضيفا أن "تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية
للأسر يأتي في المرتبة الأولى في وجود هذه الظاهرة".
ولفت مصطفى إلى أن "التعليم وشكله ونوعيته والعوامل المرتبطة به تشكل
عاملا مؤثرا في وجود هذه الظاهرة, حيث تفتقد الأسرة للدوافع والتضحية
والاستثمار في التعليم عند تدني مستوى التعليم وانعدام فرص العمل بالنسبة
للخريجين وتفسر هذه الأسباب والعوامل ارتفاع نسبة التسرب من التعليم وتتجه
نسبة كبيرة من الأطفال في هذه الأعمار للعمل في القطاع غير المنظم والحرفي الصغير".
وأوضح مصطفى أن "رغبة الآباء الذين يعملون بأعمال مهنية وحرفية بتوريث
أبنائهم أسرار هذه المهنة إضافة إلى رغبة شريحة واسعة من الأهالي بزج
أولادهم في الحياة العملية المبكرة إيمانا منهم بان الشهادات التعليمية
العليا و المتوسطة لا تحقق لحامليها الحياة الحرة الكريمة من حيث العائد
الاقتصادي".
وبين الأستاذ في كلية الاقتصاد أن "البيئة الاجتماعية المحيطة تجعل الأطفال يشدون بعضهم بعضا نحو الانخراط بالعمل في سن مبكرة لنيلهم الحرية والاستقلالية الشخصية والمالية".
محامي: غرامات مالية على تشغيل الأحداث دون 15 عام
قال المحامي غسان محمد لسيريانيوز إن "قانون العمل في سورية يحدد السن
الأدنى للعمل بـ "15 عاما" انسجاما مع الاتفاقيتين الدوليتين 182-138
الخاصتين بحظر عمالة الأطفال تحديد السن الأدنى لعمالة الأطفال".
وأضاف محمد أن "المادة 113 تؤكد منع تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل
إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن 15 من عمرهم", لافتا إلى أن
"الفقرة "أ" من المادة 114 تحظر تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات يوميا على
أن تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام و الراحة لا تقل في مجموعها عن
ساعة كاملة كما لا يجوز تكليف الحدث بساعات عمل إضافية مهما كانت الأحوال
أو إبقائه في محل العمل بعد المواعيد المقررة له وعدم تشغيله في أيام
الراحة و يحظر تشغيله في العمل الليلي".
وأوضح المحامي أن "الحدث بموجب قانون العمل يستحق إجازة سنوية مأجورة
مدتها 30 يوما, ويستثنى من تطبيق أحكام هذا الفصل في المادة 18 الأحداث
الذين يشتغلون في الصناعات المنزلية تحت إشراف الأب أو إلام أو الأخ أو
العم أو الخال".
وفيما يخص العقوبات المفروضة على أرباب العمل في حال إخلالهم بتطبيق
القانون, قال محمد إن "صاحب العمل الذي يخالف أحكام المادة 113 يعاقب
بغرامة لا تقل عن 50 ألف و لا تزيد عن 100 إلف في حين تتعدد الغرامة بتعدد
الأحداث الجاري تشغيلهم أو قبولهم في أماكن العمل بحالة مخالفة الأحكام
المذكورة وتشدد الغرامة إلى الضعف في حال تكرار المخالفة خلال السنة
التالية لارتكابها".
باحثة اجتماعية: عمل الأطفال يؤثر سلبا على عاطفتهم وسلوكهم الاجتماعي والأخلاقي
قالت الباحثة الاجتماعية ازدهار مهنا لسيريانيوز إن "الأطفال العاملين
يتعرضون لأخطار كبيرة تلحق بهم الأذى الجسدي بسبب ظروف العمل غير الآمنة
كما هو الحال في المصانع ومحال البناء إضافة إلى الضغوط النفسية الرهيبة
والاستغلال والقسوة مما يؤثر سلبا على عاطفتهم وسلوكهم الاجتماعي
والأخلاقي داخل أسرهم ومجتمعاتهم".
وأشارت مهنا إلى أن "عمل الأطفال
يؤثر على تطورهم المعرفي ويؤدي إلى انخفاض قدراته على الكتابة والحساب,
إضافة إلى أن عمله يؤثر على تطوره العاطفي والاجتماعي فيفقد احترامه لذاته
وارتباطه الأسري جراء بعده عن الأسرة ونومه مكان العمل وتعرضه للعنف من
قبل صاحب العمل".
وأضافت الباحثة الاجتماعية أن "التأثير النفسي العنيف لبيئة العمل على
الطفل العامل في الشوارع يولد العنف و سوء المعاملة في البيت أو في العمل
بحيث يصبح عنيفا تجاه المجتمع مما يجعل عمالة الأطفال من اخطر الظواهر الاجتماعية وغالبا ما يتعرض الطفل للاعتداء الجنسي وغيرها من الانتهاكات التي يعرض لها الطفل العامل".
وزارة الشؤون الاجتماعية: 500 فقط عدد الأطفال العاملين
وفيما يخص ظاهرة عمالة الأطفال
ودور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحد من هذه الظاهرة, قال مدير
العمل في الوزارة راكان إبراهيم لسيريانيوز انه "تم تعديل سن تشغيل الحدث
من 12 عاما بموجب قانون العمل رقم 91 لعام 1959, إلى 15 عاما بموجب
القانون رقم 24 لعام 2000, وذلك ضمن شروط خاصة بساعات العمل ومكانه
ونوعيته وتحديد الأعمال والقطاعات التي يمنع الأحداث فيها", لافتا إلى
"القانون 24 يفتقر الآليات التطبيق والتنفيذ والمتابعة".
وعن الإجراءات التي تتخذها الوزارة للحد من هذه الظاهرة, قال إبراهيم إن
"جهات تفتيش العمل تقوم بمهمة مراقبة تطبيق قوانين العمل وخاصة الأحكام
المتعلقة بتشغيل الأحداث", لافتا إلى "وجود جهاز تفتيش مركزي في الوزارة
وآخر في المحافظة يقومان بزيارات تفتيشية على الأماكن الصناعية والورشات
ضمن الإمكانيات المتاحة".
وفيما يتعلق بالإحصاءات المتوفرة عن عدد الأطفال العاملين في سورية, قال مدير العمل في الوزارة إن "عدد الأطفال
الذين يعملون في سورية وفق أرقام المكتب المركزي للإحصاء لعام 2008 تشير
إلى وجود حوالي 500 طفل فقط", مضيفا أن "هذا الرقم ربما لا يعكس حقيقة
الواقع الحالي, وان السبب في ذلك يعود إلى ضعف الإمكانيات المتاحة, إضافة
إلى عدم تعاون أصحاب المنشآت الخاصة الذين يقومون بتهريب الأطفال العاملين لديهم عند سماعهم بقدوم لجان التفتيش".
وعن رؤية الوزارة المقترحة لمعالجة هذه الظاهرة, قال إبراهيم إنه "يجب
تركيز الجهود لمعالجة الأسباب المؤدية إلى تلك الظاهرة بدلا من التركيز
على نتائجها, وذلك بالأخذ بإستراتيجية وقائية بمشاركة الجمعيات والمؤسسات
الأهلية في الجهود المبذولة بالتعاون مع المنظمات العربية و الدولية
المختصة عوضا من الاقتصار على علاج النتائج".
وأضاف إبراهيم إن "هناك جملة من السياسات المقترحة في هذا الإطار تقوم على
أهمية السعي لخفض معدلات الفقر وخاصة في المناطق الأكثر احتياجا نظرا
للعلاقة الوثيقة بين الفقر وعمل الأطفال
وزيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس في مراحل التعلية الأساسي لاسيما
المناطق النائية تعليميا كذلك استبدال العقوبات المفروضة على مخالفة الأهل
لقانون التعليم الإلزامي بمحفزات ايجابية كدفع حوافز مادية لأسر الطلبة
الأكثر فقرا مع تطوير نظام التلمذة المهنية للحد من ظاهرة تشغيل الأطفال بهدف تعليم المهنة".
وأشار مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى "أهمية التوعية حول مخاطر عمل الأطفال
وإقامة حوار بين الوزارة واتحاد نقابات العمال والتأمينات الاجتماعية من
جهة, وبين أصحاب العمل من جهة أخرى لترسيخ ثقافة جديدة لأصول التشغيل".
والأن بعد القراءة الموضوع ارجو من الأعضاء الكرام الرد وابداء الرأي
ومشكورين
تستفحل ظاهرة عمالة الأطفال
في المجتمع السوري, حيث امتدت لتشمل جميع المهن بما فيها المهن الشاقة
التي لا يقوى عليها الكبار, والتي تؤدي إلى أضرار جسدية ونفسية بالغة
الخطورة على شخصياتهم وسلوكهم,
في حين يشير مختصون إلى أن الفقر وتردي الأوضاع المعيشية للأسر يؤدي إلى
وجود هذه الظاهرة واستفحالها, تقول فيه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن
عدد الأطفال العاملين في سورية يصل إلى 500 طفل فقط.
أبيع الخبز لأطعم عائلتي
عربة
كبيرة تحوي بعض الخبز المحلى يجرها طفل في العاشرة من عمره متنقلا من مكان
لآخر كل يوم خوفا من أن تمسكه لجان التفتيش إذا بقي يبيع في نفس المكان.
رائد المعيل الوحيد لعائلته قال لسيريانيوز وهو مبتسم إن "أمه كانت تمضي
نهارها في المنازل وهي تنظف وتمسح وتخدم العائلات الراقية وتشطف أدراجا
وتمسح أخرى, لتعيلنا", لافتا إلى أن " استمرار الحال بهم إلى أن أصبح
قادرا على الخروج إلى شوارع دمشق لوحده".
وأضاف رائد انه "ذهب إلى أبو محمد الذي يتبنى عددا من الأطفال
ويقوم بتشغيلهم في بيع الخبز المحلى وأطعمة أخرى لتشغيله فوافق على ذلك,
مقابل نسبة كبيرة من الأرباح التي احصل عليها", مشيرا إلى انه "يفكر الآن
بشراء عربة لي وان أتعاقد مع احد المخابز ليكون لي المربح كاملا".
ميزاني هو مصروف والدي
لا
يمر يوم دون أن تراه وهو يجلس متكورا في زاوية أحد جسور دمشق واضعا أمامه
ميزان صغير يقول عنه محمد انه "باب رزقه", والذي أرغمه والده على العمل
منذ سنة ليصرف عليه وعلى ملذاته.
كانت الساعة العاشرة ليلا عندما رأيت محمد نائما ساندا رأسه إلى ركبتيه
وأمامه الميزان وقطعة قماش يضع عليها الزبون ما يرغب المهم مبلغ لا يقل عن
العشر ليرات, أيقظته وقلت له "كيف تنام وأمامك هذه النقود قد يمر احد و
يسرقها لك", أجابني عندها قائلا "والله أبي يشنقني".
وأضاف محمد أن "والده لا يعمل شيء بل على العكس ينام طوال النهار ويستيقظ
عند عودته مساء ليذهب هو ورفاقه إلى منزل احدهم ويستمتعوا بالملذات",
مضيفا انه "ليس الوحيد الذي يعمل في المنزل بل جميع إخوته ويخبئون بعض
المال ليعطوه لامهم دون علم أبيهم بذلك".
وتابع الطفل محمد أن "والده ينهال عليه بالضرب عندما لا يستطيع أن يجمع
الكثير من المال", لافتا إلى انه "يفكر أحيانا كثيرة بترك منزله دون
العودة إليه لكن التفكير بأمه وإخوته يمنعه من ذلك".
مهنة آبائي وأجدادي لا تموت
أبو
زياد واحد من الآباء الذين لا يرضون أن تموت مهنة آباءه وأجداده, لذا فقد
زج ولديه (زياد-13 سنة, كريم -15 سنة) في الحياة العملية ليساعداه في
حرفته (الحدادة) إيمانا منه بان الشهادات التعليمية لم تعد تحقق لحامليها
الحياة الحرة الكريمة, وهذا ما اقتنع به ولداه وكررا ذكره أثناء لقائي
معهم.
وقال الولدان أن "حرفة الحدادة "بتقص ذهب" وحتى لو درسنا الطب لن نحصل على
مبلغ من المال يؤمن لنا حياة كريمة", مضيفان أن "خريجي الجامعات لا يجدون
عملا و يتجهون بعد أن يفقدوا الأمل من العثور على وظيفة إلى الأعمال الحرة
أو يتعلمون حرفة ما، لذا نحن اختصرنا الوقت علينا و على والدنا".
الفقر.. الحاجة.. البيئة الاجتماعية أسباب لعمالة الأطفال
وعن أهم الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العمل, قال الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق سعيد مصطفى إن "هناك عدة عوامل تسهم في وجود ظاهرة عمالة الأطفال
كمستوى دخل الأسرة ووجود فرص عمل للبالغين فيها وعمل الأم ومستوى دخلها
ومستوى التعليم وغيره..", مضيفا أن "تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية
للأسر يأتي في المرتبة الأولى في وجود هذه الظاهرة".
ولفت مصطفى إلى أن "التعليم وشكله ونوعيته والعوامل المرتبطة به تشكل
عاملا مؤثرا في وجود هذه الظاهرة, حيث تفتقد الأسرة للدوافع والتضحية
والاستثمار في التعليم عند تدني مستوى التعليم وانعدام فرص العمل بالنسبة
للخريجين وتفسر هذه الأسباب والعوامل ارتفاع نسبة التسرب من التعليم وتتجه
نسبة كبيرة من الأطفال في هذه الأعمار للعمل في القطاع غير المنظم والحرفي الصغير".
وأوضح مصطفى أن "رغبة الآباء الذين يعملون بأعمال مهنية وحرفية بتوريث
أبنائهم أسرار هذه المهنة إضافة إلى رغبة شريحة واسعة من الأهالي بزج
أولادهم في الحياة العملية المبكرة إيمانا منهم بان الشهادات التعليمية
العليا و المتوسطة لا تحقق لحامليها الحياة الحرة الكريمة من حيث العائد
الاقتصادي".
وبين الأستاذ في كلية الاقتصاد أن "البيئة الاجتماعية المحيطة تجعل الأطفال يشدون بعضهم بعضا نحو الانخراط بالعمل في سن مبكرة لنيلهم الحرية والاستقلالية الشخصية والمالية".
محامي: غرامات مالية على تشغيل الأحداث دون 15 عام
قال المحامي غسان محمد لسيريانيوز إن "قانون العمل في سورية يحدد السن
الأدنى للعمل بـ "15 عاما" انسجاما مع الاتفاقيتين الدوليتين 182-138
الخاصتين بحظر عمالة الأطفال تحديد السن الأدنى لعمالة الأطفال".
وأضاف محمد أن "المادة 113 تؤكد منع تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل
إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن 15 من عمرهم", لافتا إلى أن
"الفقرة "أ" من المادة 114 تحظر تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات يوميا على
أن تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام و الراحة لا تقل في مجموعها عن
ساعة كاملة كما لا يجوز تكليف الحدث بساعات عمل إضافية مهما كانت الأحوال
أو إبقائه في محل العمل بعد المواعيد المقررة له وعدم تشغيله في أيام
الراحة و يحظر تشغيله في العمل الليلي".
وأوضح المحامي أن "الحدث بموجب قانون العمل يستحق إجازة سنوية مأجورة
مدتها 30 يوما, ويستثنى من تطبيق أحكام هذا الفصل في المادة 18 الأحداث
الذين يشتغلون في الصناعات المنزلية تحت إشراف الأب أو إلام أو الأخ أو
العم أو الخال".
وفيما يخص العقوبات المفروضة على أرباب العمل في حال إخلالهم بتطبيق
القانون, قال محمد إن "صاحب العمل الذي يخالف أحكام المادة 113 يعاقب
بغرامة لا تقل عن 50 ألف و لا تزيد عن 100 إلف في حين تتعدد الغرامة بتعدد
الأحداث الجاري تشغيلهم أو قبولهم في أماكن العمل بحالة مخالفة الأحكام
المذكورة وتشدد الغرامة إلى الضعف في حال تكرار المخالفة خلال السنة
التالية لارتكابها".
باحثة اجتماعية: عمل الأطفال يؤثر سلبا على عاطفتهم وسلوكهم الاجتماعي والأخلاقي
قالت الباحثة الاجتماعية ازدهار مهنا لسيريانيوز إن "الأطفال العاملين
يتعرضون لأخطار كبيرة تلحق بهم الأذى الجسدي بسبب ظروف العمل غير الآمنة
كما هو الحال في المصانع ومحال البناء إضافة إلى الضغوط النفسية الرهيبة
والاستغلال والقسوة مما يؤثر سلبا على عاطفتهم وسلوكهم الاجتماعي
والأخلاقي داخل أسرهم ومجتمعاتهم".
وأشارت مهنا إلى أن "عمل الأطفال
يؤثر على تطورهم المعرفي ويؤدي إلى انخفاض قدراته على الكتابة والحساب,
إضافة إلى أن عمله يؤثر على تطوره العاطفي والاجتماعي فيفقد احترامه لذاته
وارتباطه الأسري جراء بعده عن الأسرة ونومه مكان العمل وتعرضه للعنف من
قبل صاحب العمل".
وأضافت الباحثة الاجتماعية أن "التأثير النفسي العنيف لبيئة العمل على
الطفل العامل في الشوارع يولد العنف و سوء المعاملة في البيت أو في العمل
بحيث يصبح عنيفا تجاه المجتمع مما يجعل عمالة الأطفال من اخطر الظواهر الاجتماعية وغالبا ما يتعرض الطفل للاعتداء الجنسي وغيرها من الانتهاكات التي يعرض لها الطفل العامل".
وزارة الشؤون الاجتماعية: 500 فقط عدد الأطفال العاملين
وفيما يخص ظاهرة عمالة الأطفال
ودور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحد من هذه الظاهرة, قال مدير
العمل في الوزارة راكان إبراهيم لسيريانيوز انه "تم تعديل سن تشغيل الحدث
من 12 عاما بموجب قانون العمل رقم 91 لعام 1959, إلى 15 عاما بموجب
القانون رقم 24 لعام 2000, وذلك ضمن شروط خاصة بساعات العمل ومكانه
ونوعيته وتحديد الأعمال والقطاعات التي يمنع الأحداث فيها", لافتا إلى
"القانون 24 يفتقر الآليات التطبيق والتنفيذ والمتابعة".
وعن الإجراءات التي تتخذها الوزارة للحد من هذه الظاهرة, قال إبراهيم إن
"جهات تفتيش العمل تقوم بمهمة مراقبة تطبيق قوانين العمل وخاصة الأحكام
المتعلقة بتشغيل الأحداث", لافتا إلى "وجود جهاز تفتيش مركزي في الوزارة
وآخر في المحافظة يقومان بزيارات تفتيشية على الأماكن الصناعية والورشات
ضمن الإمكانيات المتاحة".
وفيما يتعلق بالإحصاءات المتوفرة عن عدد الأطفال العاملين في سورية, قال مدير العمل في الوزارة إن "عدد الأطفال
الذين يعملون في سورية وفق أرقام المكتب المركزي للإحصاء لعام 2008 تشير
إلى وجود حوالي 500 طفل فقط", مضيفا أن "هذا الرقم ربما لا يعكس حقيقة
الواقع الحالي, وان السبب في ذلك يعود إلى ضعف الإمكانيات المتاحة, إضافة
إلى عدم تعاون أصحاب المنشآت الخاصة الذين يقومون بتهريب الأطفال العاملين لديهم عند سماعهم بقدوم لجان التفتيش".
وعن رؤية الوزارة المقترحة لمعالجة هذه الظاهرة, قال إبراهيم إنه "يجب
تركيز الجهود لمعالجة الأسباب المؤدية إلى تلك الظاهرة بدلا من التركيز
على نتائجها, وذلك بالأخذ بإستراتيجية وقائية بمشاركة الجمعيات والمؤسسات
الأهلية في الجهود المبذولة بالتعاون مع المنظمات العربية و الدولية
المختصة عوضا من الاقتصار على علاج النتائج".
وأضاف إبراهيم إن "هناك جملة من السياسات المقترحة في هذا الإطار تقوم على
أهمية السعي لخفض معدلات الفقر وخاصة في المناطق الأكثر احتياجا نظرا
للعلاقة الوثيقة بين الفقر وعمل الأطفال
وزيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس في مراحل التعلية الأساسي لاسيما
المناطق النائية تعليميا كذلك استبدال العقوبات المفروضة على مخالفة الأهل
لقانون التعليم الإلزامي بمحفزات ايجابية كدفع حوافز مادية لأسر الطلبة
الأكثر فقرا مع تطوير نظام التلمذة المهنية للحد من ظاهرة تشغيل الأطفال بهدف تعليم المهنة".
وأشار مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى "أهمية التوعية حول مخاطر عمل الأطفال
وإقامة حوار بين الوزارة واتحاد نقابات العمال والتأمينات الاجتماعية من
جهة, وبين أصحاب العمل من جهة أخرى لترسيخ ثقافة جديدة لأصول التشغيل".
والأن بعد القراءة الموضوع ارجو من الأعضاء الكرام الرد وابداء الرأي
ومشكورين