دي برس- الوطن)
كثر
الحديث عن زيارة وليد جنبلاط إلى سورية، وكثرت معه التكهنات والتواريخ وشكل
الزيارة وترتيباتها، علماً أنه لا أحد يملك أي معلومة عن تلك الزيارة سوى
الرئيس بشار الأسد الذي سيحدد توقيت الزيارة وشكلها، في حال حصلت، وسماحة
السيد حسن نصر اللـه الذي يقود الوساطة بين جنبلاط ودمشق.
آخر ما تم تداوله في هذا السياق كلام نقلاً عن جنبلاط جاء فيه أنه سيتحدث
في ذكرى اغتيال والده في السادس عشر من آذار و«سيقول كلاماً يختتم به جرحاً
كبيراً، وسيكون آخر الكلام، لن يكون بعده أي كلام»، ويضيف جنبلاط ذاته:
«أيريدون ذهاب وليد جنبلاط إلى سورية وحيداً أم مع طائفته؟ إذا كانوا
يريدونه مع طائفته، فعندئذ لا بد من احترام كرامتها». وأضاف: «إذا كان
المطلوب أن أنتقل من الوسطية إلى مكان آخر، فلن أفعل (..) كان أكبر خطأ جر
علينا وعلى سورية القرار 1559 الذي كان أيضاً فخاً نصب لسورية ولبنان»
كلام جنبلاط الذي نقلته
منذ أسابيع صحيفة «الأخبار اللبنانية» ولا يزال حتى الآن قيد التداول
والقيل والقال، يشير بوضوح إلى أن النائب اللبناني لا يزال تائهاً في نوع
العلاقة التي يريدها مع سورية أو التي تريدها سورية معه، فهو يطرح أسئلة
يعرف مسبقاً أجوبتها، ويتحدث عن كرامة دروز لبنان ناسياً كرامة كل
السوريين، ولا يزال يصر على أن 1559 كان فخاً في حين أن القرار المذكور –
وهو يعلم ذلك - كان مؤامرة على سورية ولبنان معاً وعلى المقاومة خاصة.
بكل تأكيد لن تقبل سورية باستقبال وليد جنبلاط منفرداً أو ضعيفاً أو
مهزوماً، وهذه مصطلحات لم تعد مستخدمة في قاموس السياسة السورية تجاه لبنان
أصلاً، فدمشق -إن كانت ستستقبله- تريد استقبال رجل دولة لبناني له مكانته
ودوره على الساحة السياسية اللبنانية وداعم لخط المقاومة وحريص على مصلحة
لبنان ويعمل من أجله ومن أجل علاقات حسن جوار مع سورية. والموقف السوري
تجاه الزيارة كان أكثر من واضح، حين وافقت سورية على وساطة سماحة السيد حسن
نصر اللـه وما يمثله، وحين طلبت من كل الذين «تبرعوا» للتوسط فسح المجال
أمام وساطة سماحة السيد والابتعاد عن أي تصريح قد يشوش عليها.
وإذا كان من نصيحة وحيدة يمكن نقلها إلى جنبلاط، فهي أن عليه أن يفرق بين
سورية الأمس وسورية اليوم، أي بين سورية موجودة عسكرياً في لبنان وسورية
خارج لبنان، فدمشق اليوم تتعامل مع اللبنانيين على أسس سياسية واضحة، ولا
ترغم أحداً على تغيير مواقفه أو «الانتقال من طرف إلى آخر، أو من الوسطية
إلى مكان آخر»، سورية تقول إنها ترحب بكل لبناني يدعم المقاومة، وكل لبناني
يريد علاقات مع سورية مبنية على الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وهذا ليس
بجديد، إذ إن السياسة الخارجية السورية تعتمد على دعم المقاومة واستعادة
الحقوق واستقلالية القرار الوطني، فإذا كان جنبلاط يرى نفسه في هذا الإطار
فمن المؤكد أن نصف الطريق إلى دمشق تم اجتيازه.
يضاف إلى ذلك أن سورية أعلنت رسمياً أنها تريد علاقة مؤسساتية مع لبنان،
وهذا يعني أن سورية ليست بصدد استقبال «زعماء طوائف» بل رجال دولة، وهي
تنظر الى زيارة وليد جنبلاط بصفته رجل دولة له دوره في بناء القرار السياسي
اللبناني، وليس زعيم طائفة كما يحاول البعض الترويج له، والزيارة ستحمل
عنوان: المصالحة والعودة عن الخطأ، وليست للبحث في شؤون لبنان الداخلية
التي ترفض دمشق التدخل فيها.
ومن هنا يمكن الاستنتاج –ببساطة- أن زوار دمشق اليوم ليسوا زوار دمشق في
الأمس، والعلاقة بين البلدين تنحصر بين مؤسسات البلدين وليس بين زعماء
طوائف لبنان والدولة السورية كما كان سابقاً، وهذا يدل على تطلع سورية إلى
علاقات مبنية على الاحترام المتبادل بين الدولتين والبلدين الجارين.
أما النصف الثاني من الطريق، فيتعلق بكرامة السوريين وليس بكرامة دروز
لبنان الذين لم يمسهم أحد في سورية، بالكلام ولا بالأفعال. وهنا ربما يجب
تذكير النائب وليد جنبلاط بأنها وحدها وساطة الأمين العام لحزب اللـه سماحة
السيد حسن نصر اللـه الذي يحظى باحترام منقطع النظير عند السوريين، وكذلك
وقبل أي شيء آخر تسامح الرئيس الأسد، كفيلان بالسماح له «شعبياً» بزيارة
سورية. فالسوريون لن ينسوا ما صدر عن جنبلاط ليس فقط في موضوع الدعوة
لاجتياح سورية التي أوضحها - دون أن يقنعنا - في حديثه لصحيفة «السفير»، بل
أيضاً تجاه التحريض الذي مارسه بحق السوريين في لبنان وذهب ضحيته عشرات
العمال الذين لا ذنب لهم في كل ما حصل على الساحة اللبنانية الداخلية،
وكذلك ضلوعه في محاولة تضليل التحقيق الدولي والتقدم بشهادة كاذبة وبشهود
مزيفين في محاولة لزعزعة استقرار سورية واتهامها مباشرة وعلناً باغتيال
الرئيس رفيق الحريري. ولن نتحدث عن الشتائم والكلمات النابية تجاه رمز
الدولة السورية التي تعود للرئيس الأسد وحده المسامحة عليها.
وبالعودة إلى القرار 1559 الذي لا يزال وليد جنبلاط يصر على أنه كان فخاً
لسورية ولبنان معاً، فربما تجدر الإشارة إلى حقيقة يعرفها جنبلاط ذاته، هي
أن القرار المذكور لم يكن فخاً بل مؤامرة تحبكها الولايات المتحدة
الأميركية وفرنسا على لبنان وسورية معاً وعلى المقاومة تحديداً وسلاحها، من
خلال قلب النظام الداعم للمقاومة في لبنان وتنصيب رئيس للجمهورية موال
لتطلعات وخطط وأمنيات إسرائيل، وهذا ما أحبطته دمشق وحلفاؤها في بيروت حين
قررا التمديد للرئيس لحود، وجنبلاط يعرف جيداً ما كان يحبك للبنان، ولا
داعي للخوض في مزيد من التفاصيل.
ولتلخيص زيارة جنبلاط إلى سورية، وللحد من السجال الدائر، فمجدداً: القرار
بيد الرئيس بشار الأسد حصراً، والوسيط الوحيد الذي يقبل به السوريون هو
سماحة السيد حسن نصر اللـه ولا شروط أمام زيارة جنبلاط سوى عودته إلى خط
المقاومة والعمل من أجل لبنان وليس ضده، وهذا هو حال كل من تستقبلهم دمشق،
وبانتظار ما سيقوله وليد جنبلاط «كلاماً أخيراً» في 16 آذار أو على قناة
الجزيرة أو على أي منبر آخر، ربما من الضروري التأكيد أن كرامة دروز لبنان
هي من كرامة كل اللبنانيين، وسورية دفعت دماء ثرة للحفاظ عليها، أما كرامة
السوريين فهي التي يجب أن تقلق جنبلاط وتحفزه على اجتياز ما تبقى من الطريق
إلى دمشق.
كثر
الحديث عن زيارة وليد جنبلاط إلى سورية، وكثرت معه التكهنات والتواريخ وشكل
الزيارة وترتيباتها، علماً أنه لا أحد يملك أي معلومة عن تلك الزيارة سوى
الرئيس بشار الأسد الذي سيحدد توقيت الزيارة وشكلها، في حال حصلت، وسماحة
السيد حسن نصر اللـه الذي يقود الوساطة بين جنبلاط ودمشق.
آخر ما تم تداوله في هذا السياق كلام نقلاً عن جنبلاط جاء فيه أنه سيتحدث
في ذكرى اغتيال والده في السادس عشر من آذار و«سيقول كلاماً يختتم به جرحاً
كبيراً، وسيكون آخر الكلام، لن يكون بعده أي كلام»، ويضيف جنبلاط ذاته:
«أيريدون ذهاب وليد جنبلاط إلى سورية وحيداً أم مع طائفته؟ إذا كانوا
يريدونه مع طائفته، فعندئذ لا بد من احترام كرامتها». وأضاف: «إذا كان
المطلوب أن أنتقل من الوسطية إلى مكان آخر، فلن أفعل (..) كان أكبر خطأ جر
علينا وعلى سورية القرار 1559 الذي كان أيضاً فخاً نصب لسورية ولبنان»
كلام جنبلاط الذي نقلته
منذ أسابيع صحيفة «الأخبار اللبنانية» ولا يزال حتى الآن قيد التداول
والقيل والقال، يشير بوضوح إلى أن النائب اللبناني لا يزال تائهاً في نوع
العلاقة التي يريدها مع سورية أو التي تريدها سورية معه، فهو يطرح أسئلة
يعرف مسبقاً أجوبتها، ويتحدث عن كرامة دروز لبنان ناسياً كرامة كل
السوريين، ولا يزال يصر على أن 1559 كان فخاً في حين أن القرار المذكور –
وهو يعلم ذلك - كان مؤامرة على سورية ولبنان معاً وعلى المقاومة خاصة.
بكل تأكيد لن تقبل سورية باستقبال وليد جنبلاط منفرداً أو ضعيفاً أو
مهزوماً، وهذه مصطلحات لم تعد مستخدمة في قاموس السياسة السورية تجاه لبنان
أصلاً، فدمشق -إن كانت ستستقبله- تريد استقبال رجل دولة لبناني له مكانته
ودوره على الساحة السياسية اللبنانية وداعم لخط المقاومة وحريص على مصلحة
لبنان ويعمل من أجله ومن أجل علاقات حسن جوار مع سورية. والموقف السوري
تجاه الزيارة كان أكثر من واضح، حين وافقت سورية على وساطة سماحة السيد حسن
نصر اللـه وما يمثله، وحين طلبت من كل الذين «تبرعوا» للتوسط فسح المجال
أمام وساطة سماحة السيد والابتعاد عن أي تصريح قد يشوش عليها.
وإذا كان من نصيحة وحيدة يمكن نقلها إلى جنبلاط، فهي أن عليه أن يفرق بين
سورية الأمس وسورية اليوم، أي بين سورية موجودة عسكرياً في لبنان وسورية
خارج لبنان، فدمشق اليوم تتعامل مع اللبنانيين على أسس سياسية واضحة، ولا
ترغم أحداً على تغيير مواقفه أو «الانتقال من طرف إلى آخر، أو من الوسطية
إلى مكان آخر»، سورية تقول إنها ترحب بكل لبناني يدعم المقاومة، وكل لبناني
يريد علاقات مع سورية مبنية على الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وهذا ليس
بجديد، إذ إن السياسة الخارجية السورية تعتمد على دعم المقاومة واستعادة
الحقوق واستقلالية القرار الوطني، فإذا كان جنبلاط يرى نفسه في هذا الإطار
فمن المؤكد أن نصف الطريق إلى دمشق تم اجتيازه.
يضاف إلى ذلك أن سورية أعلنت رسمياً أنها تريد علاقة مؤسساتية مع لبنان،
وهذا يعني أن سورية ليست بصدد استقبال «زعماء طوائف» بل رجال دولة، وهي
تنظر الى زيارة وليد جنبلاط بصفته رجل دولة له دوره في بناء القرار السياسي
اللبناني، وليس زعيم طائفة كما يحاول البعض الترويج له، والزيارة ستحمل
عنوان: المصالحة والعودة عن الخطأ، وليست للبحث في شؤون لبنان الداخلية
التي ترفض دمشق التدخل فيها.
ومن هنا يمكن الاستنتاج –ببساطة- أن زوار دمشق اليوم ليسوا زوار دمشق في
الأمس، والعلاقة بين البلدين تنحصر بين مؤسسات البلدين وليس بين زعماء
طوائف لبنان والدولة السورية كما كان سابقاً، وهذا يدل على تطلع سورية إلى
علاقات مبنية على الاحترام المتبادل بين الدولتين والبلدين الجارين.
أما النصف الثاني من الطريق، فيتعلق بكرامة السوريين وليس بكرامة دروز
لبنان الذين لم يمسهم أحد في سورية، بالكلام ولا بالأفعال. وهنا ربما يجب
تذكير النائب وليد جنبلاط بأنها وحدها وساطة الأمين العام لحزب اللـه سماحة
السيد حسن نصر اللـه الذي يحظى باحترام منقطع النظير عند السوريين، وكذلك
وقبل أي شيء آخر تسامح الرئيس الأسد، كفيلان بالسماح له «شعبياً» بزيارة
سورية. فالسوريون لن ينسوا ما صدر عن جنبلاط ليس فقط في موضوع الدعوة
لاجتياح سورية التي أوضحها - دون أن يقنعنا - في حديثه لصحيفة «السفير»، بل
أيضاً تجاه التحريض الذي مارسه بحق السوريين في لبنان وذهب ضحيته عشرات
العمال الذين لا ذنب لهم في كل ما حصل على الساحة اللبنانية الداخلية،
وكذلك ضلوعه في محاولة تضليل التحقيق الدولي والتقدم بشهادة كاذبة وبشهود
مزيفين في محاولة لزعزعة استقرار سورية واتهامها مباشرة وعلناً باغتيال
الرئيس رفيق الحريري. ولن نتحدث عن الشتائم والكلمات النابية تجاه رمز
الدولة السورية التي تعود للرئيس الأسد وحده المسامحة عليها.
وبالعودة إلى القرار 1559 الذي لا يزال وليد جنبلاط يصر على أنه كان فخاً
لسورية ولبنان معاً، فربما تجدر الإشارة إلى حقيقة يعرفها جنبلاط ذاته، هي
أن القرار المذكور لم يكن فخاً بل مؤامرة تحبكها الولايات المتحدة
الأميركية وفرنسا على لبنان وسورية معاً وعلى المقاومة تحديداً وسلاحها، من
خلال قلب النظام الداعم للمقاومة في لبنان وتنصيب رئيس للجمهورية موال
لتطلعات وخطط وأمنيات إسرائيل، وهذا ما أحبطته دمشق وحلفاؤها في بيروت حين
قررا التمديد للرئيس لحود، وجنبلاط يعرف جيداً ما كان يحبك للبنان، ولا
داعي للخوض في مزيد من التفاصيل.
ولتلخيص زيارة جنبلاط إلى سورية، وللحد من السجال الدائر، فمجدداً: القرار
بيد الرئيس بشار الأسد حصراً، والوسيط الوحيد الذي يقبل به السوريون هو
سماحة السيد حسن نصر اللـه ولا شروط أمام زيارة جنبلاط سوى عودته إلى خط
المقاومة والعمل من أجل لبنان وليس ضده، وهذا هو حال كل من تستقبلهم دمشق،
وبانتظار ما سيقوله وليد جنبلاط «كلاماً أخيراً» في 16 آذار أو على قناة
الجزيرة أو على أي منبر آخر، ربما من الضروري التأكيد أن كرامة دروز لبنان
هي من كرامة كل اللبنانيين، وسورية دفعت دماء ثرة للحفاظ عليها، أما كرامة
السوريين فهي التي يجب أن تقلق جنبلاط وتحفزه على اجتياز ما تبقى من الطريق
إلى دمشق.