ضعني أيها القدر في زجاجة، ثم ضع الزجاجة في علبة خشبية
محكمة، ثم ضع العلبة في صندوق حديدي مقفل و اربطه بسلاسل فولاذية، و لترمني يدك
التي لا تعرف الرحمة في أعمق نقطة في البحر و انتظرني حتى أرتطم بالقاع لتتأكد أن
غرقي بلا عودة، و امضِ أنت في رحلتك المجنونة بحثا عن ضحية أخرى. فقد سئمت هذه
الحياة الصاخبة اللعينة.
أريد أن أراجع تاريخي معك و تاريخك معي، أريد أن يغلقَ
عليّ البحر بظلمة أسراره حتى أنسى شكل وجهي، حتى أنسى لون السماء و دفء الشمس، حتى
أنسى صوت الشجر و رائحة المطر. أيها القدر المجنون العابث، سيمتلئ البحر يوماً
بغضبي لأمحو ما بقي بيننا من تاريخ. ستشتعل يوماً عيناي لأرسم لنفسي وجهاً مغايراً
للذي اعتادت عليه استهزاءاتك، يوماً ما سأخرج من قبري هذا الذي وضعتني فيه لأجعل
للسماء لوناً آخر و للشمس روحاً أخرى. ستنشد أشجار الأرض لحن انتقامي منك لتتساقط
بعدها حبات المطر على وجهي بكل ما تحمله من طهارة و خلاص. سأمسكك أيها القدر
الجامح من لجامك يوماً و ربما عندها سأصنع لنفسي قدرا جديدا.!!