أعلن الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أن الرئيس السوري بشار الاسد سيبقى في الحكم، مشيراً إلى أنّ العملية الجراحية الملزمة والموجعة في سوريا قد بدأت، كاشفاً عن عمليات سريعة وواسعة للجيش السوري لضبط الحدود مع لبنان والعراق والأردن ومنع تهريب السلاح.
أبو فاضل، وفي حديث إلى برنامج "حديث لبنان" عبر تلفزيون الـ"ANB" أدارته الاعلامية نتالي مبارك بو كرم، رأى أنّ سوريا بدأت فعلياً السير في طريق الاصلاحات الجدّية والفعليّة، مشيراً إلى أنّ المفاجأة الكبرى، في اليوم التالي للاعلان عن الاصلاحات، خرجت فئات في العديد من المدن والمناطق السورية تطالب بـ"إسقاط النظام"، لافتاً إلى أنّ العقوبات الأميركية ضدّ بعض الشخصيات السورية، وفي مقدّمها العميد ماهر الأسد، لن تقدم ولن تؤخر وهي أصلاً موجودة، واصفاً إياها بالضغوطات.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ سوريا تدفع ثمن صمودها ووقوفها إلى جانب محور المقاومة والممانعة، موضحاً أنّ تحالف ايران وسوريا وحزب الله هو المستهدَف اليوم والمهدّد بالعقوبات.
وإذ جزم أنّ أيّ جرس لن يقرع في لبنان إذا سقط النظام السوري، أعلن أنّ الحكومة الميقاتية قادمة لا محال، مشيراً إلى أن الحكومة باتت مسألة أيام لن تتخطى الأسابيع.
العقوبات لا تقدّم ولا تؤخّر
أبو فاضل علّق على العقوبات الأميركية بحق بعض الشخصيات السورية وعلى رأسها العميد ماهر الأسد، لافتاً إلى أنها عقوبات معنوية لا تقدّم ولا تؤخر، معتبراً أنها نوع من الضغوطات والرسائل لكنها لا تؤثر. وأشار إلى أنّ هذه العقوبات ليست جديدة، ملاحظاً أنّ هذه العقوبات لا تمنع الشخصيات المشار إليها من السفر.
وجدّد الاشارة إلى أنّ سقوط النظام في سوريا يعني الفوضى، مطمئناً بأنه شخصياً لا يرى أنّ النظام الحاكم في دمشق برئاسة الرئيس الدكتور بشار الأسد في طور الاهتزاز.
وأوضح أنّ الرئيس بشار الاسد يسعى لتطبيق الاصلاحات بأسرع وقت ممكن، متسائلأً بماذا ستفيده الفوضى، مؤكداً أنّ الشرائح الكبيرة في سوريا هي إلى جانب الاصلاحات.
وأكد أنّ سوريا ستبقى حاجة للمنطقة كلها، لافتاً إلى أنّ من يراهن على غير ذلك هم مراهقون في السياسة. وشدد على أنّ استقرار لبنان من استقرار سوريا وكذلك العكس. ولفت إلى أنّ الجيش ينتشر على الحدود لبدء حصر المجموعات.
سوريا بدأت السير في طريق الاصلاحات
ورأى أبو فاضل أنّ سوريا بدأت فعلياً السير في طريق الاصلاحات الجدّية والفعليّة، مشيراً إلى أنّ الرئيس بشار الأسد باشر بالاصلاحات بعد أن أعلن عنها في خطابه الشهير في مجلس الشعب حيث أوضح أنّ الاصلاح لا يمكن أن يحصل تحت الضغط.
وفيما لفت أبو فاضل إلى أنّ بعض الاصلاحات بدأ فعلياً والبعض الآخر قيد التنفيذ، أشار إلى أنّ المفاجأة الكبرى، في اليوم التالي للاعلان عن الاصلاحات، خرجت فئات في العديد من المدن والمناطق السورية تطالب بـ"إسقاط النظام".
وأكد أبو فاضل أنّ هذه الاصلاحات كان يجب أن تحصل منذ فترة، لكنه لفت إلى الضغوط التي تعرّضت لها سوريا منذ الاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003، واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ومن ثم حرب تموز على المقاومة وسوريا في العام 2006، وغيرها من المحاولات والأحداث التي أثّرت على النظام القائم وهي ضغوط لم تسمح لسوريا أن ترتاح ليتمكن الرئيس الأسد من تحقيق الاصلاحات التي وعد بها.
بين "صمود" سوريا و"حقارة" خدام
وإذ تحدث أبو فاضل عن عدوى أميركية متنقلة وضغوط أجنبية عميلة تسيّر الأحداث في سوريا، رأى أنّ الولايات المتحدة الأميركية تريد النيل من سوريا، موضحاً أنّ سوريا هي آخر دولة ممانعة شئنا أم أبينا وإسرائيل عدوة سوريا شئنا أم أبينا.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ سوريا تدفع ثمن صمودها ووقوفها إلى جانب محور المقاومة والممانعة، موضحاً أنّ تحالف ايران وسوريا وحزب الله هو المستهدَف اليوم والمهدّد بالعقوبات، مشيراً إلى أنّ سوريا، لو سارت بالنهج الذي أراده لها الغرب، لما تعرّضت لأي هزة "ولما كان هذا الحقير عبد الحليم خدام، الذي قال أن لبنان غلطة تاريخية، يتواطأ اليوم ضدّ النظام". وتساءل في هذا السياق عن موقف الفريق الآخر في لبنان من هذه "الحقارة"
الاخوان المسلمون المسلحون
وتطرق أبو فاضل إلى موضوع "الاخوان المسلمون" فأشار إلى أنّ هناك ضغوطاً غربية وعربية حصلت إبان المؤتمر العام لجماعة الاخوان المسلمين - سوريا، الذي انعقد في أواخر شهر تموز 2010 في اليمن ولندن، أدّت إلى إقصاء قيادة الاخوان المسلمين التي كانت توصف بأنها معتدلة وأنها تهادن النظام في سوريا. وعليه، فقد أبعد المراقب العام للاخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني وانتخب محمد رياض خالد الشقفه مراقباً عاماً جديداً، مشيراً إلى أنّ الأخير هو بطل مجازر الثمانينات بحق الضباط وقوى الأمن.
ورأى أبو فاضل أنّ إقالة البيانوني وانتخاب الشقفة بديلا عنه شكّل مؤشراً إلى الخيار العسكري في سوريا لدى هذه الفصائل وليس الى الخيار المدني وليس الى الاصلاحات، لافتاً إلى أنّ الجامع الأساسي بين المراقب العام ونائبه والأعضاء القياديّين أنها تنتمي بمعظمها إلى مدينة حماه، وهي شخصيات عسكرية وليست سياسية، وبالتالي فإنها خاضت بمعظمها في مطلع شبابها في العامين 1981 و1982 معارك ضارية مع الجيش السوري في حماه وحمص، وفرّت بعد هزيمة "الاخوان المسلمين" إلى العراق حيث وجدت لدى الرئيس العراقي المعدوم صدام حسين كل العون والمساعدة والدعم.
القيادة السورية فضّلت ترك الشارع
من جهة أخرى، أكد أبو فاضل أنّ الرئيس السوري بشار الأسد يريد الاصلاحات وهو وضعها موضع التنفيذ لكن الارهابيين والتكفيريين خرجوا في المقابل ليقولوا لا للنظام.
وأوضح أنّ القيادة السورية فضّلت أن تترك الشارع بعد تلبية مطالب الاصلاح لأعداء النظام الذين لا يريدون إصلاحاً، والكشف عن حقيقتهم، وصولاً إلى تحقيق الانقسام والفرز بين الشعب السوري ليس على أساس من هم مع الاصلاح والنظام ومن هم ضدّه، بل على أساس من هم مع أمن واستقرار سوريا، ومن هم مع خرابها ودمارها تحقيقاً لمخططات خارجية تتوفّر الكثير من الأدلة عليها، ولكن لم يحن أوان كشفها كلها.
وإذ أكد أنّ الاصلاحات باتت في متناول الشعب، لفت إلى أنّ النظام هو الذي ترك الشارع وانسحب إلى الخلف وأنّ الرئيس الاسد يريد الاصلاحات وهو ترك الشارع ليرى ما هي الاصلاحات التي يطلبها الشعب.
وأشار إلى أنّه كان بإمكان القيادة السورية أن تدفع بالمؤيدين والمناصرين إلى التظاهر والاعتصام ترحيبا وتأييدا للاصلاحات التي اقرت وبالتالي إظهار حجم التأييد الشعبي الذي يحظى به النظام. لكنه كان بذلك سيجازف بادخال البلاد في أتون الحرب الداخلية التي هي أحد الخيارات الأساسية لأعداء النظام السوري.
المتظاهرون قلة
أبو فاضل جدّد القول أنّ المتظاهرين في سوريا اليوم هم فئة قليلة بالنسبة للشعب السوري الذي يبلغ عدده 23 مليون نسمة، موضحاً أنهم قلة قياساً إلى الشرائح المؤيدة للرئيس الأسد.
ورأى ابو فاضل أنّ الاصلاح على ما يبدو ليس هدفهم والمطالبة من قبل هؤلاء بتحسين أحوال الشعب السوري الاقتصادية والاجتماعية ليس إلا شعار حق يراد به باطل.
وأشار إلى أنّ المطلوب شيء واحد هو تصفية حساب قديم مع النظام السوري عمره أكثر من أربعين عاماً، ويهدف في المرحلة الأولى إلى إقلاق وإرباك النظام السوري وصولاً إلى تغييره وتبديله إذا تمكنوا من ذلك.
الأسد سيبقى في الحكم
وتحدث أبو فاضل عن مرحلة جديدة بدأت في سوريا اليوم، لافتاً إلى أنّ ترك الأمور كما كان الوضع في السابق وإخلاء الساحة للمخربين لا يبدو أنه خيار دائم بل هو خيار تكتيكي انتهى مفعوله بانتهاء يوم الجمعة العظيمة بكل تداعياته ونتائجه.
وأكد أبو فاضل أنّ الرئيس السوري بشار الاسد سيبقى في الحكم وأن العملية الجراحية الملزمة والموجعة في سوريا قد بدأت.
وفي مجال منفصل، تساءل أبو فاضل عن مصير الثورات المتنقلة في المنطقة، مؤكداً أنه ضد حكومة اللانظيف (في إشارة إلى رئيس الحكومة المصرية الأسبق أحمد نظيف) والرئيس اللامبارك (في إشارة إلى الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك) والوزير اللاعادلي (في إشارة إلى وزير الداخلية المصري الأسبق حبيب العادلي) والرئيس زين الهاربين (في إشارة إلى الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي)، معتبراً أن هؤلاء أدخلوا النظام الصهيوني إلى الدول العربية والاسلامية، لكنه تساءل من هو قائد الثورة اليوم في مصر وتونس وغيرهما.
الحملة الاعلامية المنظّمة ضدّ سوريا
من جهة أخرى، أشار أبو فاضل إلى الحملة الاعلامية المنسّقة والمنظّمة والتي تتولاها بعض الفضائيات اللبنانية والعربية والتي تروّج لأخبار ومزاعم غير موجودة في سوريا، لافتاً إلى أنّ قمة الفضيحة كانت ما كشفته وثائق "ويكيليكس" عن تمويل المخابرات الأميركية لقناة "بردى" السورية التي تروج ليلا نهارا لاسقاط النظام.
وفي ما يتعلق بتغطية "الجزيرة" للأحداث في سوريا، لفت إلى أنّ محطة "الجزيرة" خيّرت بين النظام في قطر والنظام في سوريا وسيّروهم هكذا. واعتبر أنّ استقالة مدير المحطة في بيروت الاعلامي غسان بن جدو جاءت في محلها. وشدّد على أنّ "الجزيرة" منبر للعرب جميعا لا تستطيع ان تستمر بهذا الشكل. وأكد أنه يحترم سياسة "الجزيرة" ولكنه لا يؤيدها خصوصاً أنّ لدى المحطة تاريخاً ناصعاً لا يفترض أن تسوّده اليوم.
أين اللبنانيون الذين استفادوا من سوريا؟
وفيما دافع أبو فاضل عن رئيس حركة "فلسطين حرة" ياسر قشلق، مشيراً إلى أنه يقف الآن إلى جانب سوريا، استنكر موقف بعض السياسيين والاعلاميين ممّن استفادوا من سوريا وكأنهم ينتظرون معرفة مصير الأحداث في سوريا قبل اتخاذ موقف واضح.
وأكد أنه مع النظام السوري الذي يلاحق المجرمين والمخربين وهو على حق، متسائلاً كيف يتآمر بعض اللبنانيين، بمن فيهم فريق الرابع عشر من آذار وتيار المستقبل ضدّ سوريا، مشيراً إلى أنّ ارتباط هذا الفريق بالخارج وكيف يحرّكهم السفير الأميركي الأسبق جيفري فيلتمان بكبسة زرّ أصبح معروفاً وواضحاً.
ولفت إلى أنّ من يجلس مع شاهد الزور محمد زهير الصديق ويتآمر على لبنان وسوريا لا يستطيع ان يكون مع النظام في سوريا، مذكّراً بأنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري نام نوما هنيئا في سوريا لم ير مثله لا في قريطم ولا في بيت الوسط لكنه كان يسوّف ويماطل.
وجزم أنّ أيّ جرس لن يقرع في لبنان إذا سقط النظام السوري.
ما هو موقف جعجع من إعلان الخلافة الاسلامية؟
أبو فاضل توقف عند الدعوات إلى التظاهر "لنصرة أهل الشام" التي دعا إليها حزب التحرير - ولاية لبنان، وهو الحزب الذي كان محظوراً إلى أن رخص له وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت في 11 أيار 200.
ورأى أنّ الخطأ الكبير كان في سعي بعض المسؤولين في لبنان إلى إلغاء مظاهرة حزب التحرير - ولاية لبنان، فأعطيت لهذا الحزب أهمية لم يحصل عليها في ماضيه وفي أية دولة في العالم، فكان من المفروض أن تبقى التظاهرة كما هي، كي تكشف من يقف حقيقة وراء دعوة حزب التحرير إلى التظاهر، وأن يستمرّ ما يخطط له الحزب من مظاهرات ورفع للشعارات الحزبية.
وطلب أبو فاضل من 14 آذار ولا سيما رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الضغط على حلفائه لسحب ترخيص حزب التحرير ليكفر كل الناس، متسائلاً عن موقف جعجع من إعلان الخلافة الاسلامية وهل يريد أن يصبح مواطنا ذميا في هذه الخلافة.
وإذ أكد أنّ تيار المستقبل يقف خلف تحركاته وهذا واضح، حذر من أن منع حزب التحرير - ولاية لبنان من التظاهر يخدم من يقف خلفه ومن يموّله.
كلينتون قلقة على حمص!
وتطرق أبو فاضل إلى المواقف التي تعلنها الادارة الأميركية من الوضع سوريا، مشيراً إلى أنها تكشف ما تبيّته هذه الادارة من نوايا تجاه سوريا، لافتاً إلى أنّ وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون "قلقة على حمص" وهي لا تكاد تعرف أن تلفظ اسمها، وبالتالي بدت قلقة على حمص وخائفة على أبنائها أكثر من وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي لم يذكرها بقدر ما ذكرتها كلينتون.
وفيما لفت إلى أنّ الحديث عن عقوبات لا يزال من المبكر لأوانه، اعتبر أنّ التركيز على سوريا هو لتفتيت سوريا وتقسيم سوريا.
واعتبر أن الكلام الخطير هو الذي أفصح عنه الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما باتهامه النظام السوري بالسعي للحصول على دعم إيران لقمع المتظاهرين، مشيراً إلى أنّ الادارة الأميركية ستعتبر أن التحالف بين إيران وسوريا وحزب الله يرتكب مجازر بحق الشعب السوري ويجب فرض عقوبات دولية على هذا التحالف، مع الاشارة إلى أنّ بعض هذه العقوبات موجودة أصلا ضدّ الأطراف الثلاثة.
ولفت إلى أنّ النظام، الذي قدم الاصلاحات المطلوبة وأبدى قدراً عالياً من رحابة الصدر منذ بداية الأزمة، اتخذ قراره المرير بوضع حد لحرب الاستنزاف التي أريد استدراجه إليها، وذلك من خلال عملية جراحية واسعة وسريعة قدر المستطاع لاستئصال الخلايا الارهابية المستيقظة والنائمة وهي عملية قد تكون موجعة ولكنها ملزمة.