تختلف الطريق المؤدية إلى "أرواد" عن أي طريق أخرى فهي الطريق الوحيدة في سورية التي نستغني فيها عن السيارة وعن أرجلنا في خوضها فهي تحتاج إما لمركب أو سفينة أو لذراعين قويين تمكناننا من السباحة لمسافة ثلاثة أو أربعة كيلو مترات في البحر تعالوا نتعرف أكثر إلى عالم السفر في البحر .السائق السيد "مصطفى طلع" من "أرواد" يقول: «أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من خمسة عشر عاما وقد علمني إياها والدي الذي ورثها عن جدي فهذه هي مهنة عائلتنا منذ أن وجدت المراكب التي تقل الركاب إلى "أرواد"».
يتابع قائلا: «في مهنتنا لكل مركب اسم وهذا شرط مفروض علينا من الموانئ نختاره نحن واسم مركبي "بحمى الرحمن"، وهذه التسمية قديمة جدا وأعتقد أن جدي هو من أطلقها على المركب، وطبعا هناك رقم ورخصة قيادة أي تماما كما أوراق السيارة العادية».
وهل القيادة هي ذاتها كما في السيارة؟
«بالتأكيد لا...! فأنا لا أعرف كيفية قيادة السيارة أبداً مع أني جربت ولكن الطريقة مختلفة تماما، مع أنه في المركب يوجد هناك عجلة قيادة وفرام أي كالسيارة ولكن القيادة مختلفة ربما لأن الإبحار هو ما تعودنا عليه ولم نعتد السير في طريق اسفلتية».
هل المدخول جيد؟
«نعم جيد جدا ونحن لا نصرف الوقود بشكل كبير فالمركب لا تحتاج إلا لمبلغ 400 ليرة كل يوم ثمن الوقود بينما نحن يصل إلينا من أجور الركاب حوالي 1500 ليرة يوميا في فصل الشتاء و4000 ليرة في فصل الصيف، حيث يزداد عدد السياح وبالتالي الركاب علما أن أجرة الشخص الواحد في المركب هي 25 ليرة».
ويقول السائق "محمد عثمان" واسم مركبه "الصقر": «أنا أعمل في هذه المهنة منذ عشرين عاما، وكنت دائما أبحر مع والدي منذ عمر الثانية عشر عاما لتعلم قيادة المراكب منه وتعلمت سريعا فهي مهنة سهلة ولكنه لم يسمح لي بقيادة المركب حتى بلغت الثامنة عشر عاما وحصلت على رخصة نظامية».
ماهي الصعوبات التي تعترض مهنتكم؟
يجيب –ضاحكا-: «أهم شيء لا يوجد شرطي مرور ولا إشارة ننتظر عندها، وليست هناك طرق خاصة بالذهاب وأخرى للإياب إنها طريق واحدة لا نخاف فيها من الاصطدام، وحتى الآن لم يحصل أي حادث على الأقل منذ مزاولتي لهذه المهنة والصعوبات الوحيدة يفرضها الطقس فغالبا ما تلغى الرحلات إلى "أرواد" بسبب سوء الأحوال الجوية وهذا أيضا نادر الحدوث وربما يكون مرة أو مرتين في السنة وقد لا يحدث أبدا».
في أي وقت يبدأ العمل؟
«منذ السادسة صباحا فهناك موظفين ومعلمين يعملون في المدينة وهناك الطلاب أيضا وينتهي عند حلول الظلام وأحيانا يستمر مساء وذلك يحدث في الصيف علما أننا لا نعمل بشكل يومي وإنما هناك مائة مركب يعملون على طريق "أرواد"، كل خمسين منهم يعملون يوما ويعطلون آخر، أي "العمل يوم لأ ويوم نعم" حتى يحصل الجميع على فرصة للعمل».
هل هناك أنواع للمراكب؟
«هما نوعان فقط، أحدهما النموذج القديم ويتسع لعشرين شخص ٍ كحدٍّ أعلى والآخر هو النموذج الحديث ويتسع لحوالي خمس ٍ وثلاثين شخصا كحد أعلى، ويتراوح سعر المركب بين السبعمائة ألف ومايزيد على المليون حسب نوعه وجدته».
وبالنسبة للركاب فقد كانت الطريق إلى "أرواد" متعة لا تضاهيها متعة فكما يقول السيد "أحمد سلامة": «أكثر ما يستهويني في الذهاب إلى "أرواد" هو السفر عبر البحر وأجلس دائما في مقدمة المركب، حتى أتمكن من رؤية البحر الذي أتخيله يسير أمامي وهي راحة للنفس خصوصا إذا ما نظرتم للبعيد حيث لا تجدون إلا البحر أمامكم ويحيط بكم من كل الجوانب».
وتقول الآنسة "رنا علي": «لست مستعدة للمغامرة فأنا أخاف البحر ولا أتخيل نفسي أبداً وأنا أبحر فيه، خصوصا وأني لا أعرف السباحة مع أن أصدقائي حاولوا مرارا إقناعي بالذهاب إلى "أرواد" دون جدوى رغم أنني أتمنى زيارتها ولا يمنعني سوى الطريق».