الطعام السريع ''Fast food''ليس
نوعاً من أنواع الوجبات, إنما أسلوب حياة هكذا على الأقل نشأ بمكان مولده
في الدول الرأسمالية, وهو للموظفين المسرعين إلى عملهم والذين لا تمنحهم
مؤسساتهم الوقت الكافي لإنهاء وجبة غدائهم التقليدية, فبات ''Fast food"الطعام المفضل كونه مليء بالسعرات الحرارية وذلك بفضل وجود كمية إضافية من الدهون المشبعة.
مطاعم
الوجبات السريعة وجدت في الغرب لتغطية احتياجات هؤلاء الذين لا يملكون
الوقت الكافي لتحضير وجبة طبيعية بالمنزل, ومدة الجلوس في هذه المطاعم لا
تتجاوز أكثر من 30 دقيقة، وهي المدة الكافية لملئ المعدة بسعرات حرارية
تعادل تلك السعرات الموجودة في مائدة المنزل و الاختلاف هنا يقتصر على
الوقت فقط.
تنتشر هذه المطاعم في الأحياء الشعبية و قرب محطات المترو و الباصات هذا في الغرب طبعاً.
بينما
تنتشر هذه المطاعم ببلادنا في مناطق الطبقات الراقية, لأننا على عكس الغرب
نبيعها بمبالغ باهظة, وهي (الوجبات السريعة) لذوي الجيوب الممتلئة.
أما ذوي الجيوب الممزقة فهم ما زالوا يستمتعون بوجباتهم المحلية كالمناقيش و الفلافل و الشاورما.
الوجبات السريعة بين مؤيد ومعارض
هيثم
طالب في جامعة دمشق(21 عام) يرى أن هذه المطاعم هي طقس من طقوس التسوق
والكزدرة والرواق، وبرأيه أن مطاعم الوجبات السريعة بأسماءها الأجنبية هي
مطاعم الشباب والمراهقين، كونهم قليلاً ما يأكلون بالمنزل لأنهم يقضون
أغلب أوقاتهم خارجاً برفقة أصدقائهم (الشلة)، وهو من المؤيدين لهذا النوع
من المطاعم كونها تتمتع بالكثير من الأصناف والنكهات الغربية و الغريبة.
أما
رنا موظفة في إحدى شركات الاتصالات (32 عام) تجد أن مطاعم الوجبات السريعة
تنهك الجيوب قبل البطون، كونها غالية الأسعار ولا تحتوي على قيمة غذائية،
ولكنها مضطرة في الكثير من الأحيان لتناول وجبة الغداء في مكان عملها،
وتضيف بأن هذه الوجبات باتت موجودة بالقوة كونها الحل الوحيد والسريع
نظراً لعدم وجود مطاعم شرقية تلبي حاجاتنا الغذائية.
أما أصحاب هذه المطاعم والذين هم من فئة الشباب، والنشيطين في ابتكار وجبات وخلطات جديدة، وبأسماء إعلانية وتسويقية مميزة .
يرون ان هذه المطاعم لغة هذا العصر المتسارع, و هم يملكون جميع الوسائل لإرضاء الزبائن باعتمادهم على الوجبات الجديدة التي يقدموها.
فالوجبة الذهبية المشهورة في دمشق بمكوناتها المتتعددة باتت هي الوجبة رقم (1)، رغم أن سعرها للشخص
الواحد مقارنة مع طعام المنزل أو الطعام الشامي يساوي خمس أضعاف على
الأقل، فسعر هذه الوجبة (250)ل.س أي بما يعادل 10 سندويشات فلافل من الحجم
المتوسط (الغير مدعومة).
بالمتوسط عدد مطاعم الوجبات السريعة في الشعلان (20) مطعم , بالمقابل عدد المطاعم الشعبية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة .
ما بين الوقت البطيء والطعام السريع التحضير
مطعم الوجبات السريعة ( أي كُل بسرعة و عد لعملك ), هكذا ترجمه الطباخ الفرنسي الشهير " آلان سندران ".
و
لكن هنا أردنا ترجمته بشكل مختلف كوننا لا نملك الوقت الضيق لتناول الطعام
و كوننا شباب يحب الجلوس و التحدث و المفاخرة بعزيمة غداء أو عشاء لذيذة و
دون طعم.
و إذا كان الشباب في الغرب يتناولون ''Fast food'' بسرعة لأنهم لا يملكون الوقت , نحن الشباب العربي نأكله بكل ما نملك من وقت, لا نذهب لهذه المطاعم بسرعة و لا نأكل بسرعة كما أننا لا نخرج بسرعة, و الشيء الوحيد هو أننا نشعر بالشبع بسرعة.
وبعيداً عن مضاره الصحية, و مصاريفه التي اعتبرت الآن في بلادنا من أساسيات المصروف اليومي, فإننا نجد اليوم أن مطاعم الـ ''Fast food'' منتشرة بشكل مكثف على الرغم من أننا لا نعير للوقت أي انتباه.
مقبلات
ثم كلب حار على طبقنا و بالتأكيد المشروبات الغازية لوجود نسبة كبيرة من
الملح في هذا الطبق, و الخاتمة في الحلويات ترافقها الأحاديث و الضحك و لا
شيء فيها سريع عدا اسمها.
و المشكلة في بلادنا بأن ''Fast food'' وجد في حياة بطيئة جداً و لا تتغير.
أخيراً...........
ربما
أخطأنا في قراءة هذه العبارة على الأقل في أذهاننا التي تريد الابتعاد عن
المسؤولية و الهروب من ضجيج الملل و الجلوس أمام التلفاز لساعات أو
التفكير بألعاب الكومبيوتر التي تنسيك حتى أين أنت.
و إن كان الـ''Fast food'' في الغرب وجد لكثرة الأعمال و الاهتمام بشيء يسمى الوقت و الحرص على عدم تضييعه في المطاعم التقليدية, فلماذا لا يكون اسمها ''Slow food'' في بلادنا لأننا نملك الكثير من الوقت و نحرص على الذهاب إلى هذه المطاعم لكي نتمتع بأجواء سريعة البطء.
الناقد
" رولان بارت " لم يخطأ عندما اعتبر الهمبرغر أحد أساطير القرن العشرين,
فمن الغريب كيف تعرف البشرية أكلة يصفها الجميع بأنها بلا طعم, مختصرة
بورقة خس و لحم ممزوج بشيء ما، و قطع من الخيار البلاستيكي بين طبقتين من
الخبز ملفوفة بورق فضي معقم كتب عليه " ماكدو ".
كذلك " غورباتشوف " لم يكن يبالغ عندما قال أن علكة التشكلس سر�'عت سقوط الاتحاد السوفييتي.
علينا الاعتراف بأن مستر تشيكن قد انتصر على جداتنا اللواتي فعلن الكثير للوصول إلى وصفات معقدة