المهندس باسل قس نصر الله
مستشار مفتي الجمهورية السورية يتحدث:
مستشار مفتي الجمهورية السورية يتحدث:
من الطبيعي بحكم عملي مع مفتي الجمهورية العربية السورية، أن أتواجد - أكثر من غيري - في الجوامع والمساجد، فأي مستشار لشخص ما، سيكون - في أغلب الأحيان - في الأماكن التي يتواجد بها هذا الشخص، سياسياً كان أم اقتصادياً أو دينياً أو غيره من الصفات.
إلا أن القارئ سيفكر (وهو معذور) أن مستشاراً لمفتٍ مسلم، لا بد أن يكون مسلماً، ولكنه سيفاجأ عندما أقول إنني مسيحي.
لا شك أن المفتي العام لن يستشيرني في قضايا فقهية إسلامية - وهو يعرف ما يعرف ومعه من علماء الدين الإسلامي من تلمع أسماءها، إلا أنه عندما يطرح نفسه كمفت لكل المواطنين في سورية (وليس المسلمين) علينا أن نفهم لمَ يوجد مسيحي في الصف الأول مع المفتي.
وقال لي سفير فرنسا: “ولكن ألستَ مستشاراً لمفتي سورية، وهو مسلم، فهل كنت مسيحياً في السابق؟” فأجبته: “ولكنني سيدي السفير، أنا مسيحي” فصمت الجميع مندهشين، وبدأنا نقاشاً تحول إلى عرض مبسط للعيش المشترك في سورية، وقلت لهم: “سادتي تتكلمون وتثنون المديح على دول سمحت بأداء بعض الشعائر الدينية على أراضيها، وتنسبون إلى بلدي (عن طريق الإعلام) كل الموبقات، بدءاً من الإرهاب إلى ما لا يخطر على بال… في بلدي أيها السادة لسنا بحاجة إلى موافقة رئيس الجمهورية حتى نرمم - مجرد الترميم - كنائسنا، وفي بلدي لا تُمنع أصوات أجراس الكنائس، ولا يقوم نائب الملك بدعوة رؤساء الطوائف للحضور إليه لمعايدتهم. في بلدي سورية، يكون ترخيص بناء كنيسة منوطاً بالجهة الإدارية التي تمنح ترخيص أي بناء ما، وتكون الكهرباء والماء مجانيتين أسوة بالمساجد والمعابد اليهودية حتى،
وفي بلدي يتسابق رجال الدين المسيحي لمعايدة إخوتهم المسلمين، الذين يبادروهم بمثلها خلال الأعياد المسيحية، بل أن رئيسنا يتوجه بنفسه إلى كنائسنا وأديرتنا ليعيدنا”
فنحن لا نتعامل ونقسم بعضنا البعض إلى طوائف، بل إلى مواطنين، فلا تستغرب وجودي كمستشار لمفتي سورية وأن اقضي أنا المسيحي يوم عيد الميلاد في حضور صلاة الجمعة وخطبتها.