عزيز نيسين
الشركة المساهمة
لتحرير الأسر والعائلات
أثق تماماً أن الكتاب الذي سيصدر قريباً في أمريكا سيلاقي نجاحاً واسعاً لا
نظير له، وأنه سيترجم إلى لغات كثيرة وسيحدث ضجة كبيرة، وسيكون له صدى
واسعاً في كل الدنيا.
تجمعني بالكاتب الأمريكي الذي كتب الكتاب ولم يطبع بعد علاقة صداقة. إذ
تعرفت عليه في استنبول قبل أربع سنوات، حدثني يومها عن تفرغه لكتابة عمل في
غاية الأهمية. منذ تلك الفترة ونحن نتخاطب بالرسائل، وفي كل مرة كان
يحدثني عن كتابه.
قبل شهرين أنهى كتابة كتابه، وأرسل لي نسخة عن مخطوطه مرقون على الآلة
الكاتبة، يسأل رأيي وملاحظاتي، وبالفعل أبديت ملاحظاتي على الشكل التالي:
"سينال هذا الكتاب اهتماماً واسعاً وسيشهد نجاحاً باهراً وسيحدث ضجة في كل
أنحاء العالم".
يتحدث هذا الكتاب عن منظمة سرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف تحولت
هذه المنظمة إلى شركة مشتركة. اعتمد الكاتب أثناء اشتغاله بالكتاب على
مجموعة وثائق حقيقية، وأحداث واقعية. لم يكن هذا العمل نسج خيال الكاتب. في
بعض الأحيان وجد نفسه مضطراً إلى تبديل بعض أسماء الشخصيات وهذا ما يقتضيه
العمل الروائي، لأنه كما يستشف من هذا العمل الوثائقي أنه في أحداثه
يتناول مسؤولين وسياسيين رجال أعمال حتى.
إن وثائق هذا العمل أخر في إنجازه طوال هذه السنوات. والسبب يعود إلى صعوبة
تجميع آلاف الوثائق السرية والعلنية.
هناك جانب ممتع آخر في هذا الكتاب، وهو، كيف تتحول منظمة سرية إلى شركة
مشتركة تفوق أرباحها أرباح البنوك الأمريكية، الشركات النفطية، تروستات
الصحافة ومصانع الأسلحة، شركات صناعة السيارات. إضافة إلى كل ذلك إنها بغض
النظر عن أنها من أكثر المجمعات ربحاً فهي لا تسدد الضرائب.
ستة شباب يؤسسون منظمة سرية في كاليفورنيا امرأتان وأربعة رجال.
هذه المجموعة ليست مجموعة من "الحثالة"!. ثلاثة منهم أنهوا المرحلة
الجامعية والرابع طالب جامعي والخامس موظف شاب والأخير يعمل في التجارة.
هؤلاء الستة تحدوهم الرغبة أن يكسبوا المال الوفير وأن يصبحوا أغنياء بين
ليلة وضحاها، لذلك قاموا بتأسيس منظمة سرية تهدف إلى اختطاف زوجات كبار
الأغنياء في أمريكا ومن ثم الإفراج عنهن مقابل فدية.
لكنه ليس من السهولة بمكان تأسيس منظمة سرية في دولة مستويات المعيشة فيها
عالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، منظمة تقوم باختطاف الناس، كي تحصل
على فدية، وللحصول على هذه الفدية لا بد من الاحتفاظ بالرهينة في مكان سري،
وهذا الأمر ليس بالشيء السهل. لذلك فإن تنفيذ مثل هذه الأعمال يتطلب
رأسمالاً ضخماً.
في الدول المتخلفة تكثر السرقات والنهب وأعمال السطو على البنوك والتهريب
بسبب فقر الشعب ورغبة في الحصول على الأموال.
أما الدول التي تتميز برفاهية عالية مثل الولايات المتحدة. فأعمال السرقة
والتهريب والاختطاف فيها تحتاج إلى رأسمال. لذلك عمل الشباب الستة على
تجميع كل ما لديهم وبيع كل ما في حوزتهم والاستدانة قدر الإمكان، حتى
استطاعوا تأسيس منظمة سرية. بعدها خططوا من سيختطفون وكيف، وبما أنهم
مثقفون وذو قلوب طيبة لذلك استبعدوا مسألة اختطاف الأطفال من قائمتهم. وأول
عملية اختطاف كانت لزوجة أحد كبار رجال الأعمال في سان فرانسيسكو، تم
اختطافها كما خطط تماما، واحتجزوها في فيلا مستأجرة مسبقاً بعيداً عن
المدينة، بعد ذلك نشروا نبأ اختطافها في الصحف والراديو والتلفزيون طالبين
فدية من زوجها المليونير ثمانين ألف دولار. وقد هددوا بقتلها بعد ثلاثة
أيام إذا لم يتم دفع الفدية في مكان تم تحديده مسبقاً.
لم يحرك هذا الإعلان مشاعر الرأي العام لأنهم ملوا الاختطافات لكثرتها لذلك
لم تعد تهمهم هذه الأمور.
انتهت المهلة المحددة ولم يدفع المليونير الفدية المطلوبة. لذلك مددت
المنظمة السرية المهلة لمدة أربع وعشرين ساعة. ثانية لم يدفع الزوج المبلغ
المطلوب.
فكر أعضاء المنظمة السرية، ماذا سيفعلون بهذه الرهينة؟ لو رغبت في رميها لا
ترمى. ولو رغبت في بيعها لا تباع. واحتجازها داخل الفيلا مكلف وهم مضطرون
للإنفاق عليها، عدا عن ذلك فهي وردة المجتمع الراقي الذابلة لا يعجبها
العجب مدللة للغاية، لا يعجبها أي طعام، لذلك كانوا يحضرون لها طعاماً
خاصاً، تطلب حلاقة ماهرة كي تزين لها شعرها وتطلب المنيكور والبديكور إضافة
لمساج يومي. عدا عن ذلك فهي تتناول أنواعاً مختلفة من أدوية الأعصاب. كذلك
أشياء وأشياء...
كانت هذه المنظمة تتمنى الإفراج عنها حتى لو لم يدفع زوجها الفدية. إلا
أنهم كانوا يخشون من أن تبلغ رجال الشرطة. وبذلك سيعتقلون جميع أفراد تلك
المنظمة. أخيراً اتجه اثنان من المنظمة للتفاوض مع زوجها المليونير.
وهناك يجد المليونير أن المبلغ المطلوب كفدية عن زوجته العجوز كبير، لذلك
يخفض الخاطفون المبلغ إلى السبعين ألفاً، يقول إن زوجته لا تساوي هذا
المبلغ، يقوم الشابان اللصان بحسم عشرين ألف دولار وبذلك تصبح الفدية خمسين
ألفاً، إلا أن المليونير يكرر ثانية أن زوجته لا تساوي هذا المبلغ:
- لنحسم لك المبلغ ثانية ويصبح أربعين ألفاً.
يجيبهم الزوج:
- لا ، لو كان ذلك قبل عشرين سنة لقمت بهذه المغامرة ودفعت المبلغ كي
أنقذ زوجتي، أما الآن فلا تستأهل هذه المغامرة.
يتبادل الخاطفان النظرات بذهول:
- كلمة أخيرة كرمالك ثلاثين ألف، ماذا تقول؟.
يرفع الزوج رأسه قليلاً:
- حسناً خمسة وعشرون ألفاً. ثقوا أن هناك من أجل خاطركم، ولغيركم لم
نتنازل إلى هذا الحد.
عندما لم يتفوه الزوج ثانية يخفضان إلى العشرين بعد قليل خمسة عشرة ألف
دولار وعندما لم يتفوه ثانية ذكروه بتبرعه بمبلغ خمسة عشر ألف دولار لمنظمة
حماية القطط الشاردة. حول هذا الموضوع قال لهم رجل الأعمال المليونير إنه
يحب القطط وإن منظمة حماية القطط الشاردة بكونها منظمة خيرية رسمية وإن
تبرعه هذا سيخفض من ضرائبه السنوية. أما المنظمة التي اختطفت زوجته فبما
أنها مؤسسة خيرية غير رسمية وغير مصدق عليها من قبل الحكومة فهذا يعني أن
المبلغ الذي سيدفعه سيكون من جيبه الخاص.
في هذا الموقف عمل الشابان على تخفيض المبلغ إلى العشرة آلاف دولار وأقل من
ذلك قالا "تخسر معنا". يلتفت رجل الأعمال إلى الخلف ويخرج من البوفيه
زجاجة الويسكي ليملأ كأسه.
راح الشابان يشرحان له أن تأسيس منظمة سرية واختطاف امرأة، وتأمين مكان خاص
يليق بمكانتها الاجتماعية لإخفائها عدة أيام تتطلب نفقات باهظة.
- ثقوا تماماً يا سيدي ومن أجل خاطركم لن نأخذ سوى ما صرفناه.. وهكذا
برأسماله سنفرج عن زوجتك...
مرة أخرى لم يرد المليونير ولم يتفوه.
- يعني سنخرج من المولد بلا حمص؟
- أجابهما المليونير:
- نحن لا نخرج أحداً من المولد بلا حمص. سأقول لهم أن يعطوكم وأنتما
خارجين من هنا مساطر من معجون الأسنان من إنتاج مصنعنا.
عاد الخاطفان بخفي حنين. بعدما تم اتخاذ القرار بالإفراج عن السيدة واختطاف
زوجها المليونير، تم تنفيذ ما خطط واحتجازه في إحدى الفيلات، بعدها تم
الإعلان بمطالبة الزوجة بثمانين ألف دولار كفدية للإفراج عن زوجها. تنتهي
المدة المحددة والزوجة غير مبالية حتى أنها لم تهتم بالأمر. مددوا المهلة
ثانية والزوجة لا مبالية وأخيراً اتجهوا إلى الزوجة للتفاوض معها، وإذ
بالزوجة عديمة الوجدان أكثر من زوجها، تقول صارخة بأنها لا تدفع عشرة سنتات
لتخليص زوجها عندها وجدوا أنفسهم مضطرين لتهديدها بقتله.
وهنا سرت في أعماق الزوجة سعادة، حاولت إخفاءها لكن عينيها فضحتاها وقالت:
- لا يحق لي التدخل في شؤونكم.
يعود أعضاء منظمة الاختطاف السرية إلى الفيلا ليبلغوا رجل الأعمال
المليونير عن الإفراج عنه، يرفض الرجل مغادرة الفيلا، متوسلاً عدم طرده
منها، سألوه عن السبب أجابهم يفضل البقاء ليس في هذه الفيلا الفارهة بل في
كوخ حقير أو في زنزانة بعيداً عن سياط لسان زوجته الثرثارة، يقولون له أن
بقاءه هنا سيعيق ويعرقل عمله. يقول لهم لا لأن خبراء مشهورين يديرون
أعماله.
عندما قاموا ليجروه ويلقوا به خارجاً بالقوة يقول لهم:
- سأعطيكم عشرة آلاف دولار كي لا تفرجوا عني وترسلوني إلى زوجتي الذئبة.
عندما رفضت المنظمة السرية هذا العرض رفع المبلغ إلى العشرين ألفاً ، بعد
ذلك جلسوا إلى مائدة المفاوضات. بعد مفاوضات معقدة توصلوا إلى نتيجة مفادها
أن على المليونير تسديد مبلغ وقدره ثمانين ألف دولار كي لا يفرج عنه،
عندها سألوه لم لم يسدد هذا المبلغ عندما طلب منه للإفراج عن زوجته عندما
كانت مختطفة؟ أجابهم قائلاً:
- أنتم طلبتم المبلغ مني للإفراج عنها لكن لو طلبتم المبلغ لاختطافها
لدفعته مسروراً.
بعد هذا الحديث يتوجه الشباب أعضاء المنظمة السرية إلى زوجة المليونير
ويطلبون منها مبلغ ثمانين ألف دولار مقابل عدم الإفراج عن زوجها. تتوسل
الزوجة بعدم الإفراج عنه وبعد مفاوضات مطولة توافق الزوجة على تسديد المبلغ
المطلوب. بعد هذه التجربة تقوم المنظمة باختطافات عدة وفي جميعها لم يسدد
الزوج أو الزوجة الفدية للإفراج عنه أو عنها، وعلى العكس كانوا يسددون
المبلغ مباشرة لاختطافهم بعد ذلك راحت المنظمة السرية توسع أعمالها وتسمي
نفسها بـ "جيش تحرير العائلة" وبعدها تتوسع أعمالها أكثر لتصل إلى مستوى
شركة لها فروعها في عدة ولايات من الولايات المتحدة الأمريكية لتحرير
العوائل الأمريكية بعدها يتم تأسيس شركة علنية 01 % من رأسمال الشركة
للشباب الستة أما النسبة فتوزع كأسهم يكتتب عليها من قبل الشعب.
تتوسع شركة جيش تحرير العائلة وتزداد أرباحها لدرجة أنه لا توجد شركة في
الولايات المتحدة ولا مصنع ولا تروست وهولدنغ تصل أرباحها إلى أرباح هذه
الشركة. لذلك فهي تحصل أكبر ريعية أرباح في الولايات المتحدة لا سيما وأنها
معفاة من الضرائب لأن هذه الشركة كونها تتعامل في مجال اختطاف الأشخاص فهي
ليست شركة علنية. على كل حال هي منظمة سرية، وطالما أنها ليست قانونية فلم
لا تغلق؟ لأن هذه المنظمة تدفع رشوة باختطاف مجاني لزوجات بعض المسؤولين
المهمين القادرين على إغلاقها. حتى أن بعض الشخصيات التي تتبوأ مناصب
قيادية عليا طلبوا مساعدة الشركة المساهمة لتحرير العائلة. حتى أن هذه
الشركة وضعت احتمال دخولها في عداد الهيئات الخيرية في أمريكا. إن هذه
الشركة كانت تقوم باختطاف الرجال آخذة بعين الاعتبار العدالة الاجتماعية
فمثلاً عندما تختطف الزوج لمدة ثلاثة أشهر بعد ذلك تختطف الزوجة فترة زمنية
بعد الإفراج عن الزوج مقابل ذلك تحصل على الأموال من الزوج والزوجة وهما
مسروران.
هذا باختصار الكتاب الذي حاولت إيجازه للكاتب الأمريكي الذي اعتمد في كتابه
على الوقائع والوثائق. يعد هذا الكتاب الآن لعرضه على المسرح وهو لم يصدر
بعد. أعتقد أنكم ستتساءلون ولديكم حب المعرفة أيعقل أنه لم يسدد أحد منهم
فدية الإفراج ؟ لأنني أنا بدوري اهتممت بذلك. نعم هناك العديد من رجال
الأعمال ممن سدد مبالغ استمرار احتجاز المختطفات طبعاً، لأن غيابهن عن
العمل يعرقل سير العمل لذلك فهم يسددون لافتدائهن.
لا تنسوا أن الكتاب سيسمع صداه في كل أنحاء العالم وسيترجم للغاب متعددة
عنوانه "الشركة المساهمة لجيش تحرير العائلة".
ملاحظة: عندما انتشرت هذه القصة في صحيفة قام العديد من القراء رجالاً
ونساء بالاتصال هاتفياً إلى البيت. مستفسرين عن حقيقة وجود هذا الكتاب. وما
يفهم من ذلك هو ضرورة تأسيس منظمة شبيهة.
الشركة المساهمة
لتحرير الأسر والعائلات
أثق تماماً أن الكتاب الذي سيصدر قريباً في أمريكا سيلاقي نجاحاً واسعاً لا
نظير له، وأنه سيترجم إلى لغات كثيرة وسيحدث ضجة كبيرة، وسيكون له صدى
واسعاً في كل الدنيا.
تجمعني بالكاتب الأمريكي الذي كتب الكتاب ولم يطبع بعد علاقة صداقة. إذ
تعرفت عليه في استنبول قبل أربع سنوات، حدثني يومها عن تفرغه لكتابة عمل في
غاية الأهمية. منذ تلك الفترة ونحن نتخاطب بالرسائل، وفي كل مرة كان
يحدثني عن كتابه.
قبل شهرين أنهى كتابة كتابه، وأرسل لي نسخة عن مخطوطه مرقون على الآلة
الكاتبة، يسأل رأيي وملاحظاتي، وبالفعل أبديت ملاحظاتي على الشكل التالي:
"سينال هذا الكتاب اهتماماً واسعاً وسيشهد نجاحاً باهراً وسيحدث ضجة في كل
أنحاء العالم".
يتحدث هذا الكتاب عن منظمة سرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف تحولت
هذه المنظمة إلى شركة مشتركة. اعتمد الكاتب أثناء اشتغاله بالكتاب على
مجموعة وثائق حقيقية، وأحداث واقعية. لم يكن هذا العمل نسج خيال الكاتب. في
بعض الأحيان وجد نفسه مضطراً إلى تبديل بعض أسماء الشخصيات وهذا ما يقتضيه
العمل الروائي، لأنه كما يستشف من هذا العمل الوثائقي أنه في أحداثه
يتناول مسؤولين وسياسيين رجال أعمال حتى.
إن وثائق هذا العمل أخر في إنجازه طوال هذه السنوات. والسبب يعود إلى صعوبة
تجميع آلاف الوثائق السرية والعلنية.
هناك جانب ممتع آخر في هذا الكتاب، وهو، كيف تتحول منظمة سرية إلى شركة
مشتركة تفوق أرباحها أرباح البنوك الأمريكية، الشركات النفطية، تروستات
الصحافة ومصانع الأسلحة، شركات صناعة السيارات. إضافة إلى كل ذلك إنها بغض
النظر عن أنها من أكثر المجمعات ربحاً فهي لا تسدد الضرائب.
ستة شباب يؤسسون منظمة سرية في كاليفورنيا امرأتان وأربعة رجال.
هذه المجموعة ليست مجموعة من "الحثالة"!. ثلاثة منهم أنهوا المرحلة
الجامعية والرابع طالب جامعي والخامس موظف شاب والأخير يعمل في التجارة.
هؤلاء الستة تحدوهم الرغبة أن يكسبوا المال الوفير وأن يصبحوا أغنياء بين
ليلة وضحاها، لذلك قاموا بتأسيس منظمة سرية تهدف إلى اختطاف زوجات كبار
الأغنياء في أمريكا ومن ثم الإفراج عنهن مقابل فدية.
لكنه ليس من السهولة بمكان تأسيس منظمة سرية في دولة مستويات المعيشة فيها
عالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، منظمة تقوم باختطاف الناس، كي تحصل
على فدية، وللحصول على هذه الفدية لا بد من الاحتفاظ بالرهينة في مكان سري،
وهذا الأمر ليس بالشيء السهل. لذلك فإن تنفيذ مثل هذه الأعمال يتطلب
رأسمالاً ضخماً.
في الدول المتخلفة تكثر السرقات والنهب وأعمال السطو على البنوك والتهريب
بسبب فقر الشعب ورغبة في الحصول على الأموال.
أما الدول التي تتميز برفاهية عالية مثل الولايات المتحدة. فأعمال السرقة
والتهريب والاختطاف فيها تحتاج إلى رأسمال. لذلك عمل الشباب الستة على
تجميع كل ما لديهم وبيع كل ما في حوزتهم والاستدانة قدر الإمكان، حتى
استطاعوا تأسيس منظمة سرية. بعدها خططوا من سيختطفون وكيف، وبما أنهم
مثقفون وذو قلوب طيبة لذلك استبعدوا مسألة اختطاف الأطفال من قائمتهم. وأول
عملية اختطاف كانت لزوجة أحد كبار رجال الأعمال في سان فرانسيسكو، تم
اختطافها كما خطط تماما، واحتجزوها في فيلا مستأجرة مسبقاً بعيداً عن
المدينة، بعد ذلك نشروا نبأ اختطافها في الصحف والراديو والتلفزيون طالبين
فدية من زوجها المليونير ثمانين ألف دولار. وقد هددوا بقتلها بعد ثلاثة
أيام إذا لم يتم دفع الفدية في مكان تم تحديده مسبقاً.
لم يحرك هذا الإعلان مشاعر الرأي العام لأنهم ملوا الاختطافات لكثرتها لذلك
لم تعد تهمهم هذه الأمور.
انتهت المهلة المحددة ولم يدفع المليونير الفدية المطلوبة. لذلك مددت
المنظمة السرية المهلة لمدة أربع وعشرين ساعة. ثانية لم يدفع الزوج المبلغ
المطلوب.
فكر أعضاء المنظمة السرية، ماذا سيفعلون بهذه الرهينة؟ لو رغبت في رميها لا
ترمى. ولو رغبت في بيعها لا تباع. واحتجازها داخل الفيلا مكلف وهم مضطرون
للإنفاق عليها، عدا عن ذلك فهي وردة المجتمع الراقي الذابلة لا يعجبها
العجب مدللة للغاية، لا يعجبها أي طعام، لذلك كانوا يحضرون لها طعاماً
خاصاً، تطلب حلاقة ماهرة كي تزين لها شعرها وتطلب المنيكور والبديكور إضافة
لمساج يومي. عدا عن ذلك فهي تتناول أنواعاً مختلفة من أدوية الأعصاب. كذلك
أشياء وأشياء...
كانت هذه المنظمة تتمنى الإفراج عنها حتى لو لم يدفع زوجها الفدية. إلا
أنهم كانوا يخشون من أن تبلغ رجال الشرطة. وبذلك سيعتقلون جميع أفراد تلك
المنظمة. أخيراً اتجه اثنان من المنظمة للتفاوض مع زوجها المليونير.
وهناك يجد المليونير أن المبلغ المطلوب كفدية عن زوجته العجوز كبير، لذلك
يخفض الخاطفون المبلغ إلى السبعين ألفاً، يقول إن زوجته لا تساوي هذا
المبلغ، يقوم الشابان اللصان بحسم عشرين ألف دولار وبذلك تصبح الفدية خمسين
ألفاً، إلا أن المليونير يكرر ثانية أن زوجته لا تساوي هذا المبلغ:
- لنحسم لك المبلغ ثانية ويصبح أربعين ألفاً.
يجيبهم الزوج:
- لا ، لو كان ذلك قبل عشرين سنة لقمت بهذه المغامرة ودفعت المبلغ كي
أنقذ زوجتي، أما الآن فلا تستأهل هذه المغامرة.
يتبادل الخاطفان النظرات بذهول:
- كلمة أخيرة كرمالك ثلاثين ألف، ماذا تقول؟.
يرفع الزوج رأسه قليلاً:
- حسناً خمسة وعشرون ألفاً. ثقوا أن هناك من أجل خاطركم، ولغيركم لم
نتنازل إلى هذا الحد.
عندما لم يتفوه الزوج ثانية يخفضان إلى العشرين بعد قليل خمسة عشرة ألف
دولار وعندما لم يتفوه ثانية ذكروه بتبرعه بمبلغ خمسة عشر ألف دولار لمنظمة
حماية القطط الشاردة. حول هذا الموضوع قال لهم رجل الأعمال المليونير إنه
يحب القطط وإن منظمة حماية القطط الشاردة بكونها منظمة خيرية رسمية وإن
تبرعه هذا سيخفض من ضرائبه السنوية. أما المنظمة التي اختطفت زوجته فبما
أنها مؤسسة خيرية غير رسمية وغير مصدق عليها من قبل الحكومة فهذا يعني أن
المبلغ الذي سيدفعه سيكون من جيبه الخاص.
في هذا الموقف عمل الشابان على تخفيض المبلغ إلى العشرة آلاف دولار وأقل من
ذلك قالا "تخسر معنا". يلتفت رجل الأعمال إلى الخلف ويخرج من البوفيه
زجاجة الويسكي ليملأ كأسه.
راح الشابان يشرحان له أن تأسيس منظمة سرية واختطاف امرأة، وتأمين مكان خاص
يليق بمكانتها الاجتماعية لإخفائها عدة أيام تتطلب نفقات باهظة.
- ثقوا تماماً يا سيدي ومن أجل خاطركم لن نأخذ سوى ما صرفناه.. وهكذا
برأسماله سنفرج عن زوجتك...
مرة أخرى لم يرد المليونير ولم يتفوه.
- يعني سنخرج من المولد بلا حمص؟
- أجابهما المليونير:
- نحن لا نخرج أحداً من المولد بلا حمص. سأقول لهم أن يعطوكم وأنتما
خارجين من هنا مساطر من معجون الأسنان من إنتاج مصنعنا.
عاد الخاطفان بخفي حنين. بعدما تم اتخاذ القرار بالإفراج عن السيدة واختطاف
زوجها المليونير، تم تنفيذ ما خطط واحتجازه في إحدى الفيلات، بعدها تم
الإعلان بمطالبة الزوجة بثمانين ألف دولار كفدية للإفراج عن زوجها. تنتهي
المدة المحددة والزوجة غير مبالية حتى أنها لم تهتم بالأمر. مددوا المهلة
ثانية والزوجة لا مبالية وأخيراً اتجهوا إلى الزوجة للتفاوض معها، وإذ
بالزوجة عديمة الوجدان أكثر من زوجها، تقول صارخة بأنها لا تدفع عشرة سنتات
لتخليص زوجها عندها وجدوا أنفسهم مضطرين لتهديدها بقتله.
وهنا سرت في أعماق الزوجة سعادة، حاولت إخفاءها لكن عينيها فضحتاها وقالت:
- لا يحق لي التدخل في شؤونكم.
يعود أعضاء منظمة الاختطاف السرية إلى الفيلا ليبلغوا رجل الأعمال
المليونير عن الإفراج عنه، يرفض الرجل مغادرة الفيلا، متوسلاً عدم طرده
منها، سألوه عن السبب أجابهم يفضل البقاء ليس في هذه الفيلا الفارهة بل في
كوخ حقير أو في زنزانة بعيداً عن سياط لسان زوجته الثرثارة، يقولون له أن
بقاءه هنا سيعيق ويعرقل عمله. يقول لهم لا لأن خبراء مشهورين يديرون
أعماله.
عندما قاموا ليجروه ويلقوا به خارجاً بالقوة يقول لهم:
- سأعطيكم عشرة آلاف دولار كي لا تفرجوا عني وترسلوني إلى زوجتي الذئبة.
عندما رفضت المنظمة السرية هذا العرض رفع المبلغ إلى العشرين ألفاً ، بعد
ذلك جلسوا إلى مائدة المفاوضات. بعد مفاوضات معقدة توصلوا إلى نتيجة مفادها
أن على المليونير تسديد مبلغ وقدره ثمانين ألف دولار كي لا يفرج عنه،
عندها سألوه لم لم يسدد هذا المبلغ عندما طلب منه للإفراج عن زوجته عندما
كانت مختطفة؟ أجابهم قائلاً:
- أنتم طلبتم المبلغ مني للإفراج عنها لكن لو طلبتم المبلغ لاختطافها
لدفعته مسروراً.
بعد هذا الحديث يتوجه الشباب أعضاء المنظمة السرية إلى زوجة المليونير
ويطلبون منها مبلغ ثمانين ألف دولار مقابل عدم الإفراج عن زوجها. تتوسل
الزوجة بعدم الإفراج عنه وبعد مفاوضات مطولة توافق الزوجة على تسديد المبلغ
المطلوب. بعد هذه التجربة تقوم المنظمة باختطافات عدة وفي جميعها لم يسدد
الزوج أو الزوجة الفدية للإفراج عنه أو عنها، وعلى العكس كانوا يسددون
المبلغ مباشرة لاختطافهم بعد ذلك راحت المنظمة السرية توسع أعمالها وتسمي
نفسها بـ "جيش تحرير العائلة" وبعدها تتوسع أعمالها أكثر لتصل إلى مستوى
شركة لها فروعها في عدة ولايات من الولايات المتحدة الأمريكية لتحرير
العوائل الأمريكية بعدها يتم تأسيس شركة علنية 01 % من رأسمال الشركة
للشباب الستة أما النسبة فتوزع كأسهم يكتتب عليها من قبل الشعب.
تتوسع شركة جيش تحرير العائلة وتزداد أرباحها لدرجة أنه لا توجد شركة في
الولايات المتحدة ولا مصنع ولا تروست وهولدنغ تصل أرباحها إلى أرباح هذه
الشركة. لذلك فهي تحصل أكبر ريعية أرباح في الولايات المتحدة لا سيما وأنها
معفاة من الضرائب لأن هذه الشركة كونها تتعامل في مجال اختطاف الأشخاص فهي
ليست شركة علنية. على كل حال هي منظمة سرية، وطالما أنها ليست قانونية فلم
لا تغلق؟ لأن هذه المنظمة تدفع رشوة باختطاف مجاني لزوجات بعض المسؤولين
المهمين القادرين على إغلاقها. حتى أن بعض الشخصيات التي تتبوأ مناصب
قيادية عليا طلبوا مساعدة الشركة المساهمة لتحرير العائلة. حتى أن هذه
الشركة وضعت احتمال دخولها في عداد الهيئات الخيرية في أمريكا. إن هذه
الشركة كانت تقوم باختطاف الرجال آخذة بعين الاعتبار العدالة الاجتماعية
فمثلاً عندما تختطف الزوج لمدة ثلاثة أشهر بعد ذلك تختطف الزوجة فترة زمنية
بعد الإفراج عن الزوج مقابل ذلك تحصل على الأموال من الزوج والزوجة وهما
مسروران.
هذا باختصار الكتاب الذي حاولت إيجازه للكاتب الأمريكي الذي اعتمد في كتابه
على الوقائع والوثائق. يعد هذا الكتاب الآن لعرضه على المسرح وهو لم يصدر
بعد. أعتقد أنكم ستتساءلون ولديكم حب المعرفة أيعقل أنه لم يسدد أحد منهم
فدية الإفراج ؟ لأنني أنا بدوري اهتممت بذلك. نعم هناك العديد من رجال
الأعمال ممن سدد مبالغ استمرار احتجاز المختطفات طبعاً، لأن غيابهن عن
العمل يعرقل سير العمل لذلك فهم يسددون لافتدائهن.
لا تنسوا أن الكتاب سيسمع صداه في كل أنحاء العالم وسيترجم للغاب متعددة
عنوانه "الشركة المساهمة لجيش تحرير العائلة".
ملاحظة: عندما انتشرت هذه القصة في صحيفة قام العديد من القراء رجالاً
ونساء بالاتصال هاتفياً إلى البيت. مستفسرين عن حقيقة وجود هذا الكتاب. وما
يفهم من ذلك هو ضرورة تأسيس منظمة شبيهة.