وبرأيه فإنّ تحسين معيشة المواطن السوري إنّما تأتي بشكل أساسي من تحسين الخدمات ورفع مستوى التعليم والصحة والصرف الصحي ومياه الشرب وتأمين المزيد من الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود وإضافة المزيد من محطات الكهرباء.. ومن أجل ذلك حملت موازنة الدولة لعام 2010 زيادة كبيرة في الاعتمادات المخصصة لقطاع الإسكان والكهرباء والصحة والتربية والنقل والمجالس المحلية وهي القطاعات الّتي تعبر عن علاقة مباشرة مع المواطن وحياتهِ.
أما زيادة الرواتب والأجور, فأكد الحسين أنّ أي من موازنات الدولة لم تحمل مرّة بنداً خاصاً بزيادة الرواتب إلا أنّه عندما تتقرر أي زيادة فسيتم رصد الموارد اللازمة لتغطيتها.
وفي تفاصيل إطلالته التلفزيونية.. فقد ركّز الحسين على التوجه الواضح في الإنفاق الاستثماري.. مما يعني تعزيز عملية التنمية في البلاد.. يستأثر الإنفاق الاستثماري بـ 43.4% من حجم الموازنة بزيادة أكثر من 19% عن العام الماضي.
واللافت في الأمر هو تخصيص مبلغ 86 مليار ليرة كاعتمادات احتياطية يمكن استخدامها عندما يكون هناك مشروع استثماري ما جاهز للتنفيذ ولا ينقصه إلا التمويل.. كمشروع إنشاء محطة كهرباء على سبيل المثال..
/اقتصاد مقاوم/
الحسين رحب بمصطلح المقاومة.. للاقتصاد السوري.. وللسياسة السورية على حدّ سواء..
ورأى أنّ أفضل ما في الموازنات السورية اعتمادها على موارد محلية..
وباستثناء 12 مليار ليرة (حوالي 260 مليون ليرة) مقرر اقتراضها في 2010.. فإنّ جل اعتمادات الموازنة تعتمد على إمكانيات ذاتية وفقاً لمايلي:
400 مليار سيتم تأمينها من الضرائب والرسوم.. دون أن يعني ذلك أي فرض جديد لضرائب ورسوم.. وإنّما عبر مكافحة التهرب الضريبي وتحسين الإدارة الضريبية وبحسب وصف الحسين.. فإنّ هناك حرص على تحصيل الضرائب السيادية الّتي تستخدم للإنفاق على وزارات الدولة ومشاريعها.
وهنا توقف الحسين ووجه رسالة للمتهربين ضريبياً فاعتبرهم من فئة الآثمين وآكلي مال الشعب وبالتالي لا بدّ من ملاحقتهم ومعاقبتهم وبشدّة.
إذاً أكثر من 60% من إيرادات الموازنة تأتي من الضرائب والرسوم.. في حين يتأتى قسم آخر من الفوائض الاقتصادية.. وهي الأرباح الّتي تحققها شركات ومؤسسات القطاع العام البالغ عددها 260 مؤسسة وشركة وأهمها مؤسسة الاتصالات والمصرف التجاري.. وهذه ستقدم في عام 2010 كما هو مقدر نحو 168 مليار ليرة.. وهنا لفت الحسين إلى ضرورة معرفة أنّه ليس كل القطاع العام خاسر.. وأنّ قطاعنا العام قادر في جزء مهم منه على الاستمرار وتشغيل العمالة ورفد الخزينة.
المورد الرئيسي الآخر للخزينة يتجلى في الموارد النفطية والرسوم الجمركية.. وفي كل ذلك خلص الحسين للقول: أنّه لا توجد أية أزمة في الموارد.. ووجود بعض الصعوبات غير مؤثر طالما أنّ هناك اعتماد على الذات..
/عشرات الآلاف من فرص العمل/
وفي رده على سؤال بتعلق بفرص العمل الّتي ستوفرها موازنة 2010 أشار الحسين إلى أنّه تمّ حصر الشواغر في القطاع الإداري والاقتصادي وتبين أنّه يمكن توفير أكثر من 61 ألف فرصة في مختلف القطاعات وخاصةً في التربية.. ملمحاً إلى جهود سيبذلها من أجل استيعاب المزيد من الناجحين في مسابقة وزارة المالية.
/مشاريع استثمارية تنموية/
وانتقل الحسين للحديث مرة أخرى عن الشق الاستثماري مخبراً عن وجود رصد موازنات لعدد لا بأس بهِ من المشاريع التنموية في مقدمتها مشروع جرّ مياه دجلة بعد إتمام الاتفاق مع الجانب التركي ومشروع جرّ الفرات وإقامة المزيد من السدود ومشاريع أخرى تمّ تحديدها في قطاع الكهرباء والصناعة والاتصالات..
وفي حال تمّ تجهيز إضبارات مشاريع جديدة فإنّ هناك استعداد لتمويلها مباشرةً من احتياطي الموازنة البالغ 86 مليار ليرة كما أشرنا أعلاه.
الحسين أوضح أنّ أكبر زيادة في الاعتمادات حصلت في قطاع الإسكان سواء بالشق المتعلق بمشاريع مياه الشرب والصرف الصحي أو بقطاع السكن..
وزارة الكهرباء بدورها حصلت على إيرادات كبيرة مع بقاء المجال مفتوحاً لاستفادتها من الموازنة الاحتياطية..
بدوره النقل حصل على زيادة في الاعتمادات ستوجه بشكل رئيسي لتحسين الطرق..
/الإنفاق الجاري/
وفي الشق المتعلق بالإنفاق الجاري.. تحدث الحسين عن زيادة 4.25% في هذا البند.. لمواجهة الترفيع الدوري لموظفي الدولة البالغ 9%.. إلى جانب تغطية كتلة الرواتب والأجور والإنفاق الإداري.
وعند الإنفاق الإداري توقف الحسين وأشار إلى الهدر القائم في القطاع الإداري وخاصةً على السيارات والّذي لا بدّ من ضبطه ومراقبته.
وتلقى الحسين سؤالاً عن الضمان الصحي لموظفي الدولة باعتباره من أشدّ المتحمسين لهُ، وعنه قال: أنّ هناك توجه فعلي لتوفير التأمين الصحي لموظفي القطاع الإداري بعدما أعلنت المؤسسة العامة للتأمين جاهزيتها لتقديم التأمين الصحي لموظفي الدولة بأقساط لا تتجاوز 7000 إلى 8000 ليرة مقابل تغطية تصل إلى مليون ليرة.
مشيراً إلى أنّ الأمور ستتطور لاحقاً باتجاه إحداث شركة صحية تابعة للمؤسسة العامة للتأمين يمكن أن تشمل المتقاعدين والفقراء والمحتاجين...
/سندات الخزينة.. إقراض للتنمية/
وكان للحوار مع السيد وزير المالية محطة عند سندات الخزينة.. فأوضح الحسين.. أنّ الأمور التشريعية والتقنية لإصدار سندات الخزينة أصبحت جاهزة.. ولكن لن تلجأ الحكومة إلى سندات الخزينة الّتي هي في الأساس اقتراض تدفع عليه فوائد.. إلا عند الحاجة لتمويل مشاريع تنموية وذات جدوى اقتصادية.. وغير ذلك لن يكون.
فمثلاً إذا قال وزير الكهرباء أنّه بحاجة إلى 100 مليار ليرة لإقامة محطة كهرباء فيمكن اللجوء إلى الاقتراض الداخلي عن طريق سندات الخزينة. بمعنى أنّ لجوء الحكومة إلى هذا النوع من الاقتراض سيكون مدروساً ووفقاً لمتطلبات العملية التنموية ودون أن يعني ذلك التقليل من أهمية سندات الخزينة خاصةً للمصارف..
/إطفاء 507 مليارات ليرة/
التشابكات المالية فرضت نفسها على الحوار وعنها قال الوزير الحسين: أن مجلس الوزراء اتخذ قرار بإطفاء 507 مليارات ليرة هي عبارة عن ديون مستحق دفعها من قبل القطاع العام.. وقرار الإطفاء هذا هو الخامس منذ عام 2000..
وبموجب هذا القرار ستشطب ديون مجموعة من المؤسسات العامة في مقدمتها سادكوب بواقع 327 مليار ليرة والمؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء بواقع 100 مليار ليرة إلى جانب شطب ديون أخرى مستحقة على القطاع الإنشائي والمياه.
مشيراً إلى أنّ هذا الشطب لا يشمل ديون مؤسسة التأمينات المعاشية الّتي تمّ تشكيل لجان لدراسة كيفية حمل الجهات الّتي لم تسدد التزاماتها على التسديد.
وفي كل ذلك رأى الحسين ضرورة الانتباه إلى أنّ إطفاء الديون هو لمعالجة النتائج وليس لمعالجة الأسباب.. موجهاً نداء إلى زملائه الوزراء المعنيين لإيجاد الحلول للأسباب الّتي تؤدي إلى هذه التشابكات المالية الكبيرة.