ساعة الصفر» وتكتب سيناريو الحرب
المقبلة.. افتراضياً -11/05/2010
من شاهد الحلقة الأخيرة من برنامج «في الواجهة» ليلة الجمعة الماضية على قناة
«الجزيرة» القطرية، تحت عنوان «ساعة الصفر» سيعرف مدى التدخل الحاسم
لإعلام اليوم ليس في التنظير للحروب أو الأزمات السياسية والدبلوماسية
وحسب، بل في كتابة سيناريوهاتها، والعمل على رسم سياقاتها العملية على
الأرض. وذلك عبر بنائها درامياً بصور افتراضية مدعومة بالمعلومات
والبيانات. ومناقشتها بلهجة تفوح منها رائحة البارود والدماء. وأبرز مثال
بداية البرنامج التي تشرّح الجبهات اللبنانية والسورية والإيرانية مستعرضة
مقوماتها العسكرية، وذلك تحت عنوان فرعي يغوص في «فرضيات الحرب».
تبدأ «ساعة الصفر» بتصريحات لمحللين سياسيين وعسكريين من سوريا (الدكتور
سمير التقي) وإيران (أمير موسوي) وإسرائيل (رونن بيرغمان، مائير جاد فانبر،
ألون بن ديفيد) ومسؤولين من «حزب الله» (نائب الأمين العام للحزب الشيخ
نعيم قاسم)، فيقوم الخطاب الإعلامي على «تفخيخ» كل ما يمكن «تفخيخه» عبر
استثمار أكبر قدر ممكن من التصريحات الممنتجة، بما يخدم سيناريو «الجزيرة»
لحرب «شاملة» كما يورد معلّق البرنامج.
يقتطف البرنامج مشاهد من تقارير إخبارية لتدريبات الجيش السوري، وتدريبات
لمقاتلي «حزب الله» تترافق مع تقارير ورسومات افتراضية إلكترونية لأسلحة
إيرانية وروسية «حصل عليها «حزب الله» مؤخراً من سوريا». وذلك بعد أن يؤرخ
البرنامج لبداية سيناريو أقل إثارة، تبدأ بدويّ صفارات الإنذار في مدن شمال
إسرائيل بعد وصول معلومات للجيش الإسرائيلي تفيد أن «حزب الله» سيقوم
بانتقام نوعي لمقتل قائده الميداني عماد مغنية، والتي يرد عليها جيــش
إسرائــيل بتدمير خاطف للبنى التحتية اللبنانية.
إلى هذا، يؤرخ «ساعة الصفر» لسياقاته من خلال مقال نشر في جريدة «الرأي
العام» الكويتية في الثالث عشر من نيسان الماضي، بعنوان «أزمة سكود تنذر
بحرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله». كما يستعين البرنامج بمقاطع من خطابات
الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، لا سيما حين أعلن «قصف مطار
بن غوريون في حال قصفت إسرائيل مطار الشهيد رفيق الحريري»، بالإضافة إلى
مقاطع من تصريحات لوزير الخارجية السوري وليد المعلم وجهاً لوجه مع تهديدات
وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بإسقاط النظام في سوريا.
تخلل البرنامج إعلانات مبطنة لشركات أسلحة روسية وإيرانية وأميركية بعد
مشهد تمهيدي لعازف ساكسوفون في شوارع تل أبيب. بعده أتت حبكة السيناريو تحت
عنوان «الصدمة الأولى» والتي ستبدأ، حسب البرنامج، بقيام سلاح الجو
الإسرائيلي بشن هجوم على «حزب الله» والجيش اللبناني، يردّ عليها مقاتلو
الحزب بصواريخ المفاجأة «سام وتريلا» ومدافع «انغلاس» المحمولة على الكتف،
ومن ثم قيام المقاومة الإسلامية بقصف المدن الإسرائيلية بصواريخ «فاتح»
و«زلزال» و«كاتيوشا». يليه تحليل عسكري لقدرة نظام «آرو 2» والقبة
الفولاذية الإسرائيلية في اعتراض صواريخ المقاومة، والرد بتدمير كلي
للضاحية الجنوبية.
يأتي بعد ذلك البرنامج بما سمّاه «الاجتياح المتبادل»، وهي فقرة يتخللها
نشوب اختراقات برية لقوات إسرائيلية على ستة محاور لدخول جنوب لبنان
وإنزالات جوية «للكومندوس» الإسرائيلي شمال الليطاني والنبطية، ليتطور
السيناريو إلى ما هو أكثر إثارةَ وتشويقاَ، مع فرضية قيام حزب الله بهجوم
على مدينتي نهاريا وشلومي شمال إسرائيل.
لا تنتهي حكاية الحرب المفترضة عند هذا الحدّ، بل تدخل «كرة النار» باتساع
المعارك واستنفار جبهة الجولان وقيام وحدات الصواريخ السورية بتكثيف
نيرانها على إسرائيل عبر معركة دفاع جوي يتخللها قصف إسرائيلي على طول
الحدود السورية. لتتطور الأمور في الحل، عبر مساندة متوقعة من إيران
واشتباك فوري بين البحرية الإيرانية والأسطول الأميركي في الخليج العربي
ولتعم الحرب الشاملة في الشرق الأوسط إلى أجلٍ غير مسمى.
على الرغم من استناد «ساعة الصفر» الذي أخرجه لـ«الجزيرة» عبد الله البني
إلى تقارير لخبراء عسكريين، إلا أن ذلك تعدى مفهوم السيناريو بكثير، إلى
نوع من الأفلام الحربية القائمة بالأصل على استباق الأحداث وتصنيعها،
وفبركتها أحياناً بهدف خلق تشويق مجاني قوامه تأسيس فرضية جديدة، قوامها
«الرهاب» البصري بالتعويل أكثر فأكثر على معطيات سياسية إعلامية.
يأتي ذلك في ظلّ تجاهل معديّ البرنامج أن هذه المادة الإعلامية لم تحسب
حساباً لمشاهدها المحتمل، ولو أن موضوعها حروب لم تحدث.
11/05/2010
المقبلة.. افتراضياً -11/05/2010
من شاهد الحلقة الأخيرة من برنامج «في الواجهة» ليلة الجمعة الماضية على قناة
«الجزيرة» القطرية، تحت عنوان «ساعة الصفر» سيعرف مدى التدخل الحاسم
لإعلام اليوم ليس في التنظير للحروب أو الأزمات السياسية والدبلوماسية
وحسب، بل في كتابة سيناريوهاتها، والعمل على رسم سياقاتها العملية على
الأرض. وذلك عبر بنائها درامياً بصور افتراضية مدعومة بالمعلومات
والبيانات. ومناقشتها بلهجة تفوح منها رائحة البارود والدماء. وأبرز مثال
بداية البرنامج التي تشرّح الجبهات اللبنانية والسورية والإيرانية مستعرضة
مقوماتها العسكرية، وذلك تحت عنوان فرعي يغوص في «فرضيات الحرب».
تبدأ «ساعة الصفر» بتصريحات لمحللين سياسيين وعسكريين من سوريا (الدكتور
سمير التقي) وإيران (أمير موسوي) وإسرائيل (رونن بيرغمان، مائير جاد فانبر،
ألون بن ديفيد) ومسؤولين من «حزب الله» (نائب الأمين العام للحزب الشيخ
نعيم قاسم)، فيقوم الخطاب الإعلامي على «تفخيخ» كل ما يمكن «تفخيخه» عبر
استثمار أكبر قدر ممكن من التصريحات الممنتجة، بما يخدم سيناريو «الجزيرة»
لحرب «شاملة» كما يورد معلّق البرنامج.
يقتطف البرنامج مشاهد من تقارير إخبارية لتدريبات الجيش السوري، وتدريبات
لمقاتلي «حزب الله» تترافق مع تقارير ورسومات افتراضية إلكترونية لأسلحة
إيرانية وروسية «حصل عليها «حزب الله» مؤخراً من سوريا». وذلك بعد أن يؤرخ
البرنامج لبداية سيناريو أقل إثارة، تبدأ بدويّ صفارات الإنذار في مدن شمال
إسرائيل بعد وصول معلومات للجيش الإسرائيلي تفيد أن «حزب الله» سيقوم
بانتقام نوعي لمقتل قائده الميداني عماد مغنية، والتي يرد عليها جيــش
إسرائــيل بتدمير خاطف للبنى التحتية اللبنانية.
إلى هذا، يؤرخ «ساعة الصفر» لسياقاته من خلال مقال نشر في جريدة «الرأي
العام» الكويتية في الثالث عشر من نيسان الماضي، بعنوان «أزمة سكود تنذر
بحرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله». كما يستعين البرنامج بمقاطع من خطابات
الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، لا سيما حين أعلن «قصف مطار
بن غوريون في حال قصفت إسرائيل مطار الشهيد رفيق الحريري»، بالإضافة إلى
مقاطع من تصريحات لوزير الخارجية السوري وليد المعلم وجهاً لوجه مع تهديدات
وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بإسقاط النظام في سوريا.
تخلل البرنامج إعلانات مبطنة لشركات أسلحة روسية وإيرانية وأميركية بعد
مشهد تمهيدي لعازف ساكسوفون في شوارع تل أبيب. بعده أتت حبكة السيناريو تحت
عنوان «الصدمة الأولى» والتي ستبدأ، حسب البرنامج، بقيام سلاح الجو
الإسرائيلي بشن هجوم على «حزب الله» والجيش اللبناني، يردّ عليها مقاتلو
الحزب بصواريخ المفاجأة «سام وتريلا» ومدافع «انغلاس» المحمولة على الكتف،
ومن ثم قيام المقاومة الإسلامية بقصف المدن الإسرائيلية بصواريخ «فاتح»
و«زلزال» و«كاتيوشا». يليه تحليل عسكري لقدرة نظام «آرو 2» والقبة
الفولاذية الإسرائيلية في اعتراض صواريخ المقاومة، والرد بتدمير كلي
للضاحية الجنوبية.
يأتي بعد ذلك البرنامج بما سمّاه «الاجتياح المتبادل»، وهي فقرة يتخللها
نشوب اختراقات برية لقوات إسرائيلية على ستة محاور لدخول جنوب لبنان
وإنزالات جوية «للكومندوس» الإسرائيلي شمال الليطاني والنبطية، ليتطور
السيناريو إلى ما هو أكثر إثارةَ وتشويقاَ، مع فرضية قيام حزب الله بهجوم
على مدينتي نهاريا وشلومي شمال إسرائيل.
لا تنتهي حكاية الحرب المفترضة عند هذا الحدّ، بل تدخل «كرة النار» باتساع
المعارك واستنفار جبهة الجولان وقيام وحدات الصواريخ السورية بتكثيف
نيرانها على إسرائيل عبر معركة دفاع جوي يتخللها قصف إسرائيلي على طول
الحدود السورية. لتتطور الأمور في الحل، عبر مساندة متوقعة من إيران
واشتباك فوري بين البحرية الإيرانية والأسطول الأميركي في الخليج العربي
ولتعم الحرب الشاملة في الشرق الأوسط إلى أجلٍ غير مسمى.
على الرغم من استناد «ساعة الصفر» الذي أخرجه لـ«الجزيرة» عبد الله البني
إلى تقارير لخبراء عسكريين، إلا أن ذلك تعدى مفهوم السيناريو بكثير، إلى
نوع من الأفلام الحربية القائمة بالأصل على استباق الأحداث وتصنيعها،
وفبركتها أحياناً بهدف خلق تشويق مجاني قوامه تأسيس فرضية جديدة، قوامها
«الرهاب» البصري بالتعويل أكثر فأكثر على معطيات سياسية إعلامية.
يأتي ذلك في ظلّ تجاهل معديّ البرنامج أن هذه المادة الإعلامية لم تحسب
حساباً لمشاهدها المحتمل، ولو أن موضوعها حروب لم تحدث.
11/05/2010