منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


    اسمحو لي اسمحو لي و بالخط الأحمر " التفوق خرافة أخرى ليس إلا."

    Rabiehaed
    Rabiehaed
    جامعي جديد


    ذكر
    عدد المساهمات : 14
    العمر : 34
    المكان : طرطوس-صافيتا
    الدراسة : هندسة
    السنة الدراسية : 3
    المستوى : 0
    نقاط : 25
    تاريخ التسجيل : 25/10/2010

    اسمحو لي اسمحو لي و بالخط الأحمر " التفوق خرافة أخرى ليس إلا." Empty اسمحو لي اسمحو لي و بالخط الأحمر " التفوق خرافة أخرى ليس إلا."

    مُساهمة من طرف Rabiehaed الأربعاء نوفمبر 03, 2010 3:39 pm

    التفوق خرافة أخرى ليس إلا..
    أؤكد أنني لا أتحدث عن العلم ولا عن النجاح والتميز والاجتهاد، تلك أمور مختلفة تماماً، لا أحد يشك في الأمور النبيلة، أنا أتحدث في السياق المدرسيّ حصراً، أتحدث عن التفوق؛ عقدة الفاشلين وقيد المتفوقين، التفوق الذي يستلزم التدني (تدني الأول=تفوق الثاني عليه)، التفوق الذي تراكمت عليه الممارسات والدلالات السيئة حتى ابتعد كثيراً عن أن يكون نبيلاً، التفوق الذي يستدعي المدرسة قبل كل شيء، بعبارة أخرى: التفوق المرتبط ارتباطاً وثيقاً بأحد أكثر الأشياء التي يكرهها الأطفال على الإطلاق!
    ما التفوق؟ كلمة مخصصة للاستهلاك الرسمي والدعائي والإعلامي.. هاجس دائم لدى الأهل يطالبون به ويطلبونه.. ميزة أعطاها الله لعدد محدود من الطلاب.. حدث سنوي تحشد له الاحتفاءات والاحتفالات، وإنجاز مهم ينتهي بإشادة... كل ذلك صحيح، ولكن لا يهم..
    أهم ما في الأمر؛ أن النظام التعليمي العربي –بكل سلبياته وأخطائه وتراكماته السيئة– مبنيّ على التفوق، فالتفوق هو الأساس وهو النواة، وهو التمثال المقدس الذي يدور الجميع حوله، يسعَون إلى التقرب منه أو الوصول إليه.. ورفضُ التفوق هو في الحقيقة رفضٌ لذاك النظام الفاشل، فالأنانية والحقد والروتين وقلة الفرص وأفضلية الأغنى وأفضلية الأذكى والوسائل غير المشروعة؛ إنْ هي إلا مشكلات التعليم المزمنة نفسها، وقد صار ضرورياً نسف ذلك كله..
    مرة أخرى؛ أنا لا أتحدث عن العلم، أصلاً لا يمكن أن يحترم الإنسان التفوق إذا كان يحترم العلم حقاً، من يستطيع أن يجادل إن قلت: لا علاقة للتفوق بالعلم، والتفوق اصطلاحاً هو العلامة فقط، ثم لا يهم العلم والفهم، ولا يهم مصدر العلامة؟؟ كم من متفوق تجده جاهلاً جداً (حصرياً في بلادنا‍!).. وكم من مثقفين ومخترعين ومبدعين؛ لم يتفوقوا في المدارس التقليدية إطلاقاً...
    المبدع في مادة واحدة أو مادتين لا يقال له متفوق، والمتميز في أمور غير الدراسة: (فن, كمبيوتر, رياضة..) كذلك لا يقال له متفوق.. أما 'الشاطر' (شاطر=علامات) الذي خلقه الله كذلك، و'الشاطر' الذي أجبره أهله على ذلك، و'الشاطر' الذي ينسى و'الشاطر' الذي يغش، فهؤلاء هُم المتفوقون، وهُم الأفضل وهُم القدوة!

    هل عليّ أن أتكلم أيضاً عن وسائل التفوق (عفواً؛ وسائل تجميع العلامات..) الطبقية المبتدعة، مثل الدورات الإضافية والدروس الخصوصية؟؟
    لقد استطاع المدرسون من أصحاب المصالح أن يستفيدوا من هزالة النظام المدرسي، وضخامة المنهاج الدراسي، ومن الهستيريا الحمقاء لدى الأهل ورغبتهم في العلامات العالية والمستقبل 'المشرق'.. فمارسوا على الطالب الترغيب والترهيب: إما النجاح في الحياة ونيل الاحترام، أو الفشل، وبالتالي شبح الفقر الذي سيلومك عليه أولادك، (مع أنه لا يوجد ضمانات نجاح حقيقية لمن يتفوق).. بعد ذلك استثمروا خبراتهم التدريسية (ولا أقول التعليمية) في هذه المهنة الفاسدة، وقاموا بحملات دعائية كثيفة عرضوا أنفسهم بها، ليس من أجل العلم ولا النجاح طبعاً، فقد جمعوا الملايين من جيوب الأغنياء وأفواه الفقراء، وكرسوا الانحطاط التعليمي العربي مرة أخرى، ثم قالوا لنا: بفضلنا تمّ حل المشكلة، اشكرونا!
    هكذا كل مدرّس يتأرجح بين حالتين: البحث عن المصلحة والاعتماد على فساد التعليم, الطيبة وحسن النية وبذل الجهد الضائع.
    أما الأهل فيضغطون على أبنائهم، ضغطاً متأرجحاً بين القسوة والدلال، إضافة إلى لهاثهم الدائم وراء العروض التدريسية المقدمة (هوَس التسوق والتفوق)، تماماً كالقطيع...
    وأما الطلاب فأيضاً قطعان، ولكنها قطعان مركزيّة!.. والطالب المتفوق: الخروف النشيط، الذي يعزلونه أحياناً للوقاية!.. ومدارس المتفوقين: من أجل قطيع أكثرَ ولاءً! (بالمناسبة؛ أنا –ولا فخر– كنت في تلك المدارس)..

    أسخف عبارة رسمية سمعتها في حياتي هي 'الحثّ على التفوق، والعمل على ترسيخ أهمية التفوق في نفوس طلابنا الأعزاء'..
    نستطيع أن نكذب على أنفسنا، لكننا لن نغير الواقع هكذا، الدراسة ليست من أجل التفكير والتطوير والتحرير، كما يدّعون، الأمور أوضح من الكذب، فلا أحد يعرف لماذا يدرس.. كأن الدراسة من أجل الدراسة، كالضحك من أجل الضحك!
    النظام الدراسي العربي لا علاقة له بالعلم إطلاقاً، والمقارنة إهانة بكل معنى الكلمة، فهو لا يتجدد ولا يجدّد، ولا يراعي العقول، ولا يتعامل معها أصلاً! وليس له وظيفة اجتماعية أو أخلاقية أو ترفيهية.. يكفي أن نكرّر: التعليم لا يلبي حاجات المجتمع، وهو يُخيف فقط ولا ينفع، والمهن الأكثر شعبية هي الأكثر ربحاً، بل إن المادة –بكل صراحة ووقاحة– هي هدف الجميع؛ المدرسين والطلاب والأهالي!

    كل سنة يخرُج إلى الحياة آلاف المتفوقين، وحالياً هناك مئات الألوف منهم، ماذا فعل هؤلاء منذ استقلالنا النظري عن الاستعمار؟ هل أحسن هؤلاء منذ تفوقوا وتكاثروا؟ سأقول لا مع ظني بأنهم أساءوا..
    ثم ماذا عن النزيف الدامي للعقول (أي هجرة المتميزين)؟ ما فائدة التميز النازف إلى الخارج، أو المتعفن في الداخل؟ تعوّدنا أن نسكت عن حقوقنا كثيراً، لكن أصبحنا نسكت حتى عن واجباتنا.
    إن أهم واجبات الطلاب خدمة الوطن، وبناء الوطن، والدفاع عن الوطن، وهم محرومون من واجباتهم بسبب التعليم؛ التعليم الذي يأكل شبابهم وعقولهم، ويطردهم قسراً من عالم العلم الحقيقي، إلى سخف الهرطقات وبعثرة المعارف وضيق العلم الزائف، فتضيع طاقاتهم في أشياء كالفن المبتذل والرياضة السلبية والدين الكهنوتي..
    على سيرة الدين الكهنوتي؛ حينما كنت طالباً كان الحديث الدائم والمزعج في كل مكان عن الدراسة، مرة قال لي أحد الأعزاء: هذه امتحانات الدنيا لا تخيف كثيراً، أجارنا الله من الامتحان الأكبر (يعني يوم القيامة، وما أنكره نسيان الدنيا بحُجة الآخرة).. قلت له: إن امتحاناتنا تُخيف لأنها بلا عدل ولا إنصاف ولا مساواة، وبلا منطق والقائمون عليها من الأغبياء جداً، وبلا رحمة حتى كأنهم حاقدون علينا، ثم لا شيءَ في النهاية يستحق العناء.. أنت لماذا تخاف من يوم القيامة؟؟


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 2:45 pm