الموضوع طويل لكن شيق
ما علاقة الأزمة المالية بالشاويش عبده وكفر النار؟ الفكرة بسيطة جدا: التدخل الحكومي الزائد هو أحد مظاهر الاشتراكية، والاشتراكية نظام مدمر للمجتمعات الإنسانية!
المنظر أصبح مألوفا في كفر النار: سيارات الإطفاء تجوب الشوارع، تطفئ حريقا هنا وحريقا هناك، والشاويش عبده بسيارة الشرطة يجوب المدينة، مثله مثل سيارات الإطفاء، من حريق إلى حريق.
ترجل الشاويش عبده من السيارة وهو ينظر إلى بيت أبو ترباس وهو يحترق، لم ير أي سيارة إطفاء أو إسعاف، فاتصل باللاسلكي يطلبهم فورا لإطفاء الحريق وإنقاذ أي مصابين. أغلق باب السيارة واتجه نحو الحشد الذي بدأ يكبر مع مرور كل ثانية
اجتاز الناس، وقف بينهم وبين البيت وأعلن بصوت أجش أنه يجب عليهم أن يبتعدوا عن المكان حتى لا يصاب أحد، وحتى تتمكن سيارات الإطفاء من الوصول إلى البيت بسهولة. بدأ البعض يصيح بصوت عال، أين المطافئ؟ لماذا تأخروا؟ هل يوجد أحد في البيت؟ أين أبو ترباس؟ أين أم ترباس؟ كان الشاويش عبده ينظر إلى الناس تارة وإلى البيت الذي يحترق تارة أخرى ثم صاح: إني أحذركم مرة أخرى، عليكم الابتعاد والذهاب إلى الطرف الآخر من الشارع.
ولم يكد ينتهي من كلامه حتى شاهد أبو عنتر يدفع الناس في محاولة للوصول إلى الأمام حتى أصبح أمام الشاويش. واتضح من تعابير وجه الشاويش أن آخر شخص يريد أن يراه هو أبو عنتر.
حاول تجاهله، نظر إلى الناس مرة أخرى، إلا أن أبو عنتر تجاوزه واتجه نحو البيت. "أبو عنتر، قف مكانك، ولا خطوة، قف"! نظر إليه أبو عنتر بازدراء وتابع مشيه، إلا أن الشاويش عبده ركض بسرعة وأمسكه قائلا، ماذا تفعل، هل أنت مجنون؟ "علينا إطفاء الحريق يا شاويش، وعلينا التأكد أنه لا أحد في البيت"! ولكن الشاويش قال له بصرامة وهو يضع يده على العصا الكهربائية المعلقة في حزامه في إشارة إلى أنه سيستخدمها لو اضطر إلى ذلك "هذه مهمة رجال الإطفاء، والقانون يمنع المدنيين من إطفاء الحرائق".
نظر إلى الناس ثم إلى أبو عنتر وقال "ألا تدري أن ما تنوي القيام به سيكلفك ثلاثة أشهر في السجن؟ اذهب إلى الطرف الآخر من الشارع". ويبدو أن تصرف أبو عنتر شجع بعض الشباب على التدخل لإطفاء الحريق، فاقتربوا من الشاويش، إلا أنه حذرهم أيضًا: " قيام المدنيين بإطفاء الحرائق في أمرستان ضد القانون وعقابه السجن". رغم أن تهديده كان ضعيفا، إلا أن الناس أخذت كلامه محمل الجد لأن كل واحد منهم يعرف شخصا ما قد سُجن بتهمة إطفاء الحريق!
فجأة سمع الناس صرير عجلات سيارة مسرعة، ثم أصوات فرامل، ثم صرير العجلات مرة أخرى، الأمر الذي فرّق الناس قسمين حتى لا تصدمهم السيارة القادمة.
ترجل أبو ترباس من السيارة والرعب يملأ وجهه "يا إلهي، ماذا حصل، أين زوجتي، أين ابني؟" طمأنه أحد الجيران بأن زوجته وابنه في الطرف الآخر من الشارع، وأنهما نجيا من الحريق بأعجوبة.
نظر أبو ترباس إلى المكان الذي أشار إليه جاره فشاهد زوجته تلوّح له بيدها من بعيد، وتحمل ابنهما الصغير ترباس في اليد الأخرى.
فجأة ذهب الذعر الذي كان به وظهرت مكانه ابتسامة صفراء لم يفهم أحد معناها إلا جاره أبو ضريس الذي اقترب منه وقال "أنت رجل محظوظ، القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، رغم أن قيمته انخفضت 50 في المائة بعد الأزمة الأخيرة، الآن تستطيع أن تشتري بيتا أفضل وأكبر، لو كنت مكانك لأغلقت باب الحارة وأخرت سيارات الإطفاء قليلا".
سمع الناس أبواق سيارات الشرطة والإطفاء وهي تقترب من مكان الحريق، طلب الشاويش عبده من الناس الابتعاد، فابتعدوا بسرعة، ولم يبق هناك في منتصف الشارع سوى سيارة أبو ترباس "حرك سيارتك يا أبو ترباس ، بسرعة" ولكن أبو ترباس اتجه إلى سيارته ببطء شديد، متذكرا نصيحة أبو ضريس!
تحرك رجال الإطفاء بسرعة، داروا حول البيت في محاولة لتقييم الوضع، بينما قام آخرون بتمديد خراطيم المياه. نظر الشاويش إليهم بحسد شديد، لقد كان يتمنى منذ صغره أن يصبح إطفائيا، وعندما كبر تبين له أن أجورهم عالية وتبلغ أضعاف رواتب الشرطة. نظر إلى أحدهم، وهو شاب مفتول العضلات، وسأله عن إمكانية السيطرة على الحريق، ولكن الشاب قال بسرعة: أنا متطوع فقط, أساعد رجال الإطفاء، يمكنك أن تسأل الكابتن كركر". نظر إلى الجهة التي أومأ الشاب برأسه باتجاهها ورأى الكابتن كركر يتكلم باللاسلكي. مشى باتجاهه إلا أن الشاب استمر في كلامه قائلا "حسب القانون عليهم أن يوظفوني قريبا لأنني متطوع وشاركت في إطفاء تسعة حرائق، وهذا الحريق العاشر. أعتقد أنه أصبح لدي الخبرة الكافية".
توقف الشاويش عبده عن المشي، استدار نحو الشاب وقال "كم متطوع في المحطة ممن يبحثون عن عمل فيها" أجابه الشاب "نحو خمسة أشخاص، ولكن مشاركتي كانت أكثر من أي واحد منهم، لذلك أعتقد أنهم سيوظفونني قبل الآخرين".
بدأت الأفكار تتصارع في عقل الشاويش عبده، فكثرة الحرائق في الفترات الأخيرة لا يمكن شرحها بأي طريقة.
عاود الشاويش المشي باتجاه الكابتن كركر وهو يتساءل: القانون يقضي بتوظيف المتطوع بعد مشاركته في عدد معين في إطفاء الحرائق، هذا يعني أنه من صالح هؤلاء المتطوعين أن يشعلوا الحرائق ثم إطفائها ..
هممم! فجأة رن هاتفه الجوال، رفعه إلى أذنه وهو يقول "الشاويش عبده" سمع ضجة مماثلة للضجة التي حوله، ثم صوت رجل يقول "اسمع يا شاويش، أنا مواطن صالح أريد أن أبلغ عن أبو ترباس.
أعتقد أن له علاقة بحرق بيته لأن القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، وليس قيمته الحالية بعد حدوث الأزمة المالية" ولكن ما فاجأ الشاويش أنه سمع بوق سيارة بالقرب منه، وسمعه أيضًا عبر الهاتف! نظر حوله فرأى أبو ضريس يتكلم من الهاتف العام، بالقرب من باب البنك! أغلق الهاتف وقال متمتما "القانون يشجع متطوعي الإطفائية على حرق المنازل! والقانون يشجع أصحاب المنازل على حرقها، آه. تذكرت، والقانون يمنع الناس من إطفاء الحرائق! بدأ يحس بضيق شديد، نظر في الاتجاه المعاكس، فرأى أبو ضريس يمازح أبو ترباس، يا له من عالم عجيب! عندها تذكر أن القانون، لحماية شركات التأمين، يجبر هذه الشركات على دفع مكافآت لمن يساعدهم على كشف عمليات النصب على التأمين!
اقتربت امرأة عجوز من الشاويش وقالت له بصوت متقطع يدل عمرها: هل نسحب الفلوس من البنك؟ هل تعتقد أنه سيحترق لأنه قريب من هذا البيت؟ أجاب الشاويش بسرعة: لا ..لا لا تهتمي، حتى لو احترق البنك فإن القانون يجبر الحكومة على تغطية ما لديك في حسابك في البنك! كانت العجوز مازالت تمشي ببطء تجاه الشاويش ثم قالت "ولكن هذا حافز لحرق البنك! يمكن لموظفي البنك أن يسرقوه، ثم يحرقوه، ثم تقوم الحكومة بتغطيته، أليس كذلك؟
انتشار الحرائق في كفر النار بشكل لم يسبق له مثيل جعل حكومة أمرستان الفيدرالية ترسل لجنة للتحقيق. كان من أهم نتائج التحقيق أن عدد سيارات الإطفاء لا يتناسب مع عدد الحرائق، ولكن ليست هناك أموال كافية لشراء سيارات إضافية، وتوظيف المزيد من رجال الإطفاء. وأوصت اللجنة أن أفضل وسيلة لحل المشكلة هي تغيير القانون الحالي الذي يعاقب الناس على المساعدة على إطفاء الحرائق واستبداله بقانون يكافئ الناس على إطفاء الحرائق. تبنت الحكومة هذه التوصية، وخصصت بعض المال للمواطنين الذين سيشاركون في إطفاء الحريق. تم تطبيق القانون يوم الاثنين صباحا، وما أن جاء المساء حتى كان أغلب كفر النار يحترق. وقف الشاويش عبده أمام أحد البيوت التي احترقت بالكامل وهو يقول "إنه القانون مرة أخرى!
إعطاء مكافآت مالية لكل من شارك في إطفاء الحريق جعل الناس تشعل بيوت بعضها، فعلا إنها اسم على مسمى " كفر النار"!
مرة أخرى، ما علاقة أحداث كفر النار بالأزمة المالية الحالية؟ الجواب.. كلاهما نتج عن التدخل الحكومي! الأزمة المالية الحالية لاعلاقة لها بالرأسمالية وحرية الأسواق، ولكنها نتجت عن تبني حكومة أمرستان قوانين اشتراكية خلال السنوات الماضية أحرقت الأخضر واليابس! إذا لم تصدقوا هذا الكلام، اتصلوا بالشاويش عبده!
د. أنس بن فيصل الحجي - أكاديمي وخبير في شؤون النفط
عن صحيفة الاقتصادية.
ما علاقة الأزمة المالية بالشاويش عبده وكفر النار؟ الفكرة بسيطة جدا: التدخل الحكومي الزائد هو أحد مظاهر الاشتراكية، والاشتراكية نظام مدمر للمجتمعات الإنسانية!
المنظر أصبح مألوفا في كفر النار: سيارات الإطفاء تجوب الشوارع، تطفئ حريقا هنا وحريقا هناك، والشاويش عبده بسيارة الشرطة يجوب المدينة، مثله مثل سيارات الإطفاء، من حريق إلى حريق.
ترجل الشاويش عبده من السيارة وهو ينظر إلى بيت أبو ترباس وهو يحترق، لم ير أي سيارة إطفاء أو إسعاف، فاتصل باللاسلكي يطلبهم فورا لإطفاء الحريق وإنقاذ أي مصابين. أغلق باب السيارة واتجه نحو الحشد الذي بدأ يكبر مع مرور كل ثانية
اجتاز الناس، وقف بينهم وبين البيت وأعلن بصوت أجش أنه يجب عليهم أن يبتعدوا عن المكان حتى لا يصاب أحد، وحتى تتمكن سيارات الإطفاء من الوصول إلى البيت بسهولة. بدأ البعض يصيح بصوت عال، أين المطافئ؟ لماذا تأخروا؟ هل يوجد أحد في البيت؟ أين أبو ترباس؟ أين أم ترباس؟ كان الشاويش عبده ينظر إلى الناس تارة وإلى البيت الذي يحترق تارة أخرى ثم صاح: إني أحذركم مرة أخرى، عليكم الابتعاد والذهاب إلى الطرف الآخر من الشارع.
ولم يكد ينتهي من كلامه حتى شاهد أبو عنتر يدفع الناس في محاولة للوصول إلى الأمام حتى أصبح أمام الشاويش. واتضح من تعابير وجه الشاويش أن آخر شخص يريد أن يراه هو أبو عنتر.
حاول تجاهله، نظر إلى الناس مرة أخرى، إلا أن أبو عنتر تجاوزه واتجه نحو البيت. "أبو عنتر، قف مكانك، ولا خطوة، قف"! نظر إليه أبو عنتر بازدراء وتابع مشيه، إلا أن الشاويش عبده ركض بسرعة وأمسكه قائلا، ماذا تفعل، هل أنت مجنون؟ "علينا إطفاء الحريق يا شاويش، وعلينا التأكد أنه لا أحد في البيت"! ولكن الشاويش قال له بصرامة وهو يضع يده على العصا الكهربائية المعلقة في حزامه في إشارة إلى أنه سيستخدمها لو اضطر إلى ذلك "هذه مهمة رجال الإطفاء، والقانون يمنع المدنيين من إطفاء الحرائق".
نظر إلى الناس ثم إلى أبو عنتر وقال "ألا تدري أن ما تنوي القيام به سيكلفك ثلاثة أشهر في السجن؟ اذهب إلى الطرف الآخر من الشارع". ويبدو أن تصرف أبو عنتر شجع بعض الشباب على التدخل لإطفاء الحريق، فاقتربوا من الشاويش، إلا أنه حذرهم أيضًا: " قيام المدنيين بإطفاء الحرائق في أمرستان ضد القانون وعقابه السجن". رغم أن تهديده كان ضعيفا، إلا أن الناس أخذت كلامه محمل الجد لأن كل واحد منهم يعرف شخصا ما قد سُجن بتهمة إطفاء الحريق!
فجأة سمع الناس صرير عجلات سيارة مسرعة، ثم أصوات فرامل، ثم صرير العجلات مرة أخرى، الأمر الذي فرّق الناس قسمين حتى لا تصدمهم السيارة القادمة.
ترجل أبو ترباس من السيارة والرعب يملأ وجهه "يا إلهي، ماذا حصل، أين زوجتي، أين ابني؟" طمأنه أحد الجيران بأن زوجته وابنه في الطرف الآخر من الشارع، وأنهما نجيا من الحريق بأعجوبة.
نظر أبو ترباس إلى المكان الذي أشار إليه جاره فشاهد زوجته تلوّح له بيدها من بعيد، وتحمل ابنهما الصغير ترباس في اليد الأخرى.
فجأة ذهب الذعر الذي كان به وظهرت مكانه ابتسامة صفراء لم يفهم أحد معناها إلا جاره أبو ضريس الذي اقترب منه وقال "أنت رجل محظوظ، القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، رغم أن قيمته انخفضت 50 في المائة بعد الأزمة الأخيرة، الآن تستطيع أن تشتري بيتا أفضل وأكبر، لو كنت مكانك لأغلقت باب الحارة وأخرت سيارات الإطفاء قليلا".
سمع الناس أبواق سيارات الشرطة والإطفاء وهي تقترب من مكان الحريق، طلب الشاويش عبده من الناس الابتعاد، فابتعدوا بسرعة، ولم يبق هناك في منتصف الشارع سوى سيارة أبو ترباس "حرك سيارتك يا أبو ترباس ، بسرعة" ولكن أبو ترباس اتجه إلى سيارته ببطء شديد، متذكرا نصيحة أبو ضريس!
تحرك رجال الإطفاء بسرعة، داروا حول البيت في محاولة لتقييم الوضع، بينما قام آخرون بتمديد خراطيم المياه. نظر الشاويش إليهم بحسد شديد، لقد كان يتمنى منذ صغره أن يصبح إطفائيا، وعندما كبر تبين له أن أجورهم عالية وتبلغ أضعاف رواتب الشرطة. نظر إلى أحدهم، وهو شاب مفتول العضلات، وسأله عن إمكانية السيطرة على الحريق، ولكن الشاب قال بسرعة: أنا متطوع فقط, أساعد رجال الإطفاء، يمكنك أن تسأل الكابتن كركر". نظر إلى الجهة التي أومأ الشاب برأسه باتجاهها ورأى الكابتن كركر يتكلم باللاسلكي. مشى باتجاهه إلا أن الشاب استمر في كلامه قائلا "حسب القانون عليهم أن يوظفوني قريبا لأنني متطوع وشاركت في إطفاء تسعة حرائق، وهذا الحريق العاشر. أعتقد أنه أصبح لدي الخبرة الكافية".
توقف الشاويش عبده عن المشي، استدار نحو الشاب وقال "كم متطوع في المحطة ممن يبحثون عن عمل فيها" أجابه الشاب "نحو خمسة أشخاص، ولكن مشاركتي كانت أكثر من أي واحد منهم، لذلك أعتقد أنهم سيوظفونني قبل الآخرين".
بدأت الأفكار تتصارع في عقل الشاويش عبده، فكثرة الحرائق في الفترات الأخيرة لا يمكن شرحها بأي طريقة.
عاود الشاويش المشي باتجاه الكابتن كركر وهو يتساءل: القانون يقضي بتوظيف المتطوع بعد مشاركته في عدد معين في إطفاء الحرائق، هذا يعني أنه من صالح هؤلاء المتطوعين أن يشعلوا الحرائق ثم إطفائها ..
هممم! فجأة رن هاتفه الجوال، رفعه إلى أذنه وهو يقول "الشاويش عبده" سمع ضجة مماثلة للضجة التي حوله، ثم صوت رجل يقول "اسمع يا شاويش، أنا مواطن صالح أريد أن أبلغ عن أبو ترباس.
أعتقد أن له علاقة بحرق بيته لأن القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، وليس قيمته الحالية بعد حدوث الأزمة المالية" ولكن ما فاجأ الشاويش أنه سمع بوق سيارة بالقرب منه، وسمعه أيضًا عبر الهاتف! نظر حوله فرأى أبو ضريس يتكلم من الهاتف العام، بالقرب من باب البنك! أغلق الهاتف وقال متمتما "القانون يشجع متطوعي الإطفائية على حرق المنازل! والقانون يشجع أصحاب المنازل على حرقها، آه. تذكرت، والقانون يمنع الناس من إطفاء الحرائق! بدأ يحس بضيق شديد، نظر في الاتجاه المعاكس، فرأى أبو ضريس يمازح أبو ترباس، يا له من عالم عجيب! عندها تذكر أن القانون، لحماية شركات التأمين، يجبر هذه الشركات على دفع مكافآت لمن يساعدهم على كشف عمليات النصب على التأمين!
اقتربت امرأة عجوز من الشاويش وقالت له بصوت متقطع يدل عمرها: هل نسحب الفلوس من البنك؟ هل تعتقد أنه سيحترق لأنه قريب من هذا البيت؟ أجاب الشاويش بسرعة: لا ..لا لا تهتمي، حتى لو احترق البنك فإن القانون يجبر الحكومة على تغطية ما لديك في حسابك في البنك! كانت العجوز مازالت تمشي ببطء تجاه الشاويش ثم قالت "ولكن هذا حافز لحرق البنك! يمكن لموظفي البنك أن يسرقوه، ثم يحرقوه، ثم تقوم الحكومة بتغطيته، أليس كذلك؟
انتشار الحرائق في كفر النار بشكل لم يسبق له مثيل جعل حكومة أمرستان الفيدرالية ترسل لجنة للتحقيق. كان من أهم نتائج التحقيق أن عدد سيارات الإطفاء لا يتناسب مع عدد الحرائق، ولكن ليست هناك أموال كافية لشراء سيارات إضافية، وتوظيف المزيد من رجال الإطفاء. وأوصت اللجنة أن أفضل وسيلة لحل المشكلة هي تغيير القانون الحالي الذي يعاقب الناس على المساعدة على إطفاء الحرائق واستبداله بقانون يكافئ الناس على إطفاء الحرائق. تبنت الحكومة هذه التوصية، وخصصت بعض المال للمواطنين الذين سيشاركون في إطفاء الحريق. تم تطبيق القانون يوم الاثنين صباحا، وما أن جاء المساء حتى كان أغلب كفر النار يحترق. وقف الشاويش عبده أمام أحد البيوت التي احترقت بالكامل وهو يقول "إنه القانون مرة أخرى!
إعطاء مكافآت مالية لكل من شارك في إطفاء الحريق جعل الناس تشعل بيوت بعضها، فعلا إنها اسم على مسمى " كفر النار"!
مرة أخرى، ما علاقة أحداث كفر النار بالأزمة المالية الحالية؟ الجواب.. كلاهما نتج عن التدخل الحكومي! الأزمة المالية الحالية لاعلاقة لها بالرأسمالية وحرية الأسواق، ولكنها نتجت عن تبني حكومة أمرستان قوانين اشتراكية خلال السنوات الماضية أحرقت الأخضر واليابس! إذا لم تصدقوا هذا الكلام، اتصلوا بالشاويش عبده!
د. أنس بن فيصل الحجي - أكاديمي وخبير في شؤون النفط
عن صحيفة الاقتصادية.