مقصلة لرأس السنة ..!!
و يأتي العام الجديد على رؤوس أصابعه, مرتجفا كلص, و على وجهه قناع يمثل جمجمة , و ربما كان القناع المدهون بالأبيض هو وجهه الحقيقي . لم يعد أحدا واثقا من شيء ...!
يأتي السيد رأس السنة مبتلا بمطر له طعم الدموع , معمدا بسياط الجلادين ,و شهقات الأبرياء ...
كل عام و انتم بخير
كل موت و انتم بخير
فأيا كانت ميولنا الفردية و اختياراتنا الذاتية , ثمة حقيقة جماعية تفرض نفسها ," المناخ العام "
يجد الإنسان في ليلة رأس السنة مناسبة لمراجعة فواتير العام الماضي و هو أمر ليس رديئا.
و إذا كنت تريد للحاضر أن يكون مختلفا عن الماضي ادرس الماضي ..!
لكن فتح الدفاتر العتيقة ليس امرأ مبهجا على الأغلب , فهو يحمل في طياته وعيا غامضا بالموت على أنواعه :
الموت السريع للأشياء الجميلة ,كالفرح و الحب و الصداقة و الأحلام و بقية ورود الحياة السريعة العطب و الانكسار ...
يأتي السيد رأس السنة على رؤوس أصابعه في كل مكان
يأتي و له وجه متظاهر ضد الحروب الصغيرة و الكبيرة , المحدودة و اللامتناهية , يأتي ضد التعبئة الذرية و الصواريخ النووية الأمريكية ...
ويأتي ضد موت اصغر طفل في بيروت
و يهرب السيد رأس السنة برأسه من مقصلة الكرنفال و يمضي إلى الشارع ليمشي مع مليوني متظاهر مذعور...
يقرا اللافتات التي يحملونها ...
و يختار السيد رأس السنة من بينها لافتة أنا خائف لبساطتها و شموليتها , ويركض بها في الشوارع معهم تحت المطر..
مع الفجر يجلس السيد رأس السنة على الرصيف و قد وضع رأسه بين يديه و يقرا الوجهين لعملة الخوف في إحصائية غير ممتعة ....
يأتي رأس السنة دامي الرأس , فيلتفت الناس صوب الماضي مادام الحاضر هو ابن الماضي ..!!
ماذا نفعل حين يقول لنا أحدهم مداعبا " كل موت و انتم بخير " وتبدو لنا التحية منطقية ..؟؟
ماذا سوى أن ننفجر ضاحكين في تفاؤل عابث طفولي العناد , و نقرر ببساطة :
و نحن أيضا سوف نتمادى و نطمح بما هو أفضل مما تسمح به التوقعات المنطقية ..!!!!
و مبارك رأس السنة الجديدة الذي يكاد يضيع رأسه على مقصلة مخاوفنا و مبارك موتنا الآتي .....
................
غادة السمان