أحببتها ساخرة كالرؤى | مبهمة غامضة كالظنون |
مجنونة و الحسن لم تكتمل | فتنته إلاّ ببعض الجنون |
طروبة ضحّاكة كالصّبا | كئيبة قاتمة كالمنون |
اليأس في أجفانها و المنى | و الضحك في ألحانها و الأنين |
و خفّة الأيّام في ثغرها | لكن بعينيها وقار السنين |
قد مزّق الفجر و لم تثنه | شفاعة الحبّ و نجوى الفتون |
غلالة شفّافة عذبة | على لماها من رؤى الحالمين |
تثير في قلبي شكوك الهوى | لاذعة ثمّ تريد اليقين |
هيهات قلبي قد غدا كافرا | و كان فيها أوّل المؤمنين |
يا صورة أبدع تكوينها | في مطلع الفجر إله الفنون |
و نغمة من بعض ألحانها | همس اللّيالي و ارتعاش الغصون |
و نفحة لله عطريّة | ندّية حيّا بها البائسين |
و زهرة أخشى على حسنها | من خطرة الفكر و نجوى العيون |
لا تخدعيني إنّني عالم | بما تبينين و ما تكتمين |
أرى على خدّيك فيما أرى | بألف لون قبل العاشقين |
من قبلة خائنة مرّة | و قبلة وادعة في الجبين |
و قبلة حمراء مثل اللّظى | و قبلة بيضاء مثل اليقين |
تأبين إلاّ محو آياتها | و هنّ يا ليلاي لا يمّحين |
*** | |
لا تنكري حبّك لي إنّني | أستشهد الريحان و الياسمين |
و النهر إذ تنظر أمواجه | لا أستحي منها و لا تخجلين |
و الأيكة الخضراء إذ أبصرت | تبذّل الحسن الشهيّ المصون |
و أنّه بحت بها للدجى | فعطّر اللّيل عبير الأنين |
دامية موجعة وقّعت | ألحانها يمنى الرّجيم اللّعين |
سأسكب الدمعة فيها الأسى | و الشعر و الحبّ الشجيّ الحزين |
لعلّني يشفع بي عندها | هذا الهوى الباكي و هذا الحنين |
سا صورة أبدع تكوينها | في مطلع الفجر إله الفنون |
الكبير :بدوي الجبل