يشتكي منير طالب السنة الأولى في كلية الرياضيات والفيزياء والكيمياء المعروفة باسم كلية الـ«ر ف ك» من طول الوقت الفاصل بين المحاضرات وبخاصة الصباحية والمسائية فاخر محاضرة للفترة المسائية تنتهي بتمام الساعة الثالثة أو قبل نصف ساعة وتبدأ المحاضرات المسائية مع بداية الساعة الخامسة مساءً ولا يعرف أين يمكنه قضاء كل هذا الوقت مع العلم أنه لا يستطيع الذهاب إلى «المنزل فبيتنا يبعد قرابة الأربعين كيلو متراً عن دمشق ومن غير المنطقي أن أذهب وأرجع خلال ساعتين فأتكلف مصاريف أنا غير قادر عليها وأهدر وقتي على مقاعد وسائل النقل».
39 % من المتر المربع لكل طالب آداب
بالطبع منير ليس الشاب الوحيد الذي يشكو من نظام توزيع الحصص الدراسية أو المحاضرات فمناف سبقه بسنوات أيام دراسته في فرع علم الاجتماع بكلية الآداب، ولكن مناف أوجد حلولاً لمشكلته بالانتظار في مقصف الكلية حيث تعرف على مجموعة من الأصدقاء وبدأ مشوار الانتظار حتى انقضت سنوات الدراسة الأربع وتبعتهم سنوات الرسوب لعدم تمكنه من حضور أغلبية المحاضرات لضيق المساحة في قاعات الكلية.
وتأتي شكاوى طلاب الكليات النظرية كحالة كلية مناف بأن القاعات لا تكفي لهم جميعاً، فطلاب السنة الثانية في كلية الحقوق مثلاً يتجاوز عددهم الألفي طالب وطالبة لا يستطيعون حضور أغلب المحاضرات حيث لا وجود لقاعة تتسع لهم ولا وجود لمدرس قادر على إعطاء هذا العدد من الطلاب دفعة واحدة، ومن مساوئ هذا الازدحام الكبير عدا انعدام الفهم والتواصل مع المحاضر، ارتفاع نسب الرسوب لتصل في مادة القانون المدني للسنة الثانية إلى 300 طالب من أصل 3200 طالب أي إلى أكثر من 90%.
وجاءت محاولات الحلول بقرارات جديدة تتعلق بالمفاضلة وعدم قبول الناجح ويعيد فيها ولكنها جميعاً لن تحل إلا جزءاً يسيراً من مشكلة المساحات الضيقة في كليات الجامعات الحكومية فبأحسن الأحوال وأفضل الكليات أو المعاهد العليا مساحة في جامعة دمشق، لا تتجاوز المساحة المعطاة لطالب واحد أكثر من 16 متراً مربعاً على حين تُقر التعليمات التنفيذية لترخيص الجامعات الخاصة على ألا تنقص المساحة المعطاة لكل طالب من طلابها عن أربعين متراً مربعاً.
وفي بعض الكليات النظرية بجامعة دمشق لا تتجاوز المساحة المعطاة لكل طالب المتر الواحد، ففي كلية الآداب يحتجز كل طالب مساحة 39 سنتمتراً مربعاً من أصل الكلية ذات المساحة 17483 متر مربع وبعدد طلاب للدورة السابقة وصل الـ44413 طالب.
ومن هنا توجهت جامعة دمشق إلى البدء بعملية توسع منذ قرابة الثلاث سنوات لم تنته إجمالياً حتى اليوم ولكن المشكلة تبقى قائمة فعدد الطلاب المستجدين بازدياد، والمساحات المزمع بناؤها لن تضيف الكثير على النسبة المتاحة لكل طالب، فبكلية الآداب مثلاً بعد التوسعة والبالغة 40000 متر مربع لتصبح مساحة الكلية الإجمالية 57483 متراً مربعاً تبقى المساحة المتاحة للطالب الواحد أقل من متر ونصف المتر.
وتشمل عملية التوسعة مشروعات المباني الحديثة في كلية الآداب بجامعة دمشق والتي تشمل أربع كتل، إحدى هذه الكتل مخصص لكلية الإعلام، أما الكتل الثلاث الأخرى فهي لمصلحة مستلزمات كلية الآداب وتوسعاتها الجديدة.
نظام التدريس الحالي
وما يزيد الطين بلة هو نظام التدريس المتبع الذي يسأل منير ومناف وغيرهما من طلاب الجامعة الحكومية عن ضرورة اتباعه وتوزيع المحاضرات بالطريقة ذاتها وأسلوب التعليم التلقيني لا الأسلوب البحثي المحفز للطالب والدافع الرئيس له في طريق المعرفة، ومن المعلوم بحسب تقرير سورية 2025 الذي أعده عدد كبير من الباحثين السوريين وتحت رعاية هيئة تخطيط الدولة بأن أسلوب البحث أو التعلم هو الطريق الأساس في بناء مجتمع المعرفة الذي هدفت له الخطة الخمسية العاشرة وتسعى له خطط وزارة التعليم العالي والهيئة العليا للبحث العلمي.
ويوافق نائب رئيس جامعة تشرين السابق الدكتور إبراهيم محمد العلي على رؤية الطالبين مناف ومنير وتقيم تقرير سورية 2025 الذي رأى أن التعليم في سورية يحتاج إلى مجموعة كبيرة من المتغيرات حتى يصل إلى المستوى المتوقع فيه أن يعمل على بناء مجتمع المعرفة ومن التغيرات المطلوبة إعادة النظر في المناهج ومن قبلها أسلوب التدريس التلقيني ونظام الدوام الفصلي وتوزيع المحاضرات وأسلوب الامتحانات.
ويصل الدكتور العلي في دراسته المقارنة لأنظمة الدراسة في الجامعات السورية إلى نتيجة مفادها «إن النظام الفصلي المستقل يأتي في مقدمة الأساليب التدريسية ثم يليه النظام الفصلي المعدل ويتميز النظام الفصلي المستقل بأنه يشبه النظام الفصلي المعمول به الآن في التعليم المفتوح، وهو نظام قريب من نظام الساعات المعتمدة ولكنه يتميز عنه بأن الطالب لا يسجل على المقررات، بل يسجل على الفصول فصلاً فصلاً ويدفع رسوماً معينة عن المقررات التي يحملها.
وهذا النظام لا يشترط على الطالب عند التسجيل في أي فصل أعلى النجاح في المقررات المتسلسلة أو المتدرجة في الفصول الدنيا (كما في نظام الساعات المعتمدة) لأن هذه المقررات يجب أن تكون موزعة على الفصول حسب التسلسل المنطقي والتدرج العلمي في الخطة الدرسية، ولأن الطالب يكون قد نجح فيها أو تعرف عليها خلال دراسته في الفصل السابق.
نظام التعليم المفتوح أفضل
ورأى الدكتور العلي أن النظام الفصلي المستقل يؤمن تسريع حركة الطلاب بين الفصول وخلال السنوات، ويقلص الفترة الدرسية اللازمة للتخرج ويخفض مدة البقاء في الكلية، ويشغل الموظفين على مدار السنة الدراسية ما يعني الاستفادة من عملهم، كما يبقي فترة كافية للعطلة الصيفية للطلاب والموظفين والأساتذة، ويؤمن مثابرة مستمرة للطلاب على المحاضرات الأسبوعية على مدار العام.
ليصل الدكتور العلي إلى خلاصة مفادها: إن هذا النظام يجمع بين المزايا الإيجابية لجميع الأنظمة الأخرى ويضمن مرونة في التنفيذ والتطبيق ويحقق دفعة قوية للتعليم بتسريع حركة الطلاب وفي تنظيم العمل الجامعي وتشغيل العاملين، ويتيح الاستفادة من الوقت المخصص للراحة والاصطياف، ويقلل من مدة البقاء في الجامعة حتى التخرج، ويضمن مثابرة الطلاب على الدراسة، ويقلل من تكاليف الدراسية على الطلاب والجامعة ويزيد من الدخل القومي، ويحسن من مستوى معيشة المواطنين لأنه يخفف من التكاليف المترتبة عليهم.وهنا اقترح الدكتور العلي على أعضاء مجلس التعليم اعتماد هذا النظام المستقل ريثما تتوافر الظروف المختلفة للانتقال إلى نظام الساعات المعتمدة، ونصح بالابتعاد عن النظام السنوي القديم لأنه يؤدي إلى تخلف عملية التعليم ويزيد من الهدر ويضر بمصالح الطلاب.
النظام القديم
وبين أضرار الطريقة القديمة فكل فصل دراسي يتألف من 20 أسبوعاً بما فيها فترة الامتحانات، فإن مدة الدراسة والامتحانات خلال الفصلين تبلغ 40 أسبوعاً خلال العام، وإذا تركنا أسبوعين فقط للعطلة الشتوية أو الانتصافية بين الفصلين الخريفي والربيعي فيبقى عشرة أسابيع للعطلة الصيفية، والمشكلة تكمن في عملية تنفيذ الأنشطة التعليمية على أرض الواقع خلال تلك المدة المحددة، وتتفرع منها مشكلة التأخر والانقطاع وتتمثل بتأخر الطلاب عن الالتحاق بالدراسة في بداية كل فصل لمدة لا تقل عن أسبوعين، وانقطاع الطلاب عن الدراسة قبل أسبوعين من بداية الامتحانات الفصلية وقبل أربعة أسابيع من نهاية الامتحانات السنوية، وطول فترة الامتحانات الفصلية .
39 % من المتر المربع لكل طالب آداب
بالطبع منير ليس الشاب الوحيد الذي يشكو من نظام توزيع الحصص الدراسية أو المحاضرات فمناف سبقه بسنوات أيام دراسته في فرع علم الاجتماع بكلية الآداب، ولكن مناف أوجد حلولاً لمشكلته بالانتظار في مقصف الكلية حيث تعرف على مجموعة من الأصدقاء وبدأ مشوار الانتظار حتى انقضت سنوات الدراسة الأربع وتبعتهم سنوات الرسوب لعدم تمكنه من حضور أغلبية المحاضرات لضيق المساحة في قاعات الكلية.
وتأتي شكاوى طلاب الكليات النظرية كحالة كلية مناف بأن القاعات لا تكفي لهم جميعاً، فطلاب السنة الثانية في كلية الحقوق مثلاً يتجاوز عددهم الألفي طالب وطالبة لا يستطيعون حضور أغلب المحاضرات حيث لا وجود لقاعة تتسع لهم ولا وجود لمدرس قادر على إعطاء هذا العدد من الطلاب دفعة واحدة، ومن مساوئ هذا الازدحام الكبير عدا انعدام الفهم والتواصل مع المحاضر، ارتفاع نسب الرسوب لتصل في مادة القانون المدني للسنة الثانية إلى 300 طالب من أصل 3200 طالب أي إلى أكثر من 90%.
وجاءت محاولات الحلول بقرارات جديدة تتعلق بالمفاضلة وعدم قبول الناجح ويعيد فيها ولكنها جميعاً لن تحل إلا جزءاً يسيراً من مشكلة المساحات الضيقة في كليات الجامعات الحكومية فبأحسن الأحوال وأفضل الكليات أو المعاهد العليا مساحة في جامعة دمشق، لا تتجاوز المساحة المعطاة لطالب واحد أكثر من 16 متراً مربعاً على حين تُقر التعليمات التنفيذية لترخيص الجامعات الخاصة على ألا تنقص المساحة المعطاة لكل طالب من طلابها عن أربعين متراً مربعاً.
وفي بعض الكليات النظرية بجامعة دمشق لا تتجاوز المساحة المعطاة لكل طالب المتر الواحد، ففي كلية الآداب يحتجز كل طالب مساحة 39 سنتمتراً مربعاً من أصل الكلية ذات المساحة 17483 متر مربع وبعدد طلاب للدورة السابقة وصل الـ44413 طالب.
ومن هنا توجهت جامعة دمشق إلى البدء بعملية توسع منذ قرابة الثلاث سنوات لم تنته إجمالياً حتى اليوم ولكن المشكلة تبقى قائمة فعدد الطلاب المستجدين بازدياد، والمساحات المزمع بناؤها لن تضيف الكثير على النسبة المتاحة لكل طالب، فبكلية الآداب مثلاً بعد التوسعة والبالغة 40000 متر مربع لتصبح مساحة الكلية الإجمالية 57483 متراً مربعاً تبقى المساحة المتاحة للطالب الواحد أقل من متر ونصف المتر.
وتشمل عملية التوسعة مشروعات المباني الحديثة في كلية الآداب بجامعة دمشق والتي تشمل أربع كتل، إحدى هذه الكتل مخصص لكلية الإعلام، أما الكتل الثلاث الأخرى فهي لمصلحة مستلزمات كلية الآداب وتوسعاتها الجديدة.
نظام التدريس الحالي
وما يزيد الطين بلة هو نظام التدريس المتبع الذي يسأل منير ومناف وغيرهما من طلاب الجامعة الحكومية عن ضرورة اتباعه وتوزيع المحاضرات بالطريقة ذاتها وأسلوب التعليم التلقيني لا الأسلوب البحثي المحفز للطالب والدافع الرئيس له في طريق المعرفة، ومن المعلوم بحسب تقرير سورية 2025 الذي أعده عدد كبير من الباحثين السوريين وتحت رعاية هيئة تخطيط الدولة بأن أسلوب البحث أو التعلم هو الطريق الأساس في بناء مجتمع المعرفة الذي هدفت له الخطة الخمسية العاشرة وتسعى له خطط وزارة التعليم العالي والهيئة العليا للبحث العلمي.
ويوافق نائب رئيس جامعة تشرين السابق الدكتور إبراهيم محمد العلي على رؤية الطالبين مناف ومنير وتقيم تقرير سورية 2025 الذي رأى أن التعليم في سورية يحتاج إلى مجموعة كبيرة من المتغيرات حتى يصل إلى المستوى المتوقع فيه أن يعمل على بناء مجتمع المعرفة ومن التغيرات المطلوبة إعادة النظر في المناهج ومن قبلها أسلوب التدريس التلقيني ونظام الدوام الفصلي وتوزيع المحاضرات وأسلوب الامتحانات.
ويصل الدكتور العلي في دراسته المقارنة لأنظمة الدراسة في الجامعات السورية إلى نتيجة مفادها «إن النظام الفصلي المستقل يأتي في مقدمة الأساليب التدريسية ثم يليه النظام الفصلي المعدل ويتميز النظام الفصلي المستقل بأنه يشبه النظام الفصلي المعمول به الآن في التعليم المفتوح، وهو نظام قريب من نظام الساعات المعتمدة ولكنه يتميز عنه بأن الطالب لا يسجل على المقررات، بل يسجل على الفصول فصلاً فصلاً ويدفع رسوماً معينة عن المقررات التي يحملها.
وهذا النظام لا يشترط على الطالب عند التسجيل في أي فصل أعلى النجاح في المقررات المتسلسلة أو المتدرجة في الفصول الدنيا (كما في نظام الساعات المعتمدة) لأن هذه المقررات يجب أن تكون موزعة على الفصول حسب التسلسل المنطقي والتدرج العلمي في الخطة الدرسية، ولأن الطالب يكون قد نجح فيها أو تعرف عليها خلال دراسته في الفصل السابق.
نظام التعليم المفتوح أفضل
ورأى الدكتور العلي أن النظام الفصلي المستقل يؤمن تسريع حركة الطلاب بين الفصول وخلال السنوات، ويقلص الفترة الدرسية اللازمة للتخرج ويخفض مدة البقاء في الكلية، ويشغل الموظفين على مدار السنة الدراسية ما يعني الاستفادة من عملهم، كما يبقي فترة كافية للعطلة الصيفية للطلاب والموظفين والأساتذة، ويؤمن مثابرة مستمرة للطلاب على المحاضرات الأسبوعية على مدار العام.
ليصل الدكتور العلي إلى خلاصة مفادها: إن هذا النظام يجمع بين المزايا الإيجابية لجميع الأنظمة الأخرى ويضمن مرونة في التنفيذ والتطبيق ويحقق دفعة قوية للتعليم بتسريع حركة الطلاب وفي تنظيم العمل الجامعي وتشغيل العاملين، ويتيح الاستفادة من الوقت المخصص للراحة والاصطياف، ويقلل من مدة البقاء في الجامعة حتى التخرج، ويضمن مثابرة الطلاب على الدراسة، ويقلل من تكاليف الدراسية على الطلاب والجامعة ويزيد من الدخل القومي، ويحسن من مستوى معيشة المواطنين لأنه يخفف من التكاليف المترتبة عليهم.وهنا اقترح الدكتور العلي على أعضاء مجلس التعليم اعتماد هذا النظام المستقل ريثما تتوافر الظروف المختلفة للانتقال إلى نظام الساعات المعتمدة، ونصح بالابتعاد عن النظام السنوي القديم لأنه يؤدي إلى تخلف عملية التعليم ويزيد من الهدر ويضر بمصالح الطلاب.
النظام القديم
وبين أضرار الطريقة القديمة فكل فصل دراسي يتألف من 20 أسبوعاً بما فيها فترة الامتحانات، فإن مدة الدراسة والامتحانات خلال الفصلين تبلغ 40 أسبوعاً خلال العام، وإذا تركنا أسبوعين فقط للعطلة الشتوية أو الانتصافية بين الفصلين الخريفي والربيعي فيبقى عشرة أسابيع للعطلة الصيفية، والمشكلة تكمن في عملية تنفيذ الأنشطة التعليمية على أرض الواقع خلال تلك المدة المحددة، وتتفرع منها مشكلة التأخر والانقطاع وتتمثل بتأخر الطلاب عن الالتحاق بالدراسة في بداية كل فصل لمدة لا تقل عن أسبوعين، وانقطاع الطلاب عن الدراسة قبل أسبوعين من بداية الامتحانات الفصلية وقبل أربعة أسابيع من نهاية الامتحانات السنوية، وطول فترة الامتحانات الفصلية .