ما
أهم مراحل الاقتصاد ؟
مر
الاقتصاد بشكل عام بالمراحل التالية ليصل إلى المرحلة الثالثة التي سأتحدث عنها
1-
المرحلة الأولى : ( مرحلة اقتصاد الطلب ) :
التي ساد فيها استخدام الوسائل اليدوية وشبه الآلية في الإنتاج
وكانت الحاجة تحدد نوعية وكمية الإنتاج لذلك سمّي باقتصاد الطلب لأنه قام على إنتاج
السلع والخدمات على قدر ما تتطلبه الحاجة الضرورية للبشر .
2-المرحلة الثانية ( مرحلة اقتصاد العرض ) :
التي بدأت مع قيام الثورة الصناعية وشاع فيها استخدام الوسائل
الآلية والأوتوماتيكية في الإنتاج مما أدى إلى زيادة الإنتاج على الطلب وتراكمه
وإنتاج سلع وخدمات كانت تعتبر في حينه كمالية بحيث أصبح الاقتصاد هو اقتصاد العرض
الذي يقوم على التفنن في ترويج البضائع والسلع لزيادة حجم ونوع الاستهلاك بما يفوق
الحاجة الضرورية والكمالية ويصل إلى مرحلة الإفراط في الاستهلاك .
3- المرحلة الثالثة : (مرحلة اقتصاد العلم والمعرفة )
والتي أتت بشكل مفاجئ وبدأت مع بدايات الثورة المعرفية والرقمية
لتغيّر شكل ومضمون الاقتصاد المعاصر عن شكل ومضمون الاقتصاد السابق تغييرا جذريا
حيث أصبحت البشرية تتحول أولا بأول حسب مدى تقدمها التقني والمعلوماتي إلى الاقتصاد
المعرفي الذي أخذ بالنمو بشكل متسارع لا يدع مجالا للشك بأنه سيصبح هو الاقتصاد
المستقبلي في الغد القريب لجميع البشرية المتقدمة منها والمتخلفة على السواء
والمفاجئ في هذا الاقتصاد أنه لا يعتمد نهائيا على أي عناصر مادية بل أصبحت الغلبة
فيه للعناصر المعنوية والموجودات غير الملموسة وربما نستطيع رسم ملامح هذا الاقتصاد
في خطوطه العريضة حسب ما استخلصته من الأدبيات المنشورة عن هذا الاقتصاد في النقاط
التالية :
1- أنه اقتصاد متقدم يستخدم المعلومات لخلق الثروة والمنافع
الاقتصادية فوسيلة الإنتاج الوحيدة فيه محصورة بالتكنولوجيا المعلوماتية التي تصنع
من الموجودات غير المادية وغير الملموسة (المعلومات , المعرفة المنافع الاقتصادية )
وتظهر الملامح الواضحة لسيطرته وتغلبه على الاقتصاد التقليدي السابق في أن العمالة
المشتغلة بالخدمات التي تعتمد بشكل أو بآخر على المعلوماتية أصبحت تشكل أكثر من 90%
من حجم العمالة في الدول المتقدمة اقتصاديا في حين أصبحت العمالة المشتغلة في
الصناعة والزراعة معا لا تشكل بالكاد 10% من الحجم الكلي للعمالة في هذه الدول وهذه
النسبة في تناقص مستمر .
2- المعلومات هي المادة الأولية التي يصنّع منها هذا الاقتصاد
وهي مادة لا تنضب لأن مصدرها الخيال الإبداعي الذي يوّلد منها معرفيات جديدة
ومتطورة باستمرار .
3- المعرفة التي يقوم عليها هذا الاقتصاد تتطور بشكل سريع
ومتواصل وكل معرفة جديدة تطوّر معرفة سابقة أو تبدلها أو تلغيها وتجعلها غير ذات
جدوى اقتصادية مما يجعل هذا الاقتصاد قائما على الابتكار وسرعة الإبداع العلمي
والتكنولوجي مما يخلق حالة تنافس علمي وتكنولوجي تتحدد نتائجه بناء على مدى القدرة
في سرعة الخلق والإبداع لأن الميزة المكتسبة التي تحققها دولة ما أو شركة ما يمكن
التغلب عليها أو إلغائها خلال فترة قصيرة من الزمن من خلال التطورات والمنافسات
الحادة .
والمثال الأبرز هو بيل غيتس صاحب أكبر شركة برمجيات في العالم
والذي يقوم سوق العمل محله على منتجاته وإبداعه فإنه تمكن من تحقيق ثروته الطائلة
عن طريق تزويد العالم بهذه البرمجيات التي تصنع لسوق العمل بدورها منافعه
الاقتصادية التي لا تعد ولا تحصى .
4- الاستفادة المالية القصوى من هذا الاقتصاد تتطلب الهيمنة على
مصادر المعرفة ووسائط نقلها وتطويرها لبسط أكبر نفوذ ممكن على أكبر عدد ممكن من
الأسواق لأنه اقتصاد عالمي وأسواقه ليس لها حدود وطنية بل أن العالم كله يشكل سوقا
لهذا الاقتصاد .
5- يحقق هذا الاقتصاد العدالة المفقودة في هذا العالم بطريقته
الخاصة لأن معيار الاستفادة منه لا يقوم على اعتبارات العرق أو السن أو الجنس أو
اللون أو المنصب أو المكانة الاجتماعية إلخ من الاعتبارات بل يقوم على معيار واحد
هو مستوى المهارة المعرفية المتوفرة للإنسان في التعامل معه مما يجعل بني البشر
جميعا على قدم المساواة في فرصة متساوية للتنافس المعلوماتي تعتمد على جهدهم الذاتي
في اكتساب المهارة المعلوماتية وهو يفتح باب الأمل أمام المجتمعات المتخلفة في حرق
وتجاوز المراحل التي سبقتهم بها المجتمعات المتقدمة إذا أحسنوا التعامل معه .
6- غيّر اقتصاد المعرفة جميع المفاهيم الاقتصادية التقليدية مثل
التملك , السوق , الشراء , البيع الاقتصاد القائم على الصناعة , تقديس الملكية
الشخصية , تقديس العمل أولوية الموارد الطبيعية إلخ .. وأحلّ مكانها مفاهيم أخرى
كالوصول بدلا من التملك والشبكات بدلا من السوق والاقتصاد القائم على التسلية بدلا
من الاقتصاد القائم على الصناعة والموارد الثقافية بدلا من الموارد الطبيعية إلخ ..
أما بالنسبة للبيع والشراء فإن تبادل الممتلكات المعرفية بين
البائع والمشتري شراء أو بيعا أو إيجارا فهو تبادل قصير المدى بين المجهز وزبائنه
يتم عن طريق العلاقة الشبكية فالأسواق لم يعد لها دور يذكر في هذا التبادل ودورها
يتضاءل باستمرار في تبادل الممتلكات المعرفية .
7- غيّر هذا الاقتصاد جميع المفاهيم الإنسانية الأخرى فغيّر
مفهوم الجغرافيا والتاريخ والمجتمع والعلاقات الإنسانية مما ينذر بنشوء المجتمعات
المعرفية (ويسميها بعض الكتاب بالمجتمعات ما بعد الإنسانية) التي ترتكز في حياتها
وحل مشاكلها على الاقتصاد المعرفي ومن السابق لأوانه تحديد ملامح ومواصفات هذه
المجتمعات بدقة إلا أنه يمكن القول بأن هذه المجتمعات سوف تواجه كثيرا من التحديات
غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية ولعل أكبر تحد سيواجه هذه المجتمعات هو امتلاك
القدرة في السيطرة على إبداعاتها المعرفية
والسؤال الوحيد الذي يمكن أن نطرحه حاليا هو ماذا أعددنا للتحول
إلى هذا الاقتصاد الجديد الهام وما هو مدى قدرتنا على مواجهة التحديات التي سيطرحها
وهل سنستطيع اغتنام الفرصة في الاستفادة من هذا الاقتصاد بأسرع فرصة ممكنة ؟!!
فيصل سرور
أهم مراحل الاقتصاد ؟
مر
الاقتصاد بشكل عام بالمراحل التالية ليصل إلى المرحلة الثالثة التي سأتحدث عنها
1-
المرحلة الأولى : ( مرحلة اقتصاد الطلب ) :
التي ساد فيها استخدام الوسائل اليدوية وشبه الآلية في الإنتاج
وكانت الحاجة تحدد نوعية وكمية الإنتاج لذلك سمّي باقتصاد الطلب لأنه قام على إنتاج
السلع والخدمات على قدر ما تتطلبه الحاجة الضرورية للبشر .
2-المرحلة الثانية ( مرحلة اقتصاد العرض ) :
التي بدأت مع قيام الثورة الصناعية وشاع فيها استخدام الوسائل
الآلية والأوتوماتيكية في الإنتاج مما أدى إلى زيادة الإنتاج على الطلب وتراكمه
وإنتاج سلع وخدمات كانت تعتبر في حينه كمالية بحيث أصبح الاقتصاد هو اقتصاد العرض
الذي يقوم على التفنن في ترويج البضائع والسلع لزيادة حجم ونوع الاستهلاك بما يفوق
الحاجة الضرورية والكمالية ويصل إلى مرحلة الإفراط في الاستهلاك .
3- المرحلة الثالثة : (مرحلة اقتصاد العلم والمعرفة )
والتي أتت بشكل مفاجئ وبدأت مع بدايات الثورة المعرفية والرقمية
لتغيّر شكل ومضمون الاقتصاد المعاصر عن شكل ومضمون الاقتصاد السابق تغييرا جذريا
حيث أصبحت البشرية تتحول أولا بأول حسب مدى تقدمها التقني والمعلوماتي إلى الاقتصاد
المعرفي الذي أخذ بالنمو بشكل متسارع لا يدع مجالا للشك بأنه سيصبح هو الاقتصاد
المستقبلي في الغد القريب لجميع البشرية المتقدمة منها والمتخلفة على السواء
والمفاجئ في هذا الاقتصاد أنه لا يعتمد نهائيا على أي عناصر مادية بل أصبحت الغلبة
فيه للعناصر المعنوية والموجودات غير الملموسة وربما نستطيع رسم ملامح هذا الاقتصاد
في خطوطه العريضة حسب ما استخلصته من الأدبيات المنشورة عن هذا الاقتصاد في النقاط
التالية :
1- أنه اقتصاد متقدم يستخدم المعلومات لخلق الثروة والمنافع
الاقتصادية فوسيلة الإنتاج الوحيدة فيه محصورة بالتكنولوجيا المعلوماتية التي تصنع
من الموجودات غير المادية وغير الملموسة (المعلومات , المعرفة المنافع الاقتصادية )
وتظهر الملامح الواضحة لسيطرته وتغلبه على الاقتصاد التقليدي السابق في أن العمالة
المشتغلة بالخدمات التي تعتمد بشكل أو بآخر على المعلوماتية أصبحت تشكل أكثر من 90%
من حجم العمالة في الدول المتقدمة اقتصاديا في حين أصبحت العمالة المشتغلة في
الصناعة والزراعة معا لا تشكل بالكاد 10% من الحجم الكلي للعمالة في هذه الدول وهذه
النسبة في تناقص مستمر .
2- المعلومات هي المادة الأولية التي يصنّع منها هذا الاقتصاد
وهي مادة لا تنضب لأن مصدرها الخيال الإبداعي الذي يوّلد منها معرفيات جديدة
ومتطورة باستمرار .
3- المعرفة التي يقوم عليها هذا الاقتصاد تتطور بشكل سريع
ومتواصل وكل معرفة جديدة تطوّر معرفة سابقة أو تبدلها أو تلغيها وتجعلها غير ذات
جدوى اقتصادية مما يجعل هذا الاقتصاد قائما على الابتكار وسرعة الإبداع العلمي
والتكنولوجي مما يخلق حالة تنافس علمي وتكنولوجي تتحدد نتائجه بناء على مدى القدرة
في سرعة الخلق والإبداع لأن الميزة المكتسبة التي تحققها دولة ما أو شركة ما يمكن
التغلب عليها أو إلغائها خلال فترة قصيرة من الزمن من خلال التطورات والمنافسات
الحادة .
والمثال الأبرز هو بيل غيتس صاحب أكبر شركة برمجيات في العالم
والذي يقوم سوق العمل محله على منتجاته وإبداعه فإنه تمكن من تحقيق ثروته الطائلة
عن طريق تزويد العالم بهذه البرمجيات التي تصنع لسوق العمل بدورها منافعه
الاقتصادية التي لا تعد ولا تحصى .
4- الاستفادة المالية القصوى من هذا الاقتصاد تتطلب الهيمنة على
مصادر المعرفة ووسائط نقلها وتطويرها لبسط أكبر نفوذ ممكن على أكبر عدد ممكن من
الأسواق لأنه اقتصاد عالمي وأسواقه ليس لها حدود وطنية بل أن العالم كله يشكل سوقا
لهذا الاقتصاد .
5- يحقق هذا الاقتصاد العدالة المفقودة في هذا العالم بطريقته
الخاصة لأن معيار الاستفادة منه لا يقوم على اعتبارات العرق أو السن أو الجنس أو
اللون أو المنصب أو المكانة الاجتماعية إلخ من الاعتبارات بل يقوم على معيار واحد
هو مستوى المهارة المعرفية المتوفرة للإنسان في التعامل معه مما يجعل بني البشر
جميعا على قدم المساواة في فرصة متساوية للتنافس المعلوماتي تعتمد على جهدهم الذاتي
في اكتساب المهارة المعلوماتية وهو يفتح باب الأمل أمام المجتمعات المتخلفة في حرق
وتجاوز المراحل التي سبقتهم بها المجتمعات المتقدمة إذا أحسنوا التعامل معه .
6- غيّر اقتصاد المعرفة جميع المفاهيم الاقتصادية التقليدية مثل
التملك , السوق , الشراء , البيع الاقتصاد القائم على الصناعة , تقديس الملكية
الشخصية , تقديس العمل أولوية الموارد الطبيعية إلخ .. وأحلّ مكانها مفاهيم أخرى
كالوصول بدلا من التملك والشبكات بدلا من السوق والاقتصاد القائم على التسلية بدلا
من الاقتصاد القائم على الصناعة والموارد الثقافية بدلا من الموارد الطبيعية إلخ ..
أما بالنسبة للبيع والشراء فإن تبادل الممتلكات المعرفية بين
البائع والمشتري شراء أو بيعا أو إيجارا فهو تبادل قصير المدى بين المجهز وزبائنه
يتم عن طريق العلاقة الشبكية فالأسواق لم يعد لها دور يذكر في هذا التبادل ودورها
يتضاءل باستمرار في تبادل الممتلكات المعرفية .
7- غيّر هذا الاقتصاد جميع المفاهيم الإنسانية الأخرى فغيّر
مفهوم الجغرافيا والتاريخ والمجتمع والعلاقات الإنسانية مما ينذر بنشوء المجتمعات
المعرفية (ويسميها بعض الكتاب بالمجتمعات ما بعد الإنسانية) التي ترتكز في حياتها
وحل مشاكلها على الاقتصاد المعرفي ومن السابق لأوانه تحديد ملامح ومواصفات هذه
المجتمعات بدقة إلا أنه يمكن القول بأن هذه المجتمعات سوف تواجه كثيرا من التحديات
غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية ولعل أكبر تحد سيواجه هذه المجتمعات هو امتلاك
القدرة في السيطرة على إبداعاتها المعرفية
والسؤال الوحيد الذي يمكن أن نطرحه حاليا هو ماذا أعددنا للتحول
إلى هذا الاقتصاد الجديد الهام وما هو مدى قدرتنا على مواجهة التحديات التي سيطرحها
وهل سنستطيع اغتنام الفرصة في الاستفادة من هذا الاقتصاد بأسرع فرصة ممكنة ؟!!
فيصل سرور