لا شك أن منتخبنا الحالي هو أكثر محطات الجدل الكروية سواء في المدعوين إليه والمستبعدين وتعاقب المدربين وفي تحضيراته وفي محترفيه وفي طريقة لعبه وفي طريقة تعاطي الإعلام معه بالأخص في الفترة الأخيرة التي خصصت بالدعم المعنوي الكامل لشحذ همم اللاعبين لعلهم يتخطون لأول مرة الدور الأول بعد أربع مرات سابقة حضر فيها إلى النهائيات كان آخرها عام 1996 وكلنا أمل بذلك.
الدفاع .. جدارين
يقارب لعب الفريق السوري في المباريات التحضيرية الأخيرة إلى حد بعيد لعب أندية البلاد في البطولات الآسيوية، فيغلب على اللاعبين الحالة البدنية المتقدمة والقتال على الكرة في معظم أرجاء الملعب على بناء الهجمات وإبداع التكتيكات الجديدة واللعب الخلاق، ومن المرجح أن اللاعبين سيحاولون إغلاق مناطقهم الدفاعية بخطين دفاع وسيكون الضغط كبيراً على لاعبي الوسط الدفاعي فراس اسماعيل أو عادل عبد الله لمحاولة تنفيذ أفكار المدرب الروماني، فيما يتعلق بقتل الهجمات في وسط الميدان قبل وصولها إلى علي دياب وعبد القادر دكة وبلال عبد الدايم ونديم صباغ لاعبي الدفاع المتوقع أن يبدؤوا مباراة السعودية، مع اعتماد عبد الدايم للكرات الطويلة والصباغ لبداية الهجمات، ومن المتوقع أن يرتدي خط الدفاع السوري الرداء الكلاسيكي في دفاع المنطقة مع المراهنة على فدائية الدياب وخبرة عبد الدايم الآسيوية مع ناديه الكرامة في مراقبة مفاتيح لعب الخصم، وروح الدكة في دفع زملاءه إلى الأمام.
وفي بدلاء الدفاع سيكون جهاد الباعور وأحمد الصالح وبرهان صهيوني أفضل البدلاء للأساسيين.
الوسط مركز الثقل
جهاد الحسين نجم القادسية الكويتي من المتوقع أن يبدأ مباراة السعودية كوسط مهاجم على الجهة اليمنى التي يفضل اللعب بها أو خلف المهاجمين فيما لو بدأ تيتا بسنحاريب أو الزينو والخطيب وسيكون اعتماد المدرب ومن خلفه الشعب السوري بأكمله على عطاء وفطرية هذا الشاب الذي لا تغيب عن محياه الابتسامة، فالحسين له فلسفته الخاصة في تشكيل صداعات متلاحقة في المساحات الواسعة والضيقة ويتخطى خصومه بانسيابية وسيكون على المحك بلقائي السعودية واليابان فهو مطالب بنقل الضغط من نصف ملعبه إلى نصف ملعب الخصم، وفي هذه النقطة بالتحديد يجب أن يتلقى الحسين المساندة من زملاءه في خط الوسط على رأسهم الحسين الآخر عبد الرزاق المطالب بزيادة التركيز وتحسين عطاءه في الميدان وتغيير فلسفة لاعبه التي يغلب عليه طابع الدوري، وفيما يتعلق بمتوسط ميدان البورغ الدانماركي متذيل دوري بلاده لؤي شنكو فإن الرجل الذي انقطع عن اللعب لأكثر من عشرة أيام قبل النهائيات وقد يزج به الروماني أساسياً مع تكليفه بعديد من المهام الدفاعية منها وسيكون لفراس اسماعيل الذي يعتبر "جوكر" بيد أي مدرب يدرب المنتخب أدواراً كبيرة في الدفاع والهجوم والاعتماد على مخزون هذا اللاعب الفني والبدني والفكري للاستفادة ولو من تمريرة حاسمة أو حالة مرتدة، أما طه دياب فتيتا يعرفه جيداً ويعرف حسه التهديفي واندفاعه ليكون جاهزاً كورقة رابحة بأي لحظة للزج به.
أجنحة طائرة
وائل عيان على الجناح الأيمن سيراهن عليه زملاؤه، وعلى جزء من احتكاكه بالكرة السعودية في الآونة الأخيرة وعلى تطور مستواه، وبديله سامر عوض واحد من أفضل اللاعب السورين في الجهة اليسرى مطالب هو الآخر ( فيما لو شارك) بشغل جهته على خير ما يرام ولن نقلل من شأن برهان صهويني دفاعياً وهجومياً حامل على هذه الجهة، ونفس الكلام ينطبق على قصي حبيب في الرواق الأيمن الجاهز للعب أدوار مهمة.
هجوم يبحث عن التكامل
أما كابتن المنتخب فراس الخطيب فهو أحد أهم الآمال التي يراها السورييون قابلة للتحقق فاللاعب بشخصيته وخبرته وابداعاته داخل الصندوق وقدرته على التسديد من البعيد وتنفيذ الركلات الثابتة والكرات الرأسية رغم قصر القامة، لكن لاحظنا أدوار إضافية تطلب منه بالأخص في المباراة أمام الأمارات مما شتت من عطاء اللاعب.
بخصوص سنحاريب ملكي فإن أغلب المتابعين لأخبار المنتخب يمنون النفس برؤية هذا اللاعب أساسياً في المباراة الأولى لما لديه من لمسة مطلوبة وتبادل مهام وخطورة عالية داخل منطقة العمليات فالرجل قدم نفسه خير تقديم في تصفيات كأس العالم الأخيرة وخرج بأمنيات أكبر أن يأخذ فرص أكثر وهو يملك رد الفعل المناسب هجومياً والدليل على ذلك لمساته في الدقائق التي شارك بها أمام الإمارات.
ونختم الحديث الفني عن الهجوم بالكلام عن لاعبنا محمد زينو فهذا اللاعب يكاد يكون الأكثر إثارة للحيرة فهو لاعب لديه تاريخ تهديفي لا ينسى في جميع الأندية التي لعب معها، لكن حاله اليوم بالتأكيد يثير بعض الأسئلة التي لا يجيب عليها إلا الزينو نفسه والإجابة لا تقبل إلا في الشباك!
البلحوس "نصفنا الآخر"
سيكون الحمل ثقيلا على حارس سورية الأول والكرامة مصعب بلحوس بالأخص في المباراة أمام السعودية وأمام اليابان وهذا الحارس لطالما شكل رقماً صعباً في مشاركات المنتخب الوطني كان آخرها لقاءي العراق في السليمانية ودمشق، رغم أنه سمح لنقاده بتسجيل العديد من الملاحظات على أدائه وردات فعله في الآونة الأخيرة مع ناديه محلياً وآسيوياً، وحتي في مباريات المنتخب التحضيرية الأخيرة أمام كوريا والأمارات، إلا أن البلحوس هو واحد من أكثر اللاعبين الذين تتفق على وجوده بين الخشبات معظم الجماهير السورية، وقد قام مؤخراً بالتنازل عن شارة الكابتن لأقدم لاعب بالمنتخب فراس الخطيب في لفتة تعبر عن فهم هذا الرجل لدوره المعنوي وأدوار زملائه رغم ذلك لن يكون البلحوس إلا صاحب الصوت العالي كما هي العادة في توجيه زملاءه في الميدان.
ولا يبدو الحراس الاثنين الأزهر والحافظ بأقل ثقلا من البلحوس فيما لو دعت الحاجة.
خسارات للتقوية
في مباراة كوريا الجنوبية التحضيرية اجتمعت الآراء تقريباً على أن أداء فريقنا كان متوسطاً يقارب الجيد وباستثناء عدم مشاركة الشنكو والملكي لم تثر هذه البروفة الكثير من النقاش والجدل، لكن في مباراة الإمارات كان الأداء متوسطاً مائل للسيئ فالتمريرات الخاطئة كانت سمة غالبة بالأخص في المكان "الأحمر" الذي لا يجب الخطأ فيه نصف ملعبنا ولاعب وسط دفاعنا، وهجومنا كان مشتتاً لعب بأكثر من أسلوب دون نجاعة وحارسنا كان بحاجة لتركيز أكبر وتوقيت أفضل، ووسطنا الإرتكاز متمثلاً بالحسين والإسماعيل لم يكن أبداً في حالة التمويل المطلوبة منه، فلم نر بالفعل هجمة واحدة مرت بالخطوط الثلاثة، وكادرنا التدريبي لم يتعامل مع اللقاء على أنه "البروفة الجنرال" التي يجب أن تضع فيها لمساتك الأخيرة دون تغييرات كبيرة في برنامج الحفل... والتي يُدعا إليها المتابعون لرؤية أسلوب ونظام العمل فالمدرب زج بتشكيلات متعددة وتبديلات بالجملة تحدث عادة في الفترات الأولى من التحضير ... لكن هل رضي تيتا نقل المباراة لكنه أخفى كل ما يفكر به.؟
لا تعنينا نتائج المذاكرات التحضيرية أبداً لأن النجاح على علامات الامتحان الأخير، وفي الختام أقول: كان ذلك حديثاً فنياً عن منتخبنا، أما عاطفياً فنحن مشجعين مهووسين بالنسور الحمر وسنعلق صورهم على أبواب بيوتنا تحت علم الوطن مهما كانت النتائج.
منقوووووووول من موقع الكرة السورية